البحث

عبارات مقترحة:

الباسط

كلمة (الباسط) في اللغة اسم فاعل من البسط، وهو النشر والمدّ، وهو...

الله

أسماء الله الحسنى وصفاته أصل الإيمان، وهي نوع من أنواع التوحيد...

الشافي

كلمة (الشافي) في اللغة اسم فاعل من الشفاء، وهو البرء من السقم،...

نعمة الدين الإسلامي

العربية

المؤلف محمد بن إبراهيم الشعلان
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات أركان الإيمان
عناصر الخطبة
  1. شمولية ديننا الإسلامي وتمامه .
  2. النظر في أحوال غير المسلمين يزيدنا شكرا لله على نعمة الإسلام .
  3. الحذر من عقوبة مخالفة الأوامر والنواهي والفتنة أشدها .
  4. وجوب استعمال النعم فيما خلقت له .

اقتباس

وقد يصاب المخالف بفتنة أقل من الشرك، قد يفتن في المعصية والسوء فتزين له المعصية، ويزين له السوء وتحبب إليه الفاحشة ويبتلى باستعمال نعم الله عليه في معصيته ومخالفة أمره، نعم -عباد الله- قد يستعمل المخالف...

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادئ، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه وعمل بسنته إلى يوم الدين.

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله كما أمركم الله بذلك في كتابه؛ فقال جل وعلا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا).

عباد الله: الدين الإسلامي دين شامل وكامل، أكمله الله -عز وجل- فلا يحتاج إلى زيادة ولا يقبل النقصان، ورضيه لعباده ديناً ولن يرضى لهم ديناً سواه، وأتم عليهم النعمة به فقال سبحانه وتعالى: (أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)[المائدة: 3]، وقال سبحانه: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ) وقال جل وعلا: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)[آل عمران: 85].

فلله الحمد والمنة على ذلك وله الشكر عليه دائماً وأبداً إلى يوم الدين، والحمد لله على أن جعلنا مسلمين وإليه منيبين، ولتدركوا عظيم قدر هذه النعمة وكبير فضلها، انظروا إلى حال من كفر بالله وأشرك به، تخبط وضياع، تفكك وتفرق فساد أخرق، وفساد تصور، أعمال فاسدة، جرائم متنوعة، خوف على النفس والمال والعرض، حتى ولو فاقوا غيرهم في الصناعة والاختراع فما يعيشونه من فساد خلقي، وتفكك أسري، واضطراب أمني، يفوق ما برعوا فيه من الصناعات والاختراع، الصلات بينهم مقطوعة، والتعارف والتواد منعدم فيهم، كل من شأنه وحاله، وكل منشغل بنفسه حتى الأولاد ليس لهم نصيب من الاستقرار العائلي، وليس لهم حظ من النظر والتربية، فلا جرم أن يتربوا على انفصام الشخصية، والحقد الدفين على المجتمع، وحب الانتقام، والميل إلى الجريمة والعبث.

كل ذلك -عباد الله- بسبب فقدهم لهذا الدين الإسلامي القويم ولهذا قال سبحانه وتعالى: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)؛ بل إن الخسران والخزي لاحق بهم في الدنيا قبل الآخرة، قال الله -عز وجل- في جنس الكافر: (ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ)[آل عمران: 182]، وقال سبحانه: (فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)[الزمر: 26].

ولو تأملتم -عباد الله- هذا الدين الإسلامي بأوامره ونواهيه ودعوته إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال وتحذيره من مساوئ الأعمال ورذائل الأخلاق لأدركتم النعمة العظيمة التي تعيشون فيها -أيها المسلمون المتمسكون بدين ربكم المستسلمون لربكم المنقادون لطاعته القائمون بعبادته- والتي يحسدكم عليها القريب والبعيد، ممن فقدها وحرم منها؛ فاحمدوا الله -عز وجل- على هذه النعمة وعظوا على دينكم بالنواجذ، واحذروا من التخلي عنه ونبذه ومخالفة أحكامه فقد قال سبحانه وتعالى: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)[النور: 63]؛ فهذا تحذير من الله للذين يخالفون أوامره ويقعون في نواهيه، أن يصيبهم بسبب ذلك فتنة، ولم يبين نوع هذه الفتنة، لتشمل جميع أنواع الفتن التي لا تخطر على بال الإنسان المخالف.

وأعظم الفتن فتنة الشرك بالله -عز وجل- فقد تؤدي به المخالفة والمعاندة إلى الشرك بالله -عز وجل- الذي قال الله فيه: (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)، وقال فيه: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ...)، وقال سبحانه: (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

وقد يصاب المخالف بفتنة أقل من الشرك، قد يفتن في المعصية والسوء فتزين له المعصية، ويزين له السوء وتحبب إليه الفاحشة ويبتلى باستعمال نعم الله عليه في معصيته ومخالفة أمره، نعم -عباد الله- قد يستعمل المخالف لأمر الله الهاجر كتاب الله المقبل على معصية الله قد يستعمل نعم الله في معصية الله في الشر والسوء، وأوضح الأمثلة على ذلك، من يستعمل نعمة النطق نعمة الكلام، بل نعمة حسن الصوت وجماله، في الترنم بالأغاني الهابطة المصحوبة بالآلات المحرمة، ويجد من يشجعه على ذلك ويربط على يديه، وينفخ في روعه، ويشيد به، حتى ينخدع المسكين بهذا الإطراء والمدح والثناء، فيتمادى في استعمال هذه النعمة في هذه المعصية التي قد تجره إلى أعظم من هذه المصيبة، تجره إلى الوقوع في الفحشاء التي يترنم صوته بها وبمن تدعو إليها، هكذا يستعمل هذه النعمة التي قد فقدها بعض الناس، فشابه البهائم في عدم النطق والتعبير عن ما في النفس ألا يخاف هذا من أن يبتليه الله -عز وجل- بفقدان نعمة الكلام والنطق، فيخرس الله لسانه فلا ينطق هل جزاء الإحسان الإساءة؟!

هل من العقل والمنطق أن تقابل النعمة بالكفران والجحود والتطاول على المنعم؟! ألا يعلم هذا الذي استعمل نعمة النطق نعمة الكلام في السوء والفحشاء، أنه قد قابل الإحسان بالإساءة، والنعمة بالكفران!! وهل يعلم من قابل إحسانه بالإساءة ونعمته بالكفران، إنه ربه الذي خلقه وسواه وأحسن صورته، إنه إلهه المعبود بحق ألا يستحي من ربه ويتقيه ويقلع عن الإساءة ويندم قبل فوات الأوان يجدر به أن يفعل ذلك!!.

فاتقوا الله -عباد الله- واحذروا المخالفة، والزموا طاعة ربكم ولا يغرنكم بالله الغرور فإن أعداءكم يحسدونكم على هذه النعمة التي تعيشونها وقد حرموا منها، كما قال تعالى: (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ)[النساء: 54]، وقال عن كثير منهم: (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)[البقرة: 109]، وقال سبحانه: (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً)[النساء: 89]؛ أي: سواء في الكفر والجحود، ولكنهم يفوقون المسلمين في العتاد والسلام والصناعة، فليحذر المسلمون أن تنطلي عليهم حيل أعدائهم ومكرهم وأن يكونوا عوناً لهم على باطلهم وضلالهم وليحذر المسلمون من التفريط في دينهم القويم والتساهل بأحكامه.