البحث

عبارات مقترحة:

المولى

كلمة (المولى) في اللغة اسم مكان على وزن (مَفْعَل) أي محل الولاية...

الحليم

كلمةُ (الحليم) في اللغة صفةٌ مشبَّهة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل)؛...

الصمد

كلمة (الصمد) في اللغة صفة من الفعل (صَمَدَ يصمُدُ) والمصدر منها:...

لنفرح ببدء الدراسة - بيان مهم لهيئة كبار العلماء

العربية

المؤلف راشد البداح
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التربية والسلوك - الدعوة والاحتساب
عناصر الخطبة
  1. بدء العام الدراسي الجديد .
  2. خطورة النظرة المثبِّطة المتثاقلة للدراسة .
  3. أهمية نية طلب العلم .
  4. وصايا للمعلمين ولطلاب العلم .
  5. بيان هيئة كبار العلماء في التحذير من الفرقة. .

اقتباس

أيها المعلم: إذا دخلت فصلك وأغلقت بابك، وغابت عنك عين المسؤول وأولياء الأمور، فلم يعد إلا أنت وهم بين يديك، فتذكر ملائكة الرحمن بين يديك، وأن الله في عليائه مُطَّلِع عليك. ولا يكن همّ أحدكم متى تنتهي الحصة، بل إن الجانب التربوي ينبغي أن يكون شغلَك الشاغل، فلا تستهن بنفسك؛ فكلمة تقولها بإخلاص سيبارك الله فيها، وينفع بها سنين، حتى يكون هذا الطالب معلمًا وأبًا.

الخطبة الأولى:

الحمد لله على لطفه الخفي، وفضله وإحسانه الجلي، الحمد لله على إمداد الأعمار، وعلى مضاعفة أجور الأعمال، والحمد لله على إجازة من أطول الإجازات، أدركنا فيها ركنين من أركان الإسلام، وعيدي المسلمين.

والحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لا رب غيره ولا معبود بحق سواه, وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، أفضل نبي وأشرفه وأزكاه, صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته واهتدى بهداه.

أما بعد: فإن غدًا تنتهي إجازة أولادنا وتبدأ الدراسة بالمدارس، وإن غدًا لناظره قريب، فهل نحن متفائلون؟ وهل نحن مستحضرون للنية الصالحة؟ وهل سنعطي التربية حقها، والتعلم والتعليم حقه؛ ليرفعنا الله بهما؟ (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) [المجادلة: 11].

ومن المؤسف أن بعضًا من الآباء يشارك أولاده النظرة المثبطة المتثاقلة للدراسة، ويغرس في خَلَده أن الدراسة هَمّ ونكد، ويسكت عن العبارات الساخرة من المعلم.

فناد ابنك وأوصه قائلاً: "يا بني، إنك تتوجه غدًا لقلعة من قلاع العلم، فابدأ فيها بسم الله، ولتكن بدايتك جادة، فمن كانت له بداية محرقة كانت له نهاية مشرقة".

معاشر الطلبة والطالبات: هل جددتم نية طلب العلم وأخلصتموها لله -جل وعلا-؟ وهل ستتذكرون يوم أن تسعوا كُلَ صباح إلى أماكن الدراسة قولَه -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ". (رواه مسلم 7028).

يا معاشر المعلمين والمربين: إنكم رعاة ومسؤولون عن رعيتكم، وإنكم بُناة والباني مسؤول عما يقع في البناء من انحراف.

فلا يصح التنصل عن المسؤولية، أو أن يلقوا بالتبعات على البيت، ولا أن يتذرعوا بتغير الأنظمة والأزمنة، ولا بالإكثار من الشكوى من أعباء التدريس، ومكابدة الطلاب.

فأولى لكم ثم أولى أن تجِدُّوا في أموركم، وأن تأخذوا بالأسباب المعينة لكم على أداء أعمالكم؛ فذلك أنفع من الشكوى التي قد تزري بكم، ولا تنفعكم. وإذا أحببت الطلاب وأحبوك وجدت سعادتك بينهم أكثر مما تجدها في البيت وبين الأصحاب.

ولنضع أنفسنا يوم كنا طلابًا ماذا يدور في خلدنا؟ ومن المعلم الذي نحبه ولماذا نحبه؟

ولا يصدنَّك أيها المعلم تقصيرُك عن بذل نصحك، ولا تتعجل النتائج، فابذر من الحكمة والموعظة الحسنة ما شئت أن تبذر (أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ) [الواقعة: 64].

أيها المعلم: إذا دخلت فصلك وأغلقت بابك، وغابت عنك عين المسؤول وأولياء الأمور، فلم يعد إلا أنت وهم بين يديك، فتذكر ملائكة الرحمن بين يديك، وأن الله في عليائه مُطَّلِع عليك. ولا يكن همّ أحدكم متى تنتهي الحصة، بل إن الجانب التربوي ينبغي أن يكون شغلَك الشاغل، فلا تستهن بنفسك؛ فكلمة تقولها بإخلاص سيبارك الله فيها، وينفع بها سنين، حتى يكون هذا الطالب معلمًا وأبًا.

معاشر معلمي التمهيدي والصفوف الأولية خصوصًا: أنتم مؤسِّسون، وغيركم مكمِّلون، ومن أسس البناء ليس كمن كمَّله، ولا تدرون لعل من بين طلابكم نابغة.

وإن لزملائك عليك حقًا: بأن تَقْدُرهم حق قدرهم، وأن تنصح لهم، وأن تقبل نصيحتهم، وتحب لهم ما تحبه لنفسك، وتكره لهم ما تكره لنفسك، فتدعو لهم، وتحرص على مساعدتهم، لا سيما الجدد والغرباء عن بلدك، فلهم حق الضيافة والزمالة والأخوة.

هل تتذكرون نعمة الله عليكم بتيسر أسباب تحصيل العلم، وضخامة التجهيزات والمباني، وتيسر التردد على صروح العلم بأمن ورغد عيش، يوم أن اضطربت الأحوال في بلدان قريبة منا، فلم تتيسر لهم الدراسة إما بسبب الخوف أو الحرب، أو الجوع والفقر.

أيها الأب: ها قد وفَّرت لأولادك مستلزماتهم المدرسية، والتي ربما أرهقتك مادياً، لكن هل استحضرت أنك بهذا مأجورٌ إذا لم تسرف، ولم تَمْنُنْ ولم تتأفَّفْ، فاحتسب ذلك عند الله، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي رَقَبَةٍ وَدِينَارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذِي أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ". (رواه مسلم 2358).

لكن احذروا من المباهاة والإسراف عند شراء تلك المستلزمات. واحذروا مما يشتمل على صور ورسومات الحيوانات والآدميين على الشنط والدفاتر، ويزداد الأمر شرًّا إذا كانت صورًا تدعو للفتنة أو تعظيم المشهورين.

وأشد من هذا كله أنه يوجد شعارات لمعبودات الكفار، كالصلبان، فتفقدوا الملابس الرياضية لأبنائكم لئلا يكون فيها صور أو أسماء لاعبين كفار أو شعارات كفرية. ونبيكم -صلى الله عليه وسلم- "لَمْ يَكُنْ يَتْرُكُ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا فِيهِ تَصَالِيبُ إِلَّا نَقَضَهُ". (رواه البخاري 5952).

فليتق الله من يبيعها ومن يشتريها ومن يلبسها. ولا يعلقوا قلوب أبناء وبنات المسلمين بقدوات فاسدة، وبتُرَّهَات خاوية، وبمحرَّمات تخالف الشرعَ، وأُسسَ التعليم.

الخطبة الثانية:

فقد أصدرت هَيْئَةُ كِبَارِ العُلَمَاءِ أمس الخميس بيانًا مهمًّا، ومما جاء فيه: "لقد أَنْعَمَ اللهُ على أهْلِ هذه البِلَاد باجْتِمَاعِهِم حَوْلَ قَادَتِهِم على هَدْي الكِتَابِ والسُّنَّةِ، لا يُفَرِّقُ بينهم، أو يُشَتِّتُ أمرهم تَيَّارَات وَافِدَة، أو أحْزَاب لها منطلقاتها المُتَغَايِرَة؛ امْتِثَالًا لقوله سبحانه: (مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) [الروم: 31- 32].

وما عظمت الوَصِيَّة باجْتِمَاعِ الكَلِمَةِ وَوَحْدَةِ الصّفّ؛ إلَّا لِمَا يَتَرَتَّبُ على ذلك من مَصَالِحَ كُبْرَى، وفي مقابل ذلك لِمَا يَتَرَتَّبُ على فَقْدِهَا من مَفَاسِدَ عُظْمَى، يعرفها العُقَلاء، ولها شواهدها في القَدِيمِ والحَدِيثِ.

وَهَيْئَةُ كِبَارِ العُلَمَاءِ إذْ تَسْتَشْعِر نِعْمَة اجْتِمَاعِ الكَلِمَـة، على هَدْيٍ من الكِتَابِ والسَّنَّةِ، في ظِلِّ قِيَادَةٍ حَكِيمَة، فَإِنَّهَا تَدْعُو الجميع إلى بَذْلِ كُلِّ الأسْبَابِ الَّتِي تَزِيدُ من اللُّحْمَةِ، وَتُوَثِّقُ الْأُلْفَةَ، وَتُحَذِّر من كُلِّ الأَسْبَابِ الَّتِي تُؤَدِّي إلى ضِدِّ ذلك، وهي بهذه المناسبة؛ تُؤَكِّدُ على وُجُوبِ التُّنَاصُحِ والتَّفَاهُمِ والتَّعَاوُنِ على البِرِّ وَالتَّقْوَى، والتَّنَاهِي عن الإِثْمِ والعُدْوَانِ، وَتُحَذِّر من ضِدِّ ذَلِكَ من الجَوْرِ والبَغْي، وَغَمْطِ الحَقِّ.

كَمَا تُحَذِّر من الارتِبَاطَاتِ الفِكْرِيَّةِ والحِزْبِيَّةِ المُنْحَرِفَةِ، إِذِ الأُمَّة في هذه البلاد جَمَاعَة واحِدَة؛ مُتَمَسِّكَة بِمَا عليه السَّلَف الصَّالِح وتابعوهم، وما عليه أئمة الإسلام قَدِيمًا وَحَدِيثًا من لُزُومِ الجَمَاعَةِ، والمُنَاصَحَةِ الصَّادِقَةِ، وَعَدَمِ اخْتِلَاف العُيُوبِ وَإِشَاعَتِهَا، مَعَ الاعْتِرَافِ بِعَدَمِ الكَمَالِ، وَوُجُودِ الخَطَأِ، وأَهَمِّيَّة الإصلَاحِ على كُلِّ حَالٍ وَفِي كُلِّ وَقْتٍ.

وَاللهَ –تَعَالَى- نَسْأَلُ أن يَحْفَظَ بِلَادَنَا وَبِلَادَ المسلمين من كُلِّ سُوءٍ وَمَكْرُوهٍ، وأن يَجْمَعَ كَلِمَتَنَا على الحَقِّ، وأن يُصْلِحَ ذَاتَ بَيْنِنَا، وَيَهْدِيَنَا سُبُلَ السَّلَامِ، وأن يُرِيَنَا الحَقَّ حَقًّا، وَيَرْزُقَنَا اتِّبَاعَهُ، وَيُرِيَنَا البَاطِلَ بَاطِلًا، وَيَرْزُقَنَا اجْتِنَابَهُ، وَأنْ يَهْدِيَ ضَالَّ المُسْلِمِينَ، وَهُوَ المَسْؤُولُ سُبْحَانَهُ؛ أنْ يُوَفِّقَ وُلَاةَ الأَمْرِ لِمَا فِيهِ صَلَاح العِبَادِ وَالبِلَادِ، إِنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ وَالقَادِرُ عَلَيْهِ". (المَصْدَرُ: مَوْقِع الرِّئَاسَةِ العَامَّةِ لِلْبُحُوثِ الْعِلْمِيَّةِ وَالْإِفْتَاءِ).