المجيد
كلمة (المجيد) في اللغة صيغة مبالغة من المجد، ومعناه لغةً: كرم...
العربية
المؤلف | عبدالله بن عمر السحيباني |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | المنجيات |
الهداية هدفنا الحقيقي، وغايتنا المنشودة، وطلبنا الذي ننساه أحيانا مع زحمة الحياة ومشاغلها وأهدافنا المؤقتة. الهدايةُ أعظم نعمة يمنّ الله بها على من يشاء. الهداية سعادة وطمأنينة وسرور ونور. الهداية منحة ربانية هدى الله لها الأولياء، وأضل عنها...
الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي بفضله اهتدى المهتدون، وبعدله ضلَّ ضالّون، (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ)[الأنبياء: 23]، أحمده سبحانه على هدايته وتوفيقه.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لا رب لنا سواه، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم إلى يوم الدين.
أما بعد:
فاتقوا الله -عباد الله- حق التقوى، فالتقوى جماع الخيرات، وبها تحصل البركات.
لو سألت أي مسلم صادق صالح: ما هو أعظم هدف لك في هذه الحياة؟ لكان الجواب وبكل سهولة ووضوح: هدفي الذي أسأله الله وأسعى إليه هو الذي أطلبه من ربي كل يوم عشرات المرات في كل ركعة حين أقول: (اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ)[الفاتحة: 6].
الهداية هدفنا الحقيقي، وغايتنا المنشودة، وطلبنا الذي ننساه أحيانا مع زحمة الحياة ومشاغلها وأهدافنا المؤقتة.
الهدايةُ أعظم نعمة يمنّ الله بها على من يشاء: (بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ)[الحجرات: 17].
الهداية سعادة وطمأنينة وسرور ونور: (وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى)[مريم: 76].
الهداية منحة ربانية هدى الله لها الأولياء، وأضل عنها الأشقياء: (فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلاَلَةُ)[الأعراف: 30].
الهداية ليست بيد أحد من الخلق، فلا أحد يملك هداية نفسه من غير هداية الله وتوفيقه: (وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ)[الأعراف: 43]، ويقول تعالى في الحديث القدسي: "يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم"، وإذا لم يكن للمرء هداية نفسه بغير توفيق الله فهو بالأولى عاجز عن هداية غيره، ولو أحبه أشد الحب: (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء)[القصص: 56].
الدعاءُ بالهدايةِ رأسُ الأدعية وأفضلُها، لذلك أُمِر المسلم بأن يدعوَ ربَّه في كلّ صلاةٍ بأن يمنحَه الهداية، قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: "أنفعُ الدعاءِ وأعظمهُ وأحكمُه: دعاءُ الفاتحةِ: (اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ)[الفاتحة: 6]؛ لأنَّ العبدَ إلى الهُدى أحوجُ منه إلى الأكل والشرب".
وكان النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يأمر أصحابَه بالدّعاء بالهدايةِ، يقول عليّ-رضي الله عنه-: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "قل: اللهمّ اهدني وسدِّدني" (رواه مسلم).
والثبات على الهداية دعوة الصالحين: (رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ)[آل عمران: 8].
الهداية -أيها الحبيب- تحتاج إلى مجاهدة، وبذل سبب، وإحسان: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)[العنكبوت: 69].
أما المسيؤون المتطلعون للمنكرات والشهوات، فهم صرعى للهوى، قد حجبت عنهم أنوار الهداية.
الهداية يهبها الله -سبحانه- لمن حرص على طهارة قلبه، وتواضع للحق، وتواضع للخلق، ويصرفها سبحانه لمن تنجس قلبه بالكبر والغرور: (سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ)[الأعراف: 146].
الهداية معقودة أسبابها الجامعة في القرآن الكريم، تلاوة وتدبراً وعملاً: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ)[الإسراء: 9].