البحث

عبارات مقترحة:

العزيز

كلمة (عزيز) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) وهو من العزّة،...

الغفور

كلمة (غفور) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعول) نحو: شَكور، رؤوف،...

الخبير

كلمةُ (الخبير) في اللغةِ صفة مشبَّهة، مشتقة من الفعل (خبَرَ)،...

العقيدة الصحيحة

العربية

المؤلف حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات أركان الإيمان - التوحيد
عناصر الخطبة
  1. العقيدة الصحيحة هي الشجرة الطيبة .
  2. آثار وثمرات العقيدة الصحيحة .
  3. أمة الإسلام أمة المنعة والثبات .
  4. عواقب البعد عن العقيدة الصحيحة .
  5. المخرج لما تمر به الأمة من المحن . .
اهداف الخطبة
  1. بيان أهمية العقيدة الصحيحة وثمراتها في الدنيا والآخرة
  2. بيان المخرج لمحن الأمة الإسلامية .

اقتباس

إخوة الإسلام، إن العقيدة التي أرسى النبي صلى الله عليه وسلم قواعدها، وثبَّت أصولها هي مصدر الخيرات ومنبع السعادة والمسرات، وذلك لمن رعاها حق رعايتها، واتبع هداها، والتزم بمقتضاها، (قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّـ?هَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّـ?هَا) الشمس:9، 10.

أما بعد:
أيها المسلمون، أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل في الأقوال والأفعال، في السر والجهار، فمن اتقاه وقاه، وجعل له من كل ضيق فرجا، ومن كل هم مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب، (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ) [الطلاق:2- 3].

أمة الإسلام:

أعظم نعمة وأجلّ مِنّة بعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، بعقيدة صافية تحقق الصلاح والخير، وتدرأ الشقاء والشر، بما تضمنته من ركائز العدالة والأخوة، ومن دعائم الحرية والمساواة والسلام، وبما اشتملت عليه من أخلاق تطهر النفوس، وتربي الضمائر على أنبل الصفات وأكرم الفضائل وأعلى المثل.

إخوة الإسلام، إن العقيدة التي أرسى النبي صلى الله عليه وسلم قواعدها، وثبَّت أصولها هي مصدر الخيرات ومنبع السعادة والمسرات، وذلك لمن رعاها حق رعايتها، واتبع هداها، والتزم بمقتضاها، (قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّـاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّـاهَا) [الشمس:9، 10].

هي الشجرة الطيبة، يانعة الثمار، دائمة الأكل، مهما امتد الزمان واحتدّ الصراع، وعسر الطريق وعظمت الخطوب، (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيّبَةً كَشَجَرةٍ طَيّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِى السَّمَاء تُؤْتِى أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبّهَا) [إبراهيم:24- 25].

العقيدة الإيمانية ذخيرة الخير لبني الإنسان، بدونها تلتوي عليهم السبل، وتكتنفهم الهواجس، ويستبدّ بهم القلق، ويتيهون في غمار الحيرة والضياع والخسار، (وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنسَـانَ لَفِى خُسْرٍ إِلاَّ الَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّـالِحَـاتِ وَتَوَاصَوْاْ بِالْحَقّ وَتَوَاصَوْاْ بِالصَّبْرِ) سورة العصر.

العقيدة الإيمانية التي جاء بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم رافد دائم ومدد قوي لتيار الخير والصلاح، وحاجز منيع لصدّ دواعي الشر وطغيانه المدمر، صاحبها لا يزلّ عن مسلك قويم ومنهج مستقيم، ولا تحيط به جواذب الأهواء، أو تستبدّ به زخارف الحياة ومغرياتها، (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مّنّى هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) [البقرة:38] (إِنَّ هَـذَا الْقُرْءانَ يِهْدِى لِلَّتِى هِىَ أَقْوَمُ) [الإسراء:9].

إخوة الإيمان، بالعقيدة الصحيحة يعرف الإنسان موضعه الصحيح، ويستنير له دربه القويم في هذه الحياة، سيراً على الهدى والبصيرة، وسلوكاً للحق والرشاد، في معالم واضحة، وخطى ثابتة، وهدف مرسوم، يعمر من خلالها الحياة بكل خير، ويقيم فيها المثل العليا، والمناهج الفضلى، وفق فطرة نقية، وضمير طاهر، وإرادة موجِّهة إلى الإصلاح والفضائل، وتصميم جازم في البعد عن القبائح والرذائل، والذين آمنوا وعملوا الصالحات سيهديهم ويصلح بالهم.

أمة محمد صلى الله عليه وسلم، آثار الإيمان في النفوس بالغة، وثمار العقيدة الصحيحة في الحياة عجيبة، فإلى جانب تطهيرها للنفوس، وإنمائها لمعاني الخير فيها، فهي ذخيرة حية لا تنفد بمدّ الإنسان بالقوة والصبر، والثبات والمثابرة، والطمأنينة والأمل في معركة الحياة التي يحتدم فيها الصراع بين الخير والشر، والحق والباطل، والسعادة والشقاء، إذ تُعطي الأمن المطلق، والاهتداء التام، والنور الكامل، (الَّذِينَ ءامَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد:28]  (الَّذِينَ ءامَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَـانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأمْنُ وَهُمْ مُّهْتَدُونَ) [الأنعام:82].

من يحيى في رحاب الإيمان، ويعتصم بحبله المتين، ويستضيء بنوره المشرق، فهو يعيش حياته في رؤية واضحة، يدرك بها حكمة الله البالغة، ورحمته الواسعة، وسنته الماضية، وقدرته البالغة، فتطمئن بذلك نفسه، وتصفو سريرته؛ لأنه يؤمن أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه، فلا يتسرب إلى قلبه شك، ولا ينفذ إلى وجدانه القلق، بل يسير في دنياه بخطىً ثابتة، ومسيرة موزونة، تهدف إلى بلوغ ما يصبو إليه، من نهاية صالحة ومصير كريم، يقول نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في وصية جامعة تحكي واقعنا اليوم: " احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء كتبه الله عليك، رفعت الأقلام، وجفت الصحف" رواه الترمذي، وفي رواية غيره: " احفظ الله تجده تجاهك، تعرَّف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة، واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا" .

الإيمان الصحيح يزود العبد بطاقة كبيرة من اليقين والثقة، وشحنة عظيمة من الصبر والطمأنينة، تأتيه النعم فلا يبطر ولا يستكبر، بل يحمد ويشكر، وتصيبه المحن، وتحلّ به الشدائد، فلا يقنط ولا ينهار، أو تمزق قلبه الهموم والحسرات، بل يعتصم بالصبر، ويرضى بالقدر، ويستمسك بعزائم الأمور. نعم ؛ لأنه يعيش بعقيدته في عطاء دائم، وفق وضوح رؤية، وقوة إدراك وإرادة، ونفوذ بصيرة، يستمد من خلال ذلك قوة الصمود إزاء الأحداث والفتن، فلا تهزّه أعاصيره العاتية، ولا تنال منه محنه القاسية، ولا يصرفه شيء عن إيمانه وتحقيق رضا ربه، مهما كانت من رغبة مغرية، أو رهبة مؤذية، بل لا تزيده إلا ألقـًا وصفاءً، وإخلاصاً وصدقاً، وصبراً وثباتاً يقول صلى الله عليه وسلم: " عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له" رواه مسلم.

أمة الإسلام، إن الأمة التي تحكمها عقيدة التوحيد، وتضبط حياتها حقائق الإيمان ومقوماته، أمةٌ ذات قوة ذاتية وحصانة طبيعية، تجعلها قادرةً بإذن الله على التغلب على نتائج المحن، وآثار الأزمات، وموجات الفتن.

من خصائص هذه الأمةِ أمةِ محمد صلى الله عليه وسلم المناعة المتحققة في كيانها، والتي تحول دون المصائب أن تزعزع ثقتها بربها، والتي تحجز دون نشر ضباب اليأس أن يدبّ في نفوس أبنائها، بل هي أمة لا تزيدها اللأواء والشدائد إلا السير الحثيث في جهود الخير، والتصميم الأكيد على الإصلاح وعمارة الحياة، دون سقوط أو تعثر.

ولا غرو، فهي أمة مرّ بها ويمر بها عبر تأريخها الطويل أيام عصيبة ونكبات شتى، لو أصابت أمةً غيرها لقضت عليها، وأبادتها وجعلتها أثراً بعد عين، لكنها أمة رباها محمد صلى الله عليه وسلم ، مرتبطة بربها، واثقة بوعده، مستيقنة بنصره، (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءامَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ الصَّـالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِى الأرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ ?لَّذِى ارْتَضَى  لَهُمْ وَلَيُبَدّلَنَّهُمْ مّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِى لاَ يُشْرِكُونَ بِى شَيْئاً) [النور:55].

إخوة الإيمان:

إن البعد عن منبع الإيمان العذب، والإخلال بحقائق العقيدة وإقصاءها عن مناحي الحياة، والانصراف عن نورها الوضيء، كل ذلك باعث أزمات خطيرة، وسبب مشكلات كبيرة، ومصدر شقاء دائم، وبلاء مستمر، تجعل العيش في هذه الحياة في ظمأ دائم، وظلام دامس، لا هدوء فيها ولا هناء، ولا سعادة ولا رخاء، قلق مستقر، واضطراب مستمر، وغرق في لجج المتاعب، ثم نهاية بائسة، ومصير مرير، (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِى فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيـامَةِ أَعْمَى ) [طه:124].

وما يعصف اليوم بالإنسانية من رياح الشر، ويخيم عليها من نذر الفناء، وما يهددها من أشباح الحروب المدمرة، كل ذلك مصدره الحقيقي بُعد كثير من عالم اليوم عن المنهج الإلهي، والعقيدة الربانية، والطريقة المحمدية، ومبادئ العدالة والحرية والمساواة، ومنطق العقل والحكمة والتروي، (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإْحْسَانِ وَإِيتَآء ذِى الْقُرْبَى  وَيَنْهَى  عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْى) [النحل:90]  (وَلاَ تَبْغِ الْفَسَادَ فِى ?لأرْضِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) [القصص:77]  (وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) [البقرة:190]  (وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) [الأنعام:164].

وما لم تُبن حياة البشر في الأرض على أسس من منهج الخالق عز وجل، وما لم يقم عقلاء البشر لإدراك تام لأسباب الشرور، وبواعث المشكلات، وما لم تقم المعالجة وفق منطق العدل الشامل، والرأي السديد، في محيط الموازنة المجردة بين المصالح والمفاسد، فلن ينحسم صراع، ولن تجد سفينة الحياة سبيلها إلى شاطئ السلامة، وملاذ الطمأنينة، وأُهُب الرحمة والتسامح.

ومهما بذل البشر بعيداً عن تلك الأطر، وبمنأى عن تلك المحاور، فلن تُحسم أدواؤهم، ولن تُحلّ مشكلاتهم، ولن يقضى على أزماتهم.

أيها المسلمون، تصاب الأمم في بعض أدوارها بكوارث ونكبات، وإن الخطر المخيف ليس في وقوع تلك المصائب والآلام، ولكنه الخطأ في أسلوب علاج التغلب عليها، والانحراف في تطويق نتائجها، وعدم التعقل لأسباب الحيلولة دون استطرادها، فسوء التقدير لمثل ذلك، وعدم التبصر في الحقائق لا ينجم عنه سوى السقوط المرير، والمصير الرهيب المليء بالعثرات، والمزدحم بالمزالق والعواقب السيئة، (ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ إِن جَاءكُمْ فَاسِقُ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُواْ أَن تُصِيببُواْ قَوْمَا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُواْ عَلَى  مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) [الحجرات:6]، ونبينا صلى الله عليه وسلم يقول: " التأني من الله، والعجلة من الشيطان" ، والحكماء يقول أحدهم:
الرأي قبل شجاعة الشجعان هي أولٌ وهي المحل الثان

بارك الله لي ولكم في القرآن، ونفعنا بما فيه من الآيات والبيان، أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه.

أما بعد:

أيها المسلمون، أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل، فهي وصية الله للأولين والآخرين.

إخوة الإيمان في كل مكان، تمرّ أمة محمد بأحوال مريرة، وتعيش ظروفاً صعبة، المخاطر تحيط بها، والمخاوف تحدق بأبنائها، لذا فالمسلمون حقاً يتطلعون إلى وضع يكونون فيه أحسن حالاً، وأكثر صلابة وعزما، وأهنأ عيشاً، وأكرم مآلاً.

وثمة حقيقة لا ينبغي أن تغيب عن أحد ولا عن محلل أو مفكّر، وهي أن لهذه الأمة طبيعة ذاتية تميزها عن غيرها، وهي أنها أمة عقيدة، مبناها على الاستسلام لرب العالمين، والخضوع الكامل له عز وجل، فتلك العقيدة، والعمل بمقتضاها، والوقوف عند حدودها في جميع شؤون الحياة هو صمام الأمان، وضابط الزمام، (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ ءامَنُواْ) [الحج:38]  (ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ) [الأنفال:24].

إنه لا مخرج للأمة الإسلامية من كل ما تعانيه إلا بالرجوع الصادق إلى الله جل وعلا، والتمسك الحقيقي بسنة نبيها صلى الله عليه وسلم، والصدق الظاهر والباطن لدينها، لا منقذ إلا التوجه النابع من القلب لمحبة الله جل وعلا، ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم، محبةً توجب الوقوف عند الأوامر، والانزجار عن النواهي، والعمل بالشريعة في الحكم والتحاكم، وفي جميع شؤون الحياة كلها، صغيرها وكبيرها، (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِيناً) [الأحزاب:36].

لقد آن لقلوب ميتة أن تحيى، ولمرآة مطموسة أن تصقل فتصفى، لقد آن لمن كان ساهياً أن يتذكر، ولمن كان غارقاً في القبائح أن يعلق بسفينة النجاة لينجى، واستمعوا ـ رحمكم الله ـ إلى هذا التوجيه الرباني الذي يهز القلوب، (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ ءامَنُواْ أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقّ وَلاَ يَكُونُواْ كَالَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَـابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَـاسِقُونَ اعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يُحْىِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَـاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) [الحديد:16- 17].

يا رجال الإعلام، إن الواجب على وسائل الإعلام الإسلامية فَهْمُ غايتها وسموِّ رسالتها، لتبني ولا تهدم، وتصلح ولا تحطّم، لتشتغل بمعالي الأمور، وتتعالى عن سفاسفها. عليها توجيه أبناء أمة محمد صلى الله عليه وسلم إلى أهداب هذا الدين، والعمل على تحقيق وحدة المسلمين، والإخلاص لهذا الدين، وخدمة قضاياه، والدفاع عنه، وفق معايير الصدق والأمانة، والخير والفضيلة، (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَـالِحاً وَقَالَ إِنَّنِى مِنَ الْمُسْلِمِينَ) [فصلت:33].

ثم اعلموا أن من أفضل الأعمال وأزكاها لهج الألسن بالصلاة والتسليم على النبي الكريم، فصلوا وسلموا عليه كثيراً، صلاة من يحيى قلبه بمحبته، وتهنأ حياته بمنهج سنته.

اللهم صل وسلم وبارك وأنعم على عبدك ورسولك نبينا محمد ...