البحث

عبارات مقترحة:

النصير

كلمة (النصير) في اللغة (فعيل) بمعنى (فاعل) أي الناصر، ومعناه العون...

الحكم

كلمة (الحَكَم) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فَعَل) كـ (بَطَل) وهي من...

العظيم

كلمة (عظيم) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) وتعني اتصاف الشيء...

تنبيه الأجيال – بِحادثة الهزة والزلزال

العربية

المؤلف خالد بن علي أبا الخيل
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التربية والسلوك - التاريخ وتقويم البلدان
عناصر الخطبة
  1. سبب وقوع الزلازل .
  2. الحكمة من وقوع الزلازل .
  3. الزلازل دليل على قدرة الله وجبروته .
  4. الفوائد والعبر من الزلازل. .

اقتباس

إن هذه الآيات والحوادث والزلازل والكوارث ِعبرٌ لمن اعتبر، وموعظةٌ لمن انزجر، وقوةٌ للقادر المقتدر تُوجب الخوف والإنابة، والتوبة والاستجابة؛ فالذنوب والمعاصي وقساوة القلوب للباري تُغير الحال وتُورث الخوف وسوء المآل، تُبدل الأمن خوفًا، والشِّبع...

الخطبة الأولى:

الحمد لله، الحمد لله القائل: (وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا) [الإسراء:59] أحمده سبحانه ألَّف بين قلوب عباده تأليفًا، وأشهد أن لا إله إلا الله له الملك والتدبير، والحكمة خلقًا وتصريفًا، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أخبر أن من أشراط الساعة زلزلتها حكمةً وتخويفًا صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم يُقال: (جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا) [الإسراء:104].

أما بعد:

فيا عباد الله: اتقوا ربكم ووحدوه، واقدروه حق قدره ولا تعصوه.

أيها المسلمون: إن ما يجري في هذا الكون إنما هو بعلم الله وحكمته، وتصرفه وتدبيره يُدبر الأمر من السماء إلى الأرض، وله الأمر وحده (أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِين) [الأعراف:54] فالخلق خلقه والأمر أمره (لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُون) [الأنبياء:23]، وكل ذلك بعلمه واطلاعه، وسمعه وبصره، وقدرته وحكمته، وربنا أسبغ علينا نِعمه، ووالى علينا عطاءه.

وإن من النِّعم -أيها الإخوة- هذه الأرض وسكونها، وبسطها، وقرارها (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا) [المُلك:15] وجعل ظهرها للعيش والاستقرار، وباطنها سكنًا وقرار (أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتًا * أَحْيَاء وَأَمْوَاتًا) [المرسلات:25-26].

أيها المسلمون: هذه الأرض لا تتحرك، ولا تتبدل إلا بأمر الله، وتدبيره سبحانه، والله -سبحانه- يُحدث فيها الزلازل العظام، والتغيرات الجسام؛ ليرجع العباد ويُغير الفساد.

ولما زُلزلت الأرض على عهد عمر -رضي الله عنه- في المدينة قال مقالته المشهورة في خطبته المذكورة: "لئن عادت لا أساكننكم فيها"، ويقول بعض السلف: "إن ربكم يستعتبكم، فإذا حصلت نِقمة، فأحدِثوا له توبةً ونعمة".

وهذه الحوادث والتغيرات، والكوارث والزلازل والفيضانات، والتحركات والهزات التي وقعت وتقع بين الفينة والأخرى، وما زلزال إيران والعراق عنا ببعيد إنما يُصيب العباد ذلك بسبب ذنوبهم ومعاصيهم، قال -سبحانه-: (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِير) [الشورى:30] وقال -سبحانه-: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُون) [الروم:41].

قال كعب بن مالكٍ -رضي الله عنه-: "إنما تُزلزل الأرض إذا عُمِل فيها بالمعصية فترعد فرقاً من الرب -جل جلاله- أن يطلع عليها"؛ فتقع تذكيرًا لهم بالرجوع، والتوبةِ والخضوع، والإقبال والخشوع، والله -سبحانه- يُمهل ولا يُهمِل (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَاد) [الفجر:14].

قال ابن القيم -رحمه الله- في كتابه النفيس (مفتاح دار السعادة): "وقد يأذن الله -سبحانه- للأرض بالتنفس فتحدث فيها الزلزال العظام، فيحدث من ذلك لعباده الخوف والخشية، والإنابة والإقلاع عن معاصيه، والتضرع إليه والندم".

والواجب الحذر والرجوع، والإنابة والخضوع، قال -سبحانه-: (وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُون * فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَـكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُون) [الأنعام:42-43].

والله يُرسل الآيات ويُنبه بالعظات؛ تنبيهًا وتخويفًا، تذكيرًا وإنذارًا (وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُواْ بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا) [الإسراء:59].

قال قتادة -رحمه الله-: "إن الله يُخوِف الناس بما شاء من الآيات لعلهم يعتبرون ويذكرون ويرجعون"، لقد كثرت الزلازل المروعة، والبراكين المفزعة، والهزات الأرضية، وهذا مصداق نبي الرحمة والملحمة "لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ، وَتَكْثُرَ الزَّلازِلُ" (رواه البخاري).

فهذه الأعاصير المدمرة، والفيضانات المهلكة والزلازل المتنوعة آياتٌ من آيات الله العظيمة؛ فهي تُهلك الحرث والنسل، وتَلهم الأرض ومن عليها، وتثير الرعب والفزع، وتأكل الرطب واليابس، وهذا نوعٌ من العذاب الدنيوي؛ فقد روى أبو داود السجستاني قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أمتي أمة مرحومة ليس عليها عذاب في الآخرة عذابها في الدنيا الفتن و الزلازل و القتل"؛ فذلك رحمةٌ وتطهيرٌ للمؤمنين، وعقوبةً وعذابٌ على الكافرين، وتذكيرٌ وعظةٌ للعاصين.

إن هذه الآيات والحوادث والزلازل والكوارث ِعبرٌ لمن اعتبر، وموعظةٌ لمن انزجر، وقوةٌ للقادر المقتدر تُوجب الخوف والإنابة، والتوبة والاستجابة؛ فالذنوب والمعاصي وقساوة القلوب للباري تُغير الحال وتُورث الخوف وسوء المآل، تُبدل الأمن خوفًا، والشِّبع جوعًا، والكساء عُريًا، والأعراض انتهاكًا، والمال سلبًا ونهبًا، والأمن رعبًا، والإيمان كفرًا.

قال -جلَّ وعلا-: (وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُون) [النحل:112].

وقال -سبحانه-: (أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُواْ السَّيِّئَاتِ أَن يَخْسِفَ اللّهُ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُون * أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُم بِمُعْجِزِين * أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرؤُوفٌ رَّحِيم) [النحل:45-47].

أيها الإخوة الأكارم: بوأكم الله أعلى المنازل، وأَجل الغنائم تأملوا هذه الزلازل المفزعة في الثانية الواحدة تُهلك أمة وتُدمر قرية، وتُورث دمارًا، وهلاكًا وفرقة وهذا مما يدل على عظمة العظيم، وقدرة الرب رب العرش الكريم، وفي كل شيءٍ له آيةٌ تدل على أنه واحدٌ؛ فالزلازل والبراكين، والفيضانات والكوارث والهزات من آيات الله الكونية المحسوسة البصرية.

إن بعض الناس يجعل هذه الآيات الكونية ظواهر طبيعية لها أسبابها الرقمية، وأنها لا علاقة لها بالمعاصي الزمانية والمكانية؛ فتجد التحليلات الإعلامية بأنها قشورٌ أرضية كلا بل هي آياتٌ إنذارية، وعِبرٌ وعظية.. وكونها تقع لأسبابٍ معروفة، وتُدرك بحساباتٍ مألوفة، وتُعرف لحالاتٍ محفوفة لا يُخرجها عن قدرة الله المُحكمة، وعن كونها سببٌ للذنوب والمعاصي وعن كونها تخويفٌ وإنذارٌ لكل مذنبٍ عاصي؛ فحدوث الذنوب مؤثرٌ ولا بُد، فذنوبنا ومعاصينا كثيرة، نستغفره ونتوب إليه كبيرًا.

فانظر حالنا مع توحيده، وقوة إيماننا به وتقعيده، وانظر إلى حال الصلوات مع الجُمع والجماعات، وانظر إلى الربا والزنا، والسرقة والخنى، وعبادة الهوى، وسماع المزامير والغناء، ومشاهدة الأفلام الخليعة، والمقاطع السخيفة، والمنتديات والمواقع السافلة، والمسلسلات والمسرحيات الآثمة.

انظر إلى حالنا مع صلة الأرحام، وبر الوالدين، ومع الصدق والوفاء بالوعد، والقيام بالعهد.. انظر إلى تبرج النساء وكشف الحجاب، ولباس النِّقاب والاختلاط، لقد ضُيعت الصلوات، وهُجِرت المساجد، وظهر التطاول على شرع الله، وسب الله ورسوله ومصطفاه، كثر تعاطي الدخان والمخدرات، وحلق اللحى، وشُرب المسكرات، والخلوة بالنساء الأجنبيات، تطاول ناسٌ على العفة والحشمة، والسِّتر والغيرة وإخراج المرأة، فشت الرشوة والغش والتزوير، والغيبة والحسد، والكذب والنميمة، وكذا الإسبال في القميص والثوب والبنطال.

كم نرى من التفريط والإهمال لأوامر الله؛ كالظلم للآخرين، وأكل أموال المسلمين، وإيذاء المؤمنين، والغش والكذب والتدليس في أسواق المسلمين.

وانظر إلى من يظلم الناس والعمال والزوجات، وكذا من يتستر على العمال من المخالفين للأنظمة، فاتقوا الله عباد الله، وانظروا تخطف الناس من حولكم، والكوارث والفتن والمحن في البلاد المجاورة عنكم، فاعلموا أنكم ليس أنكم أفضل منهم إلا بمقدار التمسك بشرع الله، وتحكيم قول الله، وقول رسول الله وتوحيده، والبعد عن المعاصي، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة والنُّصح، والتراحم والتلاحم، والتواصل والتكاتف، والمحبة والتآلف.

قلت ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

إخوتي في الله: إن في حدوث الزلازل والحوادث، والهزات الأرضية والأتربة المرتفعة، والآيات الكونية فيها الدروس والعِبر، والفوائد والعظات والدُّرر؛ فمن الدروس والعبر والفوائد:

أولًا: القدرة الإلهية، والمعجزة الربانية أحاط بكل شيءٍ علمًا وقدرةً وحكمًا وهو على كل شيءٍ قدير.

ثانيًا: ضعف النفوس البشرية، وأنها لا تملك لنفسها نفعًا ولا بلية فهي مملوكةٌ مدبرة لا تدفع شرًّا ولا ترفع أمرًا، لله الأمر من قبل ومن بعد (يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ) [فاطر:15].

ثالثًا: صلاح أحوالنا، وتفقد نفوسنا، ورجوعنا إلى ربنا؛ فليست الحوادث للتسلي، ومجرد أخبارٍ تُنشر وتمضي، وتُرسل وتُقص وتُلصق بقدر ما تجعلنا نرجع ونتوب، ونخلص أنفسنا ونؤوب (وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُم مِّنَ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُون) [الأحقاف:27]. (لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُون) [الأحقاف:27].

ومن الدروس وتهذيب النفوس أمام المصائب (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِير) [الشورى:30] والشعور الإحساس بآثار الذنوب والبأس، والصبر على أقدار الله، والرضا بما قدره وقضاه.

رابعًا: أن كثرة الخبث والشرور والمعاصي تُهلك الداني والقاصي "وَيُبْعَثُون عَلَى نِيَّاتِهِمْ"؛ ففي الحديث أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: "نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الخَبَثُ" وفي الحديث الآخر: "إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْا الظَّالِمَ ثُمَّ لْم يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّه بِعِقَابٍ مِنْ عنده".

ومن هنا تأتي قيمة شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله ومحاربة الفساد والمفسدين، وكشف عوار المنافقين والعلمانيين والمغرضين (وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا) [الإسراء:16].

ومن الدروس والمواقف لكل متعظٍ موالف أن السعيد من وعِظ بغيره؛ فكم نشتغل بغيرنا وننسى أنفسنا؟! كم ننقض غيرنا ونتجاهل عيوبنا؟! فهذه نُذرٌ وعِبر، ودروسٌ ومزدجر (وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا) [الإسراء:59]؛ فهي وإن كانت ليست في بلادنا إلا أنه يجب الدفع والرفع لإصلاح أحوالنا وطاعتنا واستقامتنا.

خامسًا: من الآيات والعظات فعل الطاعات بألوان النوافل والخيرات بما في ذلك الرحمة والعفو والذكر والصدقات؛ فقد جاء عن عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- أنه كان يكتب إلى أمرائه عند وجود الزلزلة أن يتصدقوا.

سادسًا: أخذ الحيطة والعدة قبل المهالك؛ فالحوادث تأتي في ثواني معدودة ولحظاتٍ محدودة، فتقلب الحياة إلى موت، والصحة إلى مرض، وينتقل المرء من حالٍ إلى حال، فخذ أهبتك وزادك واستعدادك.

سابعًا: أن هزة الأرض منذرةٌ ومنبهةٌ لهزة الأرض الأخروية التي تُحي الأموات (إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الإِنسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا * يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُم * فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه) [الزلزلة:1-8].

فلتكن هزة الدنيا حياةً وإيقاظًا لهزة الأخرى، وإذا كان هزةٌ في ثانية أو ثانيتين أو ثوانٍ معدودة أخافت وأقلقت؛ فكيف بزلزلة الآخرة إذا أقبلت؟! (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيم) [الحج:1].

ثامنًا: وكذا فيها أن فيها دليلٌ على قدرة الله على إحياء الأموات؛ فبقدرته يُحي الأحياء، والأموات (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير) [فُصِّلَت:39].

تاسعًا: أن الزلزال نوعان:

زلزال البنية التحتية وتلك زلزلةٌ حسية، وأخرى زلزلةٌ معنوية وهي زلزلة الذنوب والسيئة؛ فإذا كان هذا ضعف الإنسان فالذنوب والعصيان تُزلزل الأرض والبنيان، وتضعف الصحة والأبدان، وتورث الغفلة والنسيان.

وعاشرها وختام مسكها: التوبة والاستغفار (وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُون) [الأنفال:33].