العفو
كلمة (عفو) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعول) وتعني الاتصاف بصفة...
العربية
المؤلف | عمر بن عبد الله المقبل |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | المهلكات - نوازل الأحوال الشخصية وقضايا المرأة |
إن المحزن والمؤسف أن كثيرًا من الرجال -وربما نُسب بعضهم إلى فضل وخير- لا يتعاملون مع المرأة على أنها فعلاً شريكة حياة -إن كانت زوجة-، أو أنها إنسان ومخلوق مكرم، فضلاً عن كونها مسلمةً قد ينفع الله بها كما نفع بنساء كثيرات الأمَّةَ في غابر الزمان وحديثه إن كانت بنتًا أو أختًا، كلا، فكثير من الرجال لا يتعامل مع المرأة إلا بأحاديث نبوية ينتقيها بعناية...
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، بلَّغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة، وجاهد في الله حتى أتاه اليقين من ربه، فصلوات ربي وسلامه عليه، وعلى آله وصحبه ومن سلك سبيلهم إلى يوم الدين.
أما بعد:
فلقد كان المصلحون في زمن مضى -وما زالوا- يخوضون معركة شرسة مع دعاة تغريب المرأة المسلمة في جميع بلاد الإسلام، وكانت إدارة المعركة في كثير من الأحيان -بالنسبة للمصلحين- تأخذ أسلوب الدفاع لا الهجوم؛ ذلك أن المصلحين لم يكونوا يريدون أن ينكأوا جراحًا، ولا أن يفتحوا أبوابًا مغلقة، وأن يكشفوا حقائق هي في الواقع عليهم لا لهم.
أما اليوم، وبعد أن تغير الزمان، وانفتح العالم على بعضه، فليس من المناسب، بل ولا من العدل، أن يذهب أكثر حديثنا عن تهتك المرأة الغربية، وضياعِ شرفها، وتمريغِ كرامتها، كما أنه ليس من المناسب أن نتحدث عن المثاليات الإسلامية التي جاء بها الشرع، وأنصف بها المرأة التي ظلمت في الجاهلية، وظلمها كثير ممن ينتسب إلى الإسلام، فهذه المثاليات طويت من قرون إلا ما رحم ربي.
لقد أتى على الناس -وفيهم من هم محسوبون على الفضلاء والأخيار- زمانٌ، لا يكاد يتجاوز الاهتمام عندهم بجانب المرأة إلا فيما يتعلق بحشمتها ولباسها الظاهر فقط، أما عقلها! أما أدبها! أما روحها! أما عواطفها! أما استقبال إبداعاتها وتطوير مواهبها فقد تُرِكَ لغيرنا.
عباد الله: إنني لا أتحدث عن خيال وتوقعات لا رصيد لها من الواقع، بل أتحدث عن معرفة وكثب، من خلال شكاوى النساء التي لا يكاد يمر أسبوع إلا وتتصل إحداهن للتحدث عن مأساتها في هذا الباب، وآخرهن ليلة البارحة.
إن المحزن والمؤسف أن كثيرًا من الرجال -وربما نُسب بعضهم إلى فضل وخير- لا يتعاملون مع المرأة على أنها فعلاً شريكة حياة -إن كانت زوجة-، أو أنها إنسان ومخلوق مكرم، فضلاً عن كونها مسلمةً قد ينفع الله بها كما نفع بنساء كثيرات الأمَّةَ في غابر الزمان وحديثه إن كانت بنتًا أو أختًا، كلا، فكثير من الرجال لا يتعامل مع المرأة إلا بأحاديث نبوية ينتقيها بعناية؛ كحديث: "إن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج". أو كحديثِ: "ما رأيت من ناقصات عقل ودين..." الحديث. أو ينظر إليها على أنها آلة تفريخ فحسب.
أقول: ومع الأسف كثير من الرجال يردد هذه الأحاديث على سبيل التعيير للمرأة، مع أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يذكر هذا النقص الفطري في تكوينها النفسي والجسدي تعييرًا لها، كلا، ولم يستخدمه -صلى الله عليه وسلم- يومًا من الأيام، حاشا وكلا، ولا صحابته الكرام -رضي الله عنهم-، ولكنه إعلامٌ لنا -معشر الرجال- بطبيعة هذا المخلوق؛ لنتعامل معه التعامل اللائق، لا أن نجعلها سُبّةً نعيّرها بها كلما غضبنا أو رأينا ما لا يعجبنا منهن، والرجل العاقل هو الذي يستفيد من هذه الأحاديث في حياته الزوجية، ومن عرف طبيعة المرأة استراح.
إنني لا أتحدث عن هموم المرأة في بلدنا الصغير هذا أو في نجد، بل في عموم بلادنا حرسها الله، وفي بلاد الإسلام بشكل أعم؛ وذلك لشدة الهجمة على بلاد الإسلام عامة، وبلادنا خاصة من قبل دعاة التغريب، أتحدث والقلب يقطعه الأسى، ويزعجه الخوف:
أما الأسى، فهو على حال أولئك النسوة اللاتي لا يجدن ملجأً أو نصيرًا إلا الله -وأنعم به هاديًا ونصيرًا- من أولئك الرجال العتاة، القساة، الظلمة -وهم كثير-، الذين استغلوا قوامتهم أسوأ الاستغلال، واستغلوا قوتهم البدنية والكلامية، ليشبعوا زوجاتهم ضربًا وسبابًا.
والأسى على حال تلك المرأة التي تعاني من بخل زوجها -مع قدرته على النفقة- أو من تسلطه على راتبها الذي هو عرق جبينها، بل والله قبل أيام شكت لي امرأة من منع زوجها أن تتصدق من مالها هي!
والأسى على تلك الزوجات اللاتي فقدن أبسط حقوقهن العاطفية من أزواجهن، وخذوا هذا المثال الذي أفصحت به إحداهن -وأنا أجزم أن مثيلاتها كثير-: كنت أنتظر عودة زوجي إلى البيت بعد العِشاء، لنتعشى أنا وإياه... انتظرت، ثم انتظرت، ورقد الأولاد الذين كانوا ينتظرون قُبلة من أبيهم قبل أن يناموا، فإذا به يدخل عليّ، ولكن متى؟! في الساعة الثانية ليلاً... فإذا بالسهر قد أنهك منه كل قوة، وجفف منه كل عاطفة، فقلت له متلطفة: هل أضع لك عشاءً؟! فيجيبها -بكل غلظة- لا، لا أريد شيئًا، دعيني أنام.
تقول المتصلة: ربما -يا شيخ- ظننت أن هذا موقف واحد، بل هو يكاد يتكرر كل يوم؟! فماذا أفعل إذا كنت لا أجد العطف والحنان في عش الزوجية الذي جعله الله سكنًا ورحمة؟! وماذا أفعل إذا كان أصدقاؤه -فيما يسمى بالاستراحة- ينالون الحظ الأوفر من كرمه وجوده وعباراته العاطفية؟! إنني امرأة، ومن طبيعتي التي فطرني ربي عليها أنني كائن عاطفي، فإذا لم يمنحني زوجي إياه، فهل أبحث عنه في مكان آخر؟! والله -لولا خوف الله- لعرفت كيف أصل إليه؟!
بل قالت إحداهن -وهي تشكو إلى طالب علمٍ حدثني بهذه المأساة- تقول: والله لا أعرف زوجي إلا في الفراش فقط، وحتى الفراش جافٌّ أيضًا، فهو -بتصرفه- كذكر البهائم؛ ينزو ثم ينصرف، ووالله إنني رغم ذلك أبحث عن مصرفٍ آخر لشهوتي.
أين هؤلاء من قوله تعالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوف) [النساء: 19]؟! وأين هم من قوله -صلى الله عليه وسلم-: "فاستوصوا بالنساء خيرًا"؟!
أيها الأزواج: إن زوجةً تفقد الإشباع العاطفي، كيف يمكن لها أن تشبع أولادها من الحنان والعطف؟!
لقد أثبتت بعض الدراسات العلمية -التي وقفت عليها- أن من أعظم أسباب الحرمان العاطفي لدى الأولاد -الذي تسبب في انحرافهم سلوكيًا- هو ما تعانيه الزوجة من جفاف في علاقتها مع زوجها!
إن الواقع -إخوة الإسلام- ينذر بخطر، ولولا أن أُرمى بالمبالغة لذكرت لكم ما قد تنكرونه من المآسي التي تقع هنا في بلادنا، ولكن أكتفي في هذا اليوم بهذه المعلومة الخطيرة التي تؤكد وبالإحصاءات الموثقة: أن نسبة معاكسة الزوجات في ازدياد، وعند السؤال عن السبب، فإذا به الحرمان العاطفي من قبل الأزواج، وأنتم تعلمون ماذا وراء المعاكسات!!
وإذا تحدثنا عن الحرمان العاطفي لدى الزوجات، فثمة صنف آخر من النساء يعانين -وبشدة- من هذه المشكلة، تلكم هي البنت، التي هي غدًا: الزوجة، ثم الأم!
اتصلت إحداهن بطالب علم -وهو الذي حدثني بهذه القصة- فقالت: أبي كأنه عسكري في ميدان العمل، علاقته مع أمي جافة جدًّا، فهو لا يعرفها إلا في الفراش فقط، فانعكست علاقة أمي علينا؛ فهي الأخرى ليست كأنها ذلك المخلوق الرقيق الذي حشي عطفًا وحنانًا، وأما علاقته معنا فهي أشد جفافًا، ووالله لو ذهبتُ هنا أو هناك، أو ركبتُ مع شابٍ أجنبي لم يدر عن ذلك، فضلاً عن استخدامي للمعاكسات الهاتفية كمتنفسٍ لي أبحث فيه عمن يشعرني بكياني، وأسمعُ منه عباراتٍ تشبع رغبتي العاطفية، وتخرجني من هذا الجو الجاف كجفاف الصحراء في شدة القيظ.
وقبل أسبوعين -وفي أواخر شهر محرم الماضي- حدثني أحد طلبة العلم عن بنت اتصلت به وهي تدعو على والدها وتقول: جعله الله في جهنم وساءت مصيرًا، وتقسم بالله أنه لو مات لن تذرف عليه دمعة! فقلت لها: يا هذه: اتقِ الله! فكان بكاؤها يجيب قبل كلامها، وعبراتها قبل عبارتها، وبعد السؤال عن السبب: فإذا بها تقول: كأنني خادمة في البيت، لا أتجاوز المطبخ، ولم أسمع منه يومًا أية كلمة تخفف هذه الأعباء التي ناء بها كاهلي، وآخر جرائمه معي: أنه منعني من الزواج مع أنه تقدم لي عدة أشخاص، ولست بالموظفة التي أقول: إنه يطمع في وظيفتي!!
وأخيرًا، فإن هذه الأخت لم تشكُ من قلة المادة، كلا، بل شكت هذا الجفاف الرهيب!!
إخوة الإسلام: لقد قرأتُ لأحد المختصين أن فتاة وافقت على الزواج من رجل كبيرٍ في السن رغبةً في أن يعوضها زوجها الحنانَ والعواطف التي فقدتها من أبيها، ولاحظوا -أيها الإخوة- أنها تزوجت لتعيش بمشاعر بنت مع أب، لا على أنها زوجة؛ فهل سينجح مثل هذا الزواج؟!
إننا لنسأل هؤلاء الآباء وأمثالهم: أين هم من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في تعامله مع ابنته فاطمة -رضي الله عنها-؟! ففي آخر حياته المباركة، المليئة بالرحمة والعطف على هؤلاء النسوة -زوجاتٍ كن أو بنات- يستدعي الحبيب -صلى الله عليه وسلم- ابنته فَاطِمَةَ -رضي الله عنها- فيسر إليها بحديث، فإذا بها -وهي الرقيقة الضعيفة- تبكي، ثُمَّ يُسرُّ إليها -صلى الله عليه وسلم- بحديث آخر، فإذا بها -وهي المخلوقة العاطفية- تَضْحكُ!
هل تصورت معي هذا الموقف؟! إنه رسول رب العالمين الذي ازدحم وقته بهموم الأمة الكبيرة، وليس أنا ولا أنت! يخص ابنته وفلذة كبده بحديث من بين زوجاته كلهن، فإذا بالصديقة بنت الصديق -رضي الله عنها وعن أبيها- تسأل فاطمة -رضي الله عنها- عن هذا الحديث خصه بها -صلى الله عليه وسلم-، فتأبى فاطمة أن تحدث بذلك حتى مات -صلى الله عليه وسلم-، فلما مات أخبرت بذلك، وقالت: "سَارَّنِي فَأَخْبَرَنِي بِمَوْتِهِ فَبَكَيْتُ، ثُمَّ سَارَّنِي فَأَخْبَرَنِي أَنِّي أَوَّلُ مَنْ يَتْبَعُهُ مِنْ أَهْلِهِ فَضَحِكْتُ".
لقد كان بإمكانه -صلى الله عليه وسلم- أن يكتم ذلك الخبر الذي نزل عليه من السماء، فإنه أمرٌ لو خفي لم يترتب عليه كبير أمر، ولكنها الأبوة الحانية، والعاطفة الجياشة.
لقد عَلِمَ -وهو الأب الشفيق، والنبي الرؤوف- أن خبرَ موته سيقع على قلب ابنته موقعًا عظيمًا، وحق لها ذلك، بل لو تفتت كبدها حزنًا على فراقه لمَاَ كانت -وربي- ملومة، فتأبى نفسه الرحيمة، وعاطفته العظيمة أن يكتم عن ابنته خبرًا يعلم أنه سيخفف معاناتها بموته! مع أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يحدد موعدًا للحاقها به، فصلوات ربي وسلامه على هذا النبي الكريم الذي وصفه ربه بأنه رحمةٌ للعالمين كلهم؛ فكيف بالمؤمنين؟! أم كيف بأهل بيته وأقرب الناس علاقةً به؟!
أما النساء اللاتي يمنعهن آباؤهن من الزواج بالزوج الكفء -والذي يُرَدُّ من الباب قبل أن يُسْمع رأي المرأة فيه- فحدِّث عن ذلك ولا حرج.
ولنا أن نسأل -بعد هذا- أيها الإخوة: هل هذه التصرفات -التي أشرت إلى بعضها- هي فعلاً تمثل نظرة الإسلام بكماله وعظمته إلى هذا المخلوق الضعيف؟! اللهم لا.
ولحديثنا صلة، بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة، ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة.
الخطبة الثانية:
الحمد لله ما اتصلت عين بنظر، أو أذن بخبر، وصلى الله وسلم وبارك على سيد البشر، الشافعِ المشفعِ في المحشر، وعلى آله وصحبه خير صحب ومعشر.
أما بعد:
فقد ذكرت بعضًا من صور الأسى في هذا الموضوع، وبقي الجانب الآخر، وهو مشاعر الخوف التي تقلق كل غيور، وهو يتحدث عن هذا الموضوع، فأقول:
إن المرأة عندنا قد يمنعها حياؤها، والخوفُ على سمعة أسرتها من أن تتقدم إلى القاضي لتطالب بحقها من زوجها البخيل، أو زوجها الذي يقصِّر في حق الفراش لغير عذر، أو قد لا تجد الوسيلة التي توصل فيها معاناتها إلى أهل العلم أو المختصين، فأخشى -مع تقدم الوقت- أن تتيسر لها سبلٌ لا تخطر على بال هؤلاء الأجلاف، غلاظِ الطباع؛ لتكون متنفسًا لها، وبوادر ذلك ظاهرةٌ، بل وقادمةٌ بقوة؛ فالإنترنت بما فيه من وسائل حديثة صار متنفسًا لبعض اللاتي يعانين من الكبت عن طريق منتديات الدردشة، أو ما يعرف بـ"الماسنجر"، هذا فضلاً عن إمكانية النظر إلى أبعد مخلوق عن طريق الكاميرا الرقمية التي تجعل الاثنين وكأنهما في غرفة واحدة، وربما كان أحدهما في قارة والآخر في قارة أخرى، وما يسمى بالجيل الثالث من الجوال سيختصر ذلك كله!
إخوة الإسلام: إن أجيالكم القادمة -سواء كانوا بنينَ أم بنات- هم من أجيال الكمبيوتر والإنترنت، التي يتصل الشخص من خلالها بالعالم عن طريق سلك هاتف فقط في غرفته الخاصة.
إذا تقرر هذا، فمن السذاجة بمكان أن نتصور أننا نستطيع أن نضبط الأمور، ونحكم الرقابة عليها بطريقة معينة!
ولو افترضنا أنا قدرنا على ذلك، فهل سنظل ملاصقين لأبنائنا وبناتنا أينما ذهبوا وحلوا؟!
وهل هذا مطلوب شرعاً أصلاً؟! وهب أن ذلك ممكن -جدلاً- فهل ستعمر إلى أن تفنى ذريتك؟! ألست ممن كتب عليه الموت؟!
إن من المؤسف جدًّا أن نظن أن توفير المال، وملءَ جيب الابن أو البنت أو الزوجة كافٍ في جعل السعادة ترفرف على البيت، ولو كانت العواطف فيه أبرد من الجليد!
حسبنا -إخوة الإسلام- أن نقارن مقارنة سريعة بين بيت النبوة وبين بيوتنا، لندرك عمق المأساة!
اسألوا أنفسكم ما الأثاث الذي كان في بيته -صلى الله عليه وسلم- ثم قارنوه بين أثاث بيوتنا!
وفي المقابل: قارنوا بين شلالات الحب والسعادة التي كانت تتدفق على ذلك البيت الطاهر العابق بأنفاس النبوة ووحي السماء -مع قلة ذات اليد-، وبين هذه القطرات القليلة التي قد توجد في بيوتنا من العواطف الجياشة، ولغةِ الحب والسعادة التي يتحدث بها أفراد الأسرة، إن القضية ليست قضية وفرة مالٍ أو سكن أو سيارة، إن تربية أهل البيت على مراقبة الله، وغرسَ ذلك في نفوسهم، مع إشباع حاجتهم من العواطف، والكلام الطيب والاهتمام بشؤونهم؛ لا أقول المادية، فذلك جزء يسير، بل المادية والشخصية والعاطفية، ومشاركتهم في أفراحهم وأتراحهم؛ إن ذلك كلَّه لهو الضمان الحقيقي -بإذن الله- لتقليل الشر، وتفادي الخطر، فإن العواطف إذا انتشرت، فإن القلوب قد اقتربت؛ والله الهادي.
إنني أخشى أيضًا إن تحدث أهل العلمنة ودعاةُ التغريب عن حقوقها المسلوبة، أن تقول كثير من النساء: صدقتم، فتعالوا فأنقذونا من هذا الظلم الذي يمارس علينا باسم الدين أحيانًا!
ولن تقبل المرأة حينها من المصلحين تحذيراتهم من عواقب الاستجابة لدعاة التغريب. عندها: ويلٌ للفضيلة من الرذيلة، وسيندم النادمون ولات حين مندم.
اللهم كما رحمت عبادك بما أنزلت من غيث، اللهم فاجعل له تبعًا، وانفع به البلاد والعباد.
اللهم كما رحمت عبادك بسقي أرضهم، فارحمهم بصلاح حالهم، وخذلانِ أعدائهم، واستتبابِ أمنهم، وصلاح ولاتهم، وشفاء مرضاهم، وقضاء ديونهم، وفك أسراهم، وانتصار مجاهديهم، إنك سميع مجيب الدعاء.
هذا وصلوا وسلموا على الرحمة المهداة.