المولى
كلمة (المولى) في اللغة اسم مكان على وزن (مَفْعَل) أي محل الولاية...
العربية
المؤلف | عبدالله عوض الأسمري |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك - فقه النوازل |
مما يزيد إيمان المسلم بالله -عز وجل- أن هذا الأمراض هي عباره عن فيروسات, لا ترى بالعين المجردة؛ فهي جند من جنود الله, يرسلها الله على من يشاء من عباده؛ إما عقوبة أو ابتلاء؛ فلذلك يقف الإنسان ضعيفًا أمام قدرة الله...
الخُطْبَةُ الأُولَى:
الحمد لله رب العالمين, حمدا كثيرا مباركا فيه, يفعل ما يشاء ويخلق ما يريد, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
وبعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله -عز وجل-؛ (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70، 71].
يمر العالم بمصائب كثيرة منها: انتشار الأوبئة والأمراض الخطيرة, ولم تكن هذه الأمراض في العهود الماضية, فكم سمعنا حالياً من أمراض خطيرة انتشرت في العالم, وربما حار العالم في معالجتها؛ فخلفت عدداً من الموتى, وخسائر اقتصادية هائلة!.
عباد الله: إن الله -تعالى- قد يبتلي العباد؛ ليعلموا فقرهم وحاجتهم إليه, ومع تقدم علم الطب لم يصلوا لوقف هذه الأمراض الفتاكة؛ لنعلم ونؤمن أنه لا يكشف الضر إلا الله, ولا يدفع ولا يرفع البلاء إلا الله, ولا يشفى المرض إلا الله؛ (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ)[الأنعام: 17], (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ)[الشعراء: 80].
وقد عالج الإسلام مثل هذه الأوبئة, وذلك بأن يؤمن المسلم بالقضاء والقدر, وأن ذلك من أركان الإيمان الستة, وقد يكون القضاء خيراً أو شراً, فعلى المسلم أن يرضى بقضاء الله وقدره, فالمرض من الله, والشفاء من الله, والموت من الله, والحياة من الله.
ولنعلم أن الله إذا أنزل داء ومرضاً فإنه ينزل معه الشفاء, علمه من علمه, وجهله من جهله, ففي مستدرك الحاكم عن أبي سعيد -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله -تعالى- لم ينزل داء إلا أنزل معه دواء, علمه من علمه, وجهله من جهله, إلا السام, وهو الموت".
من هدي الإسلام في التعامل مع هذه الأوبئة والأمراض: عدم الذهاب إلى الأرض التي انتشر فيها المرض, كما أن على الساكنين في تلك الأرض الموبوءة عدم الخروج منها؛ فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إذا سمعتم به -أي: الطاعون- بأرض؛ فلا تقدموا عليه, وإذا وقع بأرض وأنتم بها؛ فلا تخرجوا فراراً منه"(رواه البخاري ومسلم), وكذلك أي مرض ينتشر في أرض فلا ينبغي الذهاب إليها؛ قياسا على مرض الطاعون, نسأل الله السلامة والعافية.
وينبغي على الحكومات عمل بعض الإجراءات الاحترازية؛ لمنع انتشار الأمراض المعدية؛ لحماية الأنفس والأبدان من هذه الأمراض, كما فعلت بلاد الحرمين, وفق الله القائمين عليها.
مما يزيد إيمان المسلم بالله -عز وجل- أن هذا الأمراض هي عباره عن فيروسات, لا ترى بالعين المجردة؛ فهي جند من جنود الله, يرسلها الله على من يشاء من عباده؛ إما عقوبة أو ابتلاء؛ فلذلك يقف الإنسان ضعيفًا أمام قدرة الله؛ (وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا)[النساء: 28], فلا يغتر الإنسان بقوته؛ فهو ضعيف أمام عظمة الله.
ولنعلم أن الذنوب والمعاصي هي سبب الكوارث والمصائب في أي مكان, فلنحذر الذنوب والمعاصي؛ فإنها سبب هلاك الأمم السابقة, إما بالغرق كما أهلك فرعون وقومه, وإما بالريح كما أهلك عاداً, وإما بالصيحة كما أهلك قوم ثمود, وكذلك مثل هذه الأمراض الخطرة فهي إما عقوبة للعصاة أو ابتلاء؛ لرفع درجات المؤمنين.
نسأل الله أن يقينا شر هذه الأمراض, وأن يجعلنا من الصابرين على قضائه وقدره؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه, أقول ما سمعتم وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه, والصلاة والسلام على محمد وآله وصحبه وسلم.
الواجب على المسلم أن يحصن نفسه بما ورد في الكتاب والسنة من أذكار شرعية؛ حتى تكون سببا في حفظه من أي أمراض أو غيرها, ومن أهمها ما يلي:
أولاً: صلاة الفجر في جماعة؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من صلى الفجر في جماعة؛ فهو في ذمة الله"(رواه مسلم), أي: في حفظ الله, وأمان الله من كل مكروه, فربي يحفظك بصلاة الفجر من الحوادث والأمراض وكل الشرور.
ثانياً: أذكار الصباح والمساء؛ فهي من الأسباب الحافظة -بإذن الله- للمسلم من كل مكروه.
ثالثاً: قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من قال: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء, في الأرض ولا في السماء, وهو السميع العليم؛ لم يضره شيء"(صححه الألباني).
رابعاً: وأيضاً؛ "مَنْ نَزَلَ مَنْزِلاً ثُمَّ قَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ؛ لَمْ يَضُرُّهُ شَيءٌ, حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ".
ومن أهم الأسباب: التوكل على الله -عز وجل- عند الخروج من المنزل, فمن توكل على الله فهو حسبه.
ونسأل الله أن يرينا الحق ويرزقنا اتباعه, ويرينا الباطل ويرزقنا اجتنابه؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.
ألا وصلوا على سيدنا محمد؛ كما أمركم الله -عز وجل-: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].
اللهم أعز الاسلام والمسلمين, اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد, يعز فيه أهل طاعتك, ويذل فيه أهل معصيتك, اللهم لاتدع لنا ذنبا إلا غفرته, ولا هما إلا فرجته, ولادينا إلا قضيته, ولا عسرا إلا يسرته, ولا مريضا إلا شفيته, اللهم وفق ولي أمرنا وأمور المسلمين لما يرضيك, اللهم ارزقهم البطانة الصالحة, وأبعد عنهم بطانة السوء الفاسدة, يا رب العالمين.