الشافي
كلمة (الشافي) في اللغة اسم فاعل من الشفاء، وهو البرء من السقم،...
العربية
المؤلف | صالح بن فوزان الفوزان |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | أهل السنة والجماعة |
وصاحبَهم الغوغاءُ والجُهَّال، الذين لا يعرفون عواقب الأمور، ولا يدرون عن الدعايات الباطلة والمزورة، فهم ينظرون إلى بريقها وتزويرها، ولا ينظرون إلى عواقبها؛ فأصبحوا يخربون بلادهم، كما قال الله -جلَّ وعلا- في اليهود: (يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ) ..
الحمد لله أمر بالسمع والطاعة، ونهى عن الفرقة والإضاعة، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة من عرف ربه فأطاعه، وأشهد أن محمد عبده ورسوله، صاحب المقام المحمود والحوض والشفاعة، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم من أهل السنة والجماعة، وسلم تسليمًا كثيرا.
أما بعد: أيها الناس! اتقوا الله تعالى، واشكروه على نعمه الظاهرة والباطنة. تعيشون في هذه البلاد -ولله الحمد- في أمن واستقرار، ورخاء من العيش، وفي صحة وعافية، تأمنون على دينكم، وعلى محارمكم، وعلى أموالكم، وتأمنون في طرقاتكم، وبيوتكم، ومساجدكم، وتأمنون في أسفاركم؛ إن هذه نعمة عظيمة، كل ذلك بفضل الله، ثم بالتمسك بكتابه، ولزوم جماعة المسلمين، والسمع والطاعة، قال الله جل وعلا: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) [إبراهيم:7].
عباد الله: إن أعداءكم من الكفار والمنافقين لا يروق لهم ولا يستريحون أن تعيشوا على هذه الحالة؛ فيريدون أن يفرقوا كلمتكم، يريدون أن يفسدوا أمركم، وأن يشتتوا جماعتكم، وأن يسقطوا حكامكم، ويفرقوا دولكم، إن هذا مشاهد في هذه الأيام؛ لأن الكفار عجزوا عن صد الإسلام وانتشاره في المعمورة؛ لأن الإسلام ينتشر ويزيد ويكثر أتباعه في هذه الأيام بالذات، بعد انتشار وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة، التي تبين هذا الدين، وأحكام هذا الدين؛ وبعد انتشار القرآن الكريم تلاوة ومصحفًا تقبله النفوس، ويلائم الفِطَر؛ فلذلك لا يزال يمتد، ولا يزال الدخول في الإسلام مستمر، على ضعف من أهله، ولكنه دين قيم تتقبله النفوس الطيبة.
فلما رأى الكفار ذلك، وأنه لا يمكن صده بالقوة، لجؤوا إلى طريقة خبيثة وهي تفريق المسلمين، وإسقاط دولهم؛ حتى تعم الفوضى، وحتى ينتشر سفك الدماء، وتضيع الأموال والفروج، ويفسد الأمر، عند ذلك تقرُّ أعينهم؛ ولكن الله -سبحانه وتعالى- لهم بالمرصاد، فإنه ناصر دينه رغم أنوفهم: (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) [الصف:8-9].
فلن يستطيعوا صد الإسلام مهما حاولوا، فقد أغلقوا المراكز الإسلامية في بلادهم، ومنعوا الجمعيات الخيرية بحجة أنها تفرق التطرف -بزعمهم- وهي إنما تنشر الإسلام، تنشر الإسلام الصحيح، لكن جاؤوا بهذه الفرية من أنها تنشر التطرف، وهي بريئة من التطرف، وإنما تنشر الوسطية والاعتدال؛ لكنهم لا يريدون هذا الإسلام مثل أسلافهم من أبي جهل وأبي لهب وأضرابهم، وماذا حصَلوا عليه إلا الخيبة والخسار؟ ونصر الله دينه، وأعلى كلمته رغم أنوفهم، وليس هذا بعجب من كيد الكفار، إنما العجب أن ينخدع بهذا بعض المسلمين! خصوصًا أصحاب الفكر الذين لا يدركون عواقب الأمور، فأصبحوا يؤيدون هذا الشيء، ويقولون الحكام الظلمة والجائرون، ويقولون: الحرية، حرية الكلمة، الديمقراطية، نيل الحقوق المهضومة... إلى غير ذلك، ولا يدرون أن العلاج ليس بهذه الطريقة، وأن هذه طريقة ماكرة من أعدائهم الكفار.
وصاحبَهم الغوغاءُ والجُهَّال الذين لا يعرفون عواقب الأمور، ولا يدرون عن الدعايات الباطلة والمزورة، فهم ينظرون إلى بريقها وتزويرها، ولا ينظرون إلى عواقبها؛ فأصبحوا يخربون بلادهم، كما قال الله -جل وعلا- في اليهود: (يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ) [الحشر:2]، هذا في اليهود، أما قضية المسلمين اليوم فهم يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي الكفار! نسأل الله العافية.
فيجب التنبه لهذا، وعدم الاغترار به؛ الله -جل وعلا- قال: (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ * وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ* لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) [الأنعام:65-66]، هكذا شأن أصحاب الأفكار السطحية من الغوغاء والعامة، وأصحاب الأفكار الملوثة، والمثقفين الذين ليس عندهم بصيرة، ليس عندهم علم من كتاب الله وسنة رسوله، هو القادر -سبحانه وتعالى- (عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ) من السماء بالصواعق المهلكة، والأمطار المدمرة، وغير ذلك من الآفات السماوية التي لا يعلمها إلا الله -سبحانه وتعالى-، (أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ) بالخسوفات والزلازل التي تدمر البلاد، وتتقطع بها الأرض، كما تعلمون مما يحصل من الزلازل والبراكين الآن، (أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ)، هذا كله بقدرة الله -سبحانه وتعالى-، (أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ * أَمْ أَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ) [الملك:16-17].
إنه يجب على المسلمين أن يتبصروا في هذا الأمر، وأن يتثبتوا، وأن يكلوا هذا الأمر إلى أهل العلم وأهل الرأي والبصيرة؛ ليحلوا هذه المشاكل، قال الله -جل وعلا-: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوْ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) [النساء:83].
التحذير الثالث في قوله: (أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ)، هذه أشد من الزلازل والبراكين، وأشد مما ينزل من السماء، إذا ماج المسلمون بعضهم في بعض، يقتل بعضهم بعضا، ويسبي بعضهم بعضا، هذا أشد، والعياذ بالله! ولهذا استعاذ الرسول -صلى الله عليه وسلم- عند قوله تعالى: (أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً)، أي فرقًا وأحزابًا وجماعاتٍ متشتتةً، (وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ)، فيهلكهم بأيديهم.
ولما دعا الله ألا يهلك أمته بسنة بعامة، يعني بجدب عام، وألا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم، استجاب الله له في هذين المسألتين، ولما دعا ربه ألا يسلط بعض أمته على بعض، لم يستجب له، فالخطر شديد يا عباد الله! وعلينا أن نعرف مكائد عدونا، وألا ننخدع بها.
من هذه المواعيد الكاذبة (يَعِدُهُمْ) هذه مواعيد الشيطان (يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمْ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً) [النساء:120]، قال في أهل بدر من المشركين: (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لا غَالِبَ لَكُمْ الْيَوْمَ مِنْ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتْ الْفِئَتَانِ) [الأنفال:48]، جيش المسلمين وجيش الكفار (فَلَمَّا تَرَاءَتْ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ) وقال للكفار: (إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لا تَرَوْنَ)، يرى الملائكة مع الصحابة وهو لا يقابل الملائكة (إِنِّي أَرَى مَا لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [الأنفال:48].
ومن قبل زين للأبوين -عليهما السلام- الأكل من الشجرة التي نهيا عن الأكل منها، (وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنْ الْخَالِدِينَ * وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنْ النَّاصِحِينَ * فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا) [الأعراف:20-22]، إلى آخر الآية، وقال لآدم: (هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى) [طه:120]، يمدح الشجرة التي نهاه الله عن الأكل منها، فآدم طمع في هذا فتناول من الشجرة فحصل ما حصل وأخرج من الجنة بسبب ذلك، وأهبط إلى الأرض، لكنه تاب إلى الله فتاب الله عليه، (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) [البقرة:37].
فأنتم يا غوغاء، يا أصحاب الأفكار الدنيئة، توبوا إلى الله -سبحانه وتعالى- مثل ما تاب الأبوان؛ لعل الله أن يغفر لنا ولكم، وعودوا إلى رشدكم، ولا تنخدعوا بهذه الدعايات التي تروج بطرق خفية، تروَّج -كما تعلمون- في الانترنت، وفي المواقع الفضائية، وفي القنوات الفضائية، يحرضون على الفتنة، فإذا سمعها أو رآها الغِر أو صاحب الهوى أو صاحب الفكر الملوث اغتر بها، وصار يمدحها، ويقول: هذا هو الحق! نسأل الله العافية! وهو لا يدري، كالذي يحفر لحتفه بظلفه، أو كالذي يحفر قبره بيده، وهو لا يشعر، فلا ننخدع بالكفار: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ * بَلْ اللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ) [آل عمران:149].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من البيان والذكر الحكيم، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على فضله وإحسانه، وأشكره على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا كثيراً.
أما بعد: أيها الناس، اتقوا الله تعالى، (إنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ * إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) [فاطر:5].
نحن لا نقول إن الولاة معصومون، ولا أنه لا يحصل منهم أخطاء، أو لا يحصل منهم ظلم، لا نقول إن الشعوب ليس لها حقوق، لا نقول هذا، بل نقول إن الشعوب لها حقوق، والولاة ليسو معصومين، ويحصل منهم ما يحصل؛ ولكن ليس العلاج بالفوضى والمظاهرات، والتخريب، وإحراق المرافق العامة، ليس حل المشكلة في هذا، المشكلة تحل بما ذكر الله -جل وعلا- في قوله تعالى: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوْ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمْ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً) [النساء:83]، فإذا جاءهم أمر من الخوف مثل ما يحصل الآن، أو من الأمن، فلا يستعجل العوام والغوغاء والدهماء وأصحاب الفكر المحدود، لا يستعجلون بالبحث فيه ونشره، وإبداء الآراء فيه، هذا ليس من شأنهم، هذا يرد إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- في حياته، وإلى سنته بعد وفاته، (وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ) وهم أهل العلم، وأهل السياسة والعقل من ولاة الأمور، فيحلون هذه المشاكل، ويضعون لها الحلول الناجحة بإذن الله -عز وجل-، هذا هو طريق الحل في هذه المسألة.
ويتولى ذلك أهل العلم وأهل الرأي والبصيرة والعقول، ما هو بالفوضى والدهماء والمظاهرات، هذا ما يزيد الأمر إلا شدة، والعياذ بالله، ومن العواقب بعدها انفلات في الأمر، وإذا انفلت الأمر ضاعت الحقوق، هم يطالبون بحقوق قد تكون يسيرة أو يصبر عنها، لكن تضيع الحقوق عامة، ولا يبقى حق! نسأل الله العافية.
فالواجب أن نتبصر في هذا الأمر، وأن نرده لأهل الشأن ليقوموا بحله، وإبداء الآراء الناجحة فيه، لا نتعجل في هذا الأمر كلٌّ يُبدي رأيه في حديث المجالس، هذا لا يجوز، هذه فوضى فكرية ستؤول إلى فوضى بدنية، نسأل الله العافية، فلنتق الله بأنفسنا، وفي بلادنا، وفي إخواننا، وننصح من يغتر بهذه الأمور، ونبين له الطريق الصحيح، قال -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله يرضى لكم ثلاثا: أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولَّاه الله أمركم".
وليس من النصيحة الخروج عليه، وإعلان العصيان له، ليس هذا من النصيحة؛ النصيحة أن يأتي إليه أهل الحل والعقد، وأهل العلم، فيكلمونه في هذه الأمور، ويبينون لهم هذا هو الحل الصحيح، نسأل الله أن يوفق الجميع بما يحبه ويرضاه.
فاتقوا الله عبادَ الله، واعلموا أن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة. وعليكم بالجماعة! عليكم بالجماعة! هكذا قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- فإن يد الله على الجماعة، ومَن شَذَّ شَذَّ في النار.
(إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [الأحزاب:56]. اللهم صَلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك نبينا محمد، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين الأئمة المهديين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن الصحابة أجمعين، وعن التابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين؛ وأذِلَّ الشرك والمشركين، ودمِّرْ أعداء الدين، اللهم دمر أعداء الدين، اللهم اجعل هذا البلد آمنًا رخاء سخاء وسائر بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين.
اللهمَّ آمِنَّا في دُورنا، وأَصْلِحْ وُلاةَ أمورنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا، برحمتك يا أرحم الراحمين، وقنا شر الفتن، ما ظهر منها وما بطن، عن بلدنا هذا وعن سائر بلاد المسلمين عامة؛ ربَّنا تقبَّلْ مِنا إنك أنت السميع العليم.
عبادَ الله، (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمْ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) [النحل:90-91]، فاذكروا اللهَ العظيمَ الجليلَ يذكُرْكم، واشكُروه على عُمومِ نعمِه يزِدْكم، ولذِكْرُ اللهِ أكبرُ، واللهُ يعلمُ ما تصنعون.