البحث

عبارات مقترحة:

الودود

كلمة (الودود) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعول) من الودّ وهو...

الجبار

الجَبْرُ في اللغة عكسُ الكسرِ، وهو التسويةُ، والإجبار القهر،...

القاهر

كلمة (القاهر) في اللغة اسم فاعل من القهر، ومعناه الإجبار،...

علامات الساعة الكبرى

العربية

المؤلف أحمد عبدالرحمن الزومان
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات أركان الإيمان - أهل السنة والجماعة
عناصر الخطبة
  1. ظهور علامات الساعة الصغرى .
  2. تتابع ظهور علامات الساعة الكبرى .
  3. الدجال وأحواله .
  4. نزول عيسى ابن مريم وظهور يأجوج ومأجوج .
  5. خروج الدابة .
  6. طلوع الشمس من مغربها .
  7. ترتيب أشراط الساعة الكبرى. .

اقتباس

فالذي يظهر من مجموع الأخبار أن خروج الدجال أول الآيات العظام المؤذنة بتغير الأحوال العامة في معظم الأرض، وينتهي ذلك بموت عيسى ابن مريم، وأن طلوع الشمس من المغرب هو أول الآيات العظام المؤذنة بتغير أحوال العالم العلوي، وينتهي ذلك بقيام الساعة وخروج الدابة يسبق ذلك اليوم الذي تطلع فيه الشمس من المغرب، وقبل ذلك خروج المهدي والدخان.

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل الله فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران: 102] (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1] (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70-71].

أما بعد:

علامات الساعة الصغرى الكثيرة تبدأ علاماتها الكبرى وهي متوالية كل علامة تلي التي بعدها فعن أنس -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "الإمارات خرزات منظومات بسلك، فإذا انقطع السلك تبع بعضه بعضاً" (رواه الحاكم 4/589، وصححه).

فمن أول علامات الساعة الكبرى خروج المسيح الدجال الذي أمرنا أن نستعيذ بالله من فتنته دبر كل صلاة، فهو رجل من بني آدم خلقه الله -تعالى- ليكون محنة للناس في آخر الزمان: (يُضِلُ به كَثِيراً ويَهْدِي به كَثِيراً وَمَا يُضِل بِهِ إِلاَّ الفَاسِقِينَ) [البقرة: 26] فيمتحن الله به عباده بما يخلقه معه من الخوارق المشاهدة في زمانه فمن استجاب له يأمر السماء أن تمطرهم والأرض فتنبت لهم زرعاً تأكل منه أنعامهم وأنفسهم وترجع إليهم أنعامهم سماناً ومن لا يستجيب له ويرد عليه أمره يصيبهم الجدب والقحط ونقص الأموال والأنفس والثمرات، وتتبعه كنوز الأرض كيعاسيب النحل، ويقتل ذلك الشاب ثم يحييه.

 ثم ينزل المسيح عيسى ابن مريم عند المنارة البيضاء شرقي دمشق فيهرب منه الدجال فيدركه بباب لد فيقتله ثم تلي هذه العلامة خروج يأجوج ومأجوج (حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ * وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ) [سورة الأنبياء: 96-97].

ويأجوج ومأجوج قبيلتان عظيمتان من بني آدم، وقد سد عليهم ذو القرنين لما شكي إليه إفسادهم في الأرض، وفي آخر الزمان، ينفتح السد عنهم، فيخرجون إلى الناس في هذه الحالة والوصف، الذي ذكره الله من كل من مكان مرتفع، يسرعون إما بذواتهم، وإما بما خلق الله لهم من الأسباب التي تقرب لهم البعيد، وتسهل عليهم الصعب فيقهرون الناس، ويعلون عليهم في الدنيا، فلا قدرة لأحد بقتالهم. فيرسل الله عليهم النَّغَفَ داء يصيبهم في رقابهم فيبيدهم عن بكرة أبيهم ثم تطهر الأرض من جثثهم.

فعن النواس بن سمعان قال: ذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الدجال ذات غداة فخفَّض فيه ورفع حتى ظنناه في طائفة النخل، فلما رحنا إليه عرف ذلك فينا، فقال: ما شأنكم؟ قلنا: يا رسول الله ذكرت الدجال غداة فخفضت فيه ورفعت حتى ظنناه في طائفة النخل. فقال: "غير الدجال أخوفني عليكم؛ إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم، وإن يخرج ولست فيكم فامرؤ حجيج نفسه، والله خليفتي على كل مسلم؛ إنه شَابٌّ قَطَطٌ عَيْنُهُ طَافِئَةٌ كأني أشبهه بعبد العزى بن قطن، فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف؛ إنه خَارِجٌ خَلَّةً بين الشأم والعراق فعاث يمينًا وعاث شِمالاً يا عباد الله فاثبتوا".

 قلنا: يا رسول الله وما لبثه في الأرض؟ قال: أربعون يومًا؛ يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم. قلنا يا رسول الله: فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: لا، اقدروا له قدره، قلنا: يا رسول الله! وما إسراعه في الأرض؟ قال: كالغيث استدبرته الريح، فيأتي على القوم فيدعوهم فيؤمنون به ويستجيبون له فيأمر السماء فتمطر والأرض، فتنبت فتروح عليهم سارحتهم أطولَ ما كانت ذُرًا وَأَسْبَغَهُ ضُرُوعًا وَأَمَدَّهُ خَوَاصِرَ.

 ثم يأتي القوم فيدعوهم فيردون عليه قوله فينصرف عنهم، فيصبحون ممحلين ليس بأيديهم شيء من أموالهم. ويمر بالخربة فيقول لها: أخرجي كنوزك فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل.

 ثم يدعو رجلاً ممتلئًا شبابًا فيضربه بالسيف فيقطعه جَزْلَتَيْنِ رمية الغرض، ثم يدعوه فيقبل ويتهلل وجهه يضحك.

فبينما هو كذلك إذ بعث الله المسيح ابن مريم فينزل عند المنارة البيضاء شرقيَ دمشق بين مَهْرُودَتَيْنِ واضعًا كفيه على أجنحة ملكين إذا طأطأ رأسه قطر وإذا رفعه تحدر منه جُمَانٌ كاللؤلؤ فلا يحل لكافر يجد ريح نَفَسِهِ إلا مات، ونفَسه ينتهي حيث ينتهي طرفه، فيطلبه حتى يدركه بباب لُدٍّ فيقتله.

ثم يأتي عيسى ابن مريم قومٌ قد عصمهم الله منه فيمسح عن وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة، فبينما هو كذلك إذ أوحى الله إلى عيسى: إني قد أخرجت عبادًا لي لا يَدَانِ لأحَدٍ بِقِتَالِهِمْ، فَحَرِّزْ عبادي إلى الطور، ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها، ويمر آخرهم فيقولون: لقد كان بهذه مَرَّةً مَاءٌ.

ويحصر نبي الله عيسى وأصحابه حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيرًا من مائة دينار لأحدكم اليوم فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه فيرسل الله عليهم النَّغَفَ في رقابهم فيصبحون فَرْسَى كموت نفس واحدة.

ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابه إلى الأرض فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأه زَهَمُهُمْ وَنَتْنُهُمْ، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله فيرسل الله طيرًا كأعناق البخت فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله، ثم يرسل الله مطرًا لا يَكُنُّ منه بيت مدر ولا وبر فيغسل الأرض حتى يتركها كَالزَّلَفَةِ.

ثم يقال للأرض: أنبتي ثمرتك وردي بركتك فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة ويستظلون بقحفها وَيُبَارَكُ فِي الرِّسْلِ حتى أن اللِّقْحَةَ من الإبل لتكفي الفئام من الناس واللِّقْحَةَ من البقر لتكفي القبيلة من الناس، واللِّقْحَةَ من الغنم لتكفي الفخذ من الناس، فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحًا طيبة فتأخذهم تحت آباطهم فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم، ويبقى شرار الناس يتهارجون فيها تَهَارُجَ الْحُمُرِ فعليهم تقوم الساعة" (رواه مسلم: 2937).

الخطبة الثانية:

الحمد لله القائل: (وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [القصص:  88].

وبعد: من علامات الساعة الكبرى الدابة يقول ربنا -تعالى- (وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ) [سورة النمل: 82].

 قال الشيخ عبد الرحمن السعدي في تفسيره: "هذه الدابة هي الدابة المشهورة التي تخرج في آخر الزمان وتكون من أشراط الساعة كما تكاثرت بذلك الأحاديث ولم يأت دليل يدل على كيفيتها ولا من أي: نوع هي، وإنما دلت الآية الكريمة على أن الله يخرجها للناس وأن هذا التكليم منها خارق للعوائد المألوفة، وأنه من الأدلة على صدق ما أخبر الله به في كتابه، والله أعلم".

وهي من آخر علامات الساعة الكبرى فيلي خروجها طلوع الشمس من مغربها فعن عبد الله بن عمرو قال: حفظت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديثًا لم أنسه بعد سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول إن أول الآيات خروجًا [أي من أول الآيات] طلوع الشمس من مغربها، وخروج الدابة على الناس ضحى، وأيهما ما كانت قبل صاحبتها فالأخرى على إثرها قريبا" رواه مسلم (2941).

ومن آخر علامات الساعة الكبرى طلوع الشمس من مغربها فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لا تقوم الساعة… حتى تطلع الشمس من مغربها فإذا طلعت ورآها الناس يعني آمنوا أجمعون، فذلك حين لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً" (رواه البخاري: 7121).

 فمن أحدث إيماناً أو توبة بعد طلوع الشمس من مغربها لا يقبل منه، لأن ذلك من أكبر علامات الساعة الدالة على اقترابها ودنوها، وبها يحصل الإيمان الضروري بالمعاينة وارتفع الإيمان بالغيب فهو كالإيمان عند الغرغرة وهو لا ينفع كما قال تعالى: (هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلآئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا) [سورة الأنعام: 158].

فالذي يظهر من مجموع الأخبار أن خروج الدجال أول الآيات العظام المؤذنة بتغير الأحوال العامة في معظم الأرض، وينتهي ذلك بموت عيسى ابن مريم، وأن طلوع الشمس من المغرب هو أول الآيات العظام المؤذنة بتغير أحوال العالم العلوي، وينتهي ذلك بقيام الساعة وخروج الدابة يسبق ذلك اليوم الذي تطلع فيه الشمس من المغرب، وقبل ذلك خروج المهدي والدخان.

 وصلوا وسلموا..