الرقيب
كلمة (الرقيب) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل) أي:...
العربية
المؤلف | حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | المنجيات |
المسلمُ في كلِّ حالاتِه على خيرٍ عظيمٍ، وثوابٍ جزيلٍ، متى أخلَص للهِ وصَدَق في طاعتِه، فمَنِ ابتُلِيَ بمرضٍ فصَبَر واحتسب، فهو له رفعةٌ في الدَّرجات، وتكفيرٌ للسَّيِّئاتِ...
الخطبة الأولى:
الحمد لله، أوَّلًا وآخِرًا، ظاهِرًا وباطِنًا، وأشهد ألَّا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، في الآخِرة والأُولَى، وأشهد أنَّ نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، النبيُّ المصطفى، والرسولُ المجتبى، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك عليه وعلى آله وأصحابه الأوفياء.
أما بعدُ: فيا أيها المسلمون أُوصِيكُم ونفسي بتقوى الله -جلَّ وعلا-، فمَنِ اتَّقاه وقاه وأَسْعَدَه ولا أشقاه.
أيها المؤمنون: أعظمُ النِّعَمِ الدنيويةِ نعمةُ العافيةِ في الأبدان، ومنحةُ الصحةِ للإنسان نعمةٌ لا تساويها نعمةٌ من نِعَمِ الدنيا مَهْمَا عَظُمَتْ ولذَّتْ، رزَقَنا اللهُ جميعًا والمسلمينَ الصحةَ والعافيةَ؛ ولهذا لا يَعرِف حلاوةَ الصحة إلا مَنْ ذاقَ مرارةَ الأوجاعِ والأسقامِ، عافانا اللهُ وإيَّاكم من ذلك، قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "نعمتانِ مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس؛ الصحة والفراغ"(رواه البخاري).
إخوةَ الإسلامِ: السعيد الموفَّق مَنْ عَرَفَ النعمَ أثناءَ وجودها، فقام بحقِّها وأحسَّ بقيمتها، وإن أوجبَ الشكرِ على نعمة الصحة أن تستثمرها -أيها المسلمُ- في طاعة الله من أداء الواجبات، والمحافَظة على المأمورات، والبُعْد عن القبائح والسيئات، والمسابَقة إلى النوافل والصالحات، قال تعالى: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ)[آلِ عِمْرَانَ: 133]، قال صلى الله عليه وسلم: "بَادِرُوا بالأعمالِ سَبْعًا، هل تنتظرون إلا فَقْرًا مُنسيًا، أو غنًى مُطغيًا، أو مرضًا مُفسِدًا، أو هَرَمًا مُفنِّدًا، أو موتًا مُجهِزًا، أو الدَّجَالَ، فشَرُّ غائبٍ يُنتَظَر، أو الساعةَ، فالساعةُ أَدْهَى وأَمَرُّ"(أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن).
إخوةَ الإسلامِ: المسلم في كل حالاته على خير عظيم، وثواب جزيل، متى أخلَص لله وصَدَق في طاعته، فمَن ابتُلِيَ بمرضٍ فصَبَر واحتسب، فهو له رفعةٌ في الدرجات، وتكفيرٌ للسيئات، قال تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)[الْبَقَرَةِ: 155-157]، ويقول صلى الله عليه وسلم: "ما مِنْ مسلمٍ يُصِيبُه أذًى مِنْ مرضٍ فما سواه إلا حَطَّ اللهُ به مِنْ سيِّئاتِه، كما تَحُطُّ الشجرةُ ورقَها"(رواه مسلم)، ودخَل صلى الله عليه وسلم على أُمِّ السائبِ فقال: "ما لَكِ يا أُمَّ السائبِ تزفزفين؟، قَالَتِ: الْحُمَّى لا بارَك اللهُ فيها، فَقَالَ: لَا تَسُبِّي الْحُمَّى؛ فَإِنَّهَا تُذْهِبُ خَطَايَا الْمُؤْمِنِ، كَمَا يُذْهِبُ الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ"(رواه مسلم).
إنَّ مِنْ أعظمِ نعمِ اللهِ على العبد أنَّ الله يُجرِي له إذا مَرِضَ أجرَ ما كان يعمل وهو صحيحٌ، كما جاء في (صحيح البخاري) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِذَا مَرِضَ العَبْدُ، أَوْ سَافَرَ، كَتَبَ اللهُ لَهُ مِنَ الأجرِ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا"، واعلم يا مَنِ ابتُلِيَ بمرضٍ أن الله -سبحانه- قريبٌ من عبده، فالجأ إليه بصدقٍ، واسأله العافيةَ والصحةَ، مع القيام بالأسباب العلاجية الممكِنة، التي هي من حقيقة التوكُّل على الله؛ فباللهِ وحدَه ينكشف كَرْبُكَ، وينجلي مرضُكَ، (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ)[الشُّعَرَاءِ: 80]، وكُنْ على يقين من رحمة الله وفضله، وأنه هو الشافي والكافي، (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا)[الشَّرْحِ: 5-6].
أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين، من كل ذنبٍ فاستغفِروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله وحدَه، والصلاةُ والسلامُ على النبي محمد، عليه أفضل الصلاة والتسليم.
أيها المسلمون: البشرُ مهما عَظُمَتْ قُوَّتُهم، واشتدَّتْ شوكتُهم، وتقدَّمَتْ علومُهم، فوصفُ الضَّعْفِ مُلازِمٌ لهم لا ينفكُّ، قال جلَّ وعلا: (وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا)[الْإِسْرَاءِ: 85]، (وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا)[النِّسَاءِ: 28]، أمَّا القوةُ الحقيقةُ الكاملةُ، التامةُ مِنْ جميعِ الوجوهِ فهي وصفٌ ثابتٌ للقويِّ المتينِ، سبحانه وتعالى، المالكِ الحقيقيِّ مدبِّر الأمور ومصرِّفِها، كلُّ شيءٍ بقضائه وقَدَرِه، وتحتَ تدبيرِه ومشيئتِه، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ)[فَاطِرٍ: 15]، فلنجتهِدْ في عبادته، وَلْنَنْصَبْ في طاعته، وَلْنَتَضَرَّعْ إليه، ونَلْجَأْ إلى جَنَابِهِ -عزَّ شأنُه-، (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[النُّورِ: 31].
ثم إنَّ اللهَ أمَرَنا بأمرٍ عظيمٍ؛ ألَا وهو الصلاةُ والسلامُ على النبي الكريم، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِكْ على عبدِكَ ورسولِكَ نبيِّنا محمدٍ، وارضَ اللهم عن الخلفاء الراشدين، وعن الآل أجمعينَ، وعن الصحابةِ ومَنْ تَبِعَهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أذلَّ الشرك والمشركين، اللهم فرِّج همومنا وهموم المسلمين، اللهم نفِّس كرباتنا وكربات المؤمنين، اللهم نفِّس كرباتنا وكربات المؤمنين، اللهم نفِّس كرباتنا وكربات المؤمنين.
اللهم اشف مرضانا ومرضى المسلمين، اللهم اشف مرضانا ومرضى المسلمين، اللهم اشف مرضانا ومرضى المسلمين، اللهم إنا نعوذ بك من الزنا والزلازل والمحن، ومن الفتن، ما ظهر منها وما بطن، اللهم إنا نعوذ بك من سيِّئ الأسقام، اللهم إنَّا نعوذ بك من سيِّئ الأسقام، اللهم إنَّا نعوذ بكَ من سيِّئ الأسقام، اللهم ارفع عن المسلمين ما نَزَلَ، اللهم ارفع عَنِ العبادِ ما نَزَلَ من الوباء والبلاء يا ذا الجلال والإكرام، اللهم احفظنا واحفظ كل مسلم، اللهم حَصِّنَّا يا أرحمَ الراحمينَ، اللهم احفظنا بحفظك، واكلأنا بعنايتِكَ ورعايتِكَ، يا ذا الجلال والإكرام، اللهم احفظنا واحفظ كلَّ مؤمن ومؤمنة في كل مكان يا أرحمَ الراحمينَ، اللهم احفظ المسلمين في كل مكان يا أرحم الراحمين، اللهم أنزل عليهم عافيتك، اللهم أنزل عليهم شفاءك يا حي يا قيوم.
اللهم وفِّق ولي أمرنا لما تحبه وترضاه، اللهم وفِّقه ونائبه لما تحبه وترضاه، اللهم وفِّق العاملين في قطاع الصحة، اللهم احفظهم بحفظك، واكلأهم برعايتك وعنايتك، اللهم احفظ رجالَ أمننا، اللهم احفظ رجال أمننا، وكلَّ مؤمن يقوم بخدمة المسلمين يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم احقن دماء المسلمين، اللهم احقن دماء المسلمين، واجمع كلمتهم، اللهم اجمع كلمتهم على الحق، اللهم اجمع كلمتهم على الحق، اللهم إنَّا نسألك في هذه الساعة المبارَكة أن ترفع ما نزل من الوبا، اللهم ارفع ما نزل من الوبا عاجِلًا غير آجِلٍ، اللهم ارفع عنا ما نزل من هذا الوباء عاجِلًا غيرَ آجِلٍ، يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم اغفر لنا وللمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات.
(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[الْبَقَرَةِ: 201]، وآخِرُ دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.