الكريم
كلمة (الكريم) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل)، وتعني: كثير...
العربية
المؤلف | خالد بن سعد الخشلان |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | المنجيات |
إن أعظم هدف وأسمى غاية يسعى العبد لتحقيقها في دنياه تحقيقه العبودية لله رب العالمين، بأن يكون عبدا مطيعا لمولاه، منقادا لأوامر خالقه، مستجيبا لدعوته في أموره كلها وجوانب حياته المختلفة. ألا وإن من أعظم ما يعين العبد على تحقيقه لهذا الهدف ووصوله لهذه الغاية العظيمة أن يكون العبد ملازما لمراقبة نفسه، ملازما لمحاسبتها في جميع الأحوال وعموم الأزمان.
الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يتذكر أو أراد شكورا، خلق الخلق ليبلوهم أيهم أحسن عملا، أحمده -سبحانه- على عموم نعمه التي لا نحصي لها عدا، وأشكره على سوابغ فضله التي لا نحد لها حدا.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وصفيه وخليله، وخيرته من خلقه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
أما بعد: فيا عباد الله، ما من وصية أعظم ولا أجمع ولا أنفع ولا أشمل من وصية الله لعباده بالتقوى: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ) [النساء:131]، تكون الوصية بالتقوى أعظم وصية، وهي السبب الموصل لكل خير، والسبب الجامع لكل خير في الدنيا والآخرة، وصدق الله -عز وجل- إذ يقول: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) [الطلاق:2-3]...
فعلينا بالتواصي -عباد الله- فيما بيننا بالتقوى، والسعي لتحقيقها، ولنجاهد أنفسنا على لزومها، وتلافي كل تقصير يقع منا في تطبيقها؛ فإنه من كان محققا للتقوى حاز خيري الدنيا والآخرة.
جعلني الله وإياكم ممن عُمرت قلوبهم بالإيمان واليقين، وتجملت جوارحهم بالتقوى والتسليم لله رب العالمين.
أيها الإخوة المسلمون: إن أعظم هدف وأسمى غاية يسعى العبد لتحقيقها في دنياه تحقيقه العبودية لله رب العالمين، بأن يكون عبدا مطيعا لمولاه، منقادا لأوامر خالقه، مستجيبا لدعوته في أموره كلها وجوانب حياته المختلفة.
ألا وإن من أعظم ما يعين العبد على تحقيقه لهذا الهدف ووصوله لهذه الغاية العظيمة أن يكون العبد ملازما لمراقبة نفسه، ملازما لمحاسبتها في جميع الأحوال وعموم الأزمان.
وتتأكد هذه المحاسبة للنفس عند تصرم الأيام، ومرور الأعوام، وعند تقدم السن وضعف البدن ووهن العظم، كما تتأكد هذه المحاسبة عند مجيء الفرص ومرور النعم، كنعمة الفراغ والصحة والأمن، كما تتأكد هذه المحاسبة يوم يرى المسلم إخوانه وزملاءه وجيرانه وأهله وأحبابه يتخطفهم الموت واحدا بعد الآخر.
إن المسلم يدرك يقينا أن أعماله في هذه الدنيا منذ أن جرى عليه قلم التكليف محصاة عليه، مسجلة في كتاب دقيق، لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها؛ ومِن لازم هذا الإحصاء -يا عباد الله- للأعمال والتسجيل لها أن يحاسب العبد على جميع أفعاله وجميع أعماله وتصرفاته التي صدرت منه في هذه الدنيا.
ومما يزيد الأمر خطورة أن المحاسب للعبد هو الله -سبحانه وتعالى- الذي لا تخفى عليه خافية من أمر العبد، ولا يعزب عنه مثقال ذرة من تصرفات العبد: (لِّلَّهِ ما فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ) [البقرة:284].
إنها محاسبة عامة، محاسبة شاملة، لا تختص بما ظهر من أعمال العبد؛ بل تشمل حتى الأمور الخفية التي لم يطلع عليها سوى الله -عز وجل-: (قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَاللّهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَادِ) [آل عمران:29-30]. فهل سمعت -أيها المسلم- عن محاسبة أعظم وأدق وأخطر من هذه المحاسبة؟.
ومما يزيد الأمر مخافة وهولا، والوضع رهبة وذعرا، ألّا مجال للعبد يوم الحساب من الإنكار، وأنى له أن ينكر شيئا من أعماله وتصرفاته التي صدرت منه ولو دقت وصغرت، والشهود عليه جوارحه التي كانت شاهدة وحاضرة يوم إقدامه على ذاك الفعل من ترك واجب أو فعل معصية ومحرم؟ (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ) [النور:24-25]، (حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ * وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنْ الْخَاسِرِينَ) [فصلت:20-23].
الله أكبر يا عباد الله! يا له من موقف رهيب! موقف عظيم! موقف مخيف! تبلغ القلوب معه الحناجر، وتضطرب أعضاء البدن، ويشرّق الفكر فيه ويغرب! فاللهم يا حي يا قيوم، يا أرحم الراحمين، هوِّنْ علينا وعلى والدينا وذرياتنا وإخواننا المسلمين الحساب يوم القيامة، واجعلنا ممن عنيتهم بقولك: (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا * وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا) [الانشقاق:7-9].
أيها الإخوة المسلمون: إن من رام تخفيف الحساب عليه يوم القيامة والنجاة يوم الحساب والعرض الأكبر على الله؛ فعليه أن يسعى لمحاسبة نفسه في هذه الدنيا، ومناقشتها على أعماله الصغيرة والكبيرة، والدقيقة والجليلة، والخاصة والعامة، والقاصرة والمتعدية؛ فإنه إنما يخف الحساب يوم القيامة على أقوام حاسبوا أنفسهم في هذه الدنيا. رحم الله الفاروق عمر -رضي الله عنه- يوم قال ناصحا: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، وتهيؤوا للعرض الأكبر عند الله"، (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ) [الحاقة:18].
وما أعظم ذلك النداء الرباني الذي يدعو فيه الرب -سبحانه وتعالى- وهو الغني عن خلقه، الكريم اللطيف بعباده، يدعوهم إلى محاسبة نفوسهم؛ استعدادا للقدوم على الله غدا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [الحشر:18].
إنها دعوة من الخالق -سبحانه وتعالى- من الرب الرحيم الذي يفرح بتوبة عبده ويحب التوابين من عباده، ويكافئ عباده على التوبة بقبولها منهم، بل وتبديل سيئاتهم السابقة مهما كثرت، ومهما عظمت، يبدلها حسنات؛ كرما منه ورحمة وفضلا منه -سبحانه وتعالى-.
إنه حقيق بكل مسلم ومسلمة، بكل كبير وصغير، أن يجتهد في محاسبة نفسه قبل القدوم على الله غدا، وهو قريب، مهما طالت السنون وامتدت الآماد إلا أنه قريب جدا، قبل القدوم على الله يحاسب العبد نفسه، يحاسبها -أولا- على الحقوق التي بينه وبين الله، يحاسبها في علاقتها مع الله، في امتثال الأوامر واجتناب النواهي، في فعل الطاعات والبعد عن المعاصي والمحرمات، يجعل نصب عينيه دائما هذا الشعار: لا يراه الله حيث نهاه، ولا يفتقده حيث أمره.
يجتهد في أن يتمثل هذا واقعا عمليا يعيشه ويحياه في ليله ونهاره، في سره وإعلانه، لا يراه الله حيث نهاه، ولا يفتقده حيث أمره مولاه.
فمتى رأى مع علاقته بربه حسنا حمد الله على ذلك وسعى في تقويته وتعميقه، ومتى رأى خللا أو تقصيرا أو ضعفا اجتهد في تلافيه وبادر سريعا إلى تكميله وإصلاحه، وهكذا يكون المسلم الموقن بأنه قادم على ربه لا محالة، هكذا يكون المسلم الموقن بأنه موقوف بين يدي الله غدا، هكذا يكون المسلم في جميع أحواله وأيامه وأعوامه وساعات ليله ونهاره.
ثم يحاسب العبد نفسه على علاقتها مع من حوله من أهل وأقارب وجيران وأصحاب وإخوان، يتأمل في علاقته معهم: أمحسن هو فيها أم مسيء؟ أقائم هو فيها بما أوجب الله عليه أم مقصر ظالم لنفسه؟ يتأمل في جميع ما يصدر منه تجاه من حوله من والدين وزوجة وأبناء وبنات وإخوان وأخوات وأقارب وجيران: أهو ناصح لهم، واصل لهم، مؤدٍّ للحقوق الواجبة عليه لهم، أم هو على الضد من ذلك.
يا ويله من لقي ربه وهو خائن في هذه المسؤوليات! وهو خائن في هذه الأمانات! يا ويله يوم يقدم على ربه من هو ظالم لمن حوله في حقوقهم، باخسٌ لهم فيها، يا ويله يوم يقدم على ربه من هو عاق لوالديه، ظالم لزوجته، مقصر في رعاية أولاده، قاطع لإخوانه وأخواته وأقاربه وأرحامه! ويوم القيامة: "لَتُؤَدُنَّ الْحُقُوق إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ مِنْ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ".
يا ويله يوم يكون مثل من عناهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "أتدرون من المفلس؟"، قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، قال -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ". عياذا بالله!.
ثم المسلم -يا عباد الله- كذلك يحاسب نفسه على ما يحمله في قلبه من خطرات ومشاعر، يجتهد في أن يكون قلبه معمورا بحب الله وإجلاله ومحبته وخوفه وخشيته والإنابة إليه، لا يحمل المؤمن الموقن بأنه ملاقٍ ربه غدا لا يحمل في قلبه غلا ولا حقدا ولا حسدا لأحد من إخوانه المسلمين.
بل المسلم مع إخوانه المسلمين بارّ ناصح لإخوانه المسلمين، لا يضمر العداوة لهم ولا الغش والخيانة لهم، يحب لهم من الخير ما يحب لنفسه. المسلم -يا عباد الله- يحاسب نفسه حتى على خطرات القلب ووسوسة الصدر.
وأما جوارح المسلم فشأنه معها في المحاسبة شأن آخر، فهو يجتهد في أن تكون جوارحه مستقيمة على الطاعة، منقادة للعبادة، منكفّة عن المعصية، يحذر من أن يصدر منه ما فيه جناية على الدين والعقيدة من كلمة أو كتابة أو مقالة أو تغريدة، يحذر من أن يصدر منه تصرف يفرق به جماعة المسلمين وينال من وحدتهم وتماسكهم.
هكذا شأن المسلم في أحواله كلها، ومتى كان المسلم كذلك محاسبة لنفسه مجاهدة لها على الطاعة صلحت نفسه، واستقامت، وانفتحت أمامه أبواب الخير كلها: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [آل عمران:200].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم. أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه وتوبوا إليه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه، وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
أما بعد: فإن أفضل الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. وعليكم بجماعة المسلمين؛ فإن يد الله مع جماعة المسلمين، ومن شذ عنهم شذ في النار.
عباد الله: اتقوا الله في السراء والضراء، راقبوه في الشدة والرخاء، كونوا على الحق أعوانا، وفي إصلاح ذات البين إخوانا، وفي إعلاء كلمة الله أركانا، راقبوا علام الغيوب، واجتهدوا في إصلاح القلوب، مَنَّ الله عليّ وعليكم بهداه، ووالى علينا من خيراته وبركاته، وجمل بواطننا بالإيمان والتقوى، وظواهرنا بالاستقامة والسنة؛ إن ربي على كل شيء قدير.
أيها الإخوة المسلمون: إن من أعظم الأدواء التي يصاب بها العبد تأخيره المحاسبة، وعدم مبادرته إليها، فكثير من الناس في أمور الآخرة يسوف في المحاسبة، ويؤجل ويماطل، وكأنه يملك أمانا من فجائع الزمن ومصائبه، بينما نراه في أمور الدنيا مبادرا، يهتم بالمحاسبة حسابا دقيقا: كم أنفق في اليوم؟ كم حصّل؟ وكم وفّر؟ وكم ربح؟ وكم خسر؟ وكيف يتلافى الخسارة في المستقبل؟ وكيف ينمي أربحاه ويقلل خسائره في المستقبل؟ وكم؟ وكم؟ مما يتعلق بأمور دنياه، وهي أمور لا يعاب عليها الإنسان؛ لكن المشكلة تكمن يوم يفتقد هذا الحس في الدقة في المحاسبة فيما يتعلق بالأوامر الأخروية التي يترتب عليها الفوز الأبدي والربح الحقيقي أو الخسارة السرمدية.
لنبادر -أيها الإخوة جميعا- بمحاسبة أنفسنا وتلافي تفريطنا وإهمالنا؛ فإن العمر -والله- قصير مهما طال، والموت يأتي بغتة، والسعيد -والله- من قدم على ربه وقد استعد للقائه بتوبة نصوح، ومحاسبة مثمرة، وعمل صالح مقبول، ورجاء بعد ذلك برحمة أرحم الراحمين، وإحسان ظن باللطيف الخبير -سبحانه وتعالى-.
أسأل الله -عز وجل- أن يحسن ختامنا، وأن يوفقنا لصالح القول والعمل؛ إن ربي على كل شيء قدير.
أسأل الله -عز وجل- أن يسلك بنا صراطه المستقيم؛ إنه على كل شيء قدير...
هذا وصلوا وسلموا على نبيكم محمد بن عبد الله...