الكريم
كلمة (الكريم) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل)، وتعني: كثير...
العربية
المؤلف | محمد بن مبارك الشرافي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الصلاة |
سَبَقَ لَنَا فِي الْخُطْبَةِ الْمَاضِيَةِ التَّنْبِيهُ عَلَى عَدَدٍ مِنَ الْأَخْطَاءِ التِي تَقَعُ مِنْ الْمُصَلِّينَ، وَفِي هَذِهِ الْخُطْبَةِ -بِإِذْنِ اللهِ- نَذْكُرُ مَجْمُوعَةً جَدِيدَةً مِمَّا يَقَعُ مِنَ الْمُصَلِّينَ؛ وَلَكِنْ قَبْلَ الْبَدْءِ فِي تَعْدَادِ الْأَخْطَاءِ نُذَكِّرُ بِمَا تَكَلْمَّنَا عَنْهُ فِي الْخُطْبَةِ السَّابِقَةِ، وَهِيَ: تَرْكُ الصَّلَاةِ، وتَأْخِيرُهَا عَنْ وَقْتِهَا، والصَّلَاةُ فِي الْبَيْتِ بُدُونِ عُذْرٍ، وعَدَمُ إِحْسَانِ...
الخطبة الأولى:
الحْمْدُ للهِ الذِي فَرَضَ الصَّلَاةَ عَلَى الْعِبَادِ رَحْمَةً بِهِمْ وَإِحْسَانَا، وَجَعَلَهَا صِلَةً بِيَنْهُ وَبَيْنَهُمْ لِيَزْدَادُوا بِذَلِكَ إِيمَانَا، وَأَجْزَلَ لَهُمْ ثَوَابَهَا فَكَانَتْ بِالْفِعْلِ خَمْسَاً وَبِالثَّوَابِ خَمْسِينَ فَضْلَاً مِنْهُ وَامْتِنَانَا، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ خَالِقُنَا وَمَوْلانَا، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَخْشَى النَّاسِ لِرَبِّهِ سِرَّاً وَإِعْلَانَا، الذِي جَعَلُ اللهُ قُرَّةَ عَيْنِهِ فِي الصَّلَاةِ فِنِعْمَ الْعَمَلُ لِمَنْ أَرَادَ مِنْ رَبِّهِ فَضْلَاً وَرِضْوَانَا، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ وَسَلَّم تَسْلِيمَا.
أَمَّا بَعْدُ: فَأُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَنِ، فَمَنِ اتَّقَاهُ هَدَاهُ، وَوَقَاهُ وَحَفِظَهُ وَيَسَّرَ أَمْرَهُ وَشَرَحَ صَدْرَهُ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: سَبَقَ لَنَا فِي الْخُطْبَةِ الْمَاضِيَةِ التَّنْبِيهُ عَلَى عَدَدٍ مِنَ الْأَخْطَاءِ التِي تَقَعُ مِنْ الْمُصَلِّينَ، وَفِي هَذِهِ الْخُطْبَةِ -بِإِذْنِ اللهِ- نَذْكُرُ مَجْمُوعَةً جَدِيدَةً مِمَّا يَقَعُ مِنَ الْمُصَلِّينَ؛ وَلَكِنْ قَبْلَ الْبَدْءِ فِي تَعْدَادِ الْأَخْطَاءِ نُذَكِّرُ بِمَا تَكَلْمَّنَا عَنْهُ فِي الْخُطْبَةِ السَّابِقَةِ، وَهِيَ: تَرْكُ الصَّلَاةِ، وتَأْخِيرُهَا عَنْ وَقْتِهَا، والصَّلَاةُ فِي الْبَيْتِ بُدُونِ عُذْرٍ، وعَدَمُ إِحْسَانِ الْوُضُوءِ، والصَّلَاةُ مَعَ الْإِمَامِ مِنْ خَارِجِ الْمَسْجِدِ، والْخُرُوجُ إِلَى الْمَسْجِدِ غَيْرَ مُتَطَهِّرٍ، والْإِسْرَاعُ فِي الْمَشْيِ إِلَى الْمَسْجِدِ، والْكَلَامُ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ، وعَدَمُ إِحْسَانِ الصُّفُوفِ، وَالصَّلَاةُ عَلَى الْكُرْسِيِّ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، ثُمَّ عَدَمُ إِحْسَانِ وَضْعِ الْكُرْسِيِّ فِي الصَّفِّ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: نَذْكُرُ الآنَ بَعْضَ الْأَخْطَاءِ التِي تَقَعُ مِنَّا فِي الصَّلَاةِ وَنَجْعَلُهَا مُرَقَّمَةً لِيَسْهُلَ ضَبْطُهَا وَيَسْهُلَ مُتَابَعَتُهَا فِي الْخُطْبَةِ؛ فَأَوَّلاً:
عَدَمُ إِحْسَانِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ بِرِجْلَيْهِ أَوْ يَدَيْهِ؛ فَأَكْثَرُ النَّاسِ لا تَسْتَقْبِلُ رِجْلَاهُ الْقِبْلَةَ، بَلْ تَجِدُ إِحْدَى رِجْلَيْهِ مَائِلَةً إِلَى الْيَمِينِ وَالْأُخْرَى إِلَى الْيَسَارِ، وَكَذَلِكَ عِنْدَ رَفْعِ الْيَدَيْنِ تَكُونُ يَدَاهُ مَائِلَتَيْنِ عَنِ الْقِبْلَةِ، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ لا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ لَكِنَّهُ تَقْصِيرٌ ظَاهِرٌ، وَعَدَمُ اكْتِمَالِ اسْتِقْبَالِ الْكَعْبَةِ.
ثَانِيَاً: تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ فِي الْفَرِيضَةِ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فِي الْقِيَامِ؛ وَخَاصَّةً مِمَّنْ هُوَ جَالِسٌ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَإِذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ قَامَ لِيُصَلِّيَ مَعَهُ؛ فَرُبَّمَا اسْتَعْجَلَ وَكَبَّرَ وَهُوَ لَمْ يَسْتَتِمَّ قَائِمَاً، وَقَدْ قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: (وَقُومُوا للهِ قَانِتَين)[البقرة:238]؛ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلاتُهُ فَرِيضَةً.
ثَالِثَاً: عَدَمُ إِحْسَانِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ التَّكْبِيرِ، وهَذَا خَطَأ ٌيَقَعُ فِيهِ كَثِيرٌ مِنَّ النَّاسِ حَتَّى بَعْضُ طَلَبَةِ الْعِلْمِ؛ فَتَجِدَهُ قَبْلَ الصَّلَاةِ قَدْ رَفعَ يَدَيْهِ يَسْتَاكُ أَوْ يُصْلِحُ شِمَاغَهُ، فَإِذَا أَرَادَ الدُّخُولَ فِي الصَّلَاةِ رَفَعَهَا قَلِيلاً ثُمَّ كَبَّرَ، وَهَذَا فِي الْوَاقِعِ تَنْزِيلٌ لِلْيَدَيْنِ وَلَيْسَ رَفْعَاً لَهُمَا، وَالسُّنَّةُ أَنْ تَطْرَحَ يَدَيْكَ أَوَّلاً حَوْلَ جَنْبَيْكَ، ثُمَّ تَرْفَعَهَا وَتُكَبِّرَ؛ لَيَصْدُقَ عَلَيْكَ أَنَّكَ رَفَعْتَ يَدَيْكَ، ثُمَّ إِنَّ مَوَاضِعَ رَفْعَ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ أَرْبَعَةٌ: عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَعِنْدَ الرُّكُوعِ وَعِنْدَ الرَّفْعِ مِنْهُ وَبَعْدَ الْقِيَامِ مِنَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- فِي الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ.
رَابِعَاً: عَدَمُ تَحْرِيكِ الشَّفَتَيْنِ عِنْدَ الْقِرَاءَةِ، وَهَذِه كَارِثَةٌ، وَلا تَصِحُّ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ أَنْ يَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ وَغَيْرَهَا مِمَّا يَكُونُ فِي الصَّلاةِ، وَالْقَرَاءَةُ لا تَكُونُ إِلَّا بِتَحْرِيكِ اللِّسَانِ وَالشَّفَتَيْنِ، وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ بِالْقَلْبِ فِي الصَّلَاةِ فَلا تَصِحُّ، وَلِذَلِكَ يَجِبُ عَلَى الْمصَلِّينَ وَخَاصَّةً الشَّبَابَ.
خَامِسَاً: عَدَمُ اسْتِقَامَةِ الظَّهْرِ عِنْدَ الرُّكُوعِ، وَهَذَا قَدْ يَؤُدِّي إِلَى بُطْلَانِ الصَّلَاةِ إِذَا لَمْ يَحْنِ ظَهْرَهُ حَتَّى يَكُونَ عَلَى هَيْئَةِ الرُّكُوعِ، وَالسُّنَّةُ أَنْ يَهْصِرَ ظَهْرَهُ وَيُقِيمَهُ، وَيَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ مُفَرَّجَتَيِ الْأَصَابِعِ.
سَادِسَاً: عَدَمُ السُّجُودِ عَلَى الْأَعْضَاءِ السَّبْعَةِ؛ فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ: عَلَى الْجَبْهَةِ وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى أَنْفِهِ وَالْيَدَيْنِ، وَالُّركْبَتَيْنِ، وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ"(مُتَّفَقٌ عَلَيْه)ِ.
وَبَعْضُ النَّاسِ يُخِلُّ بِهَذَا، إِمَّا بِرَفْعِ رِجْلَيْهِ أَوْ يَدَيْهِ وَخَاصَّةً فِي السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ، وَهَذَا مُبْطِلٌ لِلصَّلَاةِ.
سَابِعَاً: عَدَمُ إِحْسَانِ وَضْعِ الرِّجْلَيْنِ عِنْدَ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ أَوْ فِي التَّحِيَّاتِ، وَالسُّنَّةُ الافْتِرَاشُ؛ بِأَنْ تَفْرِشَ قَدَمَكَ الْيُسْرَى وَتَجْلِسَ عَلَيْهَا، وَتَنْصِبَ قَدَمَكَ الْيُمْنَى، وَفِي التَّشَهُّدِ الثَّانِي تَتَوَرَّكُ؛ بِأَنْ تَنْصِبَ الرِّجْلَ الْيُمْنَى وَتُخْرِجَ الْيُسْرَى مِنْ تَحْتِهَا؛ فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَكَ ذَلِكَ -بِسَبَبِ الزِّحَامِ أَوْ غَيْرِهِ- فَافْتَرِشْ حَتَّى فِي التَّشَهُّدِ الثَّانِي.
ثَامِنَاً: رَفْعُ الْيَدَيْنِ ثُمَّ مَسْحُ الْوَجْهِ بَعْدَ رَفْعِ الْيَدَيْنِ مِنَ الرُّكُوعِ؛ فَتَجِدَ بَعْضَ النَّاسِ إِذَا رَفَعَ مِنَ الرُّكُوعِ رَفَعَ يَدَيْهِ عَلَى هَيْئَةِ الدَّاعِي، ثُمَّ حَمِدَ اللهَ ومَسَحَ يَدَيْهِ، وَلا شَكَّ أَنَّ هَذَا غَلَطٌ وَمُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ، وُرُبَّمَا يَدْخُلُ فِي الْبِدْعَةِ إِذَا اسْتَمَرَّ عَلَى ذَلِكَ، وَالسُّنَّةُ إِذَاً فِي الرَّفْعِ مِنَ الرُّكُوعِ: أَنْ تَرْفَعَ يَدَيْكَ حَذْوَ مَنْكِبَيكَ ثُمَّ تَرُدُّهُمَا عَلَى صَدْرِكَ.
تَاسِعَاً: مِنَ الْأَخْطَاءِ الشَّائِعَةِ: كَثْرَةُ الْحَرَكَةِ فِي الصَّلَاةِ؛ إِمَّا بِالْجِسْمِ بِالْمَيَلَانِ يَمْنَةً وَيَسْرَةً أَوْ بِالْعَبَثِ فِي الْمَلَابِسِ؛ وَلاسِيَّمَا الشِّمَاغَ وَالْعِقَالَ، وَهَذَا مُنْقِصٌ لِلْأَجْرِ؛ فَإِنْ كَثُرَ وَتَوَالَى فَقَدْ تَبْطُلُ الصَّلَاةِ.
عَاشِرَاً: عَدَمُ الطُّمَأْنِينَةِ فِي الْأَرْكَانِ، وَلْيُعْلَمَ أَنَّ الْخُشُوعَ فِي الصَّلَاةِ هُوَ لُبُّهَا، وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ طُمَأْنِينَةِ الْقَلْبِ لِلصَّلَاةِ وَرَاحَتُهُ بِهَا، وَقَدْ جَعَلَ اللهُ الْخُشُوعَ فِي الصَّلَاةِ أَوَّلَ صِفَاتِ الْمُؤْمِنِينَ حِينَ ذَكَرَ صِفَاتِهِمْ، قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ)[المؤمنون:1-2].
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِلرَّجُلِ الذِي لَمْ يَطْمَئِنَّ فِي صَلَاتِهِ: "ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ"(مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)، فَعَلَ ذَلِكَ مَعَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَطْمَئِنَّ فِي صَلَاتِهِ.
وَبَعْضُ النَّاسِ يَشْتَكِي أَنَّهُ لا يَرْتَاحُ فِي الصَّلَاةِ، بَيْنَمَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ"(رَوَاهُ أَحْمَدُ وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ)، وَيَقُولُ: "أَقِمِ الصَّلَاةَ يَا بِلَالُ أَرِحْنَا بِهَا"(رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ).
وَالْجَوَابُ هُوَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: فَأَنْتْ لا تَخْشَعُ فِي صَلاتِكَ وَلا تَطْمَئِنُّ فِيهَا؛ وَلِذَلِكَ لَمْ تَجِدْ لَذَّتَهَا.
أُقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم.
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
الْحَمْدُ للهِ الذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمْ عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى الرَّسُولِ مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَلِمَنْ هُدَاهُ تَعَلَّم!
أَمَّا بَعْدُ: فَالْحَادِي عَشَرَ مِنَ الْأَخْطَاءِ فِي الصَّلَاةِ: رَفْعُ الْبَصَرِ فِي الصَّلَاةِ، وَهَذَا خَطَأٌ عَظِيمٌ وَخَطرٌ كَبِيرٌ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ لَا تَرْجِعَ إِلَيْهِمْ"(رَوَاهُ مُسْلِمٌ).
الثَّانِي عَشْرَ: الْمُرُورُ بَيْنَ يَدِيِ الْمُصَلِّي، وَهَذَا أَمْرٌ مُحَرَّمٌ بَلْ قَدْ وَرَدَ فِيهِ حَدِيثٌ شَدِيدٌ؛ فَعَنْ أَبِي جُهَيْمٍ بْنِ الْحَارِثِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَوْ يَعْلَمُ المَارُّ بَيْنَ يَدَيِ المُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ، لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ"(مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
ثُمَّ هُنَا نَقُولُ: إِنْ كَانَ الْمُصَلِّي بَيْنَ يَدَيْهِ سُتْرَةٌ مِنْ جِدَارٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلا يَجُوزُ الْمُرُورُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، وَأَمَّا إِنْ لَمْ يَكُنْ أَمَامَهُ شَيْءٌ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ إِلَّا مِقْدارَ مَوْضِعِ سُجُودِهِ، وَلَكَ أَنْ تَمُرَّ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ.
وَكَذَلِكَ نُنَبِّهُ أَنَّهُ لا فَرْقَ بَيْنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَغَيْرِهِ مَنَ المسَاجِد، وَهَذَا هُوَ قَوْلُ جُمُهُورِ الْعُلَمَاءِ؛ خِلَافَاً لِمَنْ يَظُنُّ أَنَّهُ يَجُوزُ فَإِنَّهُ قَوْلٌ دَلِيلُهُ ضَعِيفٌ، وَاخْتَارَ هَذَا الْقَوْلَ شَيْخُنَا الْعَلَّامُةُ مُحَمَّدُ الْعُثَيْمِين -رَحِمَهُ اللهُ-.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَأَمَّا الْخَطَأُ الثَّالِثَ عَشَرَ فَهُوَ: مُسَابَقَةُ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ أَوِ السُّجُودِ أَوْ غَيْرِهِمَا، وَهَذَا وَرَدَ فِيهِ الْوَعِيدُ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أَمَا يَخْشَى أَحَدُكُمْ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ، أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ، أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ صُورَتَهُ صُورَةَ حِمَارٍ"(مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
وَمِنْ ذَلِكَ الاسْتِعْجَالُ فِي السَّلامِ؛ فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُسَلِّمُ مَعَ الْإِمَامِ وَمِنْهُمْ مَنْ يُسَلِّمُ بَعْدَ تَسْلِيمِ الْإِمَامِ التَّسْلِيمَةَ الْأُولَى، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُومُ يَقْضِي صَلَاتَهُ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ الْإِمَامُ التَّسْلِيمَتَيْنِ، وَكُلَّ ذَلِكَ خَطَأٌ؛ لِأَنَّ الْمَشْرُوعَ فِي حَقِّ الْمَأْمُومِ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ ، وَذَلِكَ لا يَكُونُ إِلَّا إِذَا أَتَى بِالْحَرَكَةِ بَعْدَ أَنْ يُتِمَّهَا الْإِمَامُ، فَانْتَظِرْ لا تُسَلِّمْ وَلا تَقُمْ لِقَضَاءِ صَلاتِكَ إِلَّا بَعْدَ أَنْ يَخْتِمَ الْإِمَامُ التَّسْلِيمَتَيْنِ كِلَيْهِمَا.
الرَّابِعَ عَشَر: تَحْرِيكُ الْكَفَّيْنِ عِنْدَ السَّلَامِ أَوْ رَفْعُهُمَا عِنْدَ إِرَادَةِ التَّسْلِيمِ مِنَ الصَّلَاةِ، وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ عَنْ ذَلِكَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "مَا لِي أَرَاكُمْ رَافِعِي أَيْدِيكُمْ كَأَنَّهَا أَذْنَابُ خَيْلٍ شُمْسٍ؟ اسْكُنُوا فِي الصَّلَاةِ"(رَوَاهُ مُسْلِم). وَالْعَمَلُ هُنَا أَنَّكَ لا تُحَرِّكْ يَدَيْكَ عِنْدَ السَّلَامِ بَلْ تُحَرِّكْ وَجْهَكَ يَمِينَاً وَشَمَالاً قَائِلَاً: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهُ، لِلْجِهَتَيْنِ.
الْخَامِسَ عَشَر وَالْأَخِيرُ: عَلَيْكَ أَنْ تُغْلِقَ جَوَّالَكَ إِذَا أَرَدْتَ الصَّلَاةَ، ثُمَّ لُوْ قُدِّرَ أَنَّكَ نَسِيتَهُ ثُمَّ (رَنَّ) فِي الصَّلَاةِ فَلا تَتْرُكْهُ يُزْعِجُ الْمُسْلِمِينَ، بَلْ أَغْلِقْهُ؛ وَلَوِ اسْتَدْعَى ذَلِكَ أَنْ تُخْرِجَهَ وَتَنْظُرَ إِلَيْهِ لِتَفْتَحَهُ ثُمَّ تُغْلِقَهُ.
اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنِ اسْتَمَعَ القَوْلَ فَاتَّبَعَ أَحْسَنَه، اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ.
اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ أَحْيِنَا مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْرًا لَنَا وَتَوَفَّنَا إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لَنَا.
اللَّهُمَّ إِنِّا نَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَكَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الغَضَبِ والرِّضَا، وَنَسْأَلُكَ القَصْدَ فِي الفَقْرِ وَالغِنَى، وَنَسْأَلُكَ نَعِيمًا لَا يَنْفَدُ وَقُرَّةَ عَيْنٍ لَا تَنْقَطِعُ وَنَسْأَلُكَ الرِّضَا بَعْدَ الْقَضَاءِ وَنَسْأَلُكَ بَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَنَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ وَنَسْأَلُكَ الشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الإِيمَانِ وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ.
وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ وَالْحَمْدِ للهِ رَبِّ العَالَمِينْ.