البحث

عبارات مقترحة:

الجواد

كلمة (الجواد) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فَعال) وهو الكريم...

الحكيم

اسمُ (الحكيم) اسمٌ جليل من أسماء الله الحسنى، وكلمةُ (الحكيم) في...

الصمد

كلمة (الصمد) في اللغة صفة من الفعل (صَمَدَ يصمُدُ) والمصدر منها:...

خمس هن أعظم الأذكار

العربية

المؤلف راشد البداح
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات المنجيات
عناصر الخطبة
  1. من رحمة الله أن رتَّب أجورا عظيمة على أعمال يسيرة .
  2. من أعظم الأعمال التي تثقِّل الموازين ذكر الله .
  3. بعض الأذكار التي ينال قائلها أجورا عظيمة .
  4. مفاسد تصوير سقوط الصواريخ وآثارها السيئة .

اقتباس

ولا يملك أحد أن يدفع هذه الرحمةَ والفضلَ عن أحد، مهما بدا في نظَر الخلق غيرَ مستحقٍّ. فقد نالها من وُلد على الشرك، وشاب عليه، ثم كانت لقلبه التفاتة إلى الإسلام، فأخذ الله بيده، فجعله من أصحاب نبيه -صلى الله عليه وسلم- وهو شرف ما بعده شرف، فأين كان، وإلى أين صار؟!...

الخطبة الأولى:

 

الحمد للَّه الواحدِ القهَّار، مُكوِّرِ الليل على النهار، نحمده أبلغَ الحمد على جميع نعمه، ونسألُه المزيدَ من فضلِه وكرمِه. وأشهد أن لا إله إلَّا اللَّه ربُّ العالمين؛ وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله، أكرمُ السابقين واللاحقين، صلواتُ اللّه وسلامه عليه وعلى سائر النبيين، وصحبه وآله والتابعين إلى يوم الدين. أما بعد: (فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)[آلِ عِمْرَانَ: 123].

فمن سعةِ رحمةِ ربِّنا بنا أن شرع لنا أعمالًا صالحةً يسيرةً، رتَّب عليها أجورًا كبيرة، تفوق العملَ، وتزيد عليه بدرجات لا تقارنها.

ولا يملك أحد أن يدفع هذه الرحمةَ والفضلَ عن أحد، مهما بدا في نظَر الخلق غيرَ مستحقٍّ. فقد نالها من وُلد على الشرك، وشاب عليه، ثم كانت لقلبه التفاتة إلى الإسلام، فأخذ الله بيده، فجعله من أصحاب نبيه -صلى الله عليه وسلم- وهو شرف ما بعده شرف، فأين كان، وإلى أين صار؟!

وهذا رجل يُمَدّ له يوم القيامة تسعة وتسعون سِجِلًّا، كلُّ سِجِلّ منها مدُّ البصـر، ليس فيها إلا جرائمُه، حتى إذا رأى نفسه هالكًا، أُخرجت له بطاقة فيها: "لا إله إلا الله". فتوضع البطاقة في كفة، والسجلات في كفة، فتطيش السجلات، وتثقل البطاقة، فيدخل الجنة. فأين عمله من ثوابه؟!

والعبد الموفَّق هو من يجِدُّ في تحصيل أعمالٍ يسيرةٍ، وأجورها كبيرة؛ ليملأَ عمرَه القصيرَ بكنوز تثقِّل موازينَ حسناتِه.

وإن من أعظم الأعمال التي تثقِّل الموازين يوم القيامة أيَّما تثقيل: ذكر الله -تعالى-، ولنأخذ الآن خمسة أمثلة لأذكار هي أعظم الأذكار:

الأول: قوله -صلى الله عليه وسلم-: "وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلأُ الْمِيزَانَ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلآنِ أَوْ تَمْلأُ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ" (رواه مسلم: 556).

فأين الجهد مقابلَ عملٍ قدرُ ثوابِه أن يَملأ الميزانَ على عظمته، وأن يملأ السماوات على سعتها، والأرضين على انبساطها؟! لا نسبة ولا مقارنة، فتلك طريقة الجواد الكريم مع الذين حسنت نياتهم وظنونهم بالله -تعالى-، ولو قصرت أعمالهم، وضعفت.

الذِّكر الثاني: من الأجور المضاعَفات المرتَّب عليها خمس فضائل مجتمِعات، ذكر تقوله في الصباح (مائة مرة) وقبل غروب الشمس مائة أخرى. إنه قول: "لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" فما جوائزها الخمس؟!

احسِب مِن كرم أكرم الأكرمين، ولكنك لن تستطيع إحصاء قَدْرِ الأجر: "كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلاَّ أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. (كما عند البخاري (6403)، ومسلم (2691)، وزيادة: "قبل غروب الشمس"، حسَّنها الترمذي والألباني، صحيح الترغيب والترهيب (658)، وعبد الله السعد).

هذا الذِّكْر العظيم؛ قال عنه ابن باز -رحمه الله-: "لو أُنفِق في معرفته الملايين لكان قليلًا" (الحلل الإبريزية من التعليقات البازية على صحيح البخاري (3/54)، وقال ابن عثيمين -رحمه الله-: "وهذه سهلة، يمكن وأنتَ تنتظر صلاة الفجر بعد أن تأتي للمسجد أو تقولها في طريقك أو بعد طلوع الفجر". (شرح رياض الصالحين لابن عثيمين، ص: 1616).

فهل نقرأ هذا الذِّكرَ مائة مرة صباحًا قبل الشروق، ومائة أخرى مساءً قبل الغروب، من الرقم واحد، إلى الرقم مائة؟! وقد جَرَّب بعض العُبَّاد أنهم يُجاهدون أنفسهم كثيرًا، في ترديد واستحضار معانيَ هذا الذِّكرِ ثم يَقطع الشيطان عليهم، فلا يُكمِلونه سائر يومهم.

الذكر الثالث: إحدى عشرة آية من القرآن، قال عنهن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ألم ترَ آياتٍ أُنزلَت هذه الليلة لم يُرَ مثلهنَّ قط: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ. (رواه مسلم: 1972).

هكذا وصفَ صلى الله عليه وسلم هاتين السورتَين العظيمَتَين؛ لأنهما تحوِيان حِصنًا من الله عظيمًا، وسلاحًا يدفعُ به المؤمنُ شياطينَ الجنِّ والإنس، ويُواجِهُ بها شُرورَ الحياة ومصاعِبَها، والكائدِين فيها والحاسِدين، والساحرين، والوسواس والموسوِسين.

قال ابنُ القيم -رحمه الله- عن المعوذتين: "إنَّه لا يستغني عنهما أحدٌ قطُّ، وحاجةُ العبد إلى الاستعاذة بهما أعظمُ مِن حاجته إلى النَّفَس والطّعام والشّراب واللِّباس" (بدائع الفوائد لابن القيم (2/ 286).

الذِّكْر الرابع من الأجور المضاعَفات جِدًّا: استفتاح الصلاة بقول: "اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا". قَالَ صلى الله عليه وسلم عن هؤلاء الكلمات اليسيرات: "عَجِبْتُ لَهَا! فُتِحَتْ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ". قَالَ ابْنُ عُمَرَ: "فَمَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ ذَلِكَ" (رواه مسلم: 1386).

الذكر الخامس: أن تقول بعد رفعك من الركوع: "رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ". قَالَ نبيك -صلى الله عليه وسلم- لقائلهن: "رَأَيْتُ بِضْعَةً وَثَلاَثِينَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا، أَيُّهُمْ يَكْتُبُهَا أَوَّلَ" (رواه البخاري: 799).

2- آية من كتاب الله كلما قرأناها أو سمعناها فلنذكر عظيم فضل الله علينا في هذه المملكة الطيبة السعودية. إن تلكم الآية لهي قول ربنا -جل في علاه-: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ)[الْعَنْكَبُوتِ: 67].

فلنُكثر من حمد الله في كل يوم، بل كل ساعة على أن مَنَّ على وطننا بنعمة الأمن بعد أن كانت تسوده حالةٌ من الخوف والجوع وقطع الطرق، والحروب التي لا تقف إلا وتبدأ أخرى!

وإذا رأينا هذه الانقلابات، والحروبَ الطاحنات، والهرجَ والقتلَ والتخطفات؛ فلنذْكر ولنتذاكر قول ربنا -سبحانه-: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ)[الْعَنْكَبُوتِ: 67].

والجدير بالتنويه في هذا المقام أن ثمةَ تصرفًا خاطئًا يفعله بعض الناس بحسن نية أو بسوء نية؛ ألا وهو القيام بتصوير سقوط الصواريخ، أو الآثارِ الناتجة عنها، وهذا فيه مفاسد:

الأولى: إشاعةُ الرعب بين الناس، وبثُّ البلبلة بين مجتمعنا الآمن.

الثانية: كشفُ أسرارٍ للعدو، ما كان لها أن تُكشَف.

الثالثة: تحقيقُ بُغْيَة العَدُوّ، من إيقاع الجبن، وإثارةِ الفزع بين المدنيين.

الرابعة: مخالفةُ وليِّ أمرِ المسلمين الذي مَنَعَ تصويرَ سقوطِ هذه الصواريخ، أو آثارِها.

فاحفظوا للمسلمين تآلُفَهم، وقوتَهم، وأمنَهم، ولا تُفشوا ما يكون من العدو شماتة بنا، نعوذ بالله من شماتة الأعداء.

اللهم انصر إخواننا المجاهدين في الجنوب، اللهم ثبِّت أقدامهم، وأنزل عليهم السكينة، وأمكنهم من رقاب عدوهم

اللهم عليك بالحوثيين والنُّصَيْرِيِّينَ والقتلة المفسدين، وكل محارب للدين. اللهم اكفناهم بما شئت، واجعل تدبيرهم تدميرًا عليهم.

اللهم واحفظ جنودنا في جماركنا وطرقنا، واخلفهم في أهليهم بخير.

اللهم أصلح الراعي والرعية. اللهم وفق إمامنا وولي عهده بتوفيقك.

اللهم من أراد بنا أو ببلادنا أو ولاة أمرنا من العلماء أو الأمراء فتنة فأشغله بنفسه.

اللهم لا تؤمنا مكرك، ولا تنسنا ذكرك، ولا تهتك عنا سترك، ولا تجعلنا من الغافلين.

اللهم إنا نعوذ من دنيا تمنع خير الآخرة، ونعوذ من حياة تمنع خير الممات.

نستغفرك اللهم من نقل الخطوات إلى الخطيئات، وسَوْق الشهوات إلى الشبهات.