البحث

عبارات مقترحة:

الله

أسماء الله الحسنى وصفاته أصل الإيمان، وهي نوع من أنواع التوحيد...

التواب

التوبةُ هي الرجوع عن الذَّنب، و(التَّوَّاب) اسمٌ من أسماء الله...

الخبير

كلمةُ (الخبير) في اللغةِ صفة مشبَّهة، مشتقة من الفعل (خبَرَ)،...

الشهيد-جل جلاله-

العربية

المؤلف د عبدالله بن مشبب القحطاني
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التوحيد
عناصر الخطبة
  1. في ظلال اسم الله الشهيد .
  2. أثر الإيمان باسم الله الشهيد. .

اقتباس

وَشَهَادَةُ اللَّهِ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- أَعْظَمُ شَهَادَةٍ، فَشَهَادَتُهُ شَهَادَةُ حُضُورٍ وَمُعَايَنَةٍ، وَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ جَوَانِبِ الْحَقِيقَةِ؛ كَمَا يَحْدُثُ لِلْبَشَرِ؛ فَمَنْ شَهِدَ اللَّهُ لَهُ فَهُوَ حَسْبُهُ، وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى شَهَادَةِ...

الخطبة الأولى:

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آلِ عِمْرَانَ: 102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النِّسَاءِ: 1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الْأَحْزَابِ: 70-71]، أَمَّا بَعْدُ:

عِبَادَ اللَّهِ: جَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: " أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، سَأَلَ بَعْضَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ ‌يُسْلِفَهُ ‌أَلْفَ ‌دِينَارٍ، فَقَالَ: ائْتِنِي بِالشُّهَدَاءِ أُشْهِدُهُمْ، فَقَالَ: كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا، قَالَ: فَأْتِنِي بِالْكَفِيلِ، قَالَ: كَفَى بِاللَّهِ كَفِيلًا، قَالَ: صَدَقْتَ، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، فَخَرَجَ فِي الْبَحْرِ فَقَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ الْتَمَسَ مَرْكَبًا يَرْكَبُهَا يَقْدَمُ عَلَيْهِ لِلْأَجَلِ الَّذِي أَجَّلَهُ، فَلَمْ يَجِدْ مَرْكَبًا، فَأَخَذَ خَشَبَةً فَنَقَرَهَا، فَأَدْخَلَ فِيهَا أَلْفَ دِينَارٍ وَصَحِيفَةً مِنْهُ إِلَى صَاحِبِهِ، ثُمَّ زَجَّجَ مَوْضِعَهَا، ثُمَّ أَتَى بِهَا إِلَى الْبَحْرِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ تَسَلَّفْتُ فُلَانًا أَلْفَ دِينَارٍ، فَسَأَلَنِي كَفِيلَا، فَقُلْتُ: كَفَى بِاللَّهِ كَفِيلًا، فَرَضِيَ بِكَ، وَسَأَلَنِي شَهِيدًا، فَقُلْتُ: كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا، فَرَضِيَ بِكَ، وَأَنِّي جَهَدْتُ أَنْ أَجِدَ مَرْكَبًا أَبْعَثُ إِلَيْهِ الَّذِي لَهُ فَلَمْ أَقْدِرْ، وَإِنِّي أَسْتَوْدِعُكَهَا، فَرَمَى بِهَا فِي الْبَحْرِ حَتَّى وَلَجَتْ فِيهِ، ثُمَّ انْصَرَفَ وَهُوَ فِي ذَلِكَ يَلْتَمِسُ مَرْكَبًا يَخْرُجُ إِلَى بَلَدِهِ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ أَسْلَفَهُ، يَنْظُرُ لَعَلَّ مَرْكَبًا قَدْ جَاءَ بِمَالِهِ، فَإِذَا بِالْخَشَبَةِ الَّتِي فِيهَا الْمَالُ، فَأَخَذَهَا لِأَهْلِهِ حَطَبًا، فَلَمَّا نَشَرَهَا وَجَدَ الْمَالَ وَالصَّحِيفَةَ، ثُمَّ قَدِمَ الَّذِي كَانَ أَسْلَفَهُ، فَأَتَى بِالْأَلْفِ دِينَارٍ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا زِلْتُ جَاهِدًا فِي طَلَبِ مَرْكَبٍ لِآتِيَكَ بِمَالِكَ، فَمَا وَجَدْتُ مَرْكَبًا قَبْلَ الَّذِي أَتَيْتُ فِيهِ، قَالَ: هَلْ كُنْتَ بَعَثْتَ إِلَيَّ بِشَيْءٍ؟ قَالَ: أُخْبِرُكَ أَنِّي لَمْ أَجِدْ مَرْكَبًا قَبْلَ الَّذِي جِئْتُ فِيهِ، قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَدَّى عَنْكَ الَّذِي بَعَثْتَ فِي الْخَشَبَةِ، فَانْصَرِفْ بِالْأَلْفِ الدِّينَارِ رَاشِدًا".

وَشَهَادَةُ اللَّهِ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- أَعْظَمُ شَهَادَةٍ، فَشَهَادَتُهُ شَهَادَةُ حُضُورٍ وَمُعَايَنَةٍ، وَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ جَوَانِبِ الْحَقِيقَةِ؛ كَمَا يَحْدُثُ لِلْبَشَرِ؛ فَمَنْ شَهِدَ اللَّهُ لَهُ فَهُوَ حَسْبُهُ، وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى شَهَادَةِ غَيْرِهِ؛ (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ) [الْأَنْعَامِ: 19].

وَقَدْ سَمَّى اللَّهُ نَفْسَهُ بِالشَّهِيدِ، فَقَالَ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: (إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [الْحَجِّ: 17]، فَرَبُّنَا -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- الَّذِي لَا يَغِيبُ عَنْهُ شَيْءٌ، وَهُوَ الْحَفِيظُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَعِلْمُهُ أَحَاطَ بِالْأَشْيَاءِ.

رَبُّنَا -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- يَشْهَدُ بِالْحَقِّ، وَيُنْصِفُ الْمَظْلُومَ، وَيَقْتَصُّ مِنَ الظَّالِمِ، سَمِعَ جَمِيعَ الْأَصْوَاتِ خَفِيَّهَا وَجَلِيَّهَا، وَأَبْصَرَ جَمِيعَ الْمَوْجُودَاتِ دَقِيقَهَا وَجَلِيلَهَا، صَغِيرَهَا وَكَبِيرَهَا، أَحَاطَ عِلْمُهُ بِكُلِّ شَيْءٍ.

وَرَبُّنَا -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- هُوَ الَّذِي شَهِدَ لِعِبَادِهِ وَعَلَى عِبَادِهِ بِمَا عَمِلُوهُ، فَشَهَادَتُهُ -عَزَّ وَجَلَّ- أَصْلُ الشَّهَادَاتِ، وَمَبْعَثُهَا، وَأَعْظَمُهَا؛ لِأَنَّهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- لَمَّا كَانَتِ الْأَشْيَاءُ لَا تَخْفَى عَلَيْهِ؛ كَانَ شَهِيدًا لَهَا؛ أَيْ: عَالِمًا بِحَقَائِقِهَا، عَالِمِ الْمُشَاهَدَةِ لَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ -عَزَّ وَجَلَّ-.

فَمِنْ جَلَالِهِ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: أَنَّهُ شَهِدَ لِنَفْسِهِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَالْقِيَامِ بِالْقِسْطِ؛ (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ) [آلِ عِمْرَانَ: 18].

وَشَهَادَتُهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- بِصِدْقِ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا وَحَّدُوهُ، وَشَهَادَتُهُ لِرُسُلِهِ وَمَلَائِكَتِهِ؛ (وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا) [النِّسَاءِ: 79].

وَشَهَادَتُهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- لِلْمَظْلُومِ الَّذِي لَا شَاهِدَ لَهُ وَلَا نَاصِرَ عَلَى الظَّالِمِ الْمُعْتَدِي، وَهَذِهِ الشَّهَادَةُ تَقْتَضِي: الْعَوْنَ وَالنُّصْرَةَ، قَالَ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: (إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [الْحَجِّ: 17].

وَالْعِبَادُ يَشْهَدُونَ لَهُ بِالْوَحْدَانِيَّةِ، وَيُقِرُّونَ لَهُ بِالْعُبُودِيَّةِ؛ (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا) [الْأَعْرَافِ: 172].

وَشَهَادَةُ الْعِبَادِ وَرَقَابَتُهُمْ مَحْدُودَةٌ بِأَوْقَاتٍ، وَلَا بُدَّ أَنْ تَتَوَقَّفَ؛ فَالْعَبْدُ يَنَامُ وَيَغْفُلُ وَيَضْعُفُ ثُمَّ يَمُوتُ، أَمَّا اللَّهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- فَرَقَابَتُهُ دَائِمَةٌ تَامَّةٌ، وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ؛ (وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [الْمَائِدَةِ: 117].

وَعِنْدَمَا يَقْدُمُ الْعِبَادُ عَلَى اللَّهِ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُحَاسِبُهُمْ حِسَابَ الْعَالِمِ بِهِمْ، الْمُطَّلِعِ عَلَى خَفَايَاهُمْ، الْمُحْصِي لِأَقْوَالِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ؛ (إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [الْحَجِّ: 17].

وَالْمُؤْمِنُ يَعْلَمُ أَنَّ عَمَلَهُ لَا يَضِيعُ عِنْدَ اللَّهِ؛ (قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [سَبَأٍ: 47].

وَأَمَّا الْكَافِرُ فَلَا يَضِيعُ مِنْ عَمَلِهِ شَيْءٌ؛ وَإِنْ نَسِيَهُ فَاللَّهُ قَدْ أَحْصَاهُ؛ (أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [الْمُجَادَلَةِ: 6].

اللَّهُمَّ يَا شَهِيدُ تَجَاوَزْ عَنَّا إِنَّكَ عَلَى شَيْءٍ قَدِيرٌ.

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الخطبة الثانية:

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

عِبَادَ اللَّهِ: مَنْ عَلِمَ أَنَّ رَبَّهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- شَهِيدٌ عَلَيْهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا؛ اسْتَحَى أَنْ يَرَاهُ عَلَى مَعْصِيَتِهِ، أَوْ فِيمَا لَا يُحِبُّ، وَمَنْ عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ يَرَاهُ أَحْسَنَ عَمَلَهُ وَعِبَادَتَهُ وَأَخْلَصَ فِيهَا حَتَّى يَصِلَ لِمَقَامِ الْإِحْسَانِ، وَهُوَ أَعْلَى مَقَامَاتِ الطَّاعَةِ؛ الَّذِي قَالَ عَنْهُ الْحَبِيبُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ"(أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ).

إِذَا مَا خَلَوْتَ الدَّهْرَ يَوْمًا فَلَا تَقُلْ:

خَلَوْتُ، وَلَكِنْ قُلْ عَلَيَّ رَقِيبُ

وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ يَغْفُلُ سَاعَةً

وَلَا أَنَّ مَا يَخْفَى عَلَيْهِ يَغِيبُ

وَشَأْنُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَسْتَحْضِرُوا مُشَاهَدَةَ اللَّهِ لَهُمْ فِي كُلِّ عَمَلٍ يَعْمَلُونَهُ؛ دَقَّ أَوْ جَلَّ، وَاللَّهُ يَقُولُ: (وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) [يُونُسَ: 61].

وَقِيلَ: مَنْ رَاقَبَ اللَّهَ فِي خَوَاطِرِهِ، عَصَمَهُ فِي حَرَكَاتِ جَوَارِحِهِ.

ثُمَّ إِذَا نَظَرْتَ إِلَى السَّبْعَةِ الَّذِينَ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ وَجَدْتَ أَنَّ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَهُمْ أَنَّهُمْ: آمَنُوا بِأَنَّ اللَّهَ شَهِيدٌ عَلَيْهِمْ، وَنَظَرُوا إِلَى حَالِهِمْ فَعَبَدُوهُ كَأَنَّهُ يَرَاهُمْ، فَنَالُوا الْمَنْزِلَةَ؛ "فَلَا يَكُنِ اللَّهُ أَهْوَنَ النَّاظِرِينَ إِلَيْكَ".

اللَّهُمَّ يَا شَهِيدُ نَسْأَلُكَ أَنْ تَغْفِرَ لَنَا وَتَرْحَمَنَا وَتَتَجَاوَزَ عَنَّا؛ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالسَّدَادَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعِفَّةَ وَالْغِنَى، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ، وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ، وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ؛ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ، وَأَنْ تَجْعَلَ كُلَّ قَضَاءٍ قَضَيْتَهُ لَنَا خَيْرًا.

اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَالْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ.

اللَّهُمَّ أَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِنَا، وَاهْدِنَا سُبُلَ السَّلَامِ، وَأَخْرِجْنَا مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ، وَبَارِكْ لَنَا فِي أَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّاتِنَا، وَأَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّتِنَا وَأَمْوَالِنَا، وَاجْعَلْنَا مُبَارَكِينَ أَيْنَمَا كُنَّا.

وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.