البحث

عبارات مقترحة:

الجميل

كلمة (الجميل) في اللغة صفة على وزن (فعيل) من الجمال وهو الحُسن،...

الله

أسماء الله الحسنى وصفاته أصل الإيمان، وهي نوع من أنواع التوحيد...

المؤخر

كلمة (المؤخِّر) في اللغة اسم فاعل من التأخير، وهو نقيض التقديم،...

في التحذير من المضللين والمشعوذين

العربية

المؤلف صالح بن فوزان الفوزان
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الدعوة والاحتساب - التوحيد
عناصر الخطبة
  1. أهمية العقيدة الصحيحة .
  2. جهل الناس بالتوحيد وبعض الصور الشركية المناقضة له .
  3. وجوب الحذر والتحذير من الأئمة المظللين والمشعوذين وبعض صور ذلك .
  4. عقوبة الساحر .
  5. موقف المسلم من السحرة والمشعوذين والدجالين .
  6. بعض الشبه المتعلقة بالسحرة والمشعوذين والرد عليها .
  7. التحذير من الذهاب إلى الكهان والسحرة والأطباء الشعبيين .
  8. مشروعية التداوي بالأدوية المباحة والعلاج بالرقية الشرعية .
  9. بعض أضرار التداوي بالمواد المحرمة .

اقتباس

عباد الله: إنه يجب على كل مسلم: أن يعرف ما هو التوحيد حتى يتمسك به، ويعرف ما هو الشرك حتى يتجنّبه؛ لأنه لا نجاة له إلا بذلك، وكيف يعمل بالتوحيد من هو جاهل به؟! وكيف يتجنب الشرك وهو لا يعرفه؟! إن الأمر خطير، والواجب كبير، وما زال أعداء الإسلام يخططون لإفساد عقيدة التوحيد، خصوصًا في...

الخطبة الأولى:

(الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا) [الإسراء: 111].

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له خلق كلّ شيء فقدّره تقديراً، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله شاهداً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعه على دينه، وتمسّك بسنّته، وسلّم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

أيها الناس: اتقوا الله -تعالى-، وتمسّكوا بعقيدة التوحيد التي هي معنى: "لا إله إلا الله" ومدلولها ومقتضاها، واحذروا مما ينافي هذه العقيدة، أو يناقضها من الشرك الأكبر والأصغر، والوسائل المفضية إلى الشرك.

فإن العقيدة لا تكون صحيحة سليمة إلا بالتوحيد، والابتعاد عن الشرك، قال تعالى: (وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا) [النساء: 36].

وقال تعالى: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ) [النحل: 36].

وقال تعالى: (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا) [البقرة: 256].

عباد الله: إنه يجب على كل مسلم: أن يعرف ما هو التوحيد حتى يتمسك به، ويعرف ما هو الشرك حتى يتجنّبه؛ لأنه لا نجاة له إلا بذلك، وكيف يعمل بالتوحيد من هو جاهل به؟! وكيف يتجنب الشرك وهو لا يعرفه؟!

إن الأمر خطير والواجب كبير، وما زال أعداء الإسلام يخططون لإفساد عقيدة التوحيد، خصوصًا في هذا الزمان الذي قلّ فيه العلماء.

وإن كثر فيه القراء، كما أخبر بذلك النبي -صلى الله عليه وسلم-، والتبس فيه الحق بالباطل، وكثر فيه دعاة الضلال، وقلّ دعاة الحقّ، حتى أصبحوا غرباء بين الناس.

كثير من يدّعي الإسلام اليوم، لكن كثيراً من هؤلاء المدّعين يريد أن يجمع بين الإسلام وضدّه، يريد أن يجمع بين الإسلام والكفر، بين التوحيد والشرك، كما قال تعالى: (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ) [يوسف: 106].

هناك من يقول: إنه مسلم! لكنه لا يريد الحكم بما أنزل الله، وإنما يريد الحكم بالقوانين الوضعية التي يحكم بها الكفار؛ لأنه يراها أحسن مما أنزل الله، وأصلح للناس في هذا الزمان، وحال هؤلاء كحال الذين قال الله -تعالى- فيهم: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ) [النساء: 60].

وقد رد الله على هؤلاء دعواهم وتناقضهم في ختام ما بعدها من الآيات بقوله تعالى: (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا) [النساء: 65].

وهناك فريق آخر يدعي الإسلام، ويقول: "لا إله إلا الله" بلسانه، ثم يناقض ذلك بفعله، فيدعو الموتى، ويذبح للقبور، وينذر لها، ويستغيث بالأولياء لقضاء حاجته، وشفاء مرضه، ويطلب منهم المدد، ويسمي هذا توسلاً إلى الله، وتقربًا إليه بواسطتهم، فيكون كالذين قال الله فيهم: (وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) [يونس: 18].

والذين قال الله فيهم: (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ) [الزمر: 3].

وهناك علماء ضلّال يُحَسِّنون لهم هذا، ويدعون إلى هذا الشرك، ويبررونه بشبهات يلفقونها، وهي ما بين حديث موضوع، أو حكاية باطلة، أو رؤيا من الشيطان، فيجمعون تلك الشبهات في كتب يطبعونها، ويوزعونها على الناس، ويدعونهم بها إلى الشرك، وعبادة المخلوقين باسم التوسل والتبرك بالنبي، ومحبة الأولياء والصالحين، ويقولون: إن الذين ينهون عن هذا مفاهيمهم خاطئة يجب أن تصحح!.

وقد حذرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من هؤلاء المضللين الذين يخدعون الناس باسم العلم والصلاح، وهم في الحقيقة دعاة ضلال وقادة فتنة، قال صلى الله عليه وسلم: "إنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين"[رواه البرقاني في صحيحه].

وعن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن أخوف ما أخاف على أمتي الأئمّة المضلّين" [رواه أبو داود الطيالسي].

فحصر صلى الله عليه وسلم في هذين الحديثين خوفه على أمته في علماء الضلال لشدة خطرهم على الأمة؛ لأنهم يلبسون الحق بالباطل، ويغررون بالعوام، ولاسيّما أن كثيرًا من الناس يقبلون الباطل أكثر من قبولهم للحق.

فالواجب: الحذر والتحذير من هؤلاء؛ لأن خطرهم على المسلمين عظيم، ومن هؤلاء المضلّلين من يكتب بعض المنشورات المشتملة على أحاديث مكذوبة، وقد يخلطها بشيء من الأحاديث الصحيحة أو الآيات القرآنية، ويقول: من نسخ منها كذا وكذا ووزعه على الناس يحصل له من الثواب والخير كذا وكذا، فيبادر بعض الجهال إلى نسخها وتوزيعها اغترارًا بهذا الترغيب، فيكون متعاونا على الإثم والعدوان مع أصحابها.

وهناك مشعوذون وسحرة دجالون يظهرون على الناس بين الحين والآخر بأعمال بهلوانية، ويعرضون سحرهم وشعوذتهم وتقميرهم في أنديةٍ ومحافل يجتمع فيها جموع غفيرة من الدهماء والسذّج ينظرون إلى تلك الأعمال السحرية الشيطانية التي يقوم بها هؤلاء المشعوذون، مثل سحب السيارة بشعرة، ووضع الصخرة العظيمة على بطن أحدهم وتحته المسامير الحادّة، ومرور السيارة من فوقه، وطعن عينه بأسياخ الحديد ولا يتأثر بذلك.

وبعضهم يتظاهر أمام الناس بطعن نفسه بالسكين، أو يدخل النار ولا تحرقه.

وبعضهم يمشي على الحبل أو الخيط، وأمثال هذه المشعوذات التي حقيقتها التدجيل، والكذب على الناس لسلب أموالهم، وإفساد عقيدتهم، وترويج السحر بينهم.

وقد حذّرنا الله في كتابه من السحر، وأخبر أنه كفر، وأنه من تعليم الشياطين، وعمل المفسدين.

والعجيب أن هؤلاء السحرة والمشعوذين يجدون منا من يشجعهم، ويبذل لهم الأموال الطائلة على ما يقدمونه من سحر وباطل، مع أن هذا من أعظم المنكر الذي يجب إنكاره، ومعاقبة من يتعاطاه بالقتل، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اجتنبوا السبع الموبقات" قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال: "الشرك بالله والسحر" [الحديث، رواه البخاري ومسلم].

فعدّ صلى الله عليه وسلم السحر قرين الشرك، وأمر باجتنابه، فكيف يليق بالمسلم أن يحضره ويشجعه، ويدفع المال للسحرة مع إنه يجب قتلهم؟!

قال الإمام أحمد: "صحّ قتل الساحر عن ثلاثة من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-".

وقد مر جندب بن كعب بن عبد الله الأزدي -رضي الله عنه- على ساحر يلعب بحضرة بعض الأمراء، ويقمر على أعين الناس، فيظهر لهم أنه يقطع رأس إنسان ويميته، ثم يعيده ويحييه، فيتعجبون منه، فضربه جندب -رضي الله عنه- بالسيف فقتله، وقال: إن كان صادقـًا، فليحي نفسه.

وهكذا يجب أن يكون موقف المسلم الموحد من السحرة والمشعوذين والدجالين، يقف من هؤلاء موقف الاستنكار والقوة والشجاعة، ودحض الباطل، لا موقف المسالم السلبي، أو المشجع الذي يدفع الجوائز لهؤلاء المشعوذين الدجالين.

وقد يقول بعض المتحذلقين: إن هؤلاء يقومون بأعمال رياضية وحركات خفيفة تدربوا عليها وليست سحرًا ولا شعوذة، فلا بأس بها ولا مانع من حضورها والتشجيع عليها.

ونرد على هؤلاء:

أولاً: بأن هناك فَرقـًا بين الأعمال الرياضية والأعمال السحرية، فالأعمال الرياضية لها حدود لا تصل إلى الطعن بالسكاكين، والعبث بالنيران، وحمل الصخرة الكبيرة على الصدر، ومرور السيارة من فوق الشخص، وجذبها بالشعرة، وما شابه ذلك، وإنما هذا من باب السحر التخييلي المسمى "بالقمرة" بحيث يخيل للناس شيئـًا وهو بخلافه، أو من باب الاستعانة بالجن والشياطين ليعملوا له هذه الأشياء، ويظهر للناس أنه هو الذي يعملها.

ثانيًا: يمكن أن يكون في هذه الأعمال شيء من الحركة الرياضية المخلوطة بأشياء من الأعمال السحرية لأجل التغرير بالناس، ولبس الحق بالباطل، حتى يظنوها كلها أعمالاً رياضية، فلا يستنكروها.

ثالثاً: لو أجزنا مثل هذه الأعمال على أنها رياضية خالصة، فإن هذا يفتح الباب للأعمال السحرية؛ لأن أهل الشر ينتهزون الفرص، والناس لا يقفون عند حد ميولهم إلى الباطل أكثر من رغبتهم في الحق، فيجب الحذر من هؤلاء الدجالين، والضرب على أيديهم؛ لأنهم يفسدون في الأرض: و(اللّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ) [يونس: 81].

عباد الله: ومن الناس من يذهبون إلى الكهان والسحرة لأجل العلاج والتداوي عندهم يلتمسون عندهم الشفاء، ولو على حساب عقيدتهم ودينهم، يأمرهم هؤلاء الكهان والسحرة بالذبح لغير الله فيذبحون، ويدعون علم الغيب فيصدقون.

ويأمرونهم بأشياء يتلقونها عن الجن والشياطين، فيصدقونهم، ويعملون بتوجيهاتهم، وإن كانت كفرًا وشركاً، يتجاهلون قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لعن الله من ذبح لغير الله".

وقوله صلى الله عليه وسلم: "من أتى كاهنـًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد -صلى الله عليه وسلم-" [رواه أبو داود].

وعن عمران بن حصين -رضي الله عنه- مرفوعًا: "ليس منا من تطير أو تطير له، أو تكهن أو تكهن له، أو سحر أو سحر له، ومن أتى كاهنـًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد -صلى الله عليه وسلم-"[رواه البزار بإسناد جيد].

وكل من فعل هذه الأمور أو فعلت له راضيًا بها، فقد كفر بالقرآن، وبرئ منه رسول الرحمن؛ لأن هذه الأمور كفر وشرك، فمن رضي بها فهو كالفاعل لها، فالأمر خطير.

وقد يتسمى هؤلاء ب"الأطباء الشعبيين" وهم في الحقيقة كهنة ومشعوذون، يستخدمون الجن ويغررون بالناس باسم الطب الشعبي، والطب الشعبي بريء من هذه الجرائم؛ لأن الطب الشعبي حقيقته المعالجة بأمور مباحة مجربة، كالكي والفصد والحجامة، ونحو ذلك من استعمال الأدوية النباتية المباحة.

أما الكهانة والسحر، وما شابههما، فليست طبًّا شعبيًا، وإنما هي أعمال شيطانيّة، وادعاء لعلم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله.

فالواجب الحذر والتحذير من ذلك، وأن يبلغ ولاة الأمور عن هؤلاء المشعوذين لتأديبهم والأخذ على أيديهم.

فاتقوا الله -عباد الله- وحافظوا على عقيدتكم من الفساد أكثر مما تحافظون على صحة أبدانكم من الأمراض، فماذا يستفيد الإنسان إذا عاش سليم الجسم مريض العقيدة، فإن صحة البدن مع فساد العقيدة خسارة في الدنيا والآخرة.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا) [النساء: 48].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم

إلخ

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين، أمرنا أن نعبده مخلصين له الدين، ونهانا عن طاعة الكفار والمشركين، والانخداع بأعمال السحرة والمشعوذين.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله القائل: "إن الله أنزل الداء والدواء، وجعل لكل داء دواء، فتداوَوْا ولا تداوَوا بحرام" صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد:

عباد الله: اتقوا الله -تعالى- في جميع أحوالكم، وفي حال صحتكم ومرضكم، فخذوا ما أحل الله لكم ودعوا ما حرم الله عليكم، ففي الحلال غنية عن الحرام، واعلموا أن الله -سبحانه- بمنه وفضله جعل لكل داء دواء وأباح لعباده التداوي به، فقد روى مسلم في صحيحه من حديث أبي الزبير عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لكل داء دواء، فإذا أصاب دواء الداء برأ بإذن الله -عز وجل-".

والتداوي بالأدوية المباحة من جملة الأسباب التي أمر الله بالأخذ بها، قال الإمام ابن القيم -رحمه الله-: "وفي الأحاديث الصحيحة الأمر بالتداوي، وأنه لا ينافي التوكّل، كما لا ينافيه رفع الجوع والعطش والحر والبرد بأضدادها، بل لا تتم حقيقة التوحيد إلا بمباشرة الأسباب التي نصبها الله مقتضيات لمسبباتها قدرًا وشرعًا" إلى أن قال: "وفي قوله صلى الله عليه وسلم: "لكل داء دواء" تقوية لنفس المريض والطبيب، وحث على طلب ذلك الدواء، والتفتيش عليه" انتهى.

وفي عصرنا هذا تطور الطب، وعثر على كثير من الأدوية النافعة المباحة، وأعظم منها وأنفع: "العلاج بالرقية من القرآن الكريم" الذي جعله الله شفاء ورحمة للمؤمنين من الأمراض الحسية والمعنوية.

وكذلك العلاج ب"الأدعية الشرعية النبوية".

أما المحرمات، فإن الله لم يجعل فيها شفاء، كما قال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: "إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم"[رواه البخاري].

قال الإمام ابن القيم -رحمه الله-: "المعالجة بالمحرمات قبيحة عقلاً وشرعًا، أما الشرع فما ذكرنا من هذه الأحاديث وغيرها، وأما العقل، فهو أن الله –سبحانه- إنما حرم ما حرم لخبثه، فإنه لم يحرم على هذه الأمة طيبًا عقوبة لها، كما حرم على بني إسرائيل بقوله: (فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ) [النساء: 160].

وإنما حرم على هذه الأمة ما حرم لخبثه، وتحريمه له حماية لها وصيانة عن تناوله، فلا يناسب أن يطلب به الشفاء من الأسقام والعلل، فإنه وإن أثر في إزالتها، لكنه يعقب سقمًا أعظم منه في القلب بقوة الخبث الذي فيه، فيكون المتداوي به قد سعى في إزالة سقم البدن بسقم القلب.

وأيضًا فإن تحريمه يقتضي تجنبه، والبعد عنه بكل طريق.

وفي اتخاذه دواء حض على الترغيب فيه وملابسته، وهذا ضد مقصود الشارع.

وأيضًا فإنه داء كما نص عليه صاحب الشريعة، فلا يجوز أن يتخذ دواء.

قلت: هذا الذي ذكره ابن القيم من الأضرار التي تنشأ عن التداوي بالمواد المحرمة، كالخمر والنجاسات، وغيرها، فكيف بأضرار التداوي بالأمور الشركية التي يعملها السحرة والكهان؟! فهذه تفسد العقيدة، وتجعل الإنسان يعيش بلا عقيدة إن شفي بها، وإن مات مات مشركـًا، إن لم يتب منها قبل موته.

فاتقوا الله -عباد الله- وعليكم بالتمسك بكتاب الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وما عليه جماعة المسلمين.

فإن خير الحديث كتاب الله

إلخ