القوي
كلمة (قوي) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) من القرب، وهو خلاف...
العربية
المؤلف | عبدالله عوض الأسمري |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | نوازل الأحوال الشخصية وقضايا المرأة - الحكمة وتعليل أفعال الله |
حديثي اليوم عن الغناء، وما أدراكم ما الغناء؟! فقد استخدمه أعداء المسلمين ليكيدوا به أهل الإسلام حتى يخرجوهم عن دينهم. إن الغناء سلاح لقتل الإيمان وإحلال النفاق في القلوب، وقد نجح اليهود والنصارى في اتخاذه وسيلة ضد أمتنا الإسلامية،...
الخطبة الأولى:
الحمد لله حمدًا مباركًا فيه كما يحب ربي ويرضى، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وبعد:
أوصيكم بتقوى الله -عز وجل-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)[الحشر:18].
حديثي اليوم عن الغناء، وما أدراكم ما الغناء؟! فقد استخدمه أعداء المسلمين ليكيدوا به أهل الإسلام حتى يخرجوهم عن دينهم. إن الغناء سلاح لقتل الإيمان وإحلال النفاق في القلوب، وقد نجح اليهود والنصارى في اتخاذه وسيلة ضد أمتنا الإسلامية، ومن قبلهم الشيطان الرجيم؛ لأن الغناء مزامير الشيطان، قال -تعالى-: (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ)[الإسراء:64]، قال مجاهد: "إن صوت الشيطان هو الغناء"، وهو قول أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- لأم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- لما دخل والجاريتان تغنيان فقال: "أمزمار الشيطان في بيت رسول الله؟!".
فالغناء حكمه أنه حرام عند جماهير أهل العلم، ومن أدلة تحريمه قول الله -تعالى-: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ)[لقمان:6]. وقد قال ابن مسعود -رضي الله عنه- عن هذه الآية: "والله الذي لا إله إلا هو إن لهو الحديث هو الغناء"، وكذلك قول ابن عباس وجابر وابن عمر، وأكثر من ثلاثة عشر من الصحابة -رضي الله عنهم-.
ومن الأدلة على تحريم الغناء قوله -تعالى-: (أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ * وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ * وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ)[النجم:59-61]؛ قال ابن عباس: "السمود هو الغناء في لغة حمير".
وقد ذكر القيم أن من أسماء الغناء أنه يسمى اللهو واللعب، والزور والباطل، والمكاء والتصدية، ورقية الزنا، ومنبت النفاق، وقرآن الشيطان، والسمود، وغير ذلك.
أما أدلة تحريم الغناء في السنة المطهرة؛ ففي صحيح البخاري -وهو أوثق كتاب بعد القرآن الكريم على إجماع الأمة-؛ فقد ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ليكونن أقوام من أمتي يستحلّون الحِرَ والحرير والخمر والمعازف"؛ فقوله: "يستحلّون" أي: أنه محرّم في الأصل؛ لكن هناك مُن يجعله حلالاً، وقوله "المعازف" تشمل آلات الغناء كلها. وقرن الله -عز وجل- الغناء مع لبس الحرير للرجال، وشرب الخمر، وكلها من كبائر الذنوب.
ومن الأدلة حديث عبد الرحمن بن عوف عن الترمذي عندما بكى النبي -صلى الله عليه وسلم- لموت إبراهيم ابنه قال عبد الرحمن: ألم نُنْهَ عن البكاء؟ قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "فإني نهيت عن صوتين ورنة الشيطان"، فقوله: "نُهِيتُ"، والنهي يقتضي التحريم.
ومن الأدلة قوله -صلى الله عليه وسلم-: "في هذه الأمة خسفٌ ومسخ وقذف"؛ فقال رجل من المسلمين: متى ذلك؟ قال: "إذا ظهرت القِيَان والمعازف وشُرِبَتْ الخمر"(رواه الترمذي)، وهذا وعيد شديد لأهل الغناء بالمسخ والخسف والقذف، وترى اقتران الغناء بالخمر؛ لأن الخمر يخامر العقول والغناء يخامر العقول والقلوب والجوارح.
عباد الله: قال الإمام أبو حنيفة: "الغناء حرام، وسماعه من الذنوب".
وقال مالك: "لا يفعله عندنا إلا الفساق".
وكان الشافعي يرد شهادة المغني والمغنية.
وقال الإمام أحمد: "الغناء حرام ينبت النفاق في القلب".
وبهذا يُعْلَم إجماع الصحابة -رضي الله عنهم- والتابعين وتابعيهم، وهم السلف الصالح والقرون المفضَّلة على تحريم الغناء، والمسلم العاقل هو الذي يجتنب سماع الباطل، ويطهّر سمعه وقلبه ومنزله وسيارته من الغناء المحرم؛ اتباعًا لما يرضي الله -عز وجل-.
نسأل الله أن يمنعنا من سماع الغناء وكل المحرمات، وأن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه.
أقول ما سمعتم وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله حمدًا كثيرًا، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.
عرفنا -أيها المسلمون- حكم الغناء، وأن الأدلة واضحة على تحريمه؛ فعلينا أن نبتعد عن سماع الغناء، وأن ننشر الوعي في أولادنا وأهل بيتنا عن تحريمه، وأن نناصح مَن يستمع إليه، ونوضّح له الأدلة على تحريمه؛ سواء في بيوتنا أو خارج بيوتنا، وإن لم نستطع أن نُغيّر شيئاً فننكر ذلك بقلوبنا، ونبتعد عن أماكن الغناء.
نسأل الله -عز وجل- أن يرد المسلمين إلى دينهم، وأن يُعيذهم من شر أنفسهم وأعدائهم إنه وليُّ ذلك والقادر عليه.
ألا وصلوا على سيدنا محمد كما أمركم الله -عز وجل-: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب:56].
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك.
اللهم لا تدع لنا ذنبًا إلا غفرته، ولا همًّا إلا فرَّجته، ولا دَيْنًا إلا قضيته، ولا عسرًا إلا يسَّرته، ولا مريضًا إلا شفيته.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلِّ اللهم وسلم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.