الجبار
الجَبْرُ في اللغة عكسُ الكسرِ، وهو التسويةُ، والإجبار القهر،...
العربية
المؤلف | ملتقى الخطباء - الفريق العلمي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | العقيدة - التوحيد |
ومن فضائل التوحيد وآثاره، أن التوحيد مصدر لأمن النفس، فالتوحيد يملأ نفس صاحبه أمنا وطمأنينة، فلا تستبد به المخاوف التي تتسلط على أهل الشرك، فقد سد منافذ الخوف التي يفتحها الناس على أنفسهم؛ الخوف على الرزق، والخوف على الأجل، والخوف على النفس، والخوف على الأهل والأولاد، والخوف من الإنس، والخوف من الجن، والخوف من الموت، والخوف مما بعد الموت...
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وتابعيهم وسلم تسليمًا كثيرًا.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب:70-71].
أما بعد: فإنَّ خير الحديث كتابُ الله، وخير الهدي هديُ محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أيها المؤمنون: إن توحيد الله هو أساس الدين وقوامه, وقاعدة الملة, وزبدة الرسالة, وهو أعظم الحقوق وأوجب الواجبات, وأساس قبول وصحة الطاعات, يقول ابن القيم -رحمة الله- عن كلمة التوحيد: "وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, كلمة قامت بها الأرض والسموات, وخلقت لأجلها جميع المخلوقات, وبها أرسل الله وأنزل كتبه, وشرع شرائعه, ولأجلها نصبت الموازين, ووضعت الدواوين, وقام سوق الجنة والنار, وبها انقسمت الخليقة إلى مؤمنين وكفار, وأبرار وفجار, وعنها وعن حقوقها السؤال والحساب, وعليها يقع الثواب والعقاب, ولأجلها جردت سيوف الجهاد, وهي حق الله على جميع العباد, فهي كلمة الإسلام, ومفتاح دار السلام".
عباد الله: لا يستقيم بناءٌ على غير أساس، ولا فرعٌ على غير أصل، والأصل والأساس لهذا الدين هو كلمة التوحيد الخالدة: "لا إله إلا الله، محمد رسول الله", قال سعيد بن جُبيْر والضحَّاك في قول الله -تعالى-: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الوُثْقَى لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)[البقرة: 256]؛ قالا: "هي كلمة التوحيد".
وقال ابن عباس -رضي الله عنهما- في قول الله -تعالى-: (لاَ يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْداً)[مريم: 87] "العهدُ: هو شهادة أن لا إله إلا الله، والبراء من الحول والقوة إلا بالله، وألا ترجو إلا الله -عزَّ وجلَّ-", قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلتُ أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له"(رواه مالك في الموطأ).
معاشر المسلمين: إن للتوحيد فضائل وآثار على الفرد والمجتمع؛ فمن ذلك:
تحرير الإنسان؛ لإن الشرك بكل صوره ومظاهره ما هو إلا امتهان للإنسان، إذ يلزمه العبودية والخضوع والتذلل لمخلوقات، ولا تملك ضرًّا ولا نفعًا، ولا يملكون موتًا ولا حياةً ولا نشورًا.
أما التوحيد ففيه تحرير الإنسان من كل عبودية إلا لربه الذي يستحق أن يعبده وحده، وتحرير لعقله من الخرافات والأوهام، وتحرير لضميره من الخضوع والذل والاستسلام، وتحرير لحياته من تسلط الأرباب والمتألهين على عباد الله.
ولهذا قاوم زعماء الشرك والجاهلية دعوات الأنبياء عامة، ودعوة الرسول خاصة للتوحيد؛ لأنهم كانوا يعلمون أن معنى "لا إله إلا الله": هو تحرير البشر من العبودية لغير الله، فلا تطأطئ الوجوه ساجدة إلا لله رب العالمين.
ومن ذلك: تكوين الشخصية المتزنة؛ فالتوحيد يعين على تكوين الشخصية المتزنة التي تتميز برؤيتها السليمة, وبأهدافها السامية، وغايتها النبيلة، فتنطلق في وجهتها الصحيحة؛ فليس لها إلا إله واحد تتجه إليه في الخلوة والجلوة، وتدعوه وحده في السراء والضراء، وتعمل على ما يرضيه.
بخلاف المشرك الذي تشتت تفكيره، وتوزعت حياته المعبودات، فحينا يتجه إلى الله، وأحيانا إلى الأصنام، لا قرار له ولا ثبات, ومن هنا قال يوسف -عليه السلام-: (يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ)[يوسف: 39]، وقال -تعالى-: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَاء مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَمًا لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً)[الزمر: 29]؛ ضرب الله مثلا للمشرك عبدًا مملوكًا لشركاء متنازعين، فهو حيران في إرضائهم، والموحد عبدًا خالصًا لمالك واحد يعرف مراده وما يرضيه، هل يستويان مثلا؟ لا يستويان، كذلك المشرك هو في حَيْرة وشك، والمؤمن في راحة واطمئنان.
أيها الناس: ومن فضائل التوحيد وآثاره: أن التوحيد مصدر لأمن النفس وطمأنينتها؛ فلا تستولي عليه المخاوف التي تتسلط على أهل الشرك، فقد سد جميع منافذ الخوف التي يفتحها الناس على أنفسهم؛ كالخوف على الرزق أو الأجل، والخوف على النفس والأهل والأولاد، والخوف من الإنس أو الجن، والخوف من الموت أو مما بعد الموت.
أما المؤمن الموحد فهو آمن فلا يخاف شيئا إلا الله؛ وهذا إبراهيم داعية التوحيد حين خوفه قومه المشركون بأصنامهم وآلهتهم الباطلة، رد عليهم متعجبا بقوله: (وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ)[الأنعام: 81]، ثم بيّن -سبحانه وتعالى- من يستحق الأمن من الفريقين فقال: (الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ -أي: بشرك- أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ)[الأنعام: 82]، وهذا الأمن داخلي ينبع من داخل النفس لا من خارجها, وهذا أمن الدنيا، وأما أمن الآخرة فهو أعظم وأبقى؛ لأنهم أخلصوا لله، ولم يخلطوا توحيدهم بشرك.
روى البخاري عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: لما نزلت: (الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ), قلنا: يا رسول الله، أينا لا يظلم نفسه؟، قال: "ليس كما تقولون، أولم تسمعوا إلى قول لقمان لابنه: (يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)؟"؛ فمعنى (لَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ): أنهم أخلصوا دينهم لله؛ فلم يشوبوا توحيدهم بشرك.
ومنها: أن التوحيد مصدر لقوة النفس وثباتها، يمنح صاحبه ثبات وقوة نفسية ؛ لما تمتلئ به من العبودية لله -تعالى-, من الرجاء في الله، والثقة به، والتوكل عليه، والرضا بقضائه، والصبر على بلائه، والاستغناء عن خلقه؛ فالموحد راسخ كالجبل، ثابت لا تزحزحه الحوادث، ولا تزعزعه الكوارث, كلما ألمت به نازلة، أو حلت بساحته شدة، لجأ إلى مولاه، واتجه بقلبه إلى خالقه، يسأله ويستمد منه العون، فلا يرجو غيره في كشف الضر وجلب الخير، ولا يمد يده إلى أحد إلا الله وحده منيبا إليه.
شعاره قول النبي -صلى الله عليه وسلم- لابن عباس: "إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله"، وقوله -تعالى-: (وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)[يونس:107].
هذا نبي الله هود -عليه السلام- حين خوّفه قومه بكيد الأصنام له قال بكل ثبات: (إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ* مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ* إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)[هود: 54-56]، منطق قوي يعبر عن نفس واثقة وعزيمة صُلبة، وإيمان لا يهون ولا يستكين، وروح لا تعرف الضعف ولا الخوف؛ لأنها تستمد قُوّتها من التوكل على الله (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)[الأنفال:49].
يا من له الخلق ثم الأمر يا صمدٌ | لولاك لم تخرج الدنيا من العدمِ |
يا واحداً ليس لي رب سواه ولا | ندٌ له يدعى كالجنِّ والصنمِ |
يا من ألوذ به عمّا أحــاذره | يا من أنادِ اسمه في السلمِ والنِّقمِ |
يا من أمدّ له في كلّ معضلةٍ | يد الضراعة في الإصباح والظُلَمِ |
يا من يجير ولا يرضى بمظلمةٍ | ويكشف الظلم عمّن بات بالألمِ |
يا كاشف الكرب يا نصراً لناصره | يا مسبغ الفضل من عفوٍ ومن نعمِ |
سألتك الله قصراً لا نظير له | في جنة الخلد أعلى عاليَ القممِ |
الجار أحمد والأصحاب رفقته | يا ربِّ يا مولاي يا واسع الكرمِ |
أيها الموحدون: ومن فضائل التوحيد وآثاره في حياة الفرد والمجتمع: أن التوحيد أساس الإخاء والمساواة؛ فعبودية غير الله تجعل الناس بعضهم أربابا لبعض، وأما عبودية الله فهي أصل المساواة والإخاء بين الناس؛ ولهذا كانت دعوة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى ملوك الأرض ورؤساء الدول تختتم بهذه الكريمة: (تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ)[آل عمران: 64].
وكان من أدعية النبي -صلى الله عليه وسلم- عقب الصلوات هذا الدعاء الرائع العظيم: "اللهم ربنا ورب كل شيء ومليكه، أنا شهيد أنك الله وحدك، لا شريك لك، اللهم ربنا ورب كل شيء ومليكه، أنا شهيد أن محمدا عبدك ورسولك، اللهم ربنا ورب كل شيء ومليكه، أنا شهيد أن العباد كلهم إخوة".
وبالتوحيد يسلم العبد -بإذن الله- من كيد الأشرار من السحرة والمشعوذين؛ (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا)[الحج: 38 ]، (وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ)[الروم47].
وبالتوحيد ينال العبد الخيرات كلِّها وسعادة الدنيا والآخرة؛ فإن الله -جلّ وعلا- قضى في حكمه العظيم أنّ السعادة والنعيم إنما يكون لأهل الإيمان والتوحيد في دنياهم وفي قبورهم وفي أخراهم؛ (إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ)[الانفطار: 13].
ومن فضائل وآثار التوحيد: وحدة الكلمة, واجتماع القلوب, وبذلك يقوى المسلمون, وينتصرونعلى أعدائهم, وتحصل لهم السيادة والاستخلاف في الأرض, والثبات أمام الأعداء, وأمام التيارات والأفكار الباطلة, والأديان الفاسدة, قال الله –تعالى-: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا)[آلعمران:103]؛ فالاختلاف في العقيدة يسبب التفرق والنزاع والتناحر, قال الله -عز وجل-: (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ)[الأنعام:159].
ولننظر إلى حال الصدر الأول من هذه الأمة، وكيف تآلفوا بهذا التوحيد، وبهذه العقيدة، وفتحوا العالم في مدة قليلة، وسادوا على الناس بهذا الإسلام قبل الفرقة والانقسام الحاصل.
قلت ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.
الخطــبة الثانـية:
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
أيها المؤمنون: ومن فضائل التوحيد وآثاره: تفريج الكربات؛ فالتوحيد الخالص هو السبب الأعظم لتفريجها في الدنيا والآخرة، وقصة يونس -عليه السلام- من الأدلة على ذلك، قال -تعالى-: (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ)[الأنبياء:87]؛ بماذا نادى؟ بم استغاث؟ بماذا لجأ؟ بكلمة التوحيد: (فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ)[الأنبياء:87] فماذا كانت النتيجة؟ (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنْ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ)[الأنبياء:88]؛ بل حتى المشركين يعلمون أن في التوحيد تفريجاً للكربات، قال الله -تعالى-: (فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوْا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ)[العنكبوت:65].
وأهل التوحيد موعودون بمغفرة الذنوب, قال -صلى الله عليه وسلم-: "قال الله -تعالى-: يا ابن آدم! لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً؛ لأتيتك بقرابها مغفرة"(أخرجه الترمذي)؛ وما ذاك إلا لأجل أن التوحيد أثقل شيء في الميزان يوم القيامة.
هذه بعض فضائل التوحيد وآثاره على الفرد والمجتمع؛ فينبغي لمن أراد أن يصل إليها ويحققها في حياته، أن يكون توحيده خالصاً لله، خالياً من الشوائب التي تقدح في سلامته وصحته.
هذا وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه، قال -تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب:56].