الحكيم
اسمُ (الحكيم) اسمٌ جليل من أسماء الله الحسنى، وكلمةُ (الحكيم) في...
العربية
المؤلف | عبدالله عوض الأسمري |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | أعلام الدعاة |
حديثنا هذا اليوم عن صحابي جليل من العشرة المبشرين بالجنة، ومن الخلفاء الراشدين، خدم الإسلام والمسلمين، وهو قدوة حسنة لنا في سيرته -رضي الله عنه-؛ إنه عثمان بن عفان -رضي الله عنه-؛ إنه الرجل الثالث في الإسلام بعد الشيخين الجليلين...
الخطبة الأولى:
الحمد لله حمداً كثيراً مباركاً فيه، والصلاة على محمد وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليماً كثيراً.
وبعد: أوصيكم ونفسي بتقوى الله -عز وجل-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)[آل عمران: 102].
حديثنا هذا اليوم عن صحابي جليل من العشرة المبشرين بالجنة، ومن الخلفاء الراشدين، خدم الإسلام والمسلمين، وهو قدوة حسنة لنا في سيرته -رضي الله عنه وأرضاه-؛ إنه عثمان بن عفان -رضي الله عنه-.
أنه الرجل الثالث في الإسلام بعد الشيخين الجليلين أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما-.
سمي عثمان ذو النورين؛ لأنه تزوج بنتي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رقيه، وماتت ثم تزوج أم كلثوم، وقال رسول الله -عليه الصلاة والسلام-: "لو كان عندنا أخرى لزوجناها عثمان".
من أعماله الجليلة -رضي الله عنه وأرضاه-: بعثه النبي -صلى الله عليه وسلم- يفاوض قريشاً في الحديبية، وبايع عنه صلى الله عليه وسلم بيده في بيعة الرضوان، وقال: "هذه يدي، وهذه يد عثمان"(رواه أحمد).
وخدم الإسلام بماله وثروته، فقد كان يبذل المال لنصرة دين الله -تعالى-فعندما هاجروا إلى المدينة كانت بئر رومه يشتري منها المساكين الماء، وليس لديهم مال، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من يشتريها من خالص ماله فيكون دلوه فيها كدلاء المسلمين، وله خير منها في الجنة"، فاشتراها عثمان من خالص ماله، وتركها لوجه الله للمسلمين.
ومن أعماله الجليلة: أنه جهز جيش العسرة في غزوة تبوك حيث دعا النبي -صلى الله عليه وسلم- في المسجد لجمع المال لتجهيز الجيش فقام عثمان، وقال: "علىٌ مائة بعير يا رسول الله بأحلاسها وأقتابها"، لكن لا تكفي فدعا الناس إلى زيادة الإنفاق، وقال: "من يجهز الجيش؟" فقال مرة ثانية عثمان -رضي الله عنه- وقال: "عليٌ مائتين بعير يا رسول الله بأحلاسها وأقتابها، فدعا له الرسول بخير"، لكن لا تكفي، وقال الرسول: "من يجهز الجيش؟" فقال عثمان: "عليٌ ثلاثمائة يا رسول الله بأحلاسها وأقتابها، وألف دينار، حتى أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم".
ومن أعماله أيضاً -رضي الله عنه-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- احتاج إلى توسعة مسجده -صلى الله عليه وسلم- لكثرة الناس، فقال: "من يوسع لنا بهذا البيت المسجد ببيت في الجنة"(رواه أحمد)، فاشترى عثمان -رضي الله عنه- هذا البيت الملاصق لمسجده صلى الله عليه وسلم، ثم أضافه إلى المسجد.
ومن أعماله الجليلة في كتاب الله -تعالى- في القرآن الكريم: أنه جمعهم على مصحف واحد، حتى لا يختلف الناس، ووزع نسخا من المصحف على سائر الأقاليم.
من صفات عثمان -رضي الله عنه-: أنه كان ذو حياء، وكانت الملائكة تستحي منه، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ألا استحي من رجل تستحي من الملائكة؟"(رواه مسلم).
وكان رضي الله عنه عفيفاً، فلم يكن يعمل الفواحش في جاهلية ولا إسلام، فقد قال: "والله يا ما زنيت في جاهلية ولا إسلام".
وكان لا يمل من قراءة القرآن، ويقول: "لو طهٌرت قلوبنا ما شبعت من كلام ربنا".
وكان رحيماً بأهله وخدمه، فقد كان لا يوقظ أحد من أهله أو خدمه، فقيل له: لو أيقظت بعض الخدم؟ فيقول: لا الليل لهم يستريحون فيه.
كان خلافته رضي الله عنه ما يقارب 12 عاماً، فتوسعت فيها رقعة الدولة الإسلامية.
وقد قتل مظلوماً يوم الجمعة وهو صائم، وقد سقط الدم على قوله تعالى: (فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)[البقرة: 137].
فعلينا أن نقتدي بالصحابي الجليل عثمان -رضي الله عنه- في سيرته، وخاصة في إنفاقه وبذله في سبيل الله -تعالى-.
أقول ما سمعتم، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.