العربية
المؤلف | عبدالله عوض الأسمري |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك - أعلام الدعاة |
كان لطلحة -رضي الله عنه- موقف بطولي في غزوة أُحُد؛ حيث دافع عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكان يمنع النبال أن تصل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فيجعل جسمه أمام النبال، ويمنع السيوف أن تصل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- .
الخطبة الأولى:
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين؛ سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
نتكلم اليوم عن أحد العشرة المبشرين بالجنة؛ ألا هو طلحة بن عبيد الله بن عثمان القرشي التيمي، ويعرف بطلحة الخير، وطلحة الفياض؛ لكرمه وَجُوده، وكان شجاعاً فارساً، شهد المعارك كلها مع النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا غزوة بدر؛ حيث أرسله النبي -صلى الله عليه وسلم- ليتحرَّى أخبار قريش، وكان من السابقين للإسلام؛ فهو أحد الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام على يد أبي بكر -رضي الله عنه-.
كان طلحة أبيض الوجه وفيه حمرة، مربوع القامة إلى القصر أقرب، واسع الصدر، عريض المنكبين، ضخم القدمين .
عندما أسلم لقي أذًى شديداً هو وأبو بكر؛ حيث أخذهما نوفل بن خويلد؛ فشدَّهما في حبل واحد، وكان يعذبهما عذاباً شديداً، ولم يمنعهما ذلك من الثبات على الإسلام .
كان لطلحة -رضي الله عنه- موقف بطولي في غزوة أُحُد؛ حيث دافع عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكان يمنع النبال أن تصل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فيجعل جسمه أمام النبال، ويمنع السيوف أن تصل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- .
فكان حائلاً بين المشركين حتى لا يصلوا إلى النبي -عليه والصلاة والسلام- مما أدى إلى قطع أصابعه، وشلت يده، فقد روى البخاري في صحيحه من حديث قيس بن أبي حازم قال: "رأيت يد طلحة بن عبيدالله شلاء يوم أُحد، وهو يدافع عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- قد كُسرت رباعيته، وسال الدم على وجهه؛ فجعل طلحة يكرُّ على المشركين حتى يدفعهم عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم ينقلب إلى النبي ليرقى به الجبل".
وروى الترمذي في سننه من حديث الزبير -رضي الله عنه- قال: "كان على رسول الله -عليه الصلاة والسلام- يوم أحد درعان، فنهض إلى صخرة فلم يستطع -من الثقل والإعياء-؛ فقعد تحت طلحة، وحمله وصعد بالنبي -صلى الله عليه وسلم- حتى استوى على الصخرة"؛ فقال النبي -عليه الصلاة والسلام- لطلحة "أوجب طلحة"؛ أي: وجبت له الجنة .
إذاً انظروا! ماذا قدم طلحة يوم أُحُد؟ دافع عن النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى يروى أنه كان في جسمه بضع وسبعين ضربة من الرماح والسيوف والنبال؛ ولما رأى المشركون سيهجمون على النبي -عليه الصلاة والسلام- حمله على كتفه حتى رفعه ووضعه على صخرة في الجبل؛ حتى يحمي النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى إن أبا أبكر -رضي الله عنه- إذا ذكَر يوم أُحُد؛ قال: "ذاك يوم طلحة"؛ لما قدمه طلحة -رضي الله عنه- في ذلك اليوم .
ومن صفاته -رضي الله عنه- الكرم والإنفاق والبذل حتى سُمِّي طلحة الخير، حتى إنه جاءه مبلغ سبعمائة ألف درهم في ليلة من الليالي؛ فجاء الصباح فأنفقها وتصدق بها إلا شيئاً قليلاً لأهله.
ومن فضائله العظيمة: ما رواه الترمذي وسنته من حديث جابر -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَن سَرَّه أن ينظر إلى رجل يمشي على الأرض وقد قضى نحبه فلينظر إلى طلحة بن عبيدالله".
هذا، وقد قُتل -رضي الله عنه- في معركة الجمل عام 36هـ؛ حيث رُمِيَ بسهم، فجعل الدم ينزف منه حتى مات؛ فرضي الله عنه، وجمعنا به في جنات النعيم.
أقول ما سمعتم، وأستغفر الله العظيم لي ولكم؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية:
سمعنا شيئاً عن سيرة الصحابي الجليل طلحة بن عبيدالله أحد العشرة المبشرين بالجنة؛ كيف كان شجاعاً مدافعاً عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غزوة أُحُد، حتى أنه شُلَّت يده، وكذا حمله للنبي -صلى الله عليه وسلم- حتى وضعه على صخرة بعيداً عن المشركين، بالإضافة إلى كرمه وسخائه وجوده -رضي الله عنه وأرضاه-.
فعلينا أن نقتدي بهؤلاء القدوات في دفاعهم عن الدين، وصبرهم في سبيل الله؛ لرفع دينهم، نسأل الله أن يرزقنا الاقتداء برسول الله وصحبه الكرام.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلِّ اللهم وسلِّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.