العظيم
كلمة (عظيم) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) وتعني اتصاف الشيء...
العربية
المؤلف | عايد بن علي القزلان التميمي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | صلاة العيدين |
المجزئ من الضأن ما تمَّ له ستة أشهر، ومن المعز ما تمَّ له سَنَة، ومن الإبل ما تمَّ له خمس سنين، ومن البقر ما تم له سنتانِ، ولا تجزئ العوراءُ البيِّنُ عَوَرُها، ولا العَرجاءُ البيِّنُ ظَلَعُها، ولا المريضة البيِّن مرضها، ولا الهزيلة ولا العضباء؛ التي قُطِعَ أكثر أذنها أو...
الخطبة الأولى:
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
الحمد لله الذي سهَّل لعباده طريق عبادته، وأفاض عليهم من خزائن جوده وكرمه، فما مضى يومُ عرفه إلا وتبعه يوم النحر وأيام التشريق مواسم خص الله -عز وجل- بها هذه الأمة لكي تتجه وتربح لآخرتها، فالسعيد مَنْ وفَّقه اللهُ، والمحروم مَنْ حُرِمَ هذا الفضلَ.
أحمده -سبحانه- وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه ومن اقتفى أثره واهتدى بهداه.
أما بعد: فيا عبادَ اللهِ: أوصيكم ونفسي بتقوى الله.
أيها المؤمنون: في السنة التاسعة من الهجرة بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبا بكر -رضي الله عنه- أميرًا على الحج، ليقيم بالمسلمين المناسك، ثم بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- بعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه- ليلحق بأبي بكر -رضي الله عنه-؛ ليكون مُبّلغًا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لكونه عَصَبَةً له".
فلما رآه أبو بكر سأله: "أَأَميرٌ أَمْ مأمور؟ قال: بل مأمورٌ، ثم مَضَيَا".
حتى إذا كان يوم النحر قام علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- فأَذَّنَ في الناس بالذي أمره به رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فقال: "أيها الناس، إنه لا يدخل الجنة كافرٌ، ولا يحج بعد العام مشركٌ، ولا يطوف بالبيت عريانٌ".
اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ لا إله إلا الله، اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ ولله الحمد.
عباد الله: لقد كانت حجة أبي بكر -رضي الله عنه- تمهيدًا لحج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في العام العاشر، وإعلانًا على أن عهد الشرك قدْ تولَّى وانتهى، فبعد هذا الإعلان قامت القبائل بإرسال وفودها معلنةً إسلامَها ودخولَها في التوحيد، ثم كانت حجة النبي -صلى الله عليه وسلم- في العام الذي بعده؛ العاشر، ومعه أكثر من مائة ألف من المسلمين، والتي عُرِفت بحجة الإسلام، لأنه -صلى الله عليه وسلم- لم يحج غيرها، وحجة الوداع، فقد ودَّع الناسَ فيها ولم يحج بعدها، وعُرِفت كذلك بحجة البلاغ؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- بلَّغ الناس شرعَ الله في الحج قولا وعملا، ولم يكن بقي من دعائم الإسلام وقواعده شيء إلا وقد بيَّنه صلوات الله وسلامه عليه، وقد أنزل الله -عز وجل- عليه بعرفة: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا)[المائدة: 3].
اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ لا إله إلا الله، اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ ولله الحمد.
عباد الله: ولقد خطب صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع خطبة عظيمة والتي قال فيها صلى الله عليه وسلم: " أيها الناس، إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا...". وفي خطبته -صلى الله عليه وسلم- حرَّم الربا فقال: "وَرِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ، وَأَوَّلُ رِبًا أَضَعُ رِبَانَا رِبَا عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ"، وحث على حُسْن معاملة النساء فقال: "فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ"، وحث على التمسك بكتاب الله فقال: "وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ؛ كِتَابَ اللَّهِ، وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّي فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟ قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ. فَقَالَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ يَرْفَعُهَا إِلَى السَّمَاءِ وَيَنْكُتُهَا إِلَى النَّاسِ: اللَّهُمَّ اشْهَدِ، اللَّهُمَّ اشْهَدْ. ثَلَاثَ مَرَّاتٍ".
عباد الله: لقد قرر النبي -صلى الله عليه وسلم- في خطبته حرمةَ الدماء؛ أي قتل النفس، وحرمة الأموال والأعراض، وتحريم التعامل بالربا، الذي هو أسوأ ما تعاملت به الإنسانية في شؤونها المالية، فكم خرَّب من بيوت عامرة، وكم دمَّر من قُرًى قائمة، وكم جلب من محن وبلايا.
اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ لا إله إلا الله، اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ ولله الحمد.
عباد الله: لقد ضحَّى صلَّى الله عليه وسلَّم بكبشين أملحين أقرنين؛ أحدهما عن محمد وآل محمد، والآخَر عن أمَّة محمد.
فبادِرُوا -رحمكم الله- إلى إحياء هذه السُّنَّة الجليلة، ولا تبخَلُوا بالمال الذي أنعَمَ الله به عليكم، وتُجزئ الشاةُ عن الرجل وأهل بيته، والبَدَنة تقومُ مقام سَبَع شِياه، والبقرة تقومُ مقام سبع شياه.
المجزئ من الضأن ما تمَّ له ستة أشهر، ومن المعز ما تمَّ له سَنَة، ومن الإبل ما تمَّ له خمس سنين، ومن البقر ما تم له سنتانِ، ولا تجزئ العوراءُ البيِّنُ عَوَرُها، ولا العَرجاءُ البيِّنُ ظَلَعُها، ولا المريضة البيِّن مرضها، ولا الهزيلة ولا العضباء؛ التي قُطِعَ أكثر أذنها أو قرنها، ولا الهتماء التي ذهبت ثَناياها من أصلها، ولا الجدباء التي نشف ضرعها ويبس من الكِبَر.
والسنَّة نحرُ الإبل قائمةً معقولةً يدها اليُسرَى، وذبح البقر والغنم على جنبها الأيسر موجَّهة إلى القبلة، ويجب أنْ يقول عند الذبح: بسم الله، ويستحب أنْ يقول: اللهُ أكبرُ.
والسُّنَّة أنْ يأكل منها ثلثًا، ويتصدَّق بثلث، ويهدي ثلثًا، ولا يبيع جلدها ولا شيئًا منها، ولا يُعطي الجزارَ أجرته منها، ووقتُ الذبح من انقِضاء صلاة العيد إلى آخِر اليوم الثالث من أيَّام التشريق.
اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ لا إله إلا الله، اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ ولله الحمد.
بارك الله لي ولكم |
الخطبة الثانية:
الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الذي شرع لعباده التقربَ إليه بذبح القربان، وقرَن النحرَ بالصلاة في مُحكم القرآن، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو الفضل والامتنان، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أفضل مَنْ قام بشرائع الإسلام وحقَّق الإيمانَ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليما.
أيها المسلمون: أدُّوا الصلاةَ المفروضةَ؛ فإنها عمود الإسلام، والفارق بين الكفر والإيمان، وأَدُّوا ما فرضه الله عليكم واحذروا الوقوع في المعاصي في السر والعلن.
اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ لا إله إلا الله، اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ ولله الحمد.
يا نساء المسلمين: اتقين الله -تعالى- في واجباتكن التي أمركن الله بها، والتزمن بآداب الإسلام، قال تعالى: (فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ)[الأحزاب:32-33].
فأبشري -أيتها المرأة المسلمة- بهذا الحديث قال فيه صلى الله عليه وسلم: "إذا صلَّت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وأَحْصَنَتْ فَرْجَها، وأطاعت زوجَها، قيل لها: ادخُلِي الجنةَ مِن أيِّ أبوابِ الجنةِ شِئْتِ".
اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ لا إله إلا الله، اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ ولله الحمد.
عبادَ اللهِ: فأكثروا -رحمكم الله- من ذكر الله وتكبيره في يوم العيد وأيام التشريق، امتثالًا لأمر ربكم -تبارك وتعالى-، واستنانًا بسُنَّة نبيكم، واقتداء بسلفكم الصالح، فقد كان الصحابة -رضي الله عنهم- يكبِّرون في هذه الأيام الفاضلة.
عباد الله: صلوا وسلموا على رسول الله...