الواسع
كلمة (الواسع) في اللغة اسم فاعل من الفعل (وَسِعَ يَسَع) والمصدر...
العربية
المؤلف | علي بن يحيى الحدادي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الدعوة والاحتساب |
أعظم ما يُوصَى بقراءته هو كتاب الله فعليكم بالقرآن اقرؤوه ليلاً ونهاراً وسراً وجهاراً في بيوتكم في مساجدكم وحيث كنتم. فإنه أعظم كتاب وأجل كتاب وأصدق كتاب وأنفع كتاب، هو كتاب الله، وهو كلام الله، هو الروح والحياة للقلوب. وهو لهذه الأمة الشرف والعز والسناء، وهو للقلوب والأبدان من أمراضها الدواء والشفاء..
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله واعمروا أوقاتكم بما ينفعكم من العلم النافع والعمل الصالح؛ فإن العمر ميدان الزراعة والحرث للآخرة، وهو الفرصة للأخذ بأسباب الفوز والظفر يوم القيامة؛ حيث كلٌّ خاسر إلا من آمن وعمل صالحاً، قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)[الحشر:18]، وقال -تعالى-: (وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)[العصر:1-3]
وإن من أفضل وأحسن ما يستغل به الوقت القراءة النافعة؛ فإن القراءة من أهم وسائل تحصيل العلوم النافعة، ولعظم شأن القراءة كان أولُ ما أنزل على النبي -صلى الله عليه وسلم- من القرآن: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ)[العلق:1-5]. فأمر الله نبيه أن يقرأ باسم ربه -جلّ جلاله-، وامتن على العباد أن علمهم القراءة والكتابة، ولا شك أنها نعمة جليلة لكونها الوسيلة التي يحفظ الناس بها ما يحتاجون إلى حفظه من العلوم والحقوق وغيرها.
وإن مما يؤسف له أن تذهب أوقات كثير من الناس سدى وتمشي أعمارهم سبهللا؛ أي: في غير نفع ولا فائدة من أمر دين ولا دنيا، مع أن القراءة النافعة دانية الأسباب في متناول اليد.
فيا أيها الشباب خاصة، ويا أيها المسلمون عامة: احرصوا على القراءة النافعة، وصاحبوا الكتب، وأدمنوا النظر فيها لتزدادوا علماً إلى علومكم وعقولاً إلى عقولكم، وتجارب إلى تجاربكم.
ولا بد أن يكون عند المسلم ضوابطُ لهذه القراءة لئلا تعود عليه وبالاً ودماراً: ومنها:
أولاً: أن يكون الكتاب سليماً من المخالفات العقدية فلا يقرأ كتب الملاحدة ولا كتب الفرق الضالة ككتب الروافض والخوارج والصوفية وأمثالهم من المنحرفين في الاعتقاد.
ثانياً: أن يكون موضوع الكتاب مما ينفع المسلم في أمر دينه، أو دنياه. أما أن تضيع الساعات والأيام والليالي في كتاب أو كتب لا تنفع في دين ولا دنيا؛ فهي خسارة عمر نفيس ما كان ينبغي أن تضيع.
ثالثاً: أن يكون مستوى الكتاب مناسباً لمستوى القارئ في العلم والفهم واللغة حتى يفهم ما يقرأ. أما من يقرأ مالا يفهم فقد أضاع وقته من جهة، وربما فهم الكتاب على غير المعنى المراد فيكون بقراءته تلك جاهلاً جهلاً مركباً وذلك أقبح صور الجهل.
رابعاً: إذا كان الكتاب من كتب المتون التي تحتاج إلى شرح ولا سيما للمبتدئ في العلم فليحرص على قراءته على معلم ناصح حاذق حتى يفهم المتن الفهم الصحيح.
إخوة الإيمان: إذا ذُكرت القراءة كان أعظم ما يُوصَى بقراءته هو كتاب الله فعليكم بالقرآن اقرؤوه ليلاً ونهاراً وسراً وجهاراً في بيوتكم في مساجدكم وحيث كنتم. فإنه أعظم كتاب وأجل كتاب وأصدق كتاب وأنفع كتاب، هو كتاب الله، وهو كلام الله، هو الروح والحياة للقلوب. وهو لهذه الأمة الشرف والعز والسناء، وهو للقلوب والأبدان من أمراضها الدواء والشفاء. قال –تعالى-: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا)[الإسراء:82]، وقال -تعالى-: (لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ)[الأنبياء:10].
وجاء في الأثر وصف القرآن بأنّ: "فِيهِ نَبَأُ مَا قَبْلَكُمْ، وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ، وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ، هُوَ الْفَصْلُ لَيْسَ بِالْهَزْلِ، هُوَ الَّذِي مَنْ تَرَكَهُ مِنْ جَبَّارٍ، قَصَمَهُ اللَّهُ، وَمَنْ ابْتَغَى الْهُدَى فِي غَيْرِهِ، أَضَلَّهُ اللَّهُ، فَهُوَ حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِينُ، وَهُوَ الذِّكْرُ الْحَكِيمُ، وَهُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ، وَهُوَ الَّذِي لَا تَزِيغُ بِهِ الْأَهْوَاءُ، وَلَا تَلْتَبِسُ بِهِ الْأَلْسِنَةُ، وَلَا يَشْبَعُ مِنْهُ الْعُلَمَاءُ، وَلَا يَخْلَقُ عَنْ كَثْرَةِ الرَّدِّ، وَلَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَنْتَهِ الْجِنُّ إِذْ سَمِعَتْهُ أَنْ قَالُوا: (إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا) هُوَ الَّذِي مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ، وَمَنْ حَكَمَ بِهِ عَدَلَ، وَمَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ، وَمَنْ دَعَا إِلَيْهِ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ".
ومن القراءة النافعة: قراءة كتب الحديث النبوي فإن الحديث هو الوحي الثاني الذي أوحاه الله إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-. وأصح الكتب بعد كتاب الله -تعالى- صحيح البخاري ثم صحيح مسلم، ومن كتب الحديث النافعة لطالب العلم خاصة وللمسلم عامة الأربعون النووية ورياض الصالحين، وعمدة الأحكام، وبلوغ المرام.
ومن الكتب النافعة: كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وكتب شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب، ولا سيما كتاب الأصول الثلاثة وكتاب التوحيد.
فاعتنوا -عباد الله- بهذه الكتب، وامنحوها نصيباً كبيراً من أعماركم وأوقاتكم؛ ففيها العلم النافع والإرشاد إلى العمل الصالح.
اللهم إنا نسألك العلم النافع والعمل الصالح والثبات على الحق إنك سميع الدعاء، أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، واعتنوا بما تقرؤون وبما تكتبون؛ فإن القراءة والكتابة جزء من عمل الإنسان الذي يحصى عليه اليوم ويحاسب عليه غداً.
إن من الشباب من يأخذه حب المعرفة وعشق القراءة إلى قراءة ما يضره ولا ينفعه، فيطالع كتب الملاحدة فتعلق شبهاتهم في قلبه فيكفر بالله بعد إيمانه، ويرتد -والعياذ بالله- عن دينه بعد إسلامه.
ومنهم من يقرأ كتب الروافض والشيعة فيزيغُ قلبه وينقلبُ عدواً لدوداً للخلفاء الراشدين وأزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- أمهات المؤمنين، ولعامة الصحابة إلا عدداً قليلاً منهم -رضي الله عنهم أجمعين-.
ومنهم من يقرأ كتب ومقالات خوارج العصر وأعداء عقيدتنا ودولتنا وعلمائنا ووطننا فينقلب عدواً لوطنه وولاة أمره وعقيدته السلفية التي تربى عليها ونشأ في رياضها، مبغضاً محتقراً للإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب ولدعوته السلفية التجديدية. معظّماً موقراً للجماعات الخارجية الإرهابية التي تكفّر المسلمين وتستحل دماءهم وتفرق كلمتهم. نعوذ بالله من الخذلان.
اللهم إنا نسألك أن تحفظ علينا عقيدتنا وديننا وأمننا ووطننا، وأن تحفظ شبابنا وبناتنا من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين اللهم آمنا في دورنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا. اللهم وفِّق إمامنا وولي عهده لما تحب وترضى وخذ بنواصيهم للبر والتقوى اللهم هيئ لهم البطانة الصالحة الناصحة يا رب العالمين اللهم جنبهم بطانة السوء وجلساء السوء يا قوي يا عزيز.
اللهم انصر بهم دينك وسنة نبيك -صلى الله عليه وسلم-، برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.
اللهم صلّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.