الحسيب
(الحَسِيب) اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على أن اللهَ يكفي...
العربية
المؤلف | عبد الله بن محمد الطيار |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | نوازل الأحوال الشخصية وقضايا المرأة - فقه النوازل |
والأخطرُ من ذلكَ أن أقوامًا من بني جلدتِنا دَفَعَهم الطمعُ والجشعُ وحبُّ جمعِ المالِ من غيرِ حلِّه؛ فروَّجوا لهذهِ السمومِ، وساعدوا الأعداءَ على نشرِهَا، وخاضوا حربًا على بلادِنا وناشئتِنا؛ فأشغلوا الجهاتِ المختصةَ، وأضرُّوا بالبلادِ والعبادِ...
الخُطْبَةُ الأُولَى:
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، الرحمنِ الرحيمِ، مالكِ يومِ الدينِ، والعاقبةُ للمتقينَ، ولا عدوانَ إلا على الظالمينَ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُ اللهِ ورسولُه، صلَّى اللهُ وسلَّم عليهِ وعلى آلِه وصحبِه إلى يومِ الدينِ.
أما بعدُ: فاتقوا اللهَ -عبادَ اللهِ-؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُون)[الحشر:18].
عبادَ اللهِ: المخدراتُ بلاءٌ عظيمٌ, ومشكلةٌ كبيرةٌ تؤرقُ العالمَ، وهي من أخطرِ ما يتخذُه الأعداءُ ضدَّ عالمِنا الإسلامي في وقتِنا الحاضرِ، وخاصةً أنَّ العالمَ كالقريةِ الواحدةِ، وهذا شيءٌ مشاهدٌ وملموسٌ، والأخطرُ من ذلكَ أن أقوامًا من بني جلدتِنا دَفَعَهم الطمعُ والجشعُ وحبُّ جمعِ المالِ من غيرِ حلِّه؛ فروَّجوا لهذهِ السمومِ، وساعدوا الأعداءَ على نشرِهَا، وخاضوا حربًا على بلادِنا وناشئتِنا؛ فأشغلوا الجهاتِ المختصةَ، وأضرُّوا بالبلادِ والعبادِ.
أيُّها المؤمنونَ: إنَّ كلَّ شخصٍ تَمتدُّ يدُه إلى هذِه السمومِ الفتَّاكةِ زراعةً وتجارةً, وبيعًا وشراءً، وتهريبًا وتناولاً يُعتبرُ مجرمًا في حقِّ نفسِه, وفي حقِّ مجتمعِه، فيجبُ الأخذُ على يديه؛ حفاظًا على المجتمعِ كلِّه، وسلامةً لأبنائِه وبناتِه مِنْ أَنْ يعبثَ بهم العابثون، ويتلاعبَ بهم المجرمون.
وقد جاءَ الإسلامُ بالمحافظةِ على الضرورياتِ الخمسِ؛ وهي: الدينُ، والنفسُ، والعرضُ، والعقلُ، والمالُ, والمخدراتُ تهدمُها كلَّها، فَمَنْ يتعاطاهَا يُضيِّعُ أوامرَ اللهِ، ويرتكبُ المناهيَ، ويعتديْ على الأنفسِ البريئةِ، والأعراضِ المصونةِ، ويُتلفُ مالَه، ومَنْ غابَ عقلُه فَعَلَ الأفاعيلَ والعياذُ باللهِ!، قال اللهُ -تعالى-: (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ)[المائدة:91]، وقال -تعالى-: (وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)[البقرة: 195]، وقال -تعالى-: (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا)[النساء:29].
وقالَ مَنْ أُعطيَ جوامعَ الكلمِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-: "كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ, إِنَّ عَلَى اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- عَهْدًا لِمَنْ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ", قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ؟ قَالَ: "عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ, أَوْ عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ"(رواه مسلم)، وقالَ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: "مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ"(رواه الترمذي وابن ماجه، وقال الألباني: حديث حسن صحيح)، و"نهى رسولُنا -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- عن كُلِّ مُسْكِرٍ وَمُفْتِرٍ"(رواه أبو داود، وضعفه الألباني).
أعوذُ باللهِ من الشيطانِ الرجيمِ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[المائدة:90].
باركَ اللهُ لي ولكمْ في القرآنِ العظيمِ, ونفعني وإيَّاكم بما فيهِ من الآياتِ والعظاتِ والذِّكرِ الحكيمِ، فاسْتَغفروا اللهَ إنَّه هو الغفورُ الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصلاةُ والسلامُ على الرسولِ الكريمِ, محمدِ بنِ عبدِ اللهِ النبيِّ الأمينِ، صلى اللهُ عليه وعلى آلهِ وصحبِه أجمعين.
أما بعدُ: فاتَّقوا اللهَ -عبادَ اللهِ-، واعلموا أنَّ الدولةَ -وفَّقهَا اللهُ لكلِّ خيرٍ- لا تألوا جهدًا في الوقوفِ أمامَ هذهِ الهجمةِ الشرسةِ عن طريقِ رجالِ مُكافحةِ المخدِّراتِ, الذين يبذلونَ جهودًا مشكورةً في هذا المجالِ، فهم جنودٌ أوفياءُ مخلصونَ، يقفونَ بالمرصادِ لهؤلاءِ المتربصينَ، الذين يُريدونَ الإفسادَ في الأرضِ، والإضرارَ بالخلقِ، وجمعَ المالِ، وإغراقَ البلادِ بهذهِ السُمومِ المدمرةِ، ويقفُ مع رجالِ المكافحةِ جهاتٌ كثيرةٌ تساهمُ في هذا المجالِ؛ كحرسِ الحُدودِ، والجماركِ، والجوازاتِ، وأمنِ الدَّولةِ، وسائرِ قطاعاتِ الأمنِ، وكلِّ مواطنٍ غيورٍ على دينِه وبلادِه.
فتعاونوا -باركَ اللهُ فيكُم- مع الجهاتِ المختصةِ في الإبلاغِ عن هذِه السُّمومِ ومَنْ يتعاملُ بهَا، وكُونوا سدًّا منيعًا لحمايةِ ناشئتِكم ومجتمعِكم كُلٌّ حَسَبَ قُدرتِه وإمكاناتِه.
أيُّهَا المؤمنونَ: وعلى كلِّ وليِّ أمرٍ أَنْ يُحسنَ تربيةَ أولادِه ومتابعَتهم، وأن يحذِّرهَم من رفقاءِ السُّوءِ الذينَ يُوقعونَهم في هذِه السُّمومِ.
أسأُل اللهَ -جلَّ وعلا- أن يوفِّقَ شبابنَا وفَتياتِنا لكلِّ خيرٍ، وأن يحفظَهم من شياطينِ الإنسِ والجنِّ.
هذا وصلُّوا وسلِّموا على الحبيبِ المصطفَى والقدوةِ المجتبى؛ فَقَد أمَرَكُم اللهُ بذلكَ فقالَ -جلَّ وعلا-: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].