البحث

عبارات مقترحة:

المجيد

كلمة (المجيد) في اللغة صيغة مبالغة من المجد، ومعناه لغةً: كرم...

الخلاق

كلمةُ (خَلَّاقٍ) في اللغة هي صيغةُ مبالغة من (الخَلْقِ)، وهو...

المجيب

كلمة (المجيب) في اللغة اسم فاعل من الفعل (أجاب يُجيب) وهو مأخوذ من...

ما بعد رمضان ولعلكم تشكرون

العربية

المؤلف عبدالله بن عياش هاشم
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات المنجيات -
عناصر الخطبة
  1. شكر لله على نعمة بلوغ رمضان والتوفيق للعمل الصالح .
  2. بعض الأمور الدالة على شكر نعمة الصيام وإدراك رمضان .
  3. بعض الأمور المنافية لشكر نعمة الصيام وإدراك رمضان .

اقتباس

نَحْمَدُ اللهَ ونَشْكُرُهُ على تَمَامِ مِنَّتِهِ بِبُلُوغِ شَهْرِ رَمَضانَ، وما وَفَّقَنَا فيه مِنَ الصِّيَامِ والقِيَامِ وتِلَاوَةِ القُرْآنِ وصَالحاتِ الأَعْمالِ، ومِنْ شُكْرِ الله -تعالى- على هذه النِّعْمَةِ مُوَاصَلَةُ الأَعمالِ الصَّالِحَةِ، والمدَاوَمَةِ على ما كنَّا فيه مِنْ ضَبْطٍ لِلْنَّفْسِ، ومُحَافَظَةٍ على الطَّاعاتِ، واجْتِنابِ للسَّيِّئَاتِ. فَمِنْ شُكْرِ الله...

الخطبة الأولى:

إِنَّ الْحَمْدُ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102].

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء: 1].

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70-71].

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ -تعالى-، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم-، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

أَمَّا بَعْدُ: يقول -تعالى- في آيات الصيام: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)[البقرة: 185].

فنَحْمَدُ اللهَ ونَشْكُرُهُ على تَمَامِ مِنَّتِهِ بِبُلُوغِ شَهْرِ رَمَضانَ، وما وَفَّقَنَا فيه مِنَ الصِّيَامِ والقِيَامِ وتِلَاوَةِ القُرْآنِ وصَالحاتِ الأَعْمالِ، ومِنْ شُكْرِ الله -تعالى- على هذه النِّعْمَةِ مُوَاصَلَةُ الأَعمالِ الصَّالِحَةِ، والمدَاوَمَةِ على ما كنَّا فيه مِنْ ضَبْطٍ لِلْنَّفْسِ، ومُحَافَظَةٍ على الطَّاعاتِ، واجْتِنابِ للسَّيِّئَاتِ.

فَمِنْ شُكْرِ الله على تمام رمَضَانَ: صَيَامُ سِتِّ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالَ؛ فعن أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، ثمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالَ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ"(رواه مسلم)، وفي رواية عند النسائي: "صِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ بِعَشْرَةِ أَشِهُرٍ، وَصِيَامُ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالَ بِشَهْرَيْنِ؛ فَذَلِكَ صِيَامُ سَنَةٍ"(صحَّحه الشيخُ الألبانيُّ).

ومِنْ شُكْرِ اللهِ -تعالى-: المبَادَرَةُ لِقَضَاءِ الصِّيَامِ لمن احتاجَ لِلْفِطْرِ في رمضانَ؛ لِأَنَّ كَمَالَ عِدَّةَ الشَّهْرِ لا تَتِمُّ إلا بِهِ.

ومِنْ شُكْرِ اللهِ -تعالى-: المدَاوَمَةُ على قِيَامِ الليْلِ وصَلَاةِ الوِتْرِ، فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يَدَعُ قِيَامَ الليل وصَلَاةَ الوِتْرِ لا في الحَضَرٍ ولا في السَفَرٍ، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرةَ -رضي الله عنه- قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "... وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الفَرِيضَةِ صَلَاةُ الليلِ"، وعن علي رضي الله عنه: "إنَّ اللهَ وِتْر يُحِبُّ الوِتْرَ؛ فَأَوْتِرُوا يا أَهْلَ القُرْآنِ"(رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه الألباني)، وعنِ ابنِ عُمرَ -رضي الله عنهما- عَنِ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا"(متفقٌ عَلَيهِ).

ومِنْ شُكْرِ اللهِ -تعالى-: المحافَظَةُ على وِرْدٍ ثَابِتٍ في تِلَاوَةِ القُرْآنِ؛ فعن أبي موسى -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "تَعَاهَدُوا هَذَا القُرْآنَ، فوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَهُوَ أَشّدُّ تَفَلُّتًا مِنَ الإِبِلِ في عُقُلِهَا"(رواه مسلم)، وعَنْ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "إِنَّمَا مَثَلُ صَاحِبِ الْقُرْآنِ كَمَثَلِ صَاحِبِ الْإِبِلِ الْمُعَقَّلَةِ، إِنْ عَاهَدَ عَلَيْهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ أَطْلَقَهَا ذَهَبَتْ"(رواه البخاري).

باركَ اللهُ لي ولكم في القرآنِ العظيمِ والسنة الصحيحة، ونفعني وإياكم بما فيهما من الآياتِ والذِّكرِ الحكمة، وَأَسْتَغِفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ ولِوَالِدِينَا فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الخطبة الثانية:

الْحَمْدُ لِلَّـهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: فإنَّه لَيْسَ مِنْ شُكْرِ اللهِ -تعالى- على نعمة الصيام الانغماس في الأنغام والمعازف التي حرمها الله -تعالى-، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الحِرِّ" الفَرْجَ بمعنى يَسْتَحِلُّون الزنا "والحَرِيرَ والخَمْرَ والمَعَازِفَ"(رواه البخاري) فقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: ".. يَسْتَحِلُّونَ.." إشَارَةٌ إلى أنَّها كُلَّها مُحَرَّمَة في أَصْلِ الشَّرْعِ.

فالمعَازِفَ من الأَغَاني والملَاهِي وأَنْوَاعِ الطَّرَبِ كُلَّهَا مِنْ أَسْبَابِ الضَّلَالِ عن سبيل الله، ومن أَسْبَابِ اتخاذِ آياتِ اللهِ هُزُواً، ومِنْ أَسْبابِ مَرَضِ القُلُوبِ وانْحِرافِها عَنِ الهُدَى، والاسْتِكْبارِ عَنْ سَمَاعِ آَيَاتِ اللهِ -تعالى-، فالواجب على المؤمن أن يحذر هذا الأمر، وأن يحذره غيره.

وليس مِنْ شُكْرِ اللهِ -تعالى- على النعمة هذه القصات التي على الرؤوس التي حرمها النبي -صلى الله عليه وسلم-، ففي الصحيحين عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "نَهَى عَنْ الْقَزَعِ"، والقزع: يُحْلَقُ بَعْضُ رَأْسِ الصَّبِيِّ وَيُتْرَكُ بَعْضٌ.

عَنْ ابْنِ عُمَرَ: "أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- رَأَى صَبِيًّا حَلَقَ بَعْضَ رَأْسِهِ، وَتَرَكَ بَعْضًا، فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ، وَقَالَ: "احْلِقُوهُ كُلَّهُ، أَوْ اتْرُكُوهُ كُلَّهُ"(رواه النسائي وأبو داود وصححه الألباني).

وليس من شكر الله على النعمة: إطلاق البصر بالنظر إلى الفاتنات في القنوات ووسائل الإعلام والتواصل وغيرها؛ فإنَّ الله -تعالى- قال: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ)[النور: 30-31].

أسأل الله -تعالى- أن يجعلني وإياكم من الشاكرين الحامدين، الذين يُتْبِعون الحَسَنَة بالحَسَنَة، إنَّه سَميعٌ مُجيبٌ.

اللَّهُمَّ أَصْلِحْ قلوبَنا، وأَصْلِحْ نياتنا ومقاصِدَنا، وأَصْلِحْ أعمالنا، وأَصْلِحْ شبابنا، وأَصْلِحْ شَبَابَ الْمُسْلِمِينَ بنين وبنات، وَاهْدِهِمْ سُبُلَ السَّلامِ وَخُذْ بِنَوَاصِيهِمْ للْهُدَى وَالرَّشَادِ، وَجَنِّبْهُمْ الْفِتَنَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَما بَطَنْ.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِن الغَلَاء وَالوَبَاء وَالرِّبَا، وَالزِّنَا وَالزَلازِلَ، وَالفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن، ونَعُوذُ بكَ يا ربَّنا مِنْ غَلبَةِ الدِّينِ، وَقَهْرِ الرجَال.

اللَّهُمَّ احْفَظْ أَمْنَنَا، وَاحْرُسْ بِلَادَنَا، ووفق ولاة أمورنا لِكُلِّ خَيْرٍ وبِرٍّ وصَلَاحٍ ورَشَدٍ، ومتعهم بالصحة والعافية، يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.

اللَّهُمَّ احفظ رجالًا أمننا، وانصر جنودنا الذين يحفظون الحدود، وأعدهم لأهليهم سالمين غانمين.

(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[البقرة: 201].