المحسن
كلمة (المحسن) في اللغة اسم فاعل من الإحسان، وهو إما بمعنى إحسان...
العربية
المؤلف | هلال الهاجري |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | المنجيات |
اعلم أنَّه ليسَ بينَك وبينَ مغفرةِ ربِّكَ، إلا أن تقولَ: "أستغفرُ اللهَ" صادقًا من قلبِكَ، ناويًا التَّوبةَ والإقلاعَ عن الذَّنبِ، وإن عُدتَ وعصيتَ، فَعُدْ واستغفرْ، وهكذا... إياكَ ثُمَّ إياكَ أن تستحيَ من كثرةِ عِصيانِكَ واستغفارِك...
الخطبة الأولى:
الحمدُ للهِ حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، اللهم ربَّنا لكَ الحمدُ كما خلقتَنا، ورزقتَنا، وهديتَنا، وعلمتَنا، لكَ الحمدُ بالإسلامِ، والقرآنِ، ولكَ الحمدُ بالأهلِ والمالِ والمعافاةِ، بَسطتَ رزقَنا، وأَظهرتَ أمنَنا، وجمعتَ فُرقتَنا، وأحسنتَ معافاتَنا، ومن كلِّ ما سألناكَ ربَّنا أعطيتَنا، فلكَ الحمدُ على ذلكَ حمدًا كثيرًا، لكَ الحمدُ كلُّه، ولكَ الشُّكرُ كلُّه، إنَّك أنتَ الحميدُ المجيدُ.
الحمدُ للهِ غافرِ الذَّنبِ وقابلِ التَّوبةِ يُعاملُ عبادَه بالفضلِ والرحمةِ، ويغفرُ لهم ما اجترحوا من الذُّنوبِ والسيئاتِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على مُحمدٍ النَّبيِّ الأُمِّي الصَّادقِ الأمينِ، وعلى آلِه وصحبِه وزوجاتِه وذرياتِه الطَّيبينَ الطَّاهرينَ، وعلى من تَبِعهم بإحسانٍ أجمعينَ...
أما بَعدُ: فينبغي على كلِّ فَردٍ من هذه الأمَّةِ إذا قرأَ سُورةَ الأنفالِ، أن يتأملَ هذه الآيةَ تأمُّلًا طويلًا... كيفَ لا، وفيها الوصفُ الرَّبانيُّ الأكيدُ للنَّجاةِ من عذابِ اللهِ الشَّديدِ، يقولُ سُبحانَه: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)[الْأَنْفَالِ: 33]، يقولُ أبو موسى الأشعريُّ -رضيَ اللهُ عنه-: "أَمَانَانِ كَانَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رُفِعَ أَحَدُهُمَا، وَبَقِيَ الْآخَرُ، فذهبَ الأمانُ الأولُ بموتِ رسولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وبقيَ الأمانُ الآخرُ من عذابِ الجبَّارِ؛ وهو الاستغفارُ، وما أدراكَ ما الاستغفارُ".
عبادَ اللهِ: نحتاجُ اليومَ إلى الاستغفارِ، ولكن الاستغفارَ الحقيقيَّ الذي يُقصدُ به التَّوبةُ والغُفرانُ، وليسَ مجردَ تحريكِ الشَّفتينِ واللِّسانِ، فإذا قُلتَ: "أستغفرُ اللهَ"، فما الذي يكونُ في قلبِكَ من النَّوايا والمشاعرِ؟ فالاستغفارُ ذِكرٌ عظيمٌ ودعاءٌ له حظٌّ وافرٌ، فلا بُدَّ أن يجتمعَ له في القلبِ خوفٌ ورجاءٌ، كما قالَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: "وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ". وأما إذا كانَ استغفارُنا من الذُّنوبِ مع الإصرارِ، فقد ينطبقُ علينا قولُ رابعةَ العدويَّةِ: "استغفارُنا يحتاجُ إلى استغفارٍ"، وصدقَ القائلُ:
أَستَغفِرُ اللهَ مِن (أَستَغفِرُ اللهَ) | مِن لَفظَةٍ بَدَرَتْ خالَفتُ مَعناها |
وَكَيفَ أَرجُو إِجَابَاتِ الدُّعَاءِ وَقَد | سَدَدتُ بِالذَّنبِ عِندَ اللهِ مَجراها |
اليومُ نحتاجُ إلى التَّذكيرِ بعبادةِ الاستغفارِ، مع كثرةِ الفتنِ وتنوِّعِ وسائلِ الشَّيطانِ المكَّارِ، نحتاجُ أن نقولَ لمن أخطأَ: لا تيأسْ، ولا تقنطْ، ولا تتمادَ، بل ارجعْ من قريبٍ، كما قالَ تعالى: (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا)[النِّسَاءِ: 17].
ونقولُ لمن وقعَ في المعصيةِ: اعلم أنَّه ليسَ بينَك وبينَ مغفرةِ ربِّكَ، إلا أن تقولَ: "أستغفرُ اللهَ" صادقًا من قلبِكَ، ناويًا التَّوبةَ والإقلاعَ عن الذَّنبِ، وإن عُدتَ وعصيتَ، فَعُدْ واستغفرْ، وهكذا... إياكَ ثُمَّ إياكَ أن تستحيَ من كثرةِ عِصيانِكَ واستغفارِك... قِيلَ للحسنِ -رحمَه الله-: "ألا يَستحي أحدُنا من ربِّه، يَستغفرُ من ذنوبِه ثم يعودُ، ثم يَستغفرُ ثم يَعودُ؟ فقالَ: ودَّ الشيطانُ لو ظَفِرَ منكم بهذه، فلا تَمَلُّوا من الاستغفارِ".
وكيفَ يَملُّ من الاستغفارِ مَنْ له ربٌّ عظيمٌ غفَّارٌ؟ واسمع إلى ندائهِ الكريمِ الذي يتجدَّدُ مع تعاقبِ اللَّيلِ والنَّهارِ، كما جاءَ في الحديثِ: "قَالَ اللَّهُ -تَعَالَى-: يَا ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ مَا دَعَوْتنِي وَرَجَوْتنِي غَفَرْتُ لَك عَلَى مَا كَانَ مِنْك وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ، لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُك عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ، يَا ابْنَ آدَمَ، إنَّك لَوْ أتَيْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا، ثُمَّ لَقِيتنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُك بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً"، وصدقَ اللهُ -تعالى-: (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا)[النِّسَاءِ: 110].
إذا أرادَ الشَّيطانُ أن يُقنِّطَكَ من رحمةِ اللهِ -تعالى-، فاقرأَ عليه قولَه -تعالى-: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)[الزُّمَرِ: 53]، وأخبرهُ بهذا الحديثِ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنَّ رجلًا أذنبَ ذنبًا، فقالَ: يا ربِّ، إنِّي أذنبتُ ذنبًا فاغفرهُ، فقالَ اللَّهُ: عبدي عمِلَ ذنبًا، فعلِمَ أنَّ لَهُ ربًّا يغفرُ الذَّنبَ ويأخذُ بِهِ، قد غفرتُ لعبدي، ثمَّ عمِلَ ذنبًا آخرَ فقالَ: ربِّ، إنِّي عمِلتُ ذنبًا فاغفرْهُ، فقالَ تبارَكَ وتعالى: علِمَ عبدي أنَّ لَهُ ربًّا يغفرُ الذَّنبَ ويأخذُ بِهِ، قد غفرتُ لعبدي، ثمَّ عمِلَ ذنبًا آخرَ فقالَ: ربِّ، إنِّي عَمِلْتُ ذنبًا فاغفرهُ لي، فقالَ -عَزَّ وَجَلَّ-: علِمَ عبدي أنَّ لَهُ ربًّا يغفرُ الذَّنبَ ويأخذُ بِهِ، قد غفرتُ لعبدي ثمَّ عمِلَ ذنبًا آخرَ فقالَ: ربِّ، إنِّي عمِلتُ ذنبًا فاغفرهُ، فقالَ عَزَّ وَجَلَّ: عبدي علِمَ أنَّ لَهُ ربًّا يغفرُ الذَّنبَ ويأخذُ بِهِ، أُشهدُكُم أنِّي قد غفرتُ لعبدي، فليعمَلْ ما شاءَ"، فكلُّ بني آدمَ خطَّاءٌ مليءٌ بالعُيوبِ، ولكن ما دامَ أنَّه يُذنبُ ويتوبُ، فهو أهلٌ لمغفرةِ علَّامِ الغيوبِ.
وَلَمَّا قَسا قَلبي وَضاقَت مَذاهِبي | جَعَلتُ الرَّجا مِنِّي لِعَفوِكَ سُلَّما |
تَعاظَمَني ذَنبي فَلَمَّا قَرَنُتهُ | بِعَفوِكَ رَبِّي كَانَ عَفوُكَ أَعظَما |
اسمعْ إلى صفاتِ أهلِ الجنَّةِ: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ)[آلِ عِمْرَانَ: 133]، اللهُ أكبرُ، ما هي أعمالُ هؤلاءِ الأتقياءِ العظيمةُ؟ (الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)[آلِ عِمْرَانَ: 134]، لا إلهَ إلا اللهُ، أعمالٌ جليلةٌ، ثُمَّ ماذا؟
(وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً)[آلِ عِمْرَانَ: 135]، كبائرَ؟!، (أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ)[آلِ عِمْرَانَ: 135]، صغائرَ؟!، سبحانَ اللهِ، هل يكونُ هذا من المُتَّقينَ؟، نعم، ولِمَ لا؟ فهم ليسوا معصومينَ، ولكن اسمعْ ماذا يفعلونَ بعدَ الذَّنبِ، (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ)[آلِ عِمْرَانَ: 135]، ذَكَروا عَظَمةَ العزيزِ الغَفَّارِ، (فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ)[آلِ عِمْرَانَ: 135]، ندمٌ وتوبةٌ واستغفارٌ، (وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ)[آلِ عِمْرَانَ: 135]، الإقلاعُ عن الذَّنبِ وعدمُ الإصرارِ، والنتيجةُ: (أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ)[آلِ عِمْرَانَ: 136]، فيا مَن أسرفَ على نفسِه، ليسَ بينكَ وبينَ الجنَّةِ إلا ذِكرُ اللهِ والاستغفارُ وعدمُ الإصرارِ.
فالحمدُ للهِ الذي جعلَ الاستغفارَ سبيلًا للجِنانِ، وطريقًا لمحبةِ الرَّحيمِ الرَّحمنَ، ومنجاةً من حبائلِ الشَّيطانِ، ودواءً لِما في القلبِ مِن رَانٍ، يقولُ قَتادةُ -رحمَهُ اللهُ-: "إِنَّ الْقُرْآنَ يَدُلُّكُمْ عَلَى دَائِكُمْ وَدَوَائِكُمْ، أَمَّا دَاؤُكُمْ فَذُنُوبُكُمْ، وَأَمَّا دَوَاؤُكُمْ فَالاسْتِغْفَارُ".
يَا رَبِّ إِن عَظُمَتْ ذُنوبي كَثرَةً | فَلَقَد عَلِمتُ بِأَنَّ عَفوَكَ أَعظَمُ |
إِن كانَ لا يَرجوكَ إِلّا مُحسِنٌ | فَبِمَن يَلوذُ وَيَستَجيرُ المُجرِمُ |
أَدعوكَ رَبِّ كَما أَمَرتَ تَضَرُّعًا | فَإِذا رَدَدتَ يَدي فَمَن ذا يَرحَمُ |
ما لي إِلَيكَ وَسيلَةٌ إِلّا الرَّجا | وَجَميلُ عَفوِكَ ثُمَّ أَنِّيَ مُسلِمُ |
باركَ اللهُ لي ولكم في القرآنِ العظيمِ، ونفعني وإياكم بما فيه من الآياتِ والذِّكرِ الحكيمِ، وجعلني وإياكم من التَّائبينَ المُستغفرينَ، أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفورُ الرحيمُ.
الخطبة الثانية:
الْحَمْدُ للهِ، يَغْفِرُ الزَّلاَّتِ، وَيُقِيلُ العَثَرَاتِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: أيُّها الأحبَّةُ: يقولُ سبحانَه وتعالى: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ)[طه: 82]، أي: كثيرُ المغفرةِ، ولكن لِمن؟، (لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى)[طه: 82]، فلا بُدَّ من توبةٍ واستغفارٍ، لتكونَ مِن عُتقاءِ (الغفَّارِ)، وأنتَ في هذه الدُّنيا بينَ وعْديَنِ، كما جاءَ في الحديثِ: "إِنَّ الشَّيْطَانَ قَالَ: وَعِزَّتِكَ يَا رَبِّ لَا أَبْرَحُ أُغْوِي عِبَادَكَ مَا دَامَتْ أَرْوَاحُهُمْ فِي أَجْسَادِهِمْ"، هذا وعدُ الشَّيطانِ، "فَقَالَ الرَّبُّ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَا أَزَالُ أَغْفِرُ لَهُمْ مَا اسْتَغْفَرُونِي"، وهذا وعدُ الرَّحمنِ، فانظرْ أنتَ في أيِّ الفريقينِ، في الغاوينَ أو المُستغفرينَ؟
ولَمَّا أهلكَ العِبادُ إبليسَ بكثرةِ الاستغفارِ، جاءَ بِحيلةٍ تَشيبُ لها مَفارقُ الصِّغارِ، فزيَّنَ المعصيةَ بالهوى والفتاوى والأعذارِ، فصارتْ الذُّنوبُ عملًا صالحًا ليسَ فيه إنكارٌ، فلماذا حينَها نحتاجُ إلى تَوبةٍ واستغفارٍ، قالَ ابنُ الجَوزي: "إنَّ إبليسَ قَالَ: أهلكتُ بني آدمَ بالذُّنوبِ، وأهلكوني بالاستغفارِ وبلا إلهَ إلا اللهُ، فلمَّا رَأيتُ مِنهم ذلك بثثَتُ فيهم الأهواءَ، فهم يُذنبونَ ولا يَستغفرونَ، لأنَّه يَحسبونَ أنَّهم يُحسنونَ صُنعًا"، فحذارِ مِن تزيينِ الباطلِ، بل ينبغي على من أخطأَ أن يعلمَ أنَّه أخطأَ، لعلَّه يومًا من الدَّهرِ أن يستغفرَ.
أَسْتَغْفِرُ اللهَ أَهْلَ الْعَفْوِ عَنْ زَلَلٍ | رَبًّا رَحِيمًا مُفِيضَ الْخَيْرِ مِنْ أَزَلِ |
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا جَمِيعًا، وَارْحَمْنَا بِرَحْمَتِكَ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ؛ إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ قُلُوبَنَا مُطْمَئِنَّةً بِحُبِّكَ، وَأَلْسِنَتَنَا رَطْبَةً بِذِكْرِكَ، وَجَوَارِحَنَا خَاضِعَةً لِجَلاَلِكَ، اللَّهُمَّ أَحْسِنْ عَاقِبَتَنَا فِي الأُمُورِ كُلِّهَا، وَأَجِرْنَا مِنْ خِزْيِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الآخِرَةِ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ خَيْرَ أَعْمَارِنَا أَوَاخِرَهَا، وَخَيْرَ أَعْمَالِنَا خَوَاتِمَهَا، وَخَيْرَ أَيَّامِنَا يَوْمَ نَلْقَاكَ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ ولاة أمرنا لما تحب وترضى، وَاجْعَلْ عَمَلَهُمَ فِي رِضَاكَ، وَارْزُقْهُمَ الْبِطَانَةَ الصَّالِحَةَ النَّاصِحَةَ الَّتِي تَحُثُّهُمْ عَلَى الْخَيْرِ، وَتُحَذِّرُهُمْ مِنَ السُّوءِ وَالشَّرِّ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، وَاجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا سَخَاءً رَخَاءً وَسَائِرَ بِلاَدِ الْمُسْلِمِينَ.
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ الأَكْرَمِينَ، وَعَلَى مَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.