العزيز
كلمة (عزيز) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) وهو من العزّة،...
العربية
المؤلف | صالح بن عبد الله بن حميد |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | المعاملات |
ومن أهم الميادين التي يتجلي فيها ذلك كله ميادين تبادل المنافع والمعاوضات والعقود والمعاملات، مما لا يستغني به الناس في مهنهم وحرفهم ومكاسبهم وتدبير معاشهم، والتجارات والمعاملات والمبايعات والمنتجات والمصنوعات فيها أبواب عظيمة من أبواب الظلم والتظالم وأكل أموال الناس بالباطل؛ ومن أجل هذا كان منع الظلم فيها وتحريمه من أعظم مقاصد الشريعة؛ فالتجار فُجَّار إلا من بر وصدق ..
الحمد لله عنده خزائن السموات والأرض وبيده مفاتيح الفرج، أحمده حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، عدد ما ذرأ وبرأ، وعدد ما على هذا الكون درج.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، قامت على وحدانيته البراهين والحجج، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبد الله ورسوله، جاء بالحنيفية السمحة، فليس في هذا الدين حرج، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه الغر الميامين، نشروا أعلام الملة وفدوا هذا الدين بالمهج، والتابعين ومن تبعهم بإحسان ممن صلى وصام وأدى زكاة ماله وحج، وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فأوصيكم -أيها الناس- ونفسي بتقوى الله –عز وجل– فاتقوا الله –رحمكم الله–: (وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ...) [البقرة:281].
لم يتعظ مَنْ أحسن الظن بالأيام، والحر يكفيه الملام، والألم محمود إذا كان طريقًا إلى العافية، والصحة مذمومة إذا كانت سبيلاً إلى العلة، كم من لذة ساعة أورثت غمًّا طويلاً، لا ينفع الاعتبار إذا أدارت المنون رحاها، ومن اطمأن إلى السلامة فليتذكر العطب، ومن طاب له الأمن فليتذكر المخاوف: (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ) [الزمر: 9].
أيها المسلمون: قضت سنة الله –عزّ شأنه– أن الإنسان لا يستقل في تدبير معاشه وتحصيل حاجاته، بل هو محتاج إلى إخوانه، وإخوانه محتاجون إليه في عمرانهم ومعاشهم وسائر شؤونهم، وحاجاتهم جميعًا تتوفر بتعاونهم وبذل جهودهم وإتقانهم أعمالهم وإجادتهم صنائعهم وتدبير تجارتهم وحسن تصرفاتهم.
وحياة الناس لا تقوم إلا بالعدل والرحمة والإحسان؛ فالعدل واجب في جميع الأحوال، والظلم لا يباح بحال، والعدل أصل الصلاح، والظلم جرثومة الفساد، تقوم بذلك مصالح العباد في المعاش والمعاد، ومن أجل هذا فقد نظم الشرع المطهر للناس ما يكفل الحياة الطيبة والعيش الكريم.
معاشر المسلمين: ومن أهم الميادين التي يتجلي فيها ذلك كله ميادين تبادل المنافع والمعاوضات والعقود والمعاملات، مما لا يستغني به الناس في مهنهم وحرفهم ومكاسبهم وتدبير معاشهم، والتجارات والمعاملات والمبايعات والمنتجات والمصنوعات فيها أبواب عظيمة من أبواب الظلم والتظالم وأكل أموال الناس بالباطل؛ ومن أجل هذا كان منع الظلم فيها وتحريمه من أعظم مقاصد الشريعة؛ فالتجار فُجَّار إلا من بر وصدق.
وقد قال أهل العلم: ترك الناس يجرون في بيعهم ومعاملاتهم على ما يريدون يؤدي إلى الإضرار بمصالح العامة وحقوق الآخرين.
فترى هذا يزيد في السعر بغير ضابط، وذاك يحتكر من غير رادع، والآخر يعبث بالصفات والشروط من غير وازع، ويقع الناس في الشطط والتظالم فيفشو الغش والغبن الفاحش والتدليس والميسر والقمار والربا والغرر والمغالاة في الأسعار مما يوقع في العداوة والبغضاء، وينشر التزوير والفحشاء، ويثير النزاع والخصومات، ويغرس الحقد والضغينة ويوقع في الحرج والمشقة.
عباد الله:
إذا كان الأمر كذلك فإن حماية الناس من التظالم وفساد البضائع ونقصها وضبط أسعارها وتنظيم العقود وشروطها مسؤولية الجميع، من التاجر والصانع والمشتري والمستهلك والوسيط والسمسار والدولة وأجهزتها.
إن من أعظم أسباب الصلاح والإصلاح معرفة الحقوق والمحافظة عليها، والمسؤوليات والقيام بها، من صلاح المجتمع وصلاح المال وصلاح الاقتصاد وصلاح النفوس وتحقيق الرضا والطمأنينة والأمن النفسي والاجتماعي والعيش الكريم.
الجميع يساعد الجميع، والجميع يراقب الجميع، والكل يحفظ الكل في حضوره وفي غيبته.
معاشر الأحبة: أما المشتري والمستفيد والمستهلك فمن مسؤوليته ترشيد تصرفاته في الإنفاق وفي شراء ما يحتاجه، فمن اشترى ما لا يحتاج فقد تعدى على حقوق نفسه، ومن مسؤوليته أن يحسن جمع المال ويرتب صرفه ويحسن تدبير معاشه، مسترشدًا بقول الله –عزّ شأنه-: (وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَّحْسُوراً) [الإسراء: 29]، وقوله -عزّ شأنه-: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً) [الفرقان: 67]، وقوله -سبحانه-: (ليُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً) [الطلاق: 7].
ومن الترشيد أن تدرك الأسرة أن التسوق حاجة تقدر بقدرها وليس متعة أو نزهة، وإن وجد فيه شيء من متعة أو نزهة.
وفي هذا يجب أن يحفظ المسلم وقته وماله، فلا يضيعه في التسكع في الأسواق ويصرفه فيما نفعه قليل أو ما لا نفع فيه ولا حاجة إليه، ومن مسؤوليته أن ينظر في السلع وأسعارها وأوصافها وسلامتها وصلاحيتها ومصدرها وكل ما يعود عليه بالنفع والطمأنينة وحسن التصرف وحسن الاختيار، وليكن صاحب الحاجة على درجة من اليقظة والتنبه والإدراك ليعرف ما ينبغي معرفته، فلا ينساق وراء الإغراءات الإعلانية والتزويقات التسويقية.
إن من حق المستهلك الحصول على احتياجاته ومطالبه العادلة غير المسرفة ولا المنقوصة، وحق فرص الاختيار وسلامة السلع والمنتجات، ومما يلحظ أن بعضهم مقصر في معرفة حقوقه وطرق تحقيقها وحمايتها والمطالبة بها، ومن هنا فإن من مسؤوليته أن يتعاون مع الجهات المسؤولة عامة أو خاصة لمعرفة حقوقه ومنع ما ينقصها أو يمنعها أو يضرها.
معاشر الأحبة: أما التاجر الصدوق والصانع الأمين فلا يقدمان على غمط حقوق إخوانهم من المشترين والمستفيدين، على التاجر وإخوانه من الباعة والصناع والمنتجين أن يعلموا أن حفظ حقوق الناس في معاشهم هو رفق للجميع في كسب حلال وربح حلال وعلاقات بين الجميع طيبة، شعارها الحب والمودة، ودثارها الصدق والإخلاص.
على التاجر والمعلن والسمسار والمسوق وأرباب الصنائع مراقبة الله وخشيته، والتزام الصدق والبر فيما يقدمونه للناس؛ فـ"التاجرُ الصَّدُوقُ يُحْشَرُ معَ النَّبِين والصِّدِّيقِين والشُّهداءِ والصَّالِحِين". رواه ابن ماجه بسند حسن. و"البيِّعَانِ بالخيَارِ مَا لم يتفرَّقا، فإنْ صَدَقَا وبَيَّنَا بُورِكَ لهما في بيعِهِمَا، وإنْ كَذَبَا وَكَتَمَا مُحِقَتْ بَرَكةُ بيعِهِمَا". متفق عليه.
يجب إعطاء المعلومات الصحيحة المفصلة عن البضائع والمنتجات، وكل ما يضمن السلامة والصحة والمنفعة ويجنب الضرر والظلم والمغالاة في الأسعار. يجب اجتناب كل ما فيه تضييق على الناس في معاشهم، ويجب اجتناب الانتهاز الظالم للفرص والابتزاز في الأموال والحقوق.
إن نهج شرعنا في ذلك ظاهر في حفظ حقوق الناس وضبط الأسعار وترك الحرية للناس في الاختيار والنظر والفحص؛ فقد نهى نبينا محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- عن تلقِّي البيُوع وتلَقِّي الرُّكبَان وتَلَقي السِّلَع حتى يُهبَطَ بها في الأسْوَاق. متفق عليه. ولفظ مسلم: "لا تلَقَّوْا الجالب؛ فمَنْ تلقَّاهُ فاشْترَى منه فإذا أتى سيده في السوقِ فهو بالخيَار". والمراد بالركبان كل سلعة قادمة بأي وسيلة من البر أو البحر أو الجو، كل ذلك مراعاة لمصلحة الجالب وأهل البلد.
"ومَنْ احْتكَرَ على المسلمين طعامَهُم ضَربَه الله بالجذامِ والإفْلاس". أخرجه ابن ماجه، قال المنذري: وإسناده جيد متصل، ورواته ثقات.
فالجالب مرزوق، والمحتكر ملعون، ولو تبصر هذا المحتكر وهو يتربص السوء بالناس ينتظر شدة حاجتهم ليسوق بضاعته، لو تبصر في نفسه كم فيه من الغلظة والقسوة والظلم لنفسه ولإخوانه، يختزن ما عنده ويحبسه ليتربص الغلاء في أقوات إخوانه وحاجاتهم؛ فكسبه حرام وعمله حرام.
فضلاً عن أنواع الغبن والتدليس والغش والعيب في السلع، وفي الحديث: "من غشَّنا فليْسَ منَّا". وفي رواية: "مَنْ غشَّ فليس منا".
والغش يكون في النوع وفي العدد وفي الوزن وفي الصفات وفي المصدر، "بِمَ يأخذُ أحدُكُمْ مالَ أخِيه بغيرِ حق؟!". أخرجه مسلم. "كلُّ المسلمِ على المسْلمِ حَرَام: دمُهُ ومالُهُ وعِرْضُه".
الغش بأنواعه وألوانه سواد في القلوب وعبوس في الوجوه وحرمة في المكاسب.
أيها الإخوة المسلمون: أما الدولة المسلمة فمن مسئولياتها أن تسعى في إيجاد القواعد والتنظيمات والأحكام التي ينال فيها عناصر الجميع حقوقهم والقيام بمسئولياتهم، وتحفظ التماسك الاجتماعي والترابط المجتمعي وانتشار العدل والبر والمرحمة، وتمنع أسباب الغش والاحتكار والتلاعب في الأسعار، وتحفظ على الناس سلامتهم وصحتهم ومنافعهم والعناية بمرافق الأسواق وطرق المعاش في المآكل والمشارب والملابس والأدوية والمراكب؛ فتكون البضائع والمنتجات والمصنوعات سليمة آمنة غير ضارة مضبوطة في أسعارها وصناعاتها وإنتاجها.
على الدولة أن تبصر المحتاج بطرق التصرف والتدبير السليم وتهيئة الظروف والأسباب؛ ليحصل صاحب الحاجة على حاجته؛ ولا سيما الضروري منها من القوت والكساء والمأوى والرعاية الصحية والتعليم.
كما عليها حماية الناس والأسواق من الغش والتضليل وحفظ حقوقهم في رد السلعة الرديئة وإصلاح ما يمكن إصلاحه حسبما تقتضيه قواعد الشرع والسياسات العادلة في الدولة المسلمة.
كما ينبغي إرشاد الناس وتوعيتهم بحقوقهم، وإمدادهم بالمعلومات وتثقيفهم، ومساعدتهم في حسن الاختيار وطرق الانتفاع ووسائل الحفظ والصيانة، وإبعادهم عن المخاطر والمضار، وحمايتهم من الاستغلال ومكافحة الغش وفساد السلع، وكف كل من يريد أن يتجاوز الأنظمة أو الاحتيال عليها أو الالتفاف على ما تتخذ الدولة من إجراءات تحفظ بها حقوق الناس، مع ما يجب من وضع الجزاءات الرادعة والعقوبات الزاجرة.
فقوة السلطان تعدل زيغ المنحرف، وترد سلوك المتجاوز؛ ليُحفَظ الناس من أن تنالهم أيدي ذوي الطمع والجشع؛ فيؤدب الحاكم من سلك غير سبيل المؤمنين وحارب الناس في أرزاقهم وضارهم في معاشهم، ويتخذ الحاكم من الوسائل المشروعة ما يحمي الفرد والمجتمع ويرفع ضرر الاحتكار والمغالاة ووسائل الغش والتدليس.
وبعد: فإن من تنكب الحق ومال إلى البغي وغلبه الطمع وصار الغش تعامله وقصد أكل أموال الناس والتضييق عليهم، فباب الله أوسع وحكمه أردع، وإمام المسلمين له بالمرصاد، وإن ربك لشديد العقاب.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: (وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) [المطففين: 1– 6].
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم وبهدي محمد -صلى الله عليه وسلم–. وأقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله ذي العزة والجلال والجبروت والاقتدار، أحمده -سبحانه- وهو الواحد القهار، وأشكره على جزيل إنعامه وفضله المدرار.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لا إله إلا هو العزيز الغفار، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبد الله ورسوله، الرسول المجتبى والرسول المختار، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله الأبرار وأصحابه الأخيار، والتابعين ومن تبعهم بإحسان وعلى نهج الهدى اقتفى وسار، وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فإن لنظام الحسبة الشامل ومنهج الاحتساب في ديننا دورًا لا ينكر؛ مساعدة ومراقبة ومحاسبة، وديوان الحسبة أحد الدواوين الإسلامية، وهو في العصر الحاضر قد يكون من خلال جمعيات تنشئها الدولة وتأذن بها، تراقب الجميع؛ التاجر والمستهلك والمسئول؛ فهي مؤتمنة على حقوق الجميع في أسلوب متوازن وسبيل آمن يحقق العدل وحسن الأداء وإجادة العمل وجودة المصنوع وحفظ النفوس والأوقات، في عيش كريم وحاجات متوفرة.
وبعد: فليست الحياة صراعًا بين أصحاب الحاجات وأرباب الأعمال والصنائع والمسؤوليات، وليست نهبًا للحقوق ولا غمضًا للاستحقاقات، فما ذلكم إلا حياة السباع في أدغال الغاب، وسبيل الشيطان وأهل الأهواء: (وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً) [النساء: 60]، (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [البقرة: 268].
ومن أجل هذا؛ فإن حماية الناس من اضطراب الأسعار وفساد البضائع والاطمئنان على صلاحها ونفعها هي مسئولية الجميع: البائع والمشتري والصانع والسمسار والدولة وأجهزتها، تعاون كريم وسعي حميد يحفظ توازن السوق ويحفظ للجميع الحقوق؛ فلا يبيع بعضهم على بيع بعض، ولا يسوم المسلم على سوم أخيه، ولا يخطب على خطبته.
ألا فاتقوا الله -رحمكم الله-، وكونوا عباد الله إخوانًا، فـ"المسلمُ أخُو المسْلم، لا يظْلِمه ولا يَخْذُله ولا يَحقِره". وربكم يقول في الحديث القدسي: "أنَا ثالِثُ الشَّرِيكَين مَا لم يَخُنْ أحَدُهُمَا صَاحِبَه".
هذا، وصلوا وسلموا على الرحمة المهداة والنعمة المسداة، نبيكم محمد رسول الله؛ فقد أمركم بذلك ربكم في محكم تنزيله؛ فقال -وهو الصادق في قيله- قولاً كريمًا: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [الأحزاب: 56].
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد، الحبيب المصطفى والنبي المجتبى، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وارض اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين -أبي بكرٍ وعمر وعثمان وعلي- وعن الصحابة أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وجودك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.
اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين، وأذلّ الشرك والمشركين، واخذل الطغاة والملاحدة وسائر أعداء الملة والدين.
اللهم آمنا في أوطاننا، اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل اللهم ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين.
اللهم وفق إمامنا وولي أمرنا بتوفيقك، وأعزه بطاعتك، وأعلِ به كلمتك، واجعله نصرة للإسلام والمسلمين، واجمع به كلمة المسلمين على الحق والهدى يارب العالمين.
اللهم وفقه ونائبيه وإخوانه وأعوانه لما تحب وترضى، وخذ بنواصيهم للبر والتقوى.
اللهم وفق ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك وبسنة نبيك محمد -صلى الله عليه وسلم- واجعلهم رحمة لعبادك المؤمنين، واجمع كلمتهم على الحق والهدى يا رب العالمين.
اللهم وأبرم لأمة الإسلام أمر رشد، يعز فيه أهل الطاعة، ويهدى فيه أهل المعصية، ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر، إنك على كل شيء قدير.
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، والموت راحة لنا من كل شر، وأصلح لنا عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.
اللهم من أرادنا وأراد ديننا وديارنا وأمننا وأمتنا وولاة أمورنا وعلماءنا واجتماع كلمتنا بسوء، اللهم فأشغله بنفسه، واجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميرًا عليه يا رب العالمين.
اللهم عليك باليهود الغاصبين، اللهم عليك باليهود الغاصبين المحتلين فإنهم لا يعجزونك، اللهم أنزل بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين، اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم.
اللهم وفقنا للتوبة والإنابة وافتح لنا أبواب القبول والإجابة. اللهم تقبل طاعاتنا ودعاءنا، ووسع أعمالنا، وكفر عنا سيئاتنا، وتب علينا، واغفر لنا وارحمنا يا أرحم الراحمين.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذب النار.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.