الجميل
كلمة (الجميل) في اللغة صفة على وزن (فعيل) من الجمال وهو الحُسن،...
العربية
المؤلف | صالح بن علي أبو عراد |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | القرآن الكريم وعلومه - المنجيات |
سأستعرض معكم في هذه الخُطبة بعض صور العمل الصالح التي قد لا ينتبه لها بعض الناس؛ لأنهم يرونها أعمالاً يسيرةً، ومُمارساتٍ عاديةً لا تستوجب التركيز عليها أو الاهتمام بها؛ لكنها في حقيقتها من العمل الصالح الذي يُمكن للإنسان أن يقوم به فيكسب الأجر والثواب العظيم من الله -تعالى-، متى صلحت النية، وكان ذلك خالصًا لوجهه الكريم.
الخطبة الأولى:
الحمد لله الملك المعبود، ذي العطاء والمنِّ والجود؛ نحمده -تبارك وتعالى- ونشكُره، ونستغفره ونتوب إليه، وهو الغفور الودود، والصلاة والسلام على مَنْ أرسلَه الله رحمةً للعالمين، وقدوةً للمُقتدين، وإمامًا للمُتَّقين، وعلى آله الأخيار، وصحابته الأطهار.
أما بعد: فاتقوا الله يا عباد الله، واعلموا أن من كرم الله -سبحانه- أن فتح لعباده كثيرًا من أبواب الخير، وحثَّهم على المسارعة إليها، والتسابُق إليها في كل وقتٍ وحين، لما يترتبُ عليها بإذن الله -تعالى- من تحصيل الحسنات، ورفعة الدرجات، ومحو الخطيئات؛ يقول -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[الحج:77]، ويقول -سبحانه-: (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)[البقرة:148].
ولأن الله -تعالى- كريمٌ وعليمٌ بما تُخفي الصدور وما تُكنُّه النيَّات؛ فقد جاء قوله -تعالى-: (وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ)[البقرة:215]، كما أن من عظيم نعمة الله -تعالى- على عباده أنه -سبحانه- يقبل العمل الصالح الخالص لوجه -سبحانه- ولو كان يسيرًا، ثم يُجازي عليه بالأجر الكثير؛ قال -تعالى-: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا)[الأنعام:160].
وسأستعرض معكم في هذه الخُطبة بعض صور العمل الصالح التي قد لا ينتبه لها بعض الناس؛ لأنهم يرونها أعمالاً يسيرةً، ومُمارساتٍ عاديةً لا تستوجب التركيز عليها أو الاهتمام بها؛ لكنها في حقيقتها من العمل الصالح الذي يُمكن للإنسان أن يقوم به فيكسب الأجر والثواب العظيم من الله -تعالى-، متى صلحت النية، وكان ذلك خالصًا لوجهه الكريم.
فعندما تذكر الله -سبحانه- وتعالى، وتُرطِّب شفتيك أخي المسلم بتسبيحةٍ، أو تحميدةٍ، أو تهليلةٍ، أو تكبيرةٍ؛ فأنت تعمل الخير، ولا يُكلِّفك ذلك جُهدًا، ولا تصرف من مالك شيئًا، وقد صحَّ عن أبي ذرٍّ -رضي الله عنه-، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: "كل تسبيحةٍ صَدَقة، وكل تحميدةٍ صَدَقة، وكل تهليلةٍ صَدَقة، وكل تكبيرةٍ صَدَقة، وأمر بالمعروف صَدَقة، ونهيٌ عن المُنكر صَدَقة"(رواه مسلم).
وعندما تستغفر الله -تعالى-، وتطلب منه جل جلاله العفو والصفح والغُفران؛ فأنت تعمل الخير، وتمتثل لأمر الله -تعالى- في كتابه العزيز؛ حيث يقول -سبحانه-: (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا)[النساء:110].
وروي عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من أكثر من الاستغفار جعل الله له من كل همٍّ فرجًا، ومن كل ضيقٍ مخرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب"(رواه ابن ماجه).
وهنا أُنبِّه إلى أهمية وضرورة الإكثار من الاستغفار؛ لأنه -بإذن الله تعالى- أمانٌ من حلول العذاب، ومَخرجٌ للناس في حياتهم الدنيا، وفي واقعهم المعاصر من الفتن والمِحن والابتلاءات التي تُحيط بهم من كل جانب؛ نسأل الله -تعالى- السلامة والنجاة منها.
وعندما تخرج من بيتك أو مكان عملك أو متجرك إلى المسجد لتُؤدِّي فريضةً من الفرائض؛ فأنت تعمل الخير؛ لما صحَّ عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النَّبيِّ -صلى لله عليه وسلم-، أنه قَالَ: "مَنْ غَدَا إِلَى المَسْجِد أَوْ رَاحَ، أَعَدَّ اللهُ لَهُ في الجَنَّةِ نُزُلًا كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ"(رواه البخاري ومسلم).
وعندما تقوم بتوفير ماء الشرب وتوزيعه على الناس في المنازل، وفي المساجد، وفي أماكن وجودهم، فأنت تعمل الخير، وتطمع في نيل الثواب العظيم؛ لا سيَّما إذا كان ذلك العمل صَدَقةً عن الأموات، فقد ورد الحثُّ على هذا العمل الصالح في حديث يُروى عن سعدِ بْنِ عُبَادَةَ أن أمَّه ماتَتْ، فقال: يا رسولَ اللهِ، إن أمِّي ماتَتْ، أفأَتَصَدَّقُ عنها؟ قال: "نعم"، قلْتُ: فأيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قال: "سقْي الماءِ"(صحيح النسائي).
وعندما تُميط الأذى عن الطريق، وتُزيل ما قد يُؤذي الناس فيه؛ فأنت تعمل الخير الذي يُثيب الله -تعالى- عليه بالأجر العظيم، فقد جاء في الصحيحين: "بينما رجلٌ يمشي بطريقٍ، وجد غصنَ شوكٍ على الطريق، فأَخَّرَه، فشكر الله له، فغفر له"(رواه البخاري ومسلم).
وعندما توفِّرُ كُرسيًّا مُتحرِّكًا لمن يحتاجه من عباد الله -تعالى- المرضى أو كبار السن في منزله، أو في مكان علاجه، فأنت تعمل الخير الذي يندرج تحت ما جاء عن جابر -رضي الله عنه-، أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "كلُّ معروفٍ صَدَقة"(رواه البخاري).
وعندما تزرع شجرةً، ويستفيد منها أحدٌ من خلق الله سواءً بثمرها، أو بظلِّها، أو بورقها، أو غير ذلك فأنت تعمل الخير الذي يندرج تحت ما جاء عن جابر -رضي الله عنه-، أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما مِن مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا إلَّا كانَ ما أُكِلَ منه له صَدَقَةً، وما سُرِقَ منه له صَدَقَةٌ، وما أكَلَ السَّبُعُ منه فَهو له صَدَقَةٌ، وما أكَلَتِ الطَّيْرُ فَهو له صَدَقَةٌ، ولا يَرْزَؤُهُ أحَدٌ إلَّا كانَ له صَدَقَةٌ"(رواه مسلم).
وعندما تُسقي إنسانًا، أو حيوانًا، أو طيرًا من الماء فترويه من العطش، فأنت تعمل الخير، وستنال على ذلك الأجر والثواب من الله -تعالى-؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "في كل كبدٍ رطبةٍ أجر"(رواه البخاري ومسلم).
وعندما تمرُّ بإنسانٍ يسير على قدميه في حرِّ الشمس، أو في الجوِّ المطير، أو نحو ذلك، فتأخذه بسيارتك فتوصله إلى حيث يُريد، فأنت تعمل الخير وتُعينُ عليه، وقد صحَّ عن أبي موسى -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، أنه قال: "على كل مسلم صَدَقة"، قال: أرأيت إن لم يجد؟ قال: "يعمل بيديه فينفع نفسه ويتصدَّق"، قال: أرأيت إن لم يستطِعْ؟ قال: "يعين ذا الحاجة الملهوف"(متفق عليه).
وعندما تُرشد إنسانًا إلى مكانٍ يسأل عنه، أو تدُله على المكان الذي يرغب الوصول إليه، وتُساعده في ذلك؛ فأنت تعمل الخير الذي صحَّ عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، أن النبي -صلى لله عليه وسلم-، قال: "دَلُّ الطريق صَدَقة"(رواه البخاري).
وعندما تُقابل الناس الذين تعمل معهم، أو تلتقي بهم في مكان سكنِك، أو عملك، أو تجارتك، أو وظيفتك، أو صلاتك، أو سفرك، أو غير ذلك بوجهٍ طلقٍ، وابتسامةٍ لطيفةٍ، ومُحيًّا جميل؛ فأنت تعمل الخير، وتبتغي من الله -تعالى- الأجر والثواب؛ فعن أبي ذرٍّ -رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله -صلى لله عليه وسلم-: "تبسُّمِك في وجه أخيكَ لكَ صَدَقة"(رواه الترمذي).
وعن جابر -رضي الله عنه-، عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "ومن المعروف أن تلقَى أخاك بوجهٍ طَلْق"(رواه أحمد).
وعندما تزور مريضًا فتُسلِّم عليه، وتطمئنُّ على صحَّته، وتُدخل السرور إلى نفسه، وتدعو له؛ فأنت تعمل الخير الذي قال فيه نبينا محمدٌ -صلى الله عليه وسلم-: "إذا عاد الرجل أخاه المسلم مشى في خرفة الجنة حتى يجلس، فإذا جلس غمرته الرحمة، فإن كان غدوةً صلى عليه سبعون ألف مَلكٍ حتى يمسي، وإن كان مساءً صلى عليه سبعون ألف ملكٍ حتى يصبح"(رواه الترمذي، وابن ماجه، وأحمد).
وعندما تدخل إلى منزلك أو غيره من المنازل، أو المساجد، أو المكاتب، أو المتاجر، أو أماكن وجود الناس، فتذكر الله -تعالى-، وتُسلِّم على من فيه؛ فأنت تعمل الخير؛ لما جاء عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "يَا بُنَيَّ، إِذَا دَخَلْتَ عَلَى أَهْلِكَ فَسَلِّمْ، يَكُنْ بَرَكَةً عَلَيْكَ، وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ"(رواه الترمذي).
وعندما تذهب إلى بعض المحلَّات التجارية أو البقالات؛ لتقوم بتسديد الديون المُسجلة على بعض الأُسر الفقيرة ابتغاء مرضاة الله -تعالى-، فأنت تعمل الخير؛ لأنك قضيت دين هذه الأُسرة، ونفَّسْت كُربةً من كُرباتها، وقد صحَّ عن عبدالله بن أبي قتادة أنه قال: سمِعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "مَنْ سرَّه أن يُنجيه الله من كرب يوم القيامة، فلينفِّس عن مُعسِر، أو يضع عنه"(رواه مسلم).
وعندما تتفقَّد احتياجات بعض المساجد والجوامع، وتقوم بتوفيرها؛ كالمصاحف، والفرش، ومكبِّرات الصوت، ودواليب المصاحف والمراوح والمكيِّفات، وتفقُّد الأبواب والنوافذ، وإصلاح مصابيح الكهرباء وأدوات السباكة، ونحو ذلك مما لا غنى عن تفقُّده وإصلاحه بين حينٍ وآخر، فأنت تعمل الخير، وتكون بإذن الله -تعالى- ممن يعمرون بيوت الله في الأرض حسيًّا ومعنويًّا.
معاشر المصلِّين، اعلموا أن باب الله مفتوحٌ، وأن فضله للراغبين ممنوح، وعطاؤه لعباده يغدو ويروح، فأين العاملون الذين يتنافسون في أعمال الخير، وإليها يتسابقون؟ نسأل الله -تعالى- أن يجعلنا منهم، وأن يوفِّقنا لأن نكون ممن قيل فيهم: (وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ)[المطففين:26]، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله الغني عن العالمين، الذي لا تنفعُه طاعةُ الطائعين، ولا تضرُّه معصيةُ العاصِين، والصلاة والسلام على مَنْ بَعَثَه اللهُ بالهُدى ودين الحقِّ، فكان رحمةً للعالمين، وعلى آله الطاهرين، وصحبه المتقين.
أما بعد: فاستَكثِروا يا عباد الله من فعْل الخيرات، وسابقوا إلى عمل الطاعات، واغتنموا حياتكم قبل الممات، واستثمروا عافية أجسامكم قبل ضعفها ومرضها، وأوقات فراغكم قبل انشغالها، وأخلصوا في أقوالكم، وأعمالكم، ونيَّاتكم، وأكثروا من عمل الخير ليلًا ونهارًا، وسرًّا وجِهارًا، واغتنموا هذه الأيام المباركات من شهر رمضان للمُتاجرة مع الله -سبحانه-؛ فإنه مناسبةٌ عظيمةٌ تُضاعف فيها الحسنات، وتُرفع الدرجات، وتُقال العثرات، وتُجاب الدعوات.
واعلموا -بارك الله فيكم- أن الخير الذي أشار إليه قول الحق -سبحانه-: (وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[الحج:77]، يشمل كل عملٍ صالح، وكل قولٍ طيبٍ، وكل نيةٍ صادقة؛ فطاعة الله خير، والإحسان إلى النفس خير، كما أن الإحسان إلى الناس خير، والإخلاص والنية الطيبة خير، وبِرُّ الوالدين أحياءً وأمواتًا خيرٌ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خيرٌ، وصلة الأرحام وذوي القُرْبى خير، والانشغال بذكر الله -تعالى- خيرٌ، وطيب التعامل مع الجيران خيرٌ، والخُلُق الحَسَن خيرٌ، وإماطة الأذى عن الطريق خير، والمحافظة على البيئة من التلوُّث خير، واحترام الآخرين خير، والصدق خير، والأمانة خير، والالتزام بالوعد والوفاء بالعهد خير، والرفق بالحيوان خير، وهكذا إذا صلحت النيات، فإن كل عملٍ ينهضُ بالفرد، ويرقى بالمجتمع، ويُسهم في صلاح الأحوال يكون بلا شكٍّ من الخير الذي دعت إليه تعاليمُ الدين وآدابه.
نسأل الله -تعالى- أن يُوفِّقْنا جميعًا إلى فعل الخيرات، وعمل الطاعات، وأن يأخذ بنواصينا إلى فواتح الخير، وخواتمه، وجوامعه.
ثم اعلموا -بارك الله فيكم- أن أصدق الحديث كتاب الله -تعالى-، وخير الهدي هدي محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار، واعلموا أن الله -تعالى- أمركم بالصلاة والسلام على النبي، فقال -جل شأنه-: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب:56]، وقد صحَّ عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، أنه قال: "مَنْ صلَّى عليَّ صلاةً واحدةً صلى الله عليه عشر صلوات، وحُطَّت عنه عشر خطيئات، ورُفعت له عشر درجات"(رواه أحمد والنسائي).
فاللهم صلِّ وسلِّم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه الطاهرين، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين: أبي بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعلي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، ودمِّر أعداء الملَّة والدين، اللهم احفظ لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وبارك اللهم لنا في دنيانا التي فيها معاشنا، واحفظ اللهم لنا ولاة أمرنا، وارزقهم البطانة الصالحة التي تدلهم على الخير، وتُرشدهم إليه، وتُعينهم عليه.
اللهم مَنْ أرادَ بلادنا وبلاد المسلمين بسُوءٍ أو عدوانٍ فأشغله في نفسه، وردَّ كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميرًا له يا رب العالمين، واكفنا اللهم بحولك وطولك وقدرتك من كيد الكائدين، ومكر الماكرين، وحقد الحاقدين، واعتداء المعتدين، وحسد الحاسدين، وظلم الظالمين، وشماتة الشامتين، واكفناهم جميعًا بما تشاء يا رب العالمين.
اللهم هَبْ لنا من كل همٍّ فرجًا، ومن كل ضيقٍ مخرجًا، وارزقنا اللهم من حيث لا نحتسب، اللهُمَّ إنَّا ظلمنا أنفسنا ظُلما كثيرًا، ولا يغفر الذنوب إلَّا أنت، فاغفر لنا مغفرةً من عندِك وارحمنا، إنك أنت الغفور الرحيم.
اللهم بارك لنا فيما تبقى من أيام شهر رمضان ولياليه، واكتب لنا فيها أعمالاً صالحةً مقبولةً، ووفِّقنا فيها لطاعتك ومرضاتك، وتقبل منَّا صلاتنا وصيامنا وقيامنا، ودعاءنا وصدقاتنا واستغفارنا، وأعتق رقابنا من النار، ورقاب آبائنا وأمهاتنا، ومن له حقٌّ علينا.
اللهم إنا نعوذُ بك من عملٍ يُخزينا، ونعوذُ بك من قولٍ يُردينا، ونعوذ بك من صاحبٍ يؤذينا، ونعوذُ بك مِن أملٍ يلهينا، ونعوذ بك من فقرٍ يُنسينا، ونعوذ بك من غِنًى يُطغينا، ونعوذ بك من الفتن، ما ظهر منها وما بطن.
اللهم أحسن حياتنا، وأحسن مماتنا، وأحسن ختامنا، وأحسن مآلنا، اللهم أعنَّا على كل خير، واكفنا من كل شرٍّ، واغفر لنا ما قدَّمْنا وما أخَّرْنا، وما أسررْنا وما أعلنَّا، وما أنت أعلم به منَّا، اللهم اغفر لنا ولأمواتنا، وأعفُ عنَّا وعنهم، واجمعنا بهم في مُستقرِّ رحمتك غير خزايا ولا مفتونين.
اللهمَّ اغفر لنا وارحمنا، وعافنا وأعفُ عنَّا، واهدنا وسدِّدْنا، وتجاوز عنَّا وسامحنا، واكفنا من كل شرٍّ، وأعنَّا على كل خير، وارزقنا اللهم من فضلك العظيم، واجعلنا من الشاكرين، ربنا آتنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً، وقِنا عذاب النار، يا عزيز يا غفَّار.
عباد الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)[النحل: 90]، وَأَقِمِ الصَّلاةَ، إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.