العلي
كلمة العليّ في اللغة هي صفة مشبهة من العلوّ، والصفة المشبهة تدل...
العربية
المؤلف | عبدالمحسن بن محمد القاسم |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | المنجيات |
وحريٌّ بالمسلم في تلك الحال وغيرها أن يَعْمُرَ وقتَه وفراغَه بما ينفع، وأن يُكثِر من توجيه أهله وأبنائه لكلِّ خيرٍ، ومن قَصُرَ عن فعلِ أعمالٍ صالحةٍ لعذر فأجرُه عندَ اللهِ وافٍ، وهو ذو الفضل العظيم...
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومَنْ يضلل فلا هاديَ له، وأشهد ألَّا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعدُ: فاتقوا الله -عباد الله- حقَّ التقوى، ورَاقِبوه في السر والنجوى.
أيها المسلمون: ربنا -سبحانه- له الجَمال والجلال في الأسماء والصفات والأفعال، خلَق الكونَ وأبدَعَه، وجعَل فيه سُنَنًا لا تتبدَّل ولا تتحوَّل، قال سبحانه: (فَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا)[فَاطِرٍ: 43]، ومن سُنَنِه أنه يبتلي عبادَه بالسراء ليشكروه، وبالضراء ليرجعوا إليه، قال تعالى: (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ)[الْأَنْبِيَاءِ: 35]، وقد ابتُليت أممٌ بذلك، قال عز وجلَّ: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ)[الْبَقَرَةِ: 214].
قال ابن كثير -رحمه الله-: "هي الأمراض والأسقام والآلام والمصائب والنوائب، فأرسل اللهُ على بني إسرائيل الطوفانَ والجرادَ والقُمَّلَ والضفادعَ والدمَ آياتٍ مفصَّلاتٍ، والله -عز وجل- يُظهِر لعباده كبرياءَه وعظمتَه في سلطانه، وقوتَه وقدرتَه على مخلوقاته، وعزته وجبروته في كونه، وقهره وهيمنته على عبيده؛ ليعظِّموه ويوحِّدوه ويَذِلُّوا له، فقلع جبلًا عظيمًا ووضَعَه فوقَ رؤوس بني إسرائيل ليؤمنوا، قال الحسن البصري -رحمه الله-: "لَمَّا نظروا إلى الجبل خرَّ كلُّ رجلٍ ساجدًا على حاجبه الأيسر، ونظَر بعينه اليمنى إلى الجبل فَرَقًا من أن يسقط عليه"، قال تعالى: (وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)[الْأَعْرَافِ: 171]، وبعَث اللهُ لنبيِّنا محمد -صلى الله عليه وسلم- مَلَكَ الجبالِ وقال له: "يا محمدُ، إن شئتَ أن أُطبِقَ عليهم الأخشبينِ؟ وهما جبلانِ عظيمانِ في مكة"(متفق عليه).
وأخبر سبحانه عن سرعة نفاذ أمره بقوله: (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)[يس: 82]، والإنسان مخلوق ضعيف عاجز لا يملك لنفسه ضرًّا ولا نفعًا، وقد يُسَلِّط اللهُ عليه مخلوقًا صغيرًا لا يُرَى فيناله منه سقمٌ وهلعٌ وحيرةٌ وربما أهلَكَه؛ ولإظهار عجز بني آدم تحدَّاهم اللهُ جميعًا أن يخلقوا حبةً واحدةً، قال عليه الصلاة والسلام: "قال الله -عز وجل-: فليخلقوا ذرةً أو ليخلقوا حبةً أو شعيرةً"(متفق عليه).
ولو شاء اللهُ لَأنزلَ على عباده أمرًا يضطرهم إلى الإيمان قهرًا، قال سبحانه: (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ)[الشُّعَرَاءِ: 4]، قال ابن جريج -رحمه الله-: "لو شاء اللهُ لَأراهُم أمرًا من أمره لا يعمل أحدٌ منهم بعدَه بمعصية، والله -سبحانه- أمَر عبادَه بالتفكُّر بما يحدُث في الكون، وأن يتدبَّروا حوادِثَه، قال سبحانه: (قُلِ انظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)[يُونُسَ: 101]، والمؤمن يَعتبر بالآيات ويتَّعِظ بها، قال تعالى: (وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ)[الْأَنْعَامِ: 126]، ويُوقِن بأنَّها تمحيصٌ له من الله لرفع درجتِه فيتحلَّى بعبادةٍ أجرُها بغير حساب، قال جلَّ شأنُه: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)[الْبَقَرَةِ: 155-157].
ومَنْ آمَنَ بالقضاءِ والقَدَرِ عوَّضَه اللهُ ما فات من الدنيا، قال سبحانه: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ)[التَّغَابُنِ: 11]، قال ابن كثير -رحمه الله-: "أَيْ: ومَنْ أَصَابَتْهُ مصيبةٌ فعَلِمَ أنها بقضاء الله وقَدَرِه فصَبَر واحتَسَب واستسلَم لقضاء الله هدى اللهُ قلبَه وعوَّضَه عمَّا فاتَه من الدنيا هُدًى في قلبه، ويقينًا صادقًا، وقد يخلُف عليه ما كان أُخِذَ منه أو خيرًا منه".
والمؤمنُ في تقلُّبات الدهر مأجورٌ، إمَّا شاكرٌ في السراء، وإمَّا صابرٌ على ما فات من حظوظ الدنيا بمصيبة أو محنة، قال عليه الصلاة والسلام: "عجبًا لأمرِ المؤمنِ؛ إنَّ أمرَه كلَّهُ له خيرٌ، وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمنِ، إن أصابتْهُ سرَّاءُ شَكَرَ فكان خيرًا لهُ، وإن أصابتْهُ ضرَّاءُ صَبَرَ فكان خيرًا له"(رواه مسلم).
وحُسْنُ الظنِّ بالله في حكمته وتدبيره ولطفه بعباده ورأفته بهم ورحمته بحالهم أعظمُ الأسبابِ في رفع البلاء، قال عليه الصلاة والسلام: "قال الله -عز وجل-: أنا عندَ ظنِّ عبدي بي"(متفق عليه).
والتوكُّلُ على الله وتفويضُ الأمور إليه في إزالة الغمَّة كفيلٌ بزوالها، قال سبحانه: (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)[الطَّلَاقِ: 3]، قال القرطبي -رحمه الله-: "أي: مَنْ فوَّض أمرَه إليه كَفَاهُ ما أَهَمَّهُ"، وفعلُ الأسباب مع التوكل على الله ممَّا جاء به الشرعُ، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ)[النِّسَاءِ: 71].
ومن مقاصدِ الإسلامِ حفظُ النفسِ ومجانبتُها عن كل عدوى، قال عليه الصلاة والسلام: "فِرَّ من المجذوم فرارَكَ من الأسد"، والقرار في البيوت زمنَ الآفات والمخاطر فيه حفظٌ وسلامةٌ، وقد اهتدت إلى ذلك نملةٌ فقالت: (يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ)[النَّمْلِ: 18].
وحريٌّ بالمسلم في تلك الحال وغيرها أن يَعْمُرَ وقتَه وفراغَه بما ينفع، وأن يُكثِر من توجيه أهله وأبنائه لكلِّ خيرٍ، ومن قَصُرَ عن فعلِ أعمالٍ صالحةٍ لعذر فأجرُه عندَ اللهِ وافٍ، وهو ذو الفضل العظيم، قال عليه الصلاة والسلام: "إنَّ بالمدينة أقوامًا ما سرتُم مسيرًا ولا قطعتُم واديًا إلا كانوا معكم، قالوا: يا رسولَ اللهِ، وهم بالمدينة؟ قال: حبَسَهُم العذرُ"(رواه البخاري).
والتضرعُ إلى الله واللجوءُ إليه وإظهارُ الضَّعْف له والاستكانة مُؤْذِنٌ بزوالِ البلاءِ، قال سبحانه: (فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا)[الْأَنْعَامِ: 43].
والدعاءُ مفتاحُ قلبِ الأحوالِ إلى أحسنِ حالٍ، قال عز وجل: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)[غَافِرٍ: 60]، والصدقةُ تُطفِئُ غضبَ الرحمنِ، وبها تتضاعَف الأجورُ وتكفَّر الخطايا والأوزارُ وتفرَّج الكروبُ، والمتصدِّق آمِن في الدنيا والآخرة، قال عز وجل: (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)[الْبَقَرَةِ: 274]، والتوبةُ إلى الله والإنابةُ إليه وكثرةُ الاستغفار تدفَعُ المحنَ وترفَعُها بعد نزولها، قال سبحانه: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)[الْأَنْفَالِ: 33]، والإكثارُ من الطاعات وتقوى الله سبيلُ السعادةِ، قال تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا)[الطَّلَاقِ: 2]، قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "يُنَجِّيه مِنْ كُلِّ كربٍ في الدنيا والآخرة".
وإذا انقطعت السبلُ واشتدَّت المحنةُ وتعلَّق العبادُ بالله أَذِنَ اللهُ بانفراجها، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ضَحِكَ رَبُّنَا مِنْ قُنُوطِ عِبَادِهِ، وَقُرْبِ غِيَرِهِ -أي: مع قُرْب تغيُّر حالهم، قال ابن رزين -رضي الله عنه-: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَيَضْحَكُ الرَّبُّ، قَالَ: (نَعَمْ)، قُلْتُ: لَنْ نَعْدَمَ مِنْ رَبٍّ يَضْحَكُ خَيْرًا"(رواه أحمد).
وإذا انكشفت الغمةُ وجَب على العباد حمدُ الله وشكرُه والثناءُ عليه، قال تعالى: (وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ)[الْبَقَرَةِ: 152]، وأن يعودوا لأعمال صالحة كانوا يعملونها، بل يزيدوا عليها، قال عليه الصلاة والسلام: "بَادِرُوا بالأعمالِ فتنًا كَقِطَعِ الليلِ المظلمِ"(رواه مسلم).
وبعدُ أيها المسلمون: فاللهُ كبيرٌ محيطٌ بكل شيء، لا مفرَّ منه إلا إليه، يرضى عن عباده إن أطاعوه، ووعَد بفتح الخيرات لهم من السماء والأرض إن لجؤوا إليه، (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ)[الْأَعْرَافِ: 96]، وابنُ آدمَ مخلوقٌ صغيرٌ أمامَ السموات والأرض، ينسى ضَعْفَه ويغترُّ بقدرته، فيُرسِل اللهُ له من الآيات والنذر ما يُذَكِّره بضَعْفِه أمامَ قدرةِ اللهِ، فيرجع العاقل إلى ربه ويتقوَّى به، ويُظهِر فاقتَه وفقرَه وعجزَه إليه، ولن ينفعَكَ سوى الله أحد، قال تعالى: (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ)[يُونُسَ: 107]، فتعلَّقْ به بفعل الطاعات، وأكثِرْ من تلاوةِ كتابِه وقراءةِ سُنَّةِ رسولِه -صلى الله عليه وسلم-، وتمسَّكْ بشرعه وافرح به، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)[فُصِّلَتْ: 53].
بارَك اللهُ لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني اللهُ وإياكم بما فيه من الآيات والذِّكْر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر اللهَ لي ولكم، ولسائر المسلمينَ من كل ذنب فاستغفِروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد ألَّا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له تعظيمًا لشانه، وأشهد أن نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا مزيدًا.
أيها المسلمون: يُنزل اللهُ مع الضراءِ سراءَ، وها هو موسمُ الخيرات قد أقبَل مُشرَعةً أبوابُه، وكلما لاحَ هلالُه أشرَقَت معه نسائمُ الخير والأمل، يرتَقِبه المسلمون ونفوسُهم مليئةٌ بالبشرى، وقلوبُهم عامرةٌ بالفَرَح والبهجة، رمضانُ خيرُ شهورِ العامِ، بعَث اللهُ فيه رسولَه -صلى الله عليه وسلم-، وأنزَل فيه كتابَه العظيمَ، أبوابُ السماء فيه مفتَّحةٌ، وأبوابُ جهنمَ مغلَّقة، وفيه تُسَلْسَلُ الشياطينُ، أيامُه فاضلةٌ ولَيالِيه مباركةٌ، وفيه ليلةُ القَدْر خيرٌ من ألف شهر، مَنْ صامَه وقامَه إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه، ومِنْ خيرِ ما يستقبل به المسلمون شهرَهم الإكثارُ من ذِكْر اللهِ وحَمْدِه، والعزمُ على اغتنام ساعاته بالبِرِّ والإحسانِ والإقبالِ على الطاعةِ وتلاوةِ القرآنِ والتنافُسِ على الخيرِ فيه.
ثم اعلموا أن الله أمرَكم بالصلاة والسلام على نبيِّه، فقال في محكم التنزيل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 56]، اللهم صلِّ وسلِّم على نبينا محمد، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين، الذين قَضَوْا بالحق وبه كانوا يعدلون؛ أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ، وعن سائر الصحابة أجمعينَ، وعنَّا معهم بجودِكَ ورحمتِكَ يا أكرمَ الأكرمينَ.
اللهم أعِزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، وأذِلَّ الشركَ والمشركينَ، ودَمِّرْ أعداءَ الدينِ، واجعل اللهم هذا البلدَ آمِنًا مطمئنًا رخاءً وسائرَ بلاد المسلمين.
اللهم ارْأَفْ بعبادِكَ وأنزِلْ عليهم رحمتَكَ ولُطْفَكَ، اللهم أَنْزِلْ على عبادكَ الرحمةَ واللطفَ والإحسانَ، وارفع عنهم كلَّ بلاء وفتنة ومحنة وبلاء يا ربَّ العالمينَ.
اللهم وفِّق إمامَنا ووليَّ عهده لِمَا تُحِبُّ وترضى، وخُذْ بناصيتِهِما للبِرِّ والتقوى، وانفع بهم الإسلامَ والمسلمينَ، (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[الْبَقَرَةِ: 201]، (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)[الْأَعْرَافِ: 23].
عبادَ اللهِ: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)[النَّحْلِ: 90]، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على آلائه ونعمه يزدكم، ولذكرُ اللهِ أكبرُ، واللهُ يعلم ما تصنعونَ.