القدير
كلمة (القدير) في اللغة صيغة مبالغة من القدرة، أو من التقدير،...
العربية
المؤلف | صالح بن عبد الله الهذلول |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الدعوة والاحتساب - الصيام |
ولعل هذا من أقوى الأسباب وأبلغها في جفاف الروحانيات التي يشكو منه الكثير، ويتبرم ويتضايق من أن نفسه لا تقبل على العبادة، ولا تتأثر بالمواعظ وخاصة القرآن، ربما دخل الشهر الكريم وخرج وعينه لم تدمع خشية لله أو خوفًا منه، بل ترقب -وبكل شوق- متى ينتهي شهر رمضان.
أما بعد: مظاهر غير محمودة تقع خاصة في رمضان، وفيها من التفريط وتفويتِ نيل الأجر الشيء الكثير، بل إنها تعرّض صاحبها لاقتراف الذنوب وتحمّل الأوزار، ذلكم ما يشاهد في شاشات التلفزيون من المسلسلات؛ وخاصة الشعبية منها، والتي يؤجّل عرضها -مع الأسف- حتى تثبت رؤية هلال رمضان، وكأنّ رمضان عندهم شهر الهزل وتضييع الأوقات والضحك والسهر.
إن المسلسلات من هذا النوع؛ لتفعل في نفوس مشاهديها ما تعجز عنه أمضى خطط المكر والتمييع؛ إذ إن هدف الأعداء تفريغ رمضان من معانيه الإيمانية والنفسية والصحية، فإذا تم لهم ذلك بأي وسيلة فهو المطلوب، فضلاً عما يعرض من المباريات الرياضية والأغاني التي يسمونها الأغاني الرمضانية!!
ولعل هذا من أقوى الأسباب وأبلغها في جفاف الروحانيات التي يشكو منه الكثير، ويتبرم ويتضايق من أن نفسه لا تقبل على العبادة، ولا تتأثر بالمواعظ وخاصة القرآن، ربما دخل الشهر الكريم وخرج وعينه لم تدمع خشية لله أو خوفًا منه، بل ترقب -وبكل شوق- متى ينتهي شهر رمضان.
أيها المسلم: إذا كنت جادًّا في إصلاح نفسك واغتنام فرصةِ عمرك والتزود للآخرة فأقلع عما يصرفك عن الطاعات: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا) [طه: 132]، واحرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وستجد انشراح صدرك وإقبال نفسك على فعل الخير والتوجه إليه والفرح بالظفر به والانتفاع.
ومسألة أخرى -معاشر الصائمين- تتعلق بإهدار الوقت في رمضان، ألا وهي الرّكض وراء المسابقات الرمضانية التي يُتعمَّد هي الأخرى نشرها في رمضان، سواء ما كان منها في الجرائد أو الإذاعات المحلية والخارجية، ومنها ما يشاهد في محطات التلفزة، وهي مع ما تضيّعه من الأوقات المتمثّل فيما يجري من المكالمات التليفزيونية بين الشباب بعضهم مع بعض، بحثًا عن حلّ السؤال الفلاني أو التأكد من الجواب، وما يتم بين الفتيات ربما يفوق مثيله عند الشبان.
إن ذلكم مع ما يضيعه من الوقت فإن بعضًا من المسابقات يدخل في تعاملاتها الميسر، والميسر -كما هو معلوم- محرم شرعًا؛ لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ) [المائدة:90، 91]، وهو كلّ معاملة يدخل فيها المتعامل في الجهالة، لا يدري هل يغنم أو يغرم، ومعاملةٌ هذا شأنها تُعوِّد متعاطيها على البطالة والكسل وهجر الأعمال المشروعة.
تُطرح في المسابقات الرمضانية وغيرها بطاقاتٌ تباع بأثمان مختلفة، لا يحق لأحد الدخول في المسابقة حتى يشتري هذه البطاقة، فحاله الآن إذًا غارم، فإذا أدخل بطاقته كرخصة دخول فيحتمل أن يكون جوابه صحيحًا فيغنم، كما يحتمل أيضًا خطؤه فيغرم. هذا من جانب. ومن جانب آخر فالبطاقات التي يبيعها منظمو المسابقة كثيرة، بينما الفائزون عددهم محدود، فمن هذا الباب دخلت في حكم الميسر.
فاتقوا الله -أيها المسلمون- في دينكم، واتقوه في صيامكم، فإنه ما شرع إلا من أجل بناء التقوى وعمارتها في القلوب، قال الله -جل شأنه-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة: 183].
فهل يجد المنشغلون والمتابعون للمسلسلات والمباريات والمسابقات، هل يجدون بعدها تقوى أم يجدون ضدها؟!
اللهم حبب إلينا الإيمان.
الخطبة الثانية
لم ترد.