البحث

عبارات مقترحة:

الرزاق

كلمة (الرزاق) في اللغة صيغة مبالغة من الرزق على وزن (فعّال)، تدل...

المولى

كلمة (المولى) في اللغة اسم مكان على وزن (مَفْعَل) أي محل الولاية...

الرفيق

كلمة (الرفيق) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) من الرفق، وهو...

يوم عرفة

العربية

المؤلف ملتقى الخطباء - الفريق العلمي
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الدعوة والاحتساب -
عناصر الخطبة
  1. فضائل يوم عرفة .
  2. رحمات الله على العِباد يوم عرفة .
  3. عظمة مشهد عرفات .
  4. من عِبَر وحِكَم يوم عرفة .
  5. لُبّ العبوديَّة وأساسُها يوم عرفة .

اقتباس

مشهد عرفات منظرٌ لم ترَ أهيب منه العيونُ، وموطنٌ لم تَخشَع في مثله القلوبُ، فسبحان مَن علَّق الأرواح بتلك الديار الجدباء، حيث لا ظِلَّ فيها ولا نظارة ولا ماء، وإنما تحمل في محيطِها الشعور والمشاعر التي لا يُنسِيها الزمان، ولا تمحُوها...

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وتابعيهم وسلم تسليمًا كثيرًا.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آلعمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب:70-71].

أما بعد: فإنَّ خير الحديث كتابُ الله، وخير الهدي هديُ محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

أيها المسلمون: حديثنا اليوم عن يوم مبارك من أيام شهر ذي الحجة، شرَّفه الله وفضَّله بفضائل عظيمة، اليوم الذي خصَّه الله بالأجر الكبير والثواب العظيم عن كل أيام السنة، اليوم الذي يعمَّ الله عباده بالرحمات، ويكفِّر عنهم السيئات ويمحو عنهم الخطايا والزلات ويعتقهم من النار.. اليوم الذي يُرَى فيه إبليس صاغرًا حقيرًا.. اليوم الذي أكمل الله فيه الدين وأتم النعم على المسلمين..

إنه يوم عرفة... يوم التجليات والنفحات الإلهية، يوم العطاء والبذل والسخاء، اليوم الذي يقف فيه الناس على صعيد واحد مجردين من كل آصرة ورابطة إلا رابطة الإيمان والعقيدة، ينشدون لرب واحد ويناجون إلهاً واحداً، إله البشرية جميعاً، يهرع المسلمون من كل حدب ويتوافدون من كل فج إلى رحاب الله، ويجتمعون في أماكنه المقدسة ملبين وداعين لله، ذاكرين وحامدين، راكعين وساجدين، وإلى ربهم منيبين.

عباد الله: عرفة... ما أعظمه من يوم، وما أشرَفَ وأطيب ساعاته، موسمٌ من مواسم الإيمان، له في القلب لوعة وشان، ما أشرَقَت الشَّمس في دهرها على يومٍ خير منه.

يوم عظيم عند أهل الأرض وملائكة السَّماء، أقسَمَ به المَلِك العظيم، وهو -سبحانه- لا يُقسِم إلاَّ على أمرٍ عظيم؛ فقال - جلَّ في علاه -: (وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ)[البروج:3].

قال -صلَّى الله عليه وسلَّم-: "اليوم الموعود يومُ القيامة، واليوم المشهود يومُ عرَفة، والشاهِد يومُ الجمعة"(رواه الترمذي وحسَّنه الألباني).

إخوة الإيمان: كيف لا يكون ذلك اليوم زمانه مشهود، ومِيقاته في الدهر محفور، وقد أتَمَّ الله فيه النعمة، وأكمل الدين؟

أتَمَّ فيه النعمة بالعفو والرحمة عن العباد، وإتمام النعمة الإلهيَّة يتجلَّى بالعفو والمغفرة؛ وأكمَلَ الله -عزَّ وجلَّ- في هذا اليوم الدين، فعاد الحج على ملَّة إبراهيم - عليْه السلام - بالتوحيد الخالص، بعد أنْ كان ملطخًا بالشِّرك والوثنيَّة.

وأكمَلَ الله فيه الدِّين يوم أنْ حجَّ المسلِمُون عامَهم ذلك مع النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- فكمل بذلك دينهم؛ لاستِكمال عمَل أركان الإسلام كلِّها. وأنزَلَ الله -عزَّ وجلَّ- في هذا اليوم العظيم قولَه -تعالى-: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)[المائدة:3]، وقال أحدُ أحبار اليهود لعمر بن الخطاب –رضي الله عنه-: آيةٌ في كتاب ربِّكم لو علينا -معاشر اليهود- نزَلتْ لاتخذنا ذلك اليوم عيدًا، فقال عمر: أيُّ آية؟ فقال: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)[المائدة:3]، فقال عمر: قد عرفنا ذلك اليوم، والمكان الذي نزَلتْ فيه على النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- وهو قائمٌ بعرفة يوم الجمعة.

إخوة الإيمان: في هذا اليوم العظيم تتجلَّى رحمةُ الله على العِباد، ويُفِيض الملك الديَّان من خَزائِن مُلكِه الشيءَ العظيم، فيَرحَم العِباد، ويُجِيب السُّؤال، ويجبر الكَسِير، ويُيسِّر العَسِير، ويدنو الجبَّار ملك السموات والأرض من السماء الدنيا، فيُباهِي بأهل الأرض ملائكةَ السماء، ويقول: "انظُرُوا إلى عِبادي، أتَوْني شُعثًا غُبرًا ضاحين من كُلِّ فجٍّ عميق، أُشهِدكم أنِّي قد غفرتُ لهم".

ويعتق الرحمن من النار في ذلك اليوم الأفواجَ الكثيرة، والأعدادَ العظيمة، قال - صلَّى الله عليه وسلَّم-: "ما من يومٍ أكثر عتقًا من النار من يوم عرفة"(رواه مسلم في صحيحه).

ويَرى الشيطان هذا العَطاءَ الإلهيَّ المنسكب على أهل الموقف، فيصغر شأنُه، ويندَحِر أمرُه، ويَزداد حَقارةً إلى حَقارته.

إخوة الإيمان: مشهد عرفات منظرٌ لم ترَ أهيب منه العيونُ، وموطنٌ لم تَخشَع في مثله القلوبُ، فسبحان مَن علَّق الأرواح بتلك الديار الجدباء، حيث لا ظِلَّ فيها ولا نظارة ولا ماء، وإنما تحمل في محيطِها الشعور والمشاعر التي لا يُنسِيها الزمان، ولا تمحُوها الأيَّام، قد جعَل الله -سبحانه- في هذا المنسك من العِبَر والعَبَرات، والذِّكرى والعظات ما يزيد الإيمان، ويغرس التقوى.

من تلك العِبَر:

- مشهد الوفود في عرفات، يرى المسلم بعينِه ألوانَ الناس من كلِّ الأجناس، قد اختَلفَتْ ديارُهم، وتعدَّدتْ لغاتهم، وتنوَّعت حاجاتهم، يجتَمِعون في صعيدٍ واحد، وزيٍّ واحد، وهتاف واحد، يدعون ربًّا واحدًا، يجأرون إليه بقلوبٍ أحرَقَها الشوقُ، وألهبَها الحنينُ، فلا تسمع بين تلك الجموع إلاَّ تأوُّهات التائبين، وأنين الخاشِعين، وضَراعة المفتقرين.

إنَّه بحقٍّ مشهدٌ يُهيج العَبَرات، ويسكب الدمعات.

هَذِي ضُيُوفُكَ يَا إِلَهِي تَبْتَغِي

عَفْوًا وَتَرْجُو سَابِغَ البَرَكَاتِ

وَفَدُوا إِلَى أَبْوَابِ جُودِكَ خُشَّعًا

وَتَزَاحَمُوا فِي مَهْبِطِ الرَّحَمَاتِ

فَاقْبَلْ إِلَهَ العَرْشِ كُلَّ ضَرَاعَةٍ

وَامْحُ الذُّنُوبَ وَكَفِّرِ الزَّلاَّتِ

عرفات تجسيدٌ عمليٌّ لقول المولى -عزَّ وجلَّ-: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ)[الأنبياء:92].

والله لو عملتْ الأمَّة ما عملتْ، وبذَلت كلَّ وسعها على أنْ تجتمع في مكانٍ واحدٍ، وهدف واحد، وكلمة واحدة - لما استَطاعَتْ أنْ تجتَمِع بمثْل اجتماعِها في هذا المحفل المشهود والمؤتمر العالمي. (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)[يونس:58].

- في عرفات تتجلَّى للمسلم حقيقةُ الدنيا؛ فلا يرى أحدًا يَبنِي فيها دُورًا، ولا يشيد قُصورًا؛ لأنَّها ساعاتٌ قلائل، ثم يَأتِي الرَّحِيل، ويستعدُّ العبد لما بعد ذلك اليوم، ثم بعد ذلك الرحيل إلى دياره الأولى، ومَعاقِله الأصيلة.

فيغرس العبد في قلبه مع هذه المعاني شجرةَ الزهد، فيَعلَم أنَّه في هذه الدنيا كأنَّه غريبٌ أو عابرُ سبيل، فلماذا يكون بها ولأجلها منشغِلاً، فكأنَّه عنها غير مرتحل.

- في عرفات يتجرَّد الجميع من مخيطِهم، ويُضَحُّون لربِّهم، مُستَجِيبين لندائه، في بقعةٍ محدودة قد ضاقَتْ بها الخلائق، الكلُّ مشغولٌ بحالِه، راجيًا من ربِّه نوالَه، فيستَشعِر العبد مع تلك المناظرِ المشهدَ العظيم، والحشرَ المهول في عرَصَات القيامة؛ (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ)[المطففين:6]؛ إنَّه بحقٍّ منظرٌ يُوقِظ العقول اللاهية، ويُحيِي القلوب الغافلة.

- هناك في عرفات تَزُول الطبقيَّة، وتَتهاوَى المُفاخَرة؛ فلا عظيم هناك ولا حقير، ولا مأمور ولا أمير، ولا غني ولا فقير، الناسُ في موطن عرفات سواسيةٌ كأسنان المشط، لا فضلَ للونٍ على لون، ولا تميُّز لجنسٍ على جنس، وهذه هي شريعةُ السماء، قد شهدت عرفات أنَّ خير البشر -صلَّى الله عليه وسلَّم- قد دوَّى صوتُه بين جنباتها بقوله: "كلُّكم بنو آدم، وآدمُ من تراب، ليس لعربيٍّ على أعجميٍّ فضلٌ، ولا لأعجميٍّ على عربيٍّ فضلٌ، ولا لأسود على أحمر فضل، ولا لأحمر على أسود فضل إلاَّ بالتقوى، إنَّ أكرمكم عند الله أتقاكم".

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله؛ وبعد:

أيُّها المؤمنون: إن يوم عرفة يوم يرجى إجابة الدعاء فيه، ودعاء العبد لربِّه وافتِقارُه إليه هو لُبُّ العبوديَّة وأساسُها، والدُّعاء في هذا اليوم بخاصَّة له عند الرحمن شأنٌ وأي شأن؛ يقول - عليه الصلاة والسلام -: "خَيْرُ الدُّعاءِ دعاءُ يوم عرفة، وخيرُ ما قلتُ أنا والنبيُّون من قبلي: لا إله إلاَّ الله وحدَه لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ"(رواه الترمذي وغيرُه، وهو حديثٌ حسن).

عباد الله: ويوم عرفة يباهي الله ملائكته بأهل الموقف؛ فعَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَا مِنْ أَيَّامٍ أَفْضَلُ عِنْدَ اللهِ مِنْ أَيَّامِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ، قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، هُنَّ أَفْضَلُ أَمْ عِدَّتُهُنَّ جِهَادًا فِي سَبِيلِ اللهِ، قَالَ: هُنَّ أَفْضَلُ مِنْ عِدَّتِهِنَّ جِهَادًا فِي سَبِيلِ اللهِ، وَمَا مِنْ يوْمٍ أَفْضَلُ عِنْدَ اللهِ مِنْ يوْمِ عَرَفَةَ يَنْزِلُ اللَّهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيُبَاهِي بِأَهْلِ الأَرْضِ أَهْلَ السَّمَاءِ، فَيَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي شُعْثًا غُبْرًا ضَاحِينَ جَاؤُوا مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ يَرْجُونَ رَحْمَتِي، وَلَمْ يَرَوْا عَذَابِي، فَلَمْ يُرَ يَوْمٌ أَكْثَرُ عِتْقًا مِنَ النَّارِ مِنْ يوْمِ عَرَفَةَ"(صحيح ابن حبان).

عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِى بِهِمُ الْمَلاَئِكَةَ فَيَقُولُ مَا أَرَادَ هَؤُلاَءِ"(رواه مسلم).

نعم؛ هكذا يباهي الله بأهل عرفة ملائكة السماء، ويقول لهم بكل حب وفخر: "انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي شُعْثًا غُبْرًا ضَاحِينَ جَاؤُوا مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ يَرْجُونَ رَحْمَتِي، وَلَمْ يَرَوْا عَذَابِي".

أيها الإخوة المسلمون: ولئنْ حازَ الحاجُّ أجرَ المغفرة والرحمة والمباهاة، فإنَّ فضْل الله الوهَّاب على عباده الصائمين الذين لم يحجُّوا قد طاب بإجابة دُعائِهم، وتَكفِير سيِّئاتهم، وستْر عيوبهم يُسأَل النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- عن صوم يوم عرفة، فيقول: "يُكفِّر السنة الماضية والباقية"(رواه مسلمٌ وغيره).

صيام يوم عرفة مستحب لغير الحاج، أمّا الحاج فلا يسن له صيام يوم عرفة؛ لأنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- ترك صومه، وروي عنه أنّه نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة؛ فليحرص المسلم على صيامه، وليأمر كل منا أهله، ولنجعله يوما رمضانيًّا من أجل أن ننال مغفرة الله تعالى.

فاتَّقوا الله -أيُّها المؤمنون-، وأحسِنُوا استِغلالَ هذا اليوم، فما هو إلاَّ ساعات معدودة، ولحظات محدودة، فاغتَنِموها - رحمكم الله- بالتوبة والاستغفار، والذِّكر والقرآن، والتضرُّع والدعاء، حَقِّقوا رَجاءَكم بربِّكم بحسن الظنِّ به، تجرَّدوا إلى ربِّكم بنُفُوسٍ زكيَّة، وقلوبٍ مُخبِتة، ودعاء صادق خالص.

استَغفِروا الرحمن في يوم الرحمة على ما مضى وكان، فإنَّ ربَّكم غفورٌ رحيم، جواد كريم، يستَحي من عباده إذا رفَعُوا إليه أيديهم أنْ يردَّهم صفرًا.

وهو -سبحانه- يحبُّ ندَم التائبين، وتوبة النادِمين، يعفو عن الزلاَّت، ويَغفِر السيِّئات؛ حتى ولو كانت تلك الخطيئات مثلَ زبَدِ البحر أو مثل رمل عاج، أو كعدد أيَّام الدنيا - لَمَحاها الرحيم كما يمحو الليلَ النهارُ.

اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.

هذا؛ وصلوا وسلموا على رسول الله...