البحث

عبارات مقترحة:

الغفار

كلمة (غفّار) في اللغة صيغة مبالغة من الفعل (غَفَرَ يغْفِرُ)،...

العفو

كلمة (عفو) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعول) وتعني الاتصاف بصفة...

السبوح

كلمة (سُبُّوح) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فُعُّول) من التسبيح،...

أي بنية! احذري صاحب القلب المريض

العربية

المؤلف أحمد شريف النعسان
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات نوازل الأحوال الشخصية وقضايا المرأة
عناصر الخطبة
  1. أثر الكلمة الطيبة على السامع .
  2. تحذير النساء من الخضوع بالقول للرجال الأجانب .
  3. الحكمة من تحريم لين الكلام للمرأة مع الأجنبي .
  4. شبهة حول قوله تعالى: (فاسألوهن من وراء حجاب) والرد عليها.
  5. تذكير النساء بمراقبة الله .

اقتباس

الكلمة لها تأثير في القلوب حباً أو كراهية، فكلما لانت الكلمة وطابت جذبت قلبَ السامع للمتكلِّم، وأصغى إليه القول. الكلمة الطيبة الممزوجة باللطف والحنان لها تأثير كبير في نفس السامع بحيث يتمكَّن المتكلم من السامع، ويوجِّهه حيث يشاء، ومن...

الخطبة الأولى:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فيا عباد الله: إن لين القول والكلمة الطيبة الحسنة الممزوجة بالعاطفة والمحبة والإخلاص لها أثر كبير في قلب السامع، ومن هذا المنطلق قال تعالى: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ) [آل عمران: 159].

الكلمة لها تأثير في القلوب حباً أو كراهية، فكلما لانت الكلمة وطابت جذبت قلبَ السامع للمتكلِّم، وأصغى إليه القول، ومن هذا المنطلق قال تعالى لسيدنا موسى ولأخيه هارون -عليهما السلام-: (فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) [طـه: 44].

الكلمة الطيبة الممزوجة باللطف والحنان لها تأثير كبير في نفس السامع بحيث يتمكَّن المتكلم من السامع، ويوجِّهه حيث يشاء، ومن هذا المنطلق خاطب الله -عز وجل- الأزواج بقوله: (وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ) [النساء: 34] والموعظة لا شك أنها كلمة لطف وطيب وحنان تؤثر في قلب السامع؛ لذلك قالوا: "من لانت كلمته وجبت محبته، والمحب أسير لمحبوبه".

أيها الإخوة المؤمنون: من هذا المنطلق يجب على وليِّ الفتاة قبل أن يُزوِّج ابنته وبعد زواجها أن يذكِّرها بقول الله -تعالى-: (فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) [الأحزاب: 32] والخضوع بالقول هو لين الكلام مع الرجل الأجنبي، قل لها: أي بنيَّة! هذا النهي من الله -تعالى- ليس اتهاماً لك، إنما هو خشية عليك من أصحاب القلوب المريضة، وأنت لا تعلمين المخاطَب هل هو مريض القلب أم لا؟

قل لها: أي بنية! هذا توجيه من الله -تعالى- الذي خلق الإنسان، قال تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ) [ق: 16]؛ فالذي يعلم ما في الصدور إنما هو الله -تعالى- وحده، لذلك يجب عليكِ أن تأخذي بالأحوط لدينك عند الحديث مع الرجال الأجانب.

أيها الإخوة الكرام: إن لين القول يكون من الرجل للرجال، ومن الرجل لمحارمه، ومن الرجل لزوجته، كما يكون من المرأة للنساء، ومن المرأة لمحارمها، ومن المرأة لزوجها.

أما لين القول من الرجل للمرأة الأجنبية، ومن المرأة للرجل الأجنبي فهو مفسدة لدين الرجال والنساء.

لين القول من الرجل للمرأة الأجنبية عنه قد يُفسِد عليها حياتها الزوجية، ويؤدي الأمر إلى طلاقها، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا" [رواه أبو داود عن أبي هريرة -رضي الله عنه-].

وكم من رجل لان بقوله مع المرأة الأجنبية، فأفسد عليها حياتها الزوجية، فوقعت إمَّا في خيانة زوجية، وإمَّا في الطلاق ثم تزوَّجها هذا الرجل.

وكم من امرأة لانت بقولها مع الرجل الأجنبي فاستدرجها؛ لأنه كان صاحب قلب مريض فوقعت في شباكه وخدعها؛ فإن كانت متزوِّجة خانت زوجها، وإن كانت بكراً جرَّت العار لأهلها -والعياذ بالله تعالى-.

لذلك يجب علينا أن نعلِّم أبناءنا بأن لين القول يجب أن يكون من الرجل إلى محارمه ونسائه لا مع النساء الأجنبيات عنه. هذا إذا أردنا طهارة المجتمع.

أيها الإخوة: من هذا المنطلق كان الإسلام حريصاً على سلامة البيوت، وكان حريصاً على سلامة الحياة الزوجية، وكان بالمرصاد لأصحاب القلوب المريضة؛ فحذَّر المرأة من الخضوع بالقول مع الرجل الأجنبي، فقال: (فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) [الأحزاب:32].

مريض القلب لا يخاف الله -تعالى-، مريض القلب لا يرعي حرمات الناس، مريض القلب لا يبالي بالنتائج مهما كانت، مريض القلب لا يتقي الله في نساء المؤمنين، مريض القلب همه شهوته ووطره، مريض القلب فاسد ومفسد في المجتمع.

لذلك حرَّم الإسلام على المرأة الخضوع بالقول مع الرجال الأجانب خشية عليها من أصحاب القلوب المريضة، الذين يمزقون الحياة الأسرية، وما أكثر الحوادث من هذا النوع. كم من امرأة طُلِّقت من زوجها بهذا السبب؟ كم من طفل عاش بعيداً عن أمه بهذا السبب؟ كم من امرأة قُتِلت بهذا السبب؟

لذلك يجب علينا أن نحذِّر بناتنا من الخضوع بالقول مع الرجال الأجانب؛ من أجل سلامتها وسلامة أسرتها، وسلامة شرفها، وخاصة في زمن ركَّزت فيه أجهزة الإعلام المسموعة والمرئية على خضوع القول من المرأة مع الرجال الأجانب.

أجهزة الإعلام تركِّز على خضوع القول من المرأة مع الرجل الأجنبي، والفظاظةِ والغلاظةِ مع زوجها ومحارمها، كما تُعلِّم الرجلَ لينَ القول مع المرأة الأجنبية، والفظاظةَ والغلاظةَ مع زوجته ومحارمه، فهل تنبَّه الناس إلى هذا؟ هل عرف الناس ماذا تريد أجهزة الإعلام من الأسرة المسلمة؟

إنهم يريدون أن تعيش الأسرة المسلمة كما تعيش الأسرة الغربية حيث التحلُّل من القيم والأخلاق وفساد الضمائر والقلوب وفساد الحياة الزوجية.

أيها الإخوة الكرام: يجب علينا أن نعلم ونُعلِّم أبناءنا بأن هذا التشريع من أوامر ونواهٍ إنما هو تشريعُ الذي يعلم السر وأخفى، تشريع ربٍ يقول: (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) [غافر: 19] فتشريعه لنا هو سرُّ سعادتنا.

يا من يريد سعادة الدنيا والآخرة لنفسه ولزوجه ولمحارمه: أَلْزِمْ أهلك هذه الآية: (فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) [الأحزاب: 32].

والتزم قوله تعالى: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) [الأحزاب: 53].

واعلم بأن هذه الأحكام من أجل سلامة المرأة من كيد أصحاب القلوب المريضة، ومن أجل طهارة قلوب الرجال والنساء.

أيها الإخوة: هناك من يغالط الناس بهذه الآيات الكريمة، فيقول هذه الآية: (فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) [الأحزاب: 32].

والآية: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) [الأحزاب: 53] إنها آيات خاصة بنساء النبي -صلى الله عليه وسلم- وليست عامة لكلِّ المسلمات.

غباءٌ ما بعده غباء إذا صدَّق أحد هذا القول؛ لأن صاحب هذا القول كأنه يقول: لا حرج من لين القول من المرأة للرجل الأجنبي، ولو طمع فيها صاحب القلب المريض، ولا حرج من سؤال المرأة الأجنبية بدون حجاب.

طبعاً صاحب هذا القول لا يريد طهارة القلوب، ولا يريد سلامة البيوت، بل يريد قضاء الوطر من النساء.

إذا كان الحق -عز وجل- حذَّر نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- من الخضوع بالقول مع الرجل الأجنبي حتى لا يطمع فيهنَّ صاحب القلب المريض، مع أنهنَّ أمهات المؤمنين؛ فهل من المعقول أن يُباح خضوع القول من عامة نساء المؤمنين مع الرجال الأجانب، وخاصة في زمن كثر فيه أصحاب القلوب المريضة؟

وإذا كان الحقُّ -عز وجل- حذَّر الرجال من سؤال أمهات المؤمنين إلا من وراء حجاب؛ لأن ذلك أطهر لقلوب الفريقين؛ فهل من المعقول أن يباح هذا لغير أصحاب سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- مع عامة النساء؟! أيُّ مجنون يقول هذا القول؟!

احذروا -أيها الإخوة- من هذه المغالطات، فقدوتنا أصحاب سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، وقدوة نسائنا أمهات المؤمنين، اللهم اجعلنا كذلك.

أيها الإخوة: ذكِّروا بناتكم بالآية الكريمة التي وُجِّهت لنساء النبي -صلى الله عليه وسلم-: (فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) [الأحزاب: 32].

علِّمها كيف يكون أسلوب الكلام مع الرجل الأجنبيِّ؛ لا لين فيه ولا خضوع، ولا هذر ولا هزل ولا مزاح، ولا كلام لا يرضي الله -تعالى-، وعلمها كيف يكون الموضوع، يجب أن يكون موضوع الحديث موضوعاً شرعياً يجيزه الشرع ولا ينكره، وعلِّمها سيرة بنت سيدنا شعيب -عليه السلام-؛ كما قال تعالى عنها: (فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء) [القصص: 25] مشيتها على استحياء: (عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا) [القصص: 25] مشية المرأة المسلمة على استحياء، وحديثها مع الرجل الأجنبي على استحياء، وباختصار، ومنضبط بضوابط شرعية، حيث لا يمكن لعقل وفكر المخاطب أن يشرد يمنةً أو يسرةً: (إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا) [القصص: 25] ما قالت: تفضل إلى البيت ليجزيك والدي أجر ما سقيت لنا، قطعت الخاطر على الرجل الأجنبي من بدايته، وبأسلوب مختصر مأخوذ بكل وسائل الحيطة من أجل سلامة القلوب.

أيها الإخوة الكرام: يجب علينا أن نتدرب على مراقبة الله -عز وجل-، وأن ندرِّب أبناءنا على ذلك، وأن نذكِّرهم بقول الله -عز وجل-: (إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى) [طـه: 46]، ونذكِّرهم بقوله تعالى: (أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى) [العلق: 14]، ونذكِّرهم بقول الله -عز وجل-: (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ) [الحديد: 4]، ونذكِّرهم بقوله تعالى: (إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1].

يا أختاه: تذكَّري هذه الآيات وراقبي الله -عز وجل-، وتذكَّر -يا أخي الكريم- هذه الآيات، فإذا قلَّ حياء المرأة وخضعت بالقول معك تذكَّرْ بأن الله رقيب عليك وعليها، فقلَّة حيائها لا يبيح لك قلَّة الحياء، وعدم خشيتها من الله -تعالى- لا تبيح لك قلة الخشية من الله -تعالى-؛ لنحذر الله جميعاً: (وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ) [آل عمران: 28].

أيها الإخوة الكرام: إذا أردنا حياة زوجية سعيدة لبناتنا، فلنذكِّرْهُنَّ بهذه الآية: (فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا) [الأحزاب: 32] ليكن لين القول، وكلمةُ اللطف والحنان، والحبِّ منها؛ لزوجها لا للرجل الأجنبي عنها، حتى لا يطمع فيها فيفسد عليها دنياها وآخرتها، وأن لا تكون كلمتها قاسية جافَّة لزوجها.

وكذلك -أنتم يا معشر الرجال- لتكن كلمة اللين وكلمة اللطف والحنان والحبِّ منكم لنسائكم لا لمرأة أجنبية، لا أن تكون الكلمة القاسية الجافَّة لنسائكم.

اجعلوا كلامكم الليِّن الحسن في الحلال، ولا تجعلوه في الحرام إذا أردتم سعادة الدنيا والآخرة.

اللهم اجعلنا كذلك آمين.

أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فيا فوز المستغفرين.