الخالق
كلمة (خالق) في اللغة هي اسمُ فاعلٍ من (الخَلْقِ)، وهو يَرجِع إلى...
العربية
المؤلف | عدنان مصطفى خطاطبة |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | المنجيات |
إذا منعت السماء غيثها، حلّ القَحْط والجَدْب والضرر والسقم، نعم، حينما تكتم السماء أنفاسها، وينشف غطاؤها، وتنفث علينا حرّها، وتمطرنا الغبار، وترسل علينا الريح الجاف والهواء الشديد، فرحماك -يا ربِّ- عندها رحماك؛ لأن القحط سيحل، والجدب سيخيم، ومتى ما حَلّ الجدب بالأرض؛ لحق الناسَ والدوابَ والزرعَ والأحياءَ ضررٌ بالغ جسيم.
إنّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحد لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وأوصي نفسي وإياكم بتقوى الله.
وبعد: قال الله تعالى: (وَجَعَلْنَا مِنْ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) [الأنبياء: 30]، قال ابن كثير: "أي: أصل كل الأحياء منه". فالماء هو مهد الحياة، فلا حياة لكل شيء حي دون الماء، ولذلك كان من أقسى ما يعذِّب الله به أهل النار حرمانهم الأبدي من الماء، لا ماء لأهل النار، وإن طلبوه، فالإجابة (وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ * يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ) [إبراهيم: 16-17]، فجميع المخلوقات لا تستغني عن الماء بحال من الأحوال، والأمطار من أهم مصادر المياه العذبة في الأرض.
ولا يخفى على كل عاقل أن المطر خير عظيم، وأن منعه شرٌّ مستطير على البلاد والعباد والدواب، في بعض محافظات البلدان العربية تراجع إنتاج الحبوب بسبب الجفاف من خمسين ألف طن سنويًّا إلى خمسين طنًّا لا غير.
عباد الله: إذا منعت السماء غيثها، حلّ القَحْط والجَدْب والضرر والسقم، نعم، حينما تكتم السماء أنفاسها، وينشف غطاؤها، وتنفث علينا حرّها، وتمطرنا الغبار، وترسل علينا الريح الجاف والهواء الشديد، فرحماك -يا ربِّ- عندها رحماك؛ لأن القحط سيحل، والجدب سيخيم، ومتى ما حَلّ الجدب بالأرض؛ لحق الناسَ والدوابَ والزرعَ والأحياءَ ضررٌ بالغ جسيم.
عباد الله: الجدب والقحط من المصائب التي يصيب الله بها العباد، ومن العقوبات التي يعاقب الله بها الأمم؛ قال تعالى: (وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ) [الأعراف:130] أي بالقحط، وقال تعالى على لسان إخوة يوسف -عليه السلام-: (قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ) [يوسف:88]، أي: الشدّة من الجدب والقحط، وفي الحديث الصحيح، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عبد الله بن مسعود فَقَالَ: إِنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- لَمَّا رَأَى مِنَ النَّاسِ إِدْبَارًا قَالَ: "اللَّهُمَّ سَبْعٌ كَسَبْعِ يُوسُفَ". فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ حَصَّتْ -أي استأصلت- كُلَّ شَىْءٍ حَتَّى أَكَلُوا الْجُلُودَ وَالْمَيْتَةَ وَالْجِيَفَ، وَيَنْظُرَ أَحَدُهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فَيَرَى الدُّخَانَ مِنَ الْجُوعِ، فَأَتَاهُ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ: إِنَّكَ تَأْمُرُ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَبِصِلَةِ الرَّحِمِ، وَإِنَّ قَوْمَكَ قَدْ هَلَكُوا، فَادْعُ اللَّهَ لَهُمْ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَسُقُوا الْغَيْثَ.
عباد الله: إذا منعت السماء غيثها عن الأرض، فذلك لأن أهل الأرض أغضبوا ربّ السماء، نعم، إنّ من أسباب الجدْب وانحباس الغيث: امتلاء الأرض بالمعاصي، سفور وفجور أهل الأرض، تعطيل شرع الله في أرضه، المنافسة على نشر الفساد والطغيان في بلاد الله، الظلم المبين لخلق الله في أرضه، التعدي على حرمات الله في أرضه، فأنى لسماء الله أن تمطر أهل أرض الله وبلاد الله التي ملأها الناس بالمظالم والفساد، أنى لسماء الله أن ترضى على أهل الأرض هؤلاء؟!
هذه هي المعادلة التي نفهم من خلالها الجدب والقحط وإمساك السماء لبركاتها، فعن نجدة بن نفيع قال: سألت ابن عباس -رضي الله عنهما- عن قول الله -عز وجل-: (إِلاّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً) [التوبة: 39]، قال: استنفر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيًّا من أحياء العرب، فتثاقلوا فأمسك عنهم المطر وكان عذابهم؛ ولذلك بوب البخاري في صحيحه: "باب انْتِقَامِ الرَّبِّ -جَلَّ وَعَزَّ- مِنْ خَلْقِهِ بِالْقَحْطِ إِذَا انْتُهِكَ مَحَارِمُ اللَّهِ"، وقال عمر بن عبد العزيز: "إن الله -تبارك وتعالى- لا يعذب العامة بذنب الخاصة، ولكن إذا عمل المنكر جهارًا استحقوا العقوبة كلهم".
نعم، إن نشرة الأنباء السماوية تقول: هناك علاقة مباشرة بين حالة الطقس وبين أفعال العباد وبين المناخ وسلوك الناس في الأرض، استمع لربك ماذا يقول في ذلك: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرض) [الأعراف: 96]، قال ابن قدامة تعليقًا على الآية: "إن المعاصي سبب للجدب، والطاعة سبب للبركة".
وأصغِ إلى نبيك -صلى الله عليه وسلم- ماذا يقول في هذا أيضًا: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ: "يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ: خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ"، وذكر منها: "وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنْ السَّمَاءِ، وَلَوْلا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا".
وقال المفسرون في تفسير قول الله -جل وعلا-: (وَيَلْعَنُهُمْ اللاَّعِنُونَ) [البقرة: 159]: "إن البهائم تلعن عصاة بني آدم؛ تقول: منعنا القطر من السماء بسبب ذنوبكم".
عباد الله: إذا منعت السماء غيثها عن الأرض، فذلك لنعرف أنّ لهذا الكون ربًّا، أنّ لتلك السماء خالقًا، وأن لهذه الأرض إلهًا واحدًا، هو العظيم، هو القادر، هو الرزاق، هو الرحمن الرحيم، هو مالك الملك، هو الجبار، فأين جبابرة الأرض وملوكها وسلاطينها؟! ألا فليعمل جبابرة الأرض على إحضار الغيوم وإنزال الغيث واستمطار السماء، ألا فليصدروا أوامرهم إلى السحاب في مشارق الأرض ومغاربها لتسقي العباد والبلاد، إنه الدرس الكبير، أن هناك ربًّا عظيمًا لهذا الكون، لا بد أن يذل له الخلق، كما تذل له وتخضع لجلاله السماء والأرض، فالأرض التي تقلّنا، والسّماء التي تظلُّنا، والغيوم التي تغطينا، مطيعة لربها، مصيخة لأمره، لا تتحرك إلا بإذنه، ولا تلقي ببركاتها إلا بمشيئته، قال ربك سبحانه: (فَأَنْزَلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ) [الحجر: 22].
إذا منع السماء المطر عن الأرض، فذلك حتى يُظهِر أهل الأرض افتقارهم إلى رب السماء بالاستغفار، فيستغفروه ويتوبوا إليه، فبالتوبة وبالاستغفار ينال ما عند العزيز الوهاب، باستغفار أهل الأرض وتوبتهم وأوبتهم وعودتهم إلى ربهم يرضى رب السماء، وتنفتح محابس السماء، وتنحل مغاليقها، تلكم هي القاعدة التي أرساها أنبياء الله، قال تعالى حكاية عن نوح -عليه السلام-: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً) [نوح: 10-11]، وقال تعالى حكاية عن هود -عليه السلام-: (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً) [هود: 52].
وقال العباس لما استسقى به عمر -رضي الله عنهما- عام الرمادة: "اللهم إنه لم ينـزل بلاء إلا بذنب، ولم يكشف إلا بتوبة، وهذه أيدينا إليك بالذنوب، ونواصينا إليك بالتوبة، فاسقنا الغيث". فأرخت السماء مثل الجبال حتى أخصبت الأرض وعاش الناس.
فبالتوبة وعمل الصالحات يستنزل المطر، ويستجلب رضا الرب، وبالاستغفار تتنزل الرحمات: (لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [النمل:46].
إذا منعت السماء المطر عن الأرض؛ فذلك حتى يظهر أهل الأرض افتقارهم إلى رب السماء بالاستسقاء، باللجوء، بالفزع إلى ربّ السماء، لا خير فينا إن لم نلجأ إلى ربنا وقت المحن والشدائد وانحباس المطر، فهكذا كان شأن أنبياء الله، بل حتى قريش كانوا إذا قحطوا وانحبس المطر لجأوا إلى رب السماء، فكانوا إذا أجدبوا وقحطوا، واشتدت بهم الحاجة، خرج من كل بطن منهم رجل، ثم يغتسلون بالماء، ويتطيبون، ثم يلتمسون الركن ويطوفون بالبيت العتق سبعًا، ثم يرقون أبا قبيس، فيتقدم رجل منهم، يكون من خيارهم، ومن رجال الدين فيهم، ممن يتبركون به، فيدعو الله ويستغيث طالبًا الرحمة والغوث.
نعم -أيها الإخوة-، لقد كان أنبياء الله يفزعون إلى الله إذا ما ألمّ بهم القحط وانحبس المطر، وهم أنبياء، ومع ذلك كانوا يستغيثون بالله لعلمهم ويقينهم أن لا فرج ولا غوث إلا من عند المغيث سبحانه؛ فهذا موسى -عليه السلام- يطلب الغوث من الله، قال الله تعالى فيه: (وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ) [البقرة: 60]، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- في الحديث الصحيح قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "خرج نبي من الأنبياء بالناس يستسقي، فإذا هو بنملة رافعة بعض قوائهما إلى السماء فقال: ارجعوا فقد استجيب لكم من أجل هذه النملة".
نعم، لا مفزع ولا ملجأ ولا منجى إذا أجدبت الأرض وانحبس المطر، لا مناص للخلق من التضرع إلى خالقهم، من استسقاء ربهم، هذا هو منهج نبينا -عليه الصلاة والسلام-، فقد كان يستسقي لأمته ويفزع إلى الله مرات ومرات كلما انحبس عنهم الغيث، ففي الحديث الصحيح الذي يرويه أنس بن مالك -رضي الله عنه-: أَنَّ رَجُلاً دَخَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مِنْ بَابٍ كَانَ وُجَاهةَ الْمِنْبَرِ، وَرَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَائِمٌ يَخْطُبُ، فَاسْتَقْبَلَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَائِمًا فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: هَلَكَتِ الْمَوَاشِى وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ يُغِيثُنَا، قَالَ فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَدَيْهِ فَقَالَ: "اللَّهُمَّ اسْقِنَا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا". قَالَ أَنَسٌ: وَلاَ وَاللَّهِ مَا نَرَى فِي السَّمَاءِ مِنْ سَحَابٍ وَلاَ قَزَعَةً وَلاَ شَيْئًا، وَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ سَلْعٍ مِنْ بَيْتٍ وَلاَ دَارٍ، قَالَ: فَطَلَعَتْ مِنْ وَرَائِهِ سَحَابَةٌ مِثْلُ التُّرْسِ، فَلَمَّا تَوَسَّطَتِ السَّمَاءَ انْتَشَرَتْ ثُمَّ أَمْطَرَتْ.
وما زال المسلمون الصادقون والمؤمنون المخلصون في تاريخهم الطويل كلما ألمّت بهم ضائقة المطر، وطال انحباس الغيث من السماء، لجؤوا إلى الرحمن الرحيم، واستغاثوا به ودعوه واستسقوه سبحانه، ونحن بإذن الله على نهجهم سائرون، وبالله وحده مستغيثون، وإليه سبحانه وحده مستسقون.
أيها العبد المؤمن بالله العظيم، أيها المؤمن بمحمد -صلى الله عليه وسلم-: أنت من هذه الأمة المحمدية، يعنيك ما يعنيها، ويحزنك ما يحزنها، ويضرك ما يضرها، فهمّ الأمة همّك، وضائقة الأمة ضائقتك، فلا خير فيك إن لم تهتم بأمر أمتك، فإياك ثم إياك أن يوسوس لك الشيطان بأن لا شأن لك، نزل الغيث أم لم ينزل، فهذه أخلاق الكافرين، هذه نزعات العلمانيين، إياك أن تسوّل لك نفسك الأمارة بأنك إنما أنت فرد واحد، وماذا ستؤثّر وما الذي ستصنعه، لا -يا عبد الله-، تذكر أنك مؤمن بالله وأنك عبد لله تعالى، قم بواجبك، قم بما عليك، فاستسق واستغفر، سواء أنزل الغيث أم لم ينزل فأنت بالاستسقاء وبطلب الغوث قد عبدت الله بذلك، وأحييت السنة، فلك الأجر، والله يدخر لك ذلك، والله يجيب عبده بحكمته ورحمته وعلمه سبحانه.
أقول قولي هذا وأستغفر الله
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسولنا الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد:
عباد الله: المؤمن لا يعرف شيئًا اسمه القنوط من رحمة الله، رغم ذنوبنا ورغم تقصيرنا ورغم إسرافنا، سنبقى جميعًا نستغفر ونستسقي ونطلب الغوث من المغيث سبحانه، وندعو وندعو، ونتضرع ونتضرع، فلا منجا لنا -يا رب- ولا ملجأ لنا منك إلا إليك.
فلا قنوط من رحمتك -يا ربنا-، ولا تحويل عن بابك -يا ربنا-، فقد قال لنا رسولك -صلى الله عليه- كما في الحديث الصحيح: "إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا دَعَانِي"، وفي رواية: "إنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- قَالَ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، إِنْ ظَنَّ بِي خَيْرًا فَلَهُ، وَإِنْ ظَنَّ شَرًّا فَلَهُ".
ولله الحكمة البالغة في كل ما يقضيه سبحانه، فالله لا يعجزه إنزال الغيث من السماء، ولا يضيره فتح أبواب السماء بالماء، ولكن الله يبتلي، ويعاقب، ويستعتب عباده، لعلهم يرجعون، لعلهم يتوبون، لعلهم يفقهون أن مصلحتهم العظمى بطاعته سبحانه واتباع شرعه: (وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) [الأعراف: 130]، (وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [الأعراف: 168].
فيا أيها العبد المؤمن: دع ربك يرى منك قلبًا منيبًا، قلبًا مخبتًا، لسانًا داعيًا ومستسقيًا، نفسًا توابة أوّابة.
دع ربك يرى فيك الهمّ الصادق على أحوال المسلمين، دع ربك يرى فيك المؤمن الصادق في إيمانك، المخلص في توحيدك وعبوديتك، دع ربك يرى فيك المؤمن الوفيّ لنبيه -صلى الله عليه وسلم-، المحبّ لأمته.
دع مولاك سبحانه يرى منك الدّمع في عينيك خشية لجلاله، دع مولاك سبحانه يرى تضرعك واستغاثتك به، وطلبك للغيث منه وحده سبحانه.
ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين. اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم غيثًا مغيثًا تُحي به البلاد، وتغيث به العباد. آمين، آمين.