المقيت
كلمة (المُقيت) في اللغة اسم فاعل من الفعل (أقاتَ) ومضارعه...
العربية
المؤلف | عمر بن عبد الله بن مشاري المشاري |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | صلاة العيدين |
افرحوا في عيدكم, والبسوا أحسن ثيابكم, واحمدوا الله واشكروه على ما أنعم به عليكم, قال -تعالى-: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ)[إبراهيم: 7]؛ قال الإمام السعدي -رحمه الله-: "والشكر: هو اعتراف القلب بنعم الله, والثناء على الله بها, وصرفها في مرضاة الله -تعالى-"...
الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي عمَّ فضله جميع مخلوقاته، ووسعت رحمته كل شيء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، خلق خلقه ليعبدوه، وأسبغ عليهم نعماً عظيمة وأمرهم أن يشكروه، وأشهد أنَّ نبينا محمداً عبده ورسوله، وصفيُّه وخليله, صلى الله عليه وعلى آله, وسلم تسليماً.
الله أكبر, الله أكبر, لا إله إلا الله، الله أكبر, الله أكبر, ولله الحمد.
الله أكبر عدد ما ذكره ذاكر وكبَّر، الله أكبر عدد ما سبَّح رعد بحمد ربه, وعدد ما سجد لله ساجد واستغفر.
الله أكبر كبيراً, والحمد لله كثيراً, وسبحان الله بكرة وأصيلاً، أما بعد:
فيا أيها المؤمنون: إنَّ الوصية بالتقوى هي خير وصية, قال -تعالى-: (وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا)[النساء: 131]؛ قال السعدي -رحمه الله-: "وصى الأولين والآخرين أهل الكتب السابقة واللاحقة بالتقوى, المتضمنة للأمر والنهي، وتشريع الأحكام، والمجازاة لمن قام بهذه الوصية بالثواب، والمعاقبة لمن أهملها وضيعها بأليم العذاب"(تفسير السعدي).
الله أكبر, الله أكبر, لا إله إلا الله، الله أكبر, الله أكبر, ولله الحمد.
عباد الله: إنَّكم في يوم عيد هو من أفضل أيام العام، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أَعْظَمُ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللهِ يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ"(رواه الإمام أحمد وصححه الألباني)؛ ويوم القر: هو اليوم الذي يلي يوم النحر.
الله أكبر كبيرا, والحمد لله كثيرا, وسبحان الله بكرة وأصيلا.
في هذا اليوم يتقرب المسلمون إلى الله بذبح أضاحيهم, قال أنس بن مالك -رضي الله عنه-: "ضَحَّى النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا"(أخرجه الشيخان).
قال الإمام ابن باز رحمه الله: "الأضحية سنة مؤكدة، تشرع للرجل والمرأة وتجزئ عن الرجل وأهل بيته، وعن المرأة وأهل بيتها... والسنة للمضحي أن يأكل منها، ويهدي لأقاربه وجيرانه منها، ويتصدق منها؛ كما قال -تعالى-: (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ)[الحج: 28]"(فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر).
الله أكبر, الله أكبر, لا إله إلا الله، الله أكبر, الله أكبر, ولله الحمد.
عباد الله: افرحوا في عيدكم, والبسوا أحسن ثيابكم, واحمدوا الله واشكروه على ما أنعم به عليكم, قال -تعالى-: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ)[إبراهيم: 7]؛ قال الإمام السعدي -رحمه الله-: "والشكر: هو اعتراف القلب بنعم الله, والثناء على الله بها, وصرفها في مرضاة الله -تعالى-"(تفسير السعدي).
الله أكبر كبيراً, والحمد لله كثيراً, وسبحان الله بكرة وأصيلاً.
من الوصايا النبوية ثلاث اجعلوها نصب أعينكم, واعملوا بها: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اتَّقِ الله حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ"(أخرجه الإمام أحمد والترمذي وحسنه الألباني), قال طلق بن حبيب -رحمه الله- في التقوى: "هي العمل بطاعة الله, على نور من الله، ترجو ثواب الله، وترك معصية الله, على نور من الله، تخاف عقاب الله"(مدارج السالكين).
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، قَالَ: "إِنَّ اللهَ كَتَبَ الحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ، فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا؛ كَتَبَهَا الله لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا؛ كَتَبَهَا الله لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ, إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ، وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا؛ كَتَبَهَا الله لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا؛ كَتَبَهَا الله لَهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً"(أخرجه الشيخان).
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مَا شَيْءٌ أَثْقَلُ فِي مِيزَانِ المُؤْمِنِ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيُبْغِضُ الفَاحِشَ البَذِيءَ"(أخرجه الترمذي).
وكذلك فإنَّ حسن الخلق من أسباب دخول الجنة، سئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن أكثر ما يدخل الناس الجنة فقال: "تَقْوَى اللهِ, وَحُسْنُ الخُلُقِ"(أخرجه الإمام أحمد وحسنه الألباني).
اللهم إنا نسالك الهدى والتقى والعفاف والغنى, بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم, ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم, أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم وللمسلمين من كل ذنب فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله حمدا طيبا مباركا فيه؛ كما يحب ربنا ويرضى, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد انَّ نبينا محمداً عبده ورسوله, صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه, وسلم تسليما.
الله أكبر, الله أكبر, لا إله إلا الله، الله أكبر, الله أكبر, ولله الحمد.
الله أكبر كبيراً, والحمد لله كثيراً, وسبحان الله بكرة وأصيلاً.
أما بعد: في هذا اليوم يجتمع صلاة العيد وصلاة الجمعة, قال الإمام ابن باز -رحمه الله-: "إذا وافق العيد يوم الجمعة, جاز لمن حضر العيد أن يصلي جمعة, وأن يصلي ظهرا؛ لما ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- في هذا، فقد ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه رخص في الجمعة لمن حضر العيد وقال: "اجتمع في يومكم هذا عيدان, فمن شهد العيد؛ فلا جمعة عليه", ولكن لا يدع صلاة الظهر، والأفضل أن يصلي مع الناس جمعة، فإن لم يصل الجمعة صلى ظهرا، أما الإمام فيصلي بمن حضر الجمعة إذا كانوا ثلاثة فأكثر منهم الإمام، فإن لم يحضر معه إلا واحد صليَّا ظهرا".
الله أكبر, الله أكبر, لا إله إلا الله، الله أكبر, الله أكبر, ولله الحمد.
عباد الله: عند تهنئة بعضكم بعضا بالعيد تكون بالكلام والنظر, وتجتنب المصافحة والمعانقة, والتقيد بكافة الإجراءات الاحترازية؛ للحد من انتشار وباء كورونا, حفظ الله الجميع, وأسأل الله أن يشفي من أصابه هذا الوباء, وأن يرفعه عن بلادنا وبلدان العالم أجمع.
وأوصيكن -أيتها النساء- بتقوى الله -عز وجل-, وتربية أبنائكن وبناتكن تربية صالحة.
معاشر المسلمين: قال -تعالى-: (إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].
اللهم صل وسلم على نبينا محمد, وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين؛ أبي بكر وعمر وعثمان وعلي, وعن الصحابة والتابعين, ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.