البحث

عبارات مقترحة:

السميع

كلمة السميع في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل) أي:...

الآخر

(الآخِر) كلمة تدل على الترتيب، وهو اسمٌ من أسماء الله الحسنى،...

المنان

المنّان في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) من المَنّ وهو على...

صلاة الجماعة (2) آداب الخروج إلى المسجد

العربية

المؤلف إبراهيم بن محمد الحقيل
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الصلاة
عناصر الخطبة
  1. وجوب صلاة الجماعة وفضلها .
  2. من الأعمال والآداب عند حضور الجماعة .
  3. إخلاص النية .
  4. التطهر.
  5. التزين للصلاة .
  6. النهي عن حضور المسجد لمن رائحته نتنة .
  7. المشي أفضل من الركوب .
  8. النهي عن التشويش بالجوالات .
  9. الحرص على الصف الأول .
  10. صلاة ركعتين والنهي عن التشويش بقراءة القرآن .
  11. النهي عن سؤال الضالة في المسجد .
  12. النهي عن البيع والشراء في المسجد .
  13. حكم التسول في المسجد. .
اهداف الخطبة
  1. بيان آداب الخروج إلى المسجد
  2. بيان بعض الأمور المنهي عنها عند الذهاب إلى المساجد.

اقتباس

لما كان مرتاد المساجد لحضور الجماعة ضيفا على الله تعالى شرع له من الأعمال والآداب ما يلتزم به؛ لحق هذه الضيافة العظيمة، التي لا تقاربها ضيافة دنيوية مهما كانت، وللضيف فيها من الثواب الجزيل على قدر التزامه بما شرع الله تعالى له في هذه الشعيرة العظيمة.

الخطبة الأولى:

الحمد لله الجواد الكريم؛ فتح لعباده أبواب خيراته، وأفاض عليهم من جزيل عطائه، نحمده على ما شرع لنا من دينه القويم، ونشكره فقد جعلنا من خير أمم العالمين (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) [آل عمران:110].

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ فرض علينا من العبادات ما يرفع الدرجات، ويكفر السيئات، ويزيد الحسنات؛ تفضلا منه علينا، ورحمة بنا؛ ليجزينا بما عملنا (هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلاّ الإِحْسَانُ) [الرَّحمن:60] .

وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ لا خير إلا دلنا عليه وأمرنا به، ولا شر إلا حذرنا منه ونهانا عنه، وما فارق أمته إلا بعد أن تركها على بيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه؛ أصلح هذه الأمة قلوبا، وأزكاهم نفوسا، وأخلصهم أعمالا، فرضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، وجعل دار الخلد مأواهم، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، واعلموا أنكم تفارقون بيوتكم إلى قبوركم، ولن تجدوا فيها إلا أعمالكم، فشمروا عن ساعد الجد فيما ينجيكم، واحذروا ما يكون سببا في هلاككم، فالفرصة واحدة.. فوزها كبير، وخسارتها عظيمة (وَالوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآَيَاتِنَا يَظْلِمُونَ) [الأعراف:9] .

أيها الناس: للصلاة شأن كبير عند الله تعالى، وهي الشعيرة التي كلم الله تعالى بها محمدا عليه الصلاة والسلام بلا واسطة، وهي عمود الإسلام، وركنه الأول بعد الشهادتين، وكثرت نصوص الكتاب والسنة في شروطها وأركانها وواجباتها ومستحباتها كثرة لا تقاربها فيها عبادة أخرى، وهي العبادة الوحيدة التي يؤذن في الناس بها كل يوم وليلة خمس مرات.

وصلاة الجماعة واجبة على الرجال، وفيها لهم من المنافع والمصالح الدينية والدنيوية ما يعز على الحصر، ولها في دين الله عز وجل فضائل عظيمة، ورتب عليها أجور كثيرة، ومرتاد المساجد في ضيافة الرحمن جل جلاله فمن أعظم شرفا منه، ومن غدا إلى المسجد أو راح أعد الله تعالى له نزلا في الجنة كلما غدا أو راح.
إن كل إنسان إذا دعي إلى ضيافة استعد لها بالغسل والطيب، واختار لها من اللباس بحسب نوعها ومنزلة صاحبها، وموقعه هو من الضيافة، ومن ضيفه ملوك الدنيا ليس كمن ضيفه سائر الناس، فما ظنكم بمن ضيفه ملك الملوك، ورب العالمين، وخالق الناس أجمعين؟!

ولما كان مرتاد المساجد لحضور الجماعة ضيفا على الله تعالى شرع له من الأعمال والآداب ما يلتزم به؛ لحق هذه الضيافة العظيمة، التي لا تقاربها ضيافة دنيوية مهما كانت، وللضيف فيها من الثواب الجزيل على قدر التزامه بما شرع الله تعالى له في هذه الشعيرة العظيمة.

ومن تلكم الأعمال والآداب: أن يخلص النية لله تعالى قبل خروجه إلى الصلاة، وأن يستحضر عظمتها ومكانتها من الدين، ومنزلتها عند الله عز وجل؛ حتى تعظم في قلبه، فلا ينازعه فيها مخلوق مهما كان عظيما، ولا يصده عنها شغل دنيوي وإن كان كبيرا، ويعطيها ما تستحق من التهيئة والاستعداد وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من أتى المسجد لشيء فهو حظه" رواه أبو داود, وما من شك في أن من أتاه للصلاة فحظه عظيم؛ لمنزلتها عند الله تعالى، ولمكانتها من دين الإسلام.

إن كثيرا من الناس يغيب عنهم هذا المعنى المهم قبل الخروج إلى المسجد، وهو استحضار عظمة الصلاة عند الخروج إليها؛ وذلك لاعتيادهم عليها، وبسببه تثقل عليهم، ويجاهدون أنفسهم فيها، ولو وطنوا أنفسهم وجاهدوها قبيل كل صلاة على استحضار مكانتها من الدين، ومنزلتها عند رب العالمين؛ لوجدوا فيها أعظم اللذة والراحة، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يستريح بها، وهي قرة عينه.

ومما يدل على عظمة الصلاة في الدين ما شرع لها من التطهر والوضوء رغم أنها تتكرر خمس مرات كل يوم، ورتب على هذا الوضوء أجور عظيمة من تكفير الخطايا مع كل عضو يغسله، وفتح أبواب الجنة للمتوضئ إذا أنهى وضوءه، وأتى بالذكر الوارد عقبه.

وهذا التطهر لها مما يليق بحق هذه الضيافة العظيمة؛ ولذا شرع لها التزين باللباس، والطيب له تبع، والسواك لتطهير الفم (يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) [الأعراف:31] وقال النبي عليه الصلاة والسلام: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة" رواه الشيخان.

ومن الاستهانة بالمسجد وبالصلاة أن يحضرها المصلي بما لا يليق من لباس النوم أو الرياضة أو المهنة مع ما تعج به من روائح صنعته وحرفته أو نحوها من الألبسة التي لا يرضى أن يلبسها له ضيفه، ولا يلبسها هو إذا دعي إلى ضيافة؛ فكيف يرفضها في مجلس بيته، ويرضاها في مسجد ربه؟! وكيف لا يقبلها على نفسه في دعوة البشر، ويقبلها في دعوة رب البشر سبحانه وتعالى؟!

وجاء النهي الشديد عن حضور الجماعة بالروائح الكريهة؛ لأن ذلك ينافي عظمة الضيافة، ويتأذى به الملائكة والمؤمنون، روى جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أكل ثوما أو بصلا فليعتزلنا وليقعد في بيته" رواه الشيخان، وفي رواية لمسلم: "من أكل البصل والثوم والكراث فلا يقربن مسجدنا فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم". وبلغ من أهمية هذا الموضوع الذي استهان به كثير من الناس في هذا الزمن أن عمر رضي الله عنه لما علم قرب وفاته برؤيا رآها أوصى الناس، فكان من وصيته قوله رضي الله عنه: "ثم إنكم أيها الناس تأكلون شجرتين لا أراهما إلا خبيثتين: هذا البصل والثوم لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وجد ريحهما من الرجل في المسجد أمر به فأخرج إلى البقيع" رواه مسلم, ولولا شدة النهي عن ذلك لما أمر بإخراجه إلى البقيع.

فلا يحل لمسلم أن يحضر المسجد بروائح الثوم أو البصل أو الدخان أو نتن جواربه أو ملابسه إذا كان لا ينظفها، ومن أكل ثوما أو بصلا طبا أو طعاما فليصل في بيته، ولا يؤذي المصلين برائحته، ولو لم يكن في الدخان سيئة إلا أن المدخن يؤذي الملائكة والمصلين برائحته لكان ذلك رادعا للمبتلى به أن يسعى جهده في الإقلاع عنه.

ومن ابتلي برائحة كريهة في جسده أو بخر في فمه فليسع قبل حضوره إلى المسجد إلى إزالتها بأنواع المطهرات والروائح الطيبة، فإن كانت لا تزول أبدا، فلا جماعة عليه، وليصل في بيته.

وإذا أكمل المسلم ما يلزم لصلاته، وأراد الخروج إلى المسجد قدم رجله اليسرى في خروجه من منزله، وأتى بالأذكار الواردة في ذلك؛ فإنها تدحر شيطانه، وتعينه على الخشوع في صلاته.

ومشيه إلى المسجد أفضل من ركوبه؛ لما رتب على الخطو إلى المساجد من رفع الدرجات، وزيادة الحسنات، وتكفير الخطيئات، ويقرب بين رجليه في خطواته؛ لتكثيرها وتحصيل ما رتب عليها من عظيم الثواب. عن أنس رضي الله عنه قال: "وضع زيد بن ثابت يده علي وهو يريد الصلاة فجعل يقارب خطوه" وقال ابن مسعود رضي الله عنه:" إن كنا لنقارب في الخطا".

وهذا الخير العظيم لا يتأتى إلا لمن استعد للصلاة قبل دخول وقتها، أو في أوله، وخرج إلى المسجد مبكرا، والتبكير إلى الصلاة سبب لتحصيل عبادات كثيرة تفوت على المتأخرين عن الصلاة إلى قرب الإقامة أو بعدها.
فإذا أقيمت الصلاة وهو يمشي فلا يسرع في مشيه لإدراك تكبيرة الإحرام أو الركعة أو الصلاة، لا خارج المسجد ولا داخله؛ لأنه لا يزال في صلاة ما أخرجته الصلاة، روى أبو هريرة رضي الله عنه فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون وأتوها تمشون وعليكم السكينة فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا" رواه الشيخان، وفي رواية لمسلم: "فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في صلاة".

وما يفعله كثير من الناس من الجري وتسريع الخطا والجلبة والنحنحة ورفع الصوت والضرب بالأرجل لإدراك الركوع مما ينافي الوقار والسكينة، وفيه مخالفة للأحاديث الصحيحة، مع ما فيه من إزعاج للمصلين وتشويش عليهم ، فحري بالمصلي أن يجتنب ذلك، وأن يبكر للصلاة ما استطاع؛ لئلا يقع في هذه المخالفات.

ومن كبير الخطأ: تشويش كثير من الناس على إخوانهم المصلين بهواتفهم قبل الصلاة وأثناءها وبعدها، بما يصدر عنها من أصوات متنوعة، تزعج المصلين، وتذهب خشوعهم، سواء كانت قرآنا أم أذانا أم دعاء أم غير ذلك. فإذا كانت تصدر غناء أو موسيقى فالجرم أكبر، والأذية أشد؛ إذ كيف يرضى مسلم بمحرمات يجلبها إلى بيوت الله تعالى، مع ما في ذلك من أذية الملائكة والمصلين، فليتق الله تعالى من يتساهلون في ذلك.

فإذا أراد دخول المسجد قدم رجله اليمنى، وأتى بذكر دخول المسجد،قال أنس رضي الله عنه: " من السنة إذا دخلت المسجد أن تبدأ برجلك اليمنى وإذا خرجت أن تبدأ برجلك اليسرى" رواه الحاكم وصححه.

ويحرص على الصف الأول، وعلى القرب من الإمام ما استطاع، وعلى أن يكون في يمين الصف؛ لما رتب على ذلك من الأجور العظيمة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا، ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه" متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .

وفي حديث أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ليلني منكم أولو الأحلام والنهى" رواه مسلم.

وفي حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف" رواه أبو داود وصححه ابن حبان.

وإذا أخذ مكانه في المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين؛ لحديث أبي قتادة بن ربعي رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين" رواه الشيخان.

وهو لا يزال في صلاة ما دام ينتظر الصلاة، فإن شاء تنفل أو قرأ القرآن أو اشتغل بالذكر أو بالدعاء، ولا يشتغل بأمور الدنيا أو بالحديث مع غيره في شئونها وهو منتظر صلاته، ولا يعبث في المسجد بثوبه أو يديه أو ساعته أو جواله، ولا يشبك بين أصابعه؛ لحديث كعب بن عجرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه ثم خرج عامدا إلى المسجد فلا يشبكن يديه فإنه في صلاة" رواه أبو داود وصححه ابن حبان.

ولا يرفع صوته بقرآن أو ذكر فيشوش على غيره؛ لما جاء في حديث أبي سعيد رضي الله عنه قال: "اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة فكشف الستر وقال: ألا إن كلكم مناج ربه فلا يؤذين بعضكم بعضا، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة أو قال في الصلاة" رواه أبو داود وصححه ابن خزيمة والحاكم.

وإذا أقيمت الصلاة فلا يصلي إلا المكتوبة؛ لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، ولأنها هي المقصود من مجيئه للمسجد.

فإذا صلى أتى بالأذكار عقب الصلاة، والسنة أن يجهر بها لما روى الشيخان عن ابن عباس رضي الله عنهما: "أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم".
فإن كان للصلاة راتبة بعدية أتى بها في المسجد، وإن صلاها في بيته فذلك أفضل؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام: "صلوا أيها الناس في بيوتكم فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة" رواه الشيخان عن زيد بن ثابت رضي الله عنه، وروى مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده فليجعل لبيته نصيبا من صلاته فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيرا).

أسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا، وأن يرزقنا العمل بما علمنا، وأن يقبل منا ومن المسلمين أجمعين، والحمد لله رب العالمين،

وأقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم....

  

الخطبة الثانية:

الحمد لله حمدا طيبا كثيرا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.

أما بعد:

فاتقوا الله تعالى وأطيعوه (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى الله ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ) [البقرة:281].

أيها الناس: للمساجد حرمتها عند الله تعالى، وواجب على مرتاديها أن يراعوا تلك الحرمة، وأن يلتزموا فيها بآداب الشريعة، ومن فقد شيئا فلا يسأل عنه في المسجد رجاء أن يجده؛ فإن ذلك من انتهاك حرمة المساجد وابتذالها، وقد جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من سمع رجلا ينشد ضالة في المسجد فليقل: لا ردها الله عليك فإن المساجد لم تبن لهذا" رواه مسلم.وجاء في حديث بريدة رضي الله عنه: "أن رجلا نشد في المسجد فقال: من دعا إلى الجمل الأحمر؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا وَجَدْتَ إنما بنيت المساجد لما بنيت له" رواه مسلم.

ومن تعظيم المساجد تحريم البيع والشراء فيها وقد جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا: لا أربح الله تجارتك.." رواه الترمذي وصححه ابن خزيمة.

وكثير من الناس لا يحلو لهم الحديث عن الدنيا والبيع والشراء والتجارة والعقار والأسهم إلا في المساجد، وأثناء انتظار الصلاة، ولا سيما إذا جلس بجوار شريكه أو قرينه، وذلك من تزيين الشيطان لهم؛ لينقص من أجرهم، ويزيد في إثمهم، فالحذر الحذر من ذلك، فإن المساجد ما بنيت لهذا.

ويدخل في معنى ذلك: التسول في المساجد إذا كان فيه تشويش على الناس، وإشغال لهم عن الذكر، وإلحاح في المسألة، كما هو واقع في هذا الزمن؛ إذ لا يهنأ الواحد منهم حتى يصيح في الناس يفصل حاجته، ويستدر عواطفهم، وكل ذلك مما ينهى عنه في المساجد، وكان ابن عباس رضي الله عنهما يسب المتسولين ويقول: لا تشهدون جمعة ولا عيدا إلا للمسألة والأذى...قال الذهبي رحمه الله تعالى: فكيف إذا انضاف إلى ذلك غنى ما عن السؤال، وقوة على التكسب.

أيها المسلمون: تلك آداب عظيمة شرعت لمن أراد الخروج إلى الصلاة، وكان من رواد المساجد؛ ليكتمل أجره، ويعظم جزاؤه، فحري بنا وبكل مسلم أن يتعلمها ويعمل بها؛ التزاما بالسنة، وطلبا للأجر من الله تعالى (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ إِنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [البقرة:110] .

وصلوا وسلموا على نبيكم كما أمركم بذلك ربكم...