البحث

عبارات مقترحة:

القدوس

كلمة (قُدُّوس) في اللغة صيغة مبالغة من القداسة، ومعناها في...

الغني

كلمة (غَنِيّ) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) من الفعل (غَنِيَ...

اللطيف

كلمة (اللطيف) في اللغة صفة مشبهة مشتقة من اللُّطف، وهو الرفق،...

ثمرات العلم بأسماء الله الحسنى

العربية

المؤلف عبد العزيز بن داود الفايز
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التوحيد
عناصر الخطبة
  1. وجوب العلم بأسماء الله وصفاته .
  2. فوائد وثمرات العلم بأسماء الله والإيمان بها .

اقتباس

المراد أن من أحصى هذا العدد من الأسماء، وتعبد الله -تعالى- بها، فإنه يدخل الجنة، وليس معنى ذلك أن هذه الأسماء فقط هي أسماء الله -تعالى-، وهذه الأسماء التي بين أيدينا أو مجموعة في كتيب معين، هذه جمعها بعض السلف اجتهادا منه وتسهيلا للناس لحفظها؛ لأنها...

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونتوكل عليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وصفيه وخليله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على طريقته ونهجه، وعنا معهم بمنك وعفوك وكرمك.

أما بعد:

فيا عباد الله: (اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران: 102]، وراقبوه في السر والعلن، وتعرفوا على ربكم -جل وعلا- بالنظر إلى هذا الكون، بالتدبر في كتابه، من خلق هذه السموات؟ من الذي خلق الشمس وسيرها وقدر سيرها؟ من الذي خلق القمر وقدره منازل؟ من الذي خلق الكواكب؟ من الذي خلق البحار؟

هذه المخلوقات استجابت لأمر الله -تعالى-: (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) [الإسراء: 44] قد استجاب الكون كله لله -تعالى-.

علينا -أيها الأحبة- أن نتعرف على الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [الأعراف: 180]، (قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى) [الإسراء: 110].

وما عصى الله إلا جاهل بالله وبعظمته: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) [الزمر: 67].

تدبروا -يا عباد الله- في كتاب الله -جل وعلا-: (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) [ص: 29].

تأملوا في أسمائه الحسنى، جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا، من أحصاها دخل الجنة" ومعنى: "أحصاها" أي حفظها وفهم معناها وتعبد الله -تعالى- بها.

ولا يعني هذا -يا عباد الله- أن أسماء الله -تعالى- محصورة، لا يعلم عدد أسمائه إلا هُو، والدليل على ذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا أحصى ثناءً عليك" ولو علم أسماء الله -جل وعلا- لأحصى الثناء عليه، وكما جاء أيضا في مسند الإمام أحمد من حديث ابن مسعود: "وما استأثرت به في علم الغيب عندك"، في دعاء الكرب، فهناك أسماء لا يعلمها إلا الله -جل وعلا-.

وأيضا كما جاء في الصحيحين يوم القيامة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "سيفتح الله علي من حسن الحمد والثناء عليه ما لم يفتح على أحد من قبلي".

والمراد -يا عباد الله- أن من أحصى هذا العدد من الأسماء وتعبد الله -تعالى- بها، فإنه يدخل الجنة، وليس معنى ذلك أن هذه الأسماء فقط هي أسماء الله -تعالى-، وهذه الأسماء التي بين أيدينا أو مجموعة في كتيب معين، هذه جمعها بعض السلف اجتهادا منه وتسهيلا للناس لحفظها؛ لأنها لم ترد في حديث صحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بهذا العدد، وإنما جمعوها -رحمهم الله- من الكتاب والسنة؛ لأن أسماء الله -تعالى- توقيفية، فنثبت ما أثبته الله -تعالى- لنفسه أو أثبته له رسوله -صلى الله عليه وسلم-.

فعلينا -يا عباد الله- أن نتعرف على أسمائه تعالى، ومن تعرف على أسماء ربه -تعالى-، فسيجد من الثمرات ما لا يعلمه إلا الله، منها السكينة والطمأنينة التي تعلو قلبه.

نعم، تورث المعرفة بأسماء الله -تعالى- السكينة والطمأنينة، فمن عرف الله -جل وعلا- حق معرفته سكنت نفسه، واستراح قلبه: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد: 28].

ومعرفة أسماء الله -تعالى-: تورث الأنس به، يجد المسلم لذة بعبادته لخالقه، إذا قرأ القرآن استأنس بكلام الرحمن، وإذا أخذ يصلي لا يريد أن يخرج من صلاته: "أرحنا بالصلاة يا بلال"، "وجُعلت قرة عيني في الصلاة"؛ لأنها مناجاة لله.

ومن عرف الله -تعالى- بأسمائه الحسنى لم يقلق على رزقه؛ لأن من أسماء الله -تعالى-: الرزاق: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) [هود: 6]، ويقول سبحانه: (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ) [الذاريات: 22].

والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها".

نعم، يسعى المسلم في طلب الرزق لكن يعلم علم اليقين أن الله -تعالى- هو الرزاق، لو سعى الليل مع النهار وربنا لم يقدر له الرزق فإنه لن يأت، عليه أن يفعل الأسباب لكن ليعلم أن الرزق بيد الله، وأن رزقه المقسوم سيأتيه، والمسلم يعرف بأن الشافي هو الله.

إذا مرض يفعل الأسباب التي شرعها الله ويتداوى، ولكن لا يتداوى بحرام، نعم؛ لأن الشفاء بيد الله: (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) [الشعراء: 80]، لا يعلق قلبه بالطبيب، لا يعلق قلبه بالدواء والعلاج وإنما يعلق قلبه بالله؛ لأنه يعلم بأنه هو الشافي.

يتوكل المسلم على ربه؛ لأنه عزيز قوي جبار، يتعبد الله -تعالى- بالتوكل عليه، ومن يتوكل على الله فهو حسبه.

نعم، نقف -أيها الأحبة- مع أسماء الله الحسنى، وسيجد المسلم راحة وسكينة وطمأنينة ولذة وأنسا بحياته؛ لأنه كلما تعرف على ربه -تعالى- فإن الإيمان عنده سيزيد، والناس في هذا الباب لا شك أنهم يتفاوتون، والإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، فعلينا أن نعلق قلوبنا به -تعالى-، وأن نتعرف على أسمائه الحسنة وصفاته العليا.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات الذكر والحكيم.

أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله حمد الشاكرين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وصفيه وخليله.

أما بعد:

فيا عباد الله: (اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ) واشكروه، ولا تعرضوا عنه بالتقصير في الواجبات، والتساهل بالطاعات.

واعلموا بأن الله يرى ويسمع، يرى كل شيء، يرى النملة السوداء على الصخرة الملساء في الليلة الظلماء لا ترى إلا بالمجهر، يرى وهو مستو على عرشه ما لا يراه الناس إلا بالمجاهر: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) [المجادلة: 1] هذه المجادلة التي أتت النبي -صلى الله عليه وسلم- تقول عائشة -رضي الله عنه-: "لقد كنت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في الغرفة وأسمع بعض كلامها ويغيب عني بعضه، وربنا -تعالى- يقول: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ)، (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) [الشورى: 11] يسمع ما يخطط له أعداء الإسلام، يسمع أقوالهم ويرى مكرهم ولا يخفى عليه -تعالى- شيء من أمرهم، فالله يسمع كل شيء، لو اجتمع الناس كلهم منذ أن خلق الله -تعالى- الخليقة إلى أن تقوم الساعة وكل منهم أخذ يناجي ربه ويطرح مسألته لسمعهم -تعالى- في وقت واحد.

ولو أعطى كل واحد منهم سُئْله لما نقص من ملكه شيء -جل في علاه تقدست ذاته وأسماؤه وصفاته-، الذي يؤمن ويعتقد ويجزم بأن الله يسمع كلامه لا يتكلم إلا بما يحبه الله من الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإصلاح بين الناس، وغير ذلك من الكلام الذي يحبه ربه -تعالى- ويحفظ لسانه من الغيبة والنميمة والسب والشتم؛ لأنه يعلم بأن الله يسمع ذلك الكلام، الذي يعلم ويعتقد ويجزم بأن الله يراه سينتهي عن معصية الله -تعالى-، سيبادر إلى الطاعات، إذا كان في خلوته يعلم بأن الله يراه: (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) [الرحمن: 46].

هذا الإيمان بأسماء الله الحسنى -يا عباد الله- يزيد الإيمان ويربط العبد بالرحمن، الذي يؤمن بأن الله حكيم لا يتضجر من أقدار الله، يسلم بقضاء الله وقدره؛ لأنه يعلم أن كل قضاء من الله فيه رحمة وحكمة وعدل، والله يعلم وأنت لا تعلمون: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [الروم: 41] نعم، فكل قضاء من الله فيه رحمة والإنسان لا يعلم، نعم، فإذا قضى الله -تعالى- عليك خسارة مالية، أو مرضا من الأمراض، سلم بقضاء الله وقدره، واعلم بأن من أسماء الله -تعالى-: الحكيم، لم يقدر ذلك التقدير عبثا -جل في علاه-.

فعلينا أن نتعرف على أسماء الله الحسنى وكل أسمائه حسنى.

هذا، واعلموا أن الله أمركم بأمر بدأ به بنفسه، فقال جل من قائل: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 50].

اللهم صل وسلم على حبيبنا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين يا عزيز يا جبار يا قوي.

اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك، اللهم انصر يا حي يا قيوم عبادك المؤمنين في كل مكان.

اللهم من جاهد لتكون كلمة الله هي العليا اللهم سدد قوله وفعله، اللهم صوب رأيه يا رب العالمين، اللهم يا قوي يا عزيز يا قهار يا جبار من أراد بالإسلام والمسلمين سوء اللهم يا رب اجعل كيده في نحره، اللهم أدر عليه دائرة السوء يا رب العالمين، من أرادنا أو أحدا من المسلمين بسوء اللهم أشغله بنفسه، من أراد المسلمين في كل مكان من أراد أمننا واستقرارنا، اللهم اكفنا شره، واجعل كيده في نحره يا رب العالمين، وأدر عليه دائرة السوء يا رب العالمين، اللهم يا رحمن يا رحيم يا ودود يا لطيف الطف بعبادك المؤمنين في كل مكان، ارحم المستضعفين في كل مكان، ارحم المشردين في كل مكان، أنزل عليهم السكينة والطمأنينة يا رب العالمين، اللهم أعدهم إلى بلادهم آمنين سالمين يا رب العالمين.

اللهم انشر الأمن في جميع بلاد المسلمين يا رب العالمين، يا رب أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، يا رب أصلح أحوال المسلمين في كل مكان.

يا رب أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم اجمع قلوبهم، اللهم وحد صفوفهم، اللهم اجمع كلمتهم يا رب العالمين، يا رب فرج هم المهمومين من المسلمين، اللهم اشف مرضى المسلمين.

اللهم يا حي يا قيوم نسألك يا الله كما جمعتنا في بيت من بيوتك أن تجمعنا في أعلى الجنان مع سيد الأنام -صلى الله عليه وسلم-، أن تمُن علينا بالنظر إلى وجهك الكريم برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم اعصمنا من فتن الشهوات والشبهات، اللهم اعصمنا من فتن الشهوات والشبهات وثبتنا يا رب بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، واجعل آخر كلامنا من الدنيا: لا إله إلا الله.

عباد الله: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النحل: 90] فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم: (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) [العنكبوت: 45].