العربية
المؤلف | عبد المحسن بن عبد الرحمن القاضي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | فقه النوازل - الأديان والفرق |
بلادنا مستهدفة في دينها وعقيدتها وشبابها ونسائها وأرضها وقيمها؛ فقد غاظهم اجتماعَ الكلمة والطاعة لولاة أمرها، والسماعَ لعلمائها، وأننا جمعنا بين التطوّر والتحديث، وحافظنا على القيم والتوحيد -بحمد الله- من خلال مناهج تعليم نقيّة مستمدّة من الكتاب والسنة؛ فهنا أرضُ الحرمين الشريفين قبلةُ المسلمين...
الخطبة الأولى:
الحمدُ لله وليِّ الصّالحين ومغيث المضطرين، وأشهد أن لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريك له إله الأوّلين والآخرين، وأشهد أنّ نبيّنا محمّدًا عبده ورسوله سيّد الخلق أجمعين، صلِّى الله وسلِّم وبارك عليه وعلى آله وأصحابِه والتّابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين وسلم تسليماً..
أما بعد:
فيا عباد الله: اتقوا الله -تعالى-، واعلموا أن التمسُّكَ بالسنةِ والمنهجِ الصحيح نجاةٌ من الفتن، وسببٌ للأمن، وجمعٌ للكلمة على توحيد الله -عز وجل-، واتباعُ رسوله -صلى الله عليه وسلم-.
والتوحيدُ في الأديان والأمنُ في الأوطان من أجلِّ نعم الله على البلدان امتنَّ الله بها وجعلَ سبَبَها الإيمان (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمْ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ)[الأنعام:82]، والمحافظةُ على القيم والأخلاق سببُ نهضةِ الأمم وعزِّها وحضارتها ورِضَى الله عن عبادِه المؤمنين.. أمَّا تسلّط الأعداءِ فابتلاءٌ من ربِّ العالمين يدعونا للحفاظ على الدين وأهمية التمسك باجتماع كلمة المسلمين..
أيها الإخوة: بلادنا مستهدفة في دينها وعقيدتها وشبابها ونسائها وأرضها وقيمها؛ فقد غاظهم اجتماعَ الكلمة والطاعة لولاة أمرها، والسماعَ لعلمائها، وأننا جمعنا بين التطوّر والتحديث، وحافظنا على القيم والتوحيد -بحمد الله- من خلال مناهج تعليم نقيّة مستمدّة من الكتاب والسنة؛ فهنا أرضُ الحرمين الشريفين قبلةُ المسلمين تعلنُ منهجَها شريعةَ ربِّ العالمين ورايتُها توحيدٌ ودين.. توجّه إليها الحاقدون المتربصون بعد أن عاثوا فساداً وتفريقاً في بلاد المسلمين حتى خرّبوا أمنها وأفسدوا قيمها إلا من رحم الله من شعوب محافظة آمنت بربّها واعتزت بدينها.. وحافظت رغمَ العنت على قيمها.. نسأل الله أن يديم علينا وعليهم الأمن والإيمان..
أيها الإخوة: استعمارٌ بغيض سيطر على كثيرٍ من بلدان المسلمين خرج صاغراً بعد أن رأى من الجميع بغضَه والدماءَ التي أريقت لأجله، لكنّه وضعَ بصمةً له بعد خروجه عبر عصبيةٍ منافقة تستمرّ بمؤامراته أو فرقةٍ رافضة استطاعوا عبر ثورة مزعومة قبل أربعين سنة في إيران أن يظهروها ثم يُصدّروها للعالم الإسلامي باسم الدين وشيوخ الملالي وعمائمهم تحت غطاء سكوت الصهاينة عنهم ومجاملة الدول الكبرى لهم، وانغشَّ بعض الناس بهم، ونسي الأغلبيةُ تاريخَهم في خيانة المسلمين وهدم الإسلام، وأن خلاف العقائد لا يمكن التهاون به معهم!!
فشرّهم عظيمٌ خلالَ عقودٍ من الزمان يدّعون بها العداءَ لليهود والنصارى وهم في الباطن متفقون معهم منفذون لمؤامراتهم يُغذون التطرّف والإرهاب العالمي ويؤسِّسون منظماتٍ أفسدت في جميع بلاد المسلمين، والعجب أن إيران سلمت من تفجيرات هؤلاء المتطرفين، بدأوا بالعراق فأفسدوه، وأوجدوا عملاءهم بلبنان فخرّبوه! توجّهوا بمذهبهم الفاسد شرقاً وغرباً فصدّروه.. اتفقوا مع حاكم نصيري في الشام فدمّروه، ودّبروا المؤامرات على الخليج حتى خالفوا الكلمة بين أهله وجعلوا أتباع مذهبهم المتطرفين موالين لهم.. فريضةُ الحج عبادةٌ سيَّسُوها وفجّروا فيها والإسلام شوَّهوه، ثم جاؤوا لليمن السعيد فأشقْوه..
إنهم باختصار شيعة رافضة علوية إسماعيلية اثني عشرية تعدَّدت الأسماءُ والفكر الباطني واحد تأسس في خلافة عثمان هدفه إثارة الفتن، ثم سوّق له العبيديون الفاطميون فنشروه، ثم كانوا خنجراً في خاصرة المسلمين وولاءً للأعداء الكافرين.. تسبّبوا بإسقاط الخلافة العبّاسية.. ثم جاء الصفويون إلى إيران فكانوا خنجراً في خاصرة الخلافة العثمانية عوناً للعدو وعدوَّاً للمسلمين ليس عداوةً ظاهرةً وإنما خيانة ونفاق.. ومكرٌ يعيش بالفتن ويُحيها ويتغذّى بها يُسالم تارة ويتستر بالتُقيْة ويناورُ أخرى فيُحدث فتنة وأهمُّ عدوٍّ أمامه أهلُ السنة وأعيادهم ومناسباتهم..
فكرٌ أسسّه عبد الله بن سبأ اليه،ودي ثم نشرَ ضلالته الفاسدة، ولعبَ بعقول العامة بالبدع وقصص موهومة، وادّعاء حب آل البيت وكره عموم المسلمين، واللعن والشتم للصحابة وأمهات المؤمنين، والشرك بالأئمة والغلوّ بهم والارتباط بالمجوسيّة والولاء لهم يشهد لذلك تاريخهم..
سلم اليهود الغاصبين لفلسطين منهم كل هذه السنين وبلا توّرع وبمؤامرة آذوا سنّة المسلمين يُحدثون الفتن ويؤلبون.. ويؤثِّرون على الأقليات؛ ليثورون ويفسدون ولأموالهم بالدعم للباطل يُسخّرون.. آخرها هجمات صواريخ إيرانية الصنع على مدننا الآمنة من جبناء الحوثيين، ووصل عددها حتى الآن أكثر من مائة صاروخ، أرادوا بها الإفساد والتدمير، ولم يتورعوا حتى عن إطلاقها لاستهداف للحرمين (قَاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ)[المنافقون:4].
انظروا كيف عداوتهم لأهل السنة في العراق وسوريا ولبنان حتى لم يوجد مسجد جامع واحد لأهل السنة في طهران؛ لأن هؤلاء ينطلقون من عقيدة مستحكمةٍ في عقولهم وقلوبهم مبنيّة على الحقد والسب والشتم وهي تحركهم حتى العقلاء منهم ليس لهم وزن عندهم ويحاربونهم وربما قتلوهم، ولنعلم أن أعظم سلاحٍ نقاومهم به هم ومن أشبههم هو منهج الأنبياء والمرسلين؛ بترسيخ عقيدة ربِّ العالمين وتمكينها في نفوس العالمين؛ فالدين والعلم والقيم سببُ قوةٍ وتمكين للأمم مع جمعِ الكلمة ونبذ الخلاف؛ لنكون إخوةً متراصيّن كصفٍ مرصوص البنيان متماسكين نَحذَرُ المنافقين ممن يريدون إضاعة القيم وتحريف الدين والمجاهرة بالمنكرات والاستهانة بحماية الأوطان ونصرة المسلمين.
أيها الإخوة: إننا نحمد الله -تعالى- على فضله ومنته بحماية اليمن المبتلى وهذه البلاد من شرهم، وإلى الله المفزع والمشتكى، ونشكر جنودنا بالجيش والأمن؛ عيونهم ساهرة لمكرهم هم وغيرهم إنهم جنود جيشنا الأبطال؛ نرى عزائمهم في نصرة بلادهم وحمايتهم فنفرح، ونرى حرصهم على دينهم وصلاتهم بالجبهات فنسعد. هؤلاء الجنود الأبطال من أسرٍ ربتهم على الدين والحميّة للوطن، ومناهج تعليم درسوها لم تُلوّثْ أفكارهم وإنما علّمتهم أن مهمتهم شريفة بالدفاع عن دينهم وأوطانهم، ولا أقلَّ من أن ننصرهم بما نستطيع، ونتعاطف معهم بالشعور بأهمية المرحلة والجدّية معها بدلاً من اللهو والغفلة الذي يُخذِّلهم..
التقيت بأحد جنودنا بالجيش قبل يومين فرأيت حماسهم في الدفاع عن دينهم وحماية بلدهم فعلمت أننا بخير.. نعم بخير -بإذن الله- إذا كفانا الله من يُشكِّكُ بهم، ويلهو ويغني ويرقص ويلعب ولا يُقدّرُ جهدهم!! ويجب أن ندركَ النعمة العظيمة من الله الذي أبطل كيد العدوِّ، وأن ننتبه من عقوبة الله لكل من خالف أمره واستخف بالمنكر وجاهر بمعصيته؛ فذلك -والله- سببٌ لعقوبة الله وغضبه.
عباد الله: إن تسلَّط الرافضة والحوثيين ومؤامراتهم واجتماعاتهم علينا -رغم اختلافهم فيما بينهم- يدعونا -جميعاً- بإدراك أهميّة المرحلة ومتطلباتها؛ بالاتحاد والتحالف بيننا دولاً وشعوباً؛ فالمؤامرة على أهل السنة عظيمة، والغفلة عنها شنيعة، والانشغال باللهو ليس هذا وقته! علم قادتنا ذلك فأقاموا تحالفاً مباركاً -بإذن الله- لمقاومة هذا الامتداد الرافضي لحماية بلدان المسلمين التي لعب بها الرافضة منهجاً ودولاً!! شاركونا إخواننا المسلمين هذا التحالف؛ لعلمهم بحجم المؤامرة..
واعلموا -إخوتي- أن الثقة بالله تعني الاتكال عليه والاعتصام به؛ بتطبيق أمره واجتناب نهيه، ثم حمده وشكره على ما أنعم به وتفضل؛ فنحن بالله وعلى الله الذي هدانا وحمانا وأمَّننا وهيَّأ لنا -سبحانه- تقنيةً، ورجالاً حماةً يقظين يقومون بواجبهم على الحدود، وأمام هذه الهجمات الصاروخية، فكان توفيق الله لهم عظيماً، وكان ضررها بحمد الله يسيراً.. وتخيلوا بحجمها الذي رأيناه لو سقطت كيف سيكون ضررها؟! لو وقعت على البيوت الآمنة ليلاً؟!؛ فالحمد لله أولاً وأخيراً، والشكر لجنودنا البواسل كثيراً، ثم تذكروا وأنتم ترونها -أحبتي- إخوةً لكم مسلمون ينامون ويصبحون الآن وهذه الصواريخ الرافضيّة والبراميل المتفجرّة تدك بيوتهم في العراق وبعدَه بالشام يُعينُهم فيها روسٌ حاقدون ويسكتُ عنها عَالَم متخاذلون.. وكأن هذه الدماء المراقة وموت الأطفال والنساء لا يهمّهم.
فاللهم كن للمستضعفين من المسلمين ويا ألله كن لبلادنا ولإخواننا وجنودنا ناصراً ومعيناً ومؤيداً وظهيراً.. اكفنا شرّ كلِّ متآمر على بلادنا وعلى المسلمين.. ورّدنا إلى الحقِّ أجمعين واجعلنا هداةً مهتدين غير ضارين ولا مُضلين يا رب العالمين.
الخطبة الثانية:
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده، وبعده:
أيها الإخوة المؤمنون: بعد أنْ استعرضنا هذا التاريخَ المظلَمَ والمذهبَ الضالَ لهؤلاءِ الرافضةِ نسأل الله أن يردَّهم إلى الحقِّ وحوزةِ الإسلامِ والمسلمينَ بعدّ كُلِّ ذلكَ لا نَستَغرِبُ إذنْ ما يفعلهُ الحوثيون الآن في اليمنِ بعد ارتباطهم العقديِّ والمذهبيِّ بدولتهم الأم إيران منهم زيدية تحولوا بعد ثورة إيران إلى الإمامية الإثني عشرية، فأصبح ولاؤهم كله لإيران، ومرجعياتهم الضالة كما هو حال أشباههم في جميع مواقع تجمعاتهم؛ فولاؤهم ليس لبلدانهم وإنما لدولة إيران، وإذا عرفنا ذلك لا نستغرب تصرفاتهم على إخواننا وجيراننا باليمن الذي يعاني الآن بشدّة (إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً * فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوّاً غَفُوراً)[النساء:98-99]؛ فنصرتنا لهم واجبة فنحن وأهل اليمن أهل وإخوان، وما فعله الحوثيون بهم عبر السنين مكرٌ وعدوان؛ فالحكمة يمانية والإيمان يمان..
نسأل الله أن يحفظ بلادنا واليمن وسائر بلاد المسلمين، وأن يكفينا شرّ هؤلاء المعتدين الحوثيين.. كما أنه واجبٌ علينا محاولةُ دعوتِهم لنبذِ ضَلالِ مَذهبهم، وكَشفِ شُبههم لعامَتِهم الذينَ يُستغلُّون بالخرافاتِ والأكاذيبِ والأَحزانِ والبدعِ في مُمَارسةِ شَعائِر مذهَبِهِم في كل مكان؛ فواجبٌ حسنُ البيان، وهؤلاء بما يعتقدونه مواطنين وجيران يعيشون بيننا شئنا أم أبينا؛ فالقيام بدعوتهم واجب مع توضيح الحقِّ لهم، وعدم استعداءِ العاقلِ منهم حتى لا يستطيعَ العدوُّ الماكرُ وبوسائلِه استغلالَهم والتغريرَ بهم..
نسأل الله أن يوفقهم للهداية، وينفع بالجهود ويَهديَ ضالَّ المسلمين..
اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح ولاة أمورنا، وارزقهم البطانة الصالحة يا رب العالمين!
اللهم ومن أرادنا وأراد بلادنا وأمننا وقادتنا والمسلمين بسوء فأشغله بنفسه، واجعل كيده في نحره يا رب العالمين!
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد..