الرحمن
هذا تعريف باسم الله (الرحمن)، وفيه معناه في اللغة والاصطلاح،...
العربية
المؤلف | تركي بن علي الميمان |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | المنجيات - التوحيد |
وَيَخْرُجُ الدَّجَّال مِنْ بِلاد فَارِس، مِنْ خَرَاسَان، مِنْ حارَةٍ مِنْ أَصْبَهَان، يُقَالُ لها: اليَهُوْدِيَّة. والدَّجَّالُ سَرِيعُ الاِنْتِقَالِ في الأَرْض، لا يَتْرُكُ بَلَدًا إِلَّا دَخَلَه؛ إِلَّا مَكَةَ والمَدِيْنَة، كُلَّمَا أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ...
الخُطْبَةُ الأُوْلَى:
عِبَادَ الله: إِنَّهً حَبْلٌ مِنْ الوَهْم؛ يَخْنِقُ المَرْءُ بِهِ نَفْسَه، وَسَوْطٌ يَجْلِدُ بِه ظَهْرَه! وهو مَرَضُ الجَبَانِ والرِّعْدِيد، وقَدْحٌ في التّوكُّلِ والتّوْحِيْد؛ إنَّه التَّشَاؤُم!
والتَّشَاؤُمُ هو التَّطَيُّر؛ لأنَّ العَرَبَ كانُوا يَتَشَاءَمُون بالطَّيْرِ! فَإِنْ أَخَذَتْ ذاتَ اليَمِين؛ مَضَوا في حاجَتِهِم، وإنْ أَخَذَتْ ذاتَ الشِّمال؛ رَجَعُوا عن حاجَتِهِم؛ فَأَبْطَلَ الشَّرْعُ ذلك؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: "لا عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ"(رواه البخاري ومسلم)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَطَيَّرَ أَوْ تُطُيِّرَ لَهُ"(رواه الطبراني في الكبير وصححه الألباني).
وَأَصْلُ التَّطَيُّر: هو التَّشَاؤُمُ بِمَرْئِي، أو مَسْمُوْعٍ، أو مَعْلُوْمٍ، واعْتِقَادُ أَنَّها تَضُر، فَمِنْهُمْ مَنْ يَتَشَاءَمُ بِبَعْضِ الأَمْكِنَةِ والأَزمنة، أو بَعْضِ الأرقامِ والمخلوقات، أو بِأَصْحَابِ العاهَاتِ والحاجات! وَقَدْ قال -صلى الله عليه وسلم-: "لا عَدْوَى، وَلا طِيَرَةَ، وَلا هَامَةَ، وَلا صَفَرَ"(رواه البخاري).
والهَامَة: هي البُوْمَة، وصَفَر: هو شَهْرُ صَفَر، وكان العَرَبُ يَتَشَاءَمُونَ بهما!
والتَّشَاؤُمُ شِرْكٌ أَصْغَر، يُنَافِي كَمَالَ التوحيدِ الواجِب؛ لما فِيهِ مِنْ تَعَلُّقِ القَلْبِ بِغَيْرِ الله؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: "الطِّيَرَةُ شِرْك"(رواه الترمذي وأبو داود وصححه الألباني).
والتَّشَاؤُمُ مِنْ عَمَلِ الجَاهِلِيَّةِ! وَقَدْ ذَكَرَهُ اللهُ عن أَعْدَاءِ الرُّسُل، كما قالوا لِرُسُلِهِم: (إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ)[يــس:18].
والتَّشَاؤُمُ جَالِبٌ للهُمُومِ والأَحْزان؛ لأنَّه مِنْ كَيْدِ الشَّيْطَان! (لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)[المجادلة:10].
والمُتَشَائِمُ عُرْضَةٌ لِلْبَلاء؛ لأَنَّ مَنْ خَافَ شَيْئًا غَيْرَ الله سُلِّطَ عليه! وهَذِهِ سُنَّةُ اللهِ في خَلْقِه؛ (وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا)[الأحزاب:62].
والتَّشَاؤُمُ دَاء، وَدَواؤُه بالتَّوَكُّل؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: "الطِّيَرَةُ شِرْكٌ، وَمَا مِنَّا إِلَّا، وَلَكِنَّ اللَّهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ"(رواه الترمذي، وصححه الألباني)؛ أي: مَا مِنْ أَحَدٍ إلا وَيَقَعُ في قَلْبِه تَشَاؤُم، ولكنَّ اللهَ يُذْهِبُهُ بالتَّوَكُّلِ عليه.
وَمِنْ صَفَاتِ الذَّيْنَ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ: أَنَّهُمْ لَا يَتَطَيَّرُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ! (رواه البخاري ومسلم).
وَمِنْ أَدْوِيَةِ التَّشَاؤُم: الذِّكْرُ والدُّعَاء، والإيمانُ بالقَضَاء: قال -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ رَدَّتْهُ الطِّيَرَةُ عَنْ حَاجَتِهِ فَقَدْ أَشْرَكَ"، قالوا: يَا رَسُولَ اللهِ، فَمَا كَفَّارَةُ ذَلِكَ؟، قال: "تَقُولُ: اللهُمَّ لَا طَيْرَ إِلَّا طَيْرُكَ، وَلَا خَيْرَ إِلَّا خَيْرُكَ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ"(رواه أحمد وصححه الألباني).
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
عبادَ الله: الشُّؤْمُ الحَقِيْقِي هو شُؤْمُ المَعْصِيَة! قال تعالى: (وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ)[النساء:79]، قال السِّعْدِي: "مَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ في الدِّيْنِ والدُّنْيا فَمِنْ نَفْسِكَ: أيْ بِذُنُوْبِكَ وكَسْبِكَ، فالمعاصي مانِعَةٌ مِنْ فَضْلِ الله؛ فإذا فَعَلَهَا العَبْدُ فَلَا يَلُوْمَنَّ إلا نَفْسَه!".
والمؤْمِنُ المُتَفَائِل: يُحْسِنُ الظَّنَّ بِرَبِّه؛ ويَرْضَى بِقَدَرِه، "إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ"(رواه مسلم).
وبهذا المَنْهَج؛ يَعِيشُ المُسْلِمُ في سَكِينَةٍ وأَمَان، بَعِيْدًا عن التَّشَاؤُمِ والأَحْزَان، وَوَسَاوسِ الشيطان، وَخُرَافَاتِ الكُهَّان! (إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)[آل عمران:175].
وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ على نَبِيِّنَا مُحَمّدٍ.