الوتر
كلمة (الوِتر) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل، ومعناها الفرد،...
العربية
المؤلف | عبدالله عوض الأسمري |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك - المنجيات |
وصلاح القلب وسلامته هو أن يكون سليماً موحداً لله، يكره الشرك، ويكره الكفر وأهله، وأن يكون بعيداً عن الشهوات يكره الزنا واللواط وشرب الخمر، وكل الشهوات المحرمة عموماً. ويكون سليماً من الحقد والغل والحسد والكبر، وكل أمراض القلوب والرياء.
الخطبة الأولى:
الحمد لله حمداً كثيراً مباركاً فيه، والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً، وبعد:
أوصيكم ونفسي بتقوى الله -عز وجل-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران:102].
عباد الله: يقول الله -عز وجل-: (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)[الشعراء:88-89].
والقلوب أنواع ثلاثة؛ قلب سليم، وقلب ميت، وقلب مريض.
فالقلب السليم هو قلب المؤمن، والقلب الميت هو قلب الكافر أو المشرك، والذي لا يعمل بما جاء في القرآن الكريم والسنة المطهرة. أما القلب المريض فهو قلب فيه إيمان وشهوات أو شبهات؛ فمرة يتأثر بالقرآن والسنة والعمل بها، ومرة تغلب عليه المعاصي والشهوات كالزنا وغيره أو الشبهات؛ كالشك في القرآن والسنة، فإن غلب على هذا القلب الدين والإيمان فهو مع المؤمنين مع القلوب المؤمنة السليمة، وإن غلب عليه المعاصي فهو مع القلوب الميتة.
فلنحذر من القلوب السيئة، وهي القلوب الميتة والقلوب المريضة، وعلينا أن نهتم بالقلوب السليمة، وأن نعمل الأسباب حتى تكون قلوبنا سليمة؛ لأنها التي تنفع صاحبها يوم القيامة.
ففي حديث النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- قال -صلى الله عليه وسلم-: "ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله؛ إلا وهي القلب"(متفق عليه). وصلاح القلب وسلامته هو أن يكون سليماً موحداً لله، يكره الشرك، ويكره الكفر وأهله، وأن يكون بعيداً عن الشهوات يكره الزنا واللواط وشرب الخمر، وكل الشهوات المحرمة عموماً.
ويكون سليماً من الحقد والغل والحسد والكبر، وكل أمراض القلوب والرياء. ويكون سليماً بعيداً عن حب الدنيا والإقبال عليها، ويكون مقبلاً على الله والدار الآخرة؛ هذا هو القلب السليم الذي ينفع صاحبه يوم القيامة.
أما القلب الذي فيه شرك أو كفر، أو شبهات أو شهوات، أو أحقاد أو حسد، أو كِبر على المسلمين؛ فإن هذا قلب مريض، ويحتاج صاحبه أن يعالج نفسه من هذه الأمراض التي ربما تجعله قلباً ميتاً مع قلوب المنافقين أو تجعله بين المرض والموت.
سُئِلَ النبي -صلى الله عليه وسلم-: أيّ الناس أفضل؟ قال -صلى الله عليه وسلم-: "كل مخموم القلب صدوق اللسان"، قالوا: صدوق اللسان نعرفه، فما مخموم القلب؟ قال: "هو التقي النقي لا إثم عليه ولا بغي ولا غل ولا حسد"(صححه الألباني).
هذا هو أفضل القلوب؛ القلب التقي النقي الموحد لله الذي يقوم بما أوجب الله عليه في القرآن والسنة، ويحب للآخرين ما يحب لنفسه، ليس في قلبه غل أو حسد على عباد الله.
عباد الله: قد يهتم كثير من الناس بأعمال الجوارح والأمور الخارجية في الدين؛ كالصلاة والزكاة والحج، وغيرها، لكن تجد قلبه مريضاً بالشهوات أو الشبهات في الدين، أو حب الدنيا أو الغل أو الحسد، نسأل الله السلامة والعافية، وقد ثبت في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم"(رواه مسلم).
فاهتموا -عباد الله- بأعمال القلوب، لذلك كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يكثر من دعائه: "يا مقلِّب القلوب ثبِّت قلبي على دينك"(رواه الترمذي) وكان من دعائه -صلى الله عليه وسلم-: "اللهم إني أسألك قلبًا سليمًا"، فنسأل الله -عز وجل- قلوبًا سليمة، وأن يثبِّت قلوبنا على الدين.
أقول ما سمعتم، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله والصلاة والسلام على محمد وآله وصحبه وسلم.
عباد الله: عرفنا القلب السليم، وأنه ينجِّي صاحبه يوم القيامة، فعلينا أن ننظر في قلوبنا هل فيها شيء من هذه الأمراض؛ إما شكًّا في الدين، أو فيها شهوة من الشهوات التي لا زالت فيه كِبْر أو غِلّ أو حقد أو حسد على عباد الله.
فمن وجد شيئًا من ذلك فعليه أن يعالج نفسه بالدعاء؛ فالدعاء عمل فعَّال يذهب عنك ما تجد في قلبك من مرض، ومعالجة هذه الأمراض في الدنيا خير لك أن يستمر معك بعد موتك ثم تحاسب بهذا الذنب الذي يبقي معك بعد الموت؛ لأن القلوب المريضة والميتة إن لم تكن سليمة فسوف تحاسب يوم القيامة، نسأل الله أن يجعل قلوبنا سليمة.
ألا وصلوا وسلموا على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصبحه وسلم؛ فقد أمركم الله بذلك فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب:56]، فاللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، اللهم اغفر لنا ذنوبنا ولوالدينا وجميع المسلمين الأحياء منهم والأموات.
اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلِّ اللهم وسلم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.