الله
أسماء الله الحسنى وصفاته أصل الإيمان، وهي نوع من أنواع التوحيد...
العربية
المؤلف | أحمد طالب بن حميد |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الدعوة والاحتساب |
واعلموا أن المؤمن بين مخافتين؛ بينَ أجَلٍ قد مضى لا يدري ما اللهُ صانعٌ فيه، وأجَلٍ قد بقي لا يدري ما اللهُ قاضٍ عليه فيه، فليأخُذِ العبدُ لنفسه من نفسه، ومن دنياه لآخرته، ومن الشبيبة قبل المشيب، ومن الحياة قبل الموت...
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَنْ يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومَنْ يُضلِلْ فلا هاديَ له، وأشهد ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهد أن محمَّدًا عبده ورسوله، -صلى الله عليه وآله وسلم-.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آلِ عِمْرَانَ: 102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النِّسَاءِ: 1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 70-71].
أما بعدُ: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشرَّ الأمور محدثاتُها، وكلَّ محدَثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وكلَّ ضلالةٍ في النار.
ألا أيها الناس: توبوا إلى بارئكم قبل أن تموتوا، وبادِروا الأعمال الصالحة قبل أن تُشغَلوا، وصِلُوا الذي بينَكم وبينَ ربكم بكثرة ذكركم له، وكثرة الصدقة في السر والعلانية، تُرزَقوا وتُؤجَرُوا وتُنصَروا، واعلموا أن المؤمن بين مخافتين؛ بينَ أجَلٍ قد مضى لا يدري ما اللهُ صانعٌ فيه، وأجَلٍ قد بقي لا يدري ما اللهُ قاضٍ عليه فيه، فليأخذ العبد لنفسه من نفسه، ومن دنياه لآخرته، ومن الشبيبة قبل المشيب، ومن الحياة قبل الموت، فما بعد الموت من مستعتَب، ولا بعد الدنيا دار إلا الجنة والنار؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)[الْمُنَافِقُونَ: 9-11].
بارَك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإيَّاكم بما فيه من الآيات والذِّكْر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفِر اللهَ العظيمَ لي ولكم، فاستغفِروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيِّبًا مبارَكًا فيه، كما يحب ربنا ويرضى، وصلاةً وسلامًا على خير خلق الله محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)[التَّوْبَةِ: 119].
أيها المؤمنون: ثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن: "إخلاص العمل لله، والنصيحة لأولي الأمر، ولزوم الجماعة؛ فإن دعوتهم تكون من ورائهم"، فمَنْ كان همُّه الآخرةَ جمَع اللهُ شملَه، وجعَل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمةٌ، ومَنْ كان همُّه الدنيا فرَّق اللهُ أمرَه، وجعَل فقرَه بينَ عينيه، ولم يأتِه من الدنيا إلا ما كُتِبَ له؛ فلا يمنعنَّ رجلًا مخافةُ الناس أن يقول الحقَّ إذا عَلِمَهُ؛ (إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ * عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)[التَّغَابُنِ: 15-18].
وصلُّوا وسلِّموا -عبادَ اللهِ- على خير خلق الله محمد بن عبد الله، فقد أمركم الله بالصلاة والسلام عليه فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 56].
اللهم صل وسلم وزد وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد، اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّكَ حميدٌ مجيدٌ، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنَّكَ حميدٌ مجيدٌ، وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين، وارض اللهم عن الصديق والفاروق، وعن ذي النورين وأبي السبطين، وعن سائر العشرة والعترة، وأهل بدر والشجرة، وعن صواحب الحجرات والمهاجرين والأنصار، وسائر الآل والصحب والتابعين الأخيار، ومن تبع بإحسان إلى يوم القرار، وعنا معهم برحمتك يا رحمن يا رحيم يا غفار.
اللهم أَعِزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، ، وأَذِلَّ الشركَ والمشركينَ، ودَمِّر أعداءَكَ أعداءَ الدِّينِ، واجعَلْ هذا البلدَ آمِنًا مطمئنًّا سخاء رخاء، وسائرَ بلاد المسلمين، اللهم آمنًا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولاية المسلمين فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا ربَّ العالمينَ، اللهم وفق للخير إمامنا وولي أمرنا، اللهم وفق لهداك، واجعل عملَه في رضاكَ، وارزقه البطانة الصالحة الناصحة، التي تدله على الخير وتعينه عليه يا ربَّ العالمينَ، اللهم وولي عهده وإخوانهم وأعوانهم على الخير يا ربَّ العالمينَ، اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، وانصرنا على القوم الكافرين.
اللهم عليك بكفَرة أهل الكتاب، الذين يقاتلون أولياءك ويصدون عن سبيلك، اللهم عليكَ بهم فإنهم لا يُعجِزونكَ، اللهم كُنْ لإخواننا المرابطين في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، اللهم حرِّر المسجدَ الأقصى من رجز اليهود الغاصبين، والصهاينة المعتدين، اللهم كن لهم مؤيِّدًا ونصيرًا، يا ربَّ العالمينَ، الهلم واشف صدور المسلمين بنصر الإسلام والمسلمين يا قوي يا عزيز.
اللهم اغفر لنا ذنوبنا كلها، دقَّها وجلَّها، أوَّلَها وآخِرَها، علانيتَها وسرَّها، اللهم أصلح شأننا كلَّه، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين يا رحمن يا رحيم، اللهم اغفر لنا وارحمنا يا أرحم الراحمين.
اللهم (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[الْبَقَرَةِ: 201].
عبادَ اللهِ: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)[النَّحْلِ: 90]، فاذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)[الْعَنْكَبُوتِ: 45].