البحث

عبارات مقترحة:

الجواد

كلمة (الجواد) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فَعال) وهو الكريم...

الحليم

كلمةُ (الحليم) في اللغة صفةٌ مشبَّهة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل)؛...

صبراً أهل غزة

العربية

المؤلف محمد مبارك حسن الطواش
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات فقه النوازل
عناصر الخطبة
  1. مأساة غزة الصابرة .
  2. واجبنا نحو غزة .

اقتباس

أطفالك يصرخون من الجوع والبرد.. وزوجتك الحُبلى يُقطّعها الألم.. ولا تستطيع شراء الدواء لها.. ووالداك.. شيخان كبيران.. قد شحبت وجوههما.. ورق عظمهما.. وزاد مرضهما وعناؤهما..تخيّل نفسك في هذه الحال.. ولا مال لديك لشراء الغذاء والدواء..

إن الحمد لله نحمده, ونستعينه, ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, ومن سيئات أعمالنا. 

من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أ ن محمداً عبدُه و رسولُه.

(يَاأَيها الذين آ مَنُوا اتقُوا اللهَ حَق تُقَاته ولاتموتن إلا وأنتم مُسلمُون). (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً). (يَا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قَولاً سَديداً * يُصلح لَكُم أَعمالكم وَ يَغفر لَكُم ذنُوبَكُم وَ مَن يُطع الله وَرَسُولَهُ فَقَد فَازَ فَوزاً عَظيماً).

أما بعد: في مثل هذه الأيام الباردة الشاتية.. تخيّل نفسك مع أمك وأبيك.. وزوجتك و أولادك.. في ليلة مطيرة.. وأنتم جميعاً في منزل تهدّمت أبوابه.. وتكسّرت نوافذه.. وانقطع عنكم الماء والكهرباء..

أطفالك يصرخون من الجوع والبرد.. وزوجتك الحُبلى يُقطّعها الألم.. ولا تستطيع شراء الدواء لها.. ووالداك.. شيخان كبيران.. قد شحبت وجوههما.. ورق عظمهما.. وزاد مرضهما وعناؤهما..تخيّل نفسك في هذه الحال.. ولا مال لديك لشراء الغذاء والدواء..

وإذا ضاقت بك الحيلة لطلب العلاج.. خرجت بوالديك و أطفالك.. مشياً على الأقدام في هذا البرد القارص.. مشيت إلى المستشفى.. فإذا به خواء.. ليس فيه إلا الأنين والصراخ.. فعشرات المرضى قد سبقوك.. بأطفالهم.. ونسائهم.. وشيوخهم.. وهم ينتظرون.. ولكن لا دواء.. ولا أجهزة لأن الكهرباء مقطوعة..

إخواني: -إن هذه المأساة التي أعرضها لكم ليست من نسج الخيال-..إنما هي حقيقة.. يعانيها إخواننا المحاصرون في غزة..

إن عرض هذه المأساة ليست تقريراً إخبارياً.. ولكنّه تذكير بالواجب الذي تقتضيه الأخوة الإسلامية من النُصرة.. يقول الله عز وجل: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ), ويقول جل شأنه: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ), وقال صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر". ومن لا يهتم بأمر المسلمين فليس منهم..

إن عرض هذه المأساة تذكير لنا بنعمة الأمن التي نعيشها.. إن عرض هذه المأساة تذكير لنا بأن الغفلة وللامبالاة بما يحل بالمسلمين من نكبات.. قد تؤدي لحلول العقوبة بالغافلين اللاهين.. الذين لا تتمعّر وجوههم.. ولا تتألم نفوسهم.. لِمَا يحُل بإخوانهم..

بلغ عدد الموتى بسبب هذا الحصار.. بلغوا المائة.. و جُلهم من المرضى والأطفال!!
إن إسرائيل تتحكّم بـ 80 % من كهرباء غزة.. و100 % من المياه.. 70 % من الوقود..

يا إخوان: -إن الذي يجري في غزة ليس حصاراً.. إنما هو حرب إبادة لشعب اختار العيش بكرامة.. إنه عقاب جماعي لشعب اختار الإسلام حلاً.. وحاكماً..

أيها المسلمون: في غزة أكثر من مليون وخمسمائة ألف مسلم.. يواجهون الإبادة الجماعية!! لماذا؟ لأنهم أرادوا الإسلام نظاماً يحكمهم.. لأنهم لم ينتخبوا نظاماً علمانياً.. لأنهم أرادوا أن يعيشوا أحراراً كرماء.. لأنهم وقفوا في وجه المحتل وقالوا في عزة و إباء: سنقاتلكم -أيها اليهود- بكل نطفة في أصلاب الرجال.. وبكل جنين في أرحام النساء.. وبكل نسمة في الهواء.. وبكل قطرة ماء و ذرة هواء..

معاشر المسلمين: إن إخوانكم في غزة يعيشون مأساة حقيقية.. انظروا ماذا حل بالناس يوم ارتفعت الأسعار.. انظروا كيف ضجر الجميع عدما انهارت الأسهم ..تأملوا كيف يصيب الناس الخوف.. كيف يتأففون عندما تتأثّر وتتكدّر معايشهم وأرزاقهم.. فكيف بمن حياته كلها كدر.. دخوله كدر.. وخروجه كدر.. ونومه كدر.. وقيامه كدر.. يرى البؤس والشقاء في أعين أطفاله.. وفي عظام أبيه وأمه..

أحبتي في الله: إغلاق 4000 آلاف مصنع.. و 3000 متجر عن العمل يصيب الحياة بالشلل.. لم يعد هناك نشاط يسمى تجارياً.. إلا بالمبادلة اليدوية.. تُعطيه زيتونا.. ويعطيك زيتا.. تعطيه دقيقاً و يعطيك بيضاً.. عادت الحياة إلى نمط بدائي بحت..

إخواني: المياه في قطاع غزة.. تنذر بكارثة بيئية.. فنسبة الملوحة التي يتحملها الإنسان العادي من أجل سلامة الكلي لا تتعدى نسبة في المائة.. ونسبة الأملاح في المياه الملوثة فوق ذلك يكثير.. ولا خيار لهم!!

أكثر من 70 % من الأسر يعيشون تحت خط الفقر.. فأين منظمات حقوق الإنسان! التي تجوب مجاهل إفريقيا.. وتتكلم عن الفقر والمجاعة ؟!! اليوم البؤس والمجاعه موجودة في فلسطين.. بجوار إسرائيل التي تدّعي الديمقراطية ويقول الغرب أنها نموذج الديمقراطية.. الذي يجب أن يحتذى! فأين هذه الديمقراطية يوم أن اختار فلسطينيون حكم الإسلام ؟!

يا إخوان: أكثر من 65 ألف شاب سُرحوا وابعدوا عن وظائفهم.. لا توجد مواد خام تُشغل المصانع.. أو تُوجِد للناس فرص عمل!

أكثر من 80 % من المحصول الزراعي دائما يُعرّض للتلف بسبب الحصار.. فالمزارع المسكين يزرع ويحرث ويسقي ويشقى.. من الصباح إلى الغروب.. وإذا حصد محصوله.. قيل له لن تستطيع أن تبيع أكثر من 20 % منه.. والباقي يفسد عندك.. وأمام عينيك.. لماذا؟ لأنك اخترت الإسلام خيارا !!: (وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ).

إغلاق المعابر.. إغلاق الطرق.. يجعلهم يخسرون كل يوم الملايين من الدولارات.. ويتوقّع المراقبون أن القطاع مقبل على كارثة بيئية واقتصادية وإنسانية خطيرة.. بسبب نقص الأدوية.. وقلة المخزون الغذائي.. وارتفاع الأسعار.. وزيادة مستوى التضخم..

أخذ الدواء يتناقص في القطاع.. ومات بسبب ذلك المئات من المرضى.. هناك 450 مريضاً بالسرطان في قطاع غزة, 400 مصاب بالفشل الكلوي, ونحو 450 مريضاً بالقلب.. هؤلاء معرّضون للموت جراء عدم توفر الأدوية والأجهزة الكافية لمتابعة حالاتهم, فضلاً عن منعهم من السفر.

ويزامن هذا الحصار حصار من نوع آخر ..حصار العلم والمعرفة.. الذي لا يقل خطراً و ضرراً على المدى البعيد من الحصار الاقتصادي والمعيشي.. فلقد منعت سلطات الاحتلال أكثر من 300 ألاف طالب وطالبة من السفر للالتحاق بالمدارس والجامعات الأخرى!! لماذا؟ حتى لا يعودوا إلى بلادهم أساتذة وخبراء ومختصين قادرين على إدارة شئون بلادهم.. حتى تمتلئ البلاد بالجهلة والأميين والمتخلفين.. ليتحول قطاع غزة إلى قطاع عمال..

أما تحويل المال إلى قطاع غزة.. و تبرع الأهالي الذين يعيشون خارج فلسطين.. والذين يريدون أن يقفوا مع أهليهم.. فان مشهداً جديداً من الحصار قد وقف على أبواب الحوالات المصرفية.. حيث كشفت مصادر فلسطينية أن الشركات العالمية العاملة في تحويل الأموال بالطرق السريعة إلى فلسطين وغزة خاصة.. قد شُدد عليها.. وأصبح تحويل المال أمراً ليس يسيراً..

لكن مع ذلك؛ فإن هذا ليس بعذر أن نتوقف عن دعم إخواننا في غزة والقطاع.. والله إن مروجي المخدرات إذا سمعوا بنوع من المخدر في بلاد من البلدان.. أشغلوا عقولهم بحثاً عنه.. واجتهاداً في الوصول إليه.. حتى يتمكنوا منه.. وإن أهل الفساد يوم أن يروا صورة راقصة على شاشة الفضائيات.. قلبوا بأساليبهم وطرقهم.. حتى يعرفوا مكانها.. ليصلوا إليها أو هي تصل إليهم!!

فهل نعجز -ياعباد الله- أن نفكر أو نبحث أو نجتهد عن طريق من خلالها نوصل ما نستطيع.. من أجل غذاء يُنقذ بيتا.. ودواء ينقذ طفلاً.. وكساءً ينقذ يتيماً.. والله ما هذا بعذر فمن فتش وجد.. ومن قلب واجتهد فلن يعدم حيلة..

يقول أحدهم: "لقد رأيت وسمعت عن أناس لم يدخل اللحم في بيوتهم منذ سنة.. بل أكثر.. إلاَّ صدقة أو زكاة! ويذهبون إلى محلاَّت ذبح الدجاج.. ليعثروا على بقايا أرجلها؛ حيث يُوفّرها لهم أصحاب تلك المحلاَّت!! و رأينا أناساً يوماً يأكلوا غداءً فقط, ويوماً آخر يأكلون عشاءً"!!

وفوق هذا الحصار.. في كل يوم يصبّحهم اليهود ويمسّونهم بغارة.. ترمي فيها الطائرات بمئات الأطنان من القنابل.. التي تُسوى بها المنازل بالأرض.. فما بالك بأجساد الأطفال و النساء والشيوخ..

أما يكفي هذا الحصار.. أما يكفي التجويع.. أما يكفي المرض.. أما يكفي الإذلال..
مع هذا كله.. القنابل و النار والدمار.. اللهم رحماك يا رب بأهل غزة.. رحماك بهؤلاء الأطفال الرضع.. و الشيوخ الركّع..

الخطبة الثانية:

وهكذا يُحارَب إخواننا في فلسطين.. يحاربون في لقمة العيش.. في نسمة الهواء.. يحاربون في الدواء.. يحاربون في عقيدتهم وحريتهم.. في حين يُفتح المجال للمنظمات اليهودية و النصرانية في جمع التبرعات والأموال دون حسيب ولا رقيب!!

جاء في تقرير نشرته جمعية NCRP الأمريكية ومقرها واشنطون: "بلغ حجم التبرعات الخيرية لعام ( 1998م) 175 بليون دولار.. يذهب تسع أعشار هذا المبلغ لدعم الكنائس والأنشطة الدينية الأخرى".

ويضيف التقرير أن 44% من هذا الرقم يخصص لدعم الكنائس والتنصير وبعض الجمعيات الدينية الأخرى مثل اليهودية. وإذا نظرنا إلى نسبة 44% فإنها تشكل ما يساوي 70 مليون دولار تدفع للكنائس والأنشطة الدينية التنصيرية.. وإذا تتبعنا مصادر هذه الأموال فإن 85% جاءت كتبرعات من الأفراد.. أما الشركات الكبيرة والمؤسسات الخاصة فقد تبرعات بـ(27) بليون دولار كمنح وتبرعات.. وكل ذلك في إحصائية عام 1998م.

إن الهجمة التي تريدها أمريكا بالجمعيات الإسلامية الخيرية في إطار ما تسميه (بتجفيف المنابع ).. الأولى أن تقوم بها في أرضها التي أشرنا أن ( 77 ) بليون دولار سنوياً على الأقل تصرف للجمعيات الدينية.

أين الحكومة الأمريكية من التعرض للمنظمات المتطرفة اليهودية.. والمنظمات اليهودية النصرانية الساعية على دعم (صندوق الهيكل في القدس).. والذي يجمع التبرعات من أتباع الطائفة الإنجيلية.. التي يصل أعضائها إلى خمسين مليوناً من الأمريكان.. والذين يتبرعون بانتظام لهذا الصندوق.. الذي يهدف لهدم المسجد الأقصى المبارك.. و إنشاء هيكلهم المزعوم على أنقاضه!!

وهل علمت أن هناك أكثر من 37600 موقعاً على الإنترنت لمنظمات يهودية تطوعية خيرية في أمريكا فقط.

وماذا عن البابا والكنيسة الكاثوليكية في روما.. فمعلوم أن الفاتيكان يمتلك الطائرات الخاصة النفاثة.. والمراكب البحرية.. بل وحتى جيشاً خاصاً به.. و يمكن القول أنه دولة داخل دولة إيطاليا!!

أين الحكومة الأمريكية من مؤسسة تطوعية أمريكية واحدة تدعى يونايتد ويز(unitedways).. لديها 1400 فرع حول أمريكا فقط, لو جمعت كل المؤسسات الإسلامية بالعالم لما وصل عددها لهذه المؤسسة لوحدها.

فكيف تتبنى أمريكا محاربة المؤسسات والمنظمات الخيرية في البلدان المسلمة, إذا عرفنا أنه يوجد بأمريكا أكثر من مليون ونصف المليون منظمة خيرية.. وهذا حسب إحصاءات قديمة ؟!

يعمل داخل الولايات المتحدة في هذه المنظمات أكثر من 90 مليون متطوع بدعم وتشجيع من الحكومة الأمريكية.. فيُعفى المتطوّع من الضرائب, إلى غير ذلك من التسهيلات والتشجيع!! أما في الكيان الصهيوني.. فيوجد في إسرائيل وحدها أكثر من 35000 منظمة غير ربحية!!

"مركز دراسات القطاع الثالث في إسرائيل" -والمقصود به العمل الخيري- أنجز مشروعات عام 1995 وحده بلغت قيمتها 11 مليار دولار, وظل هذا القطاع محافظاً على ذلك الإنجاز حتى نهاية عام 2002م. ويقدر بعض المصادر أن الكيان الصهيوني يحصل سنوياً على مساعدات وهبات مالية تصل قيمتها إلى 15مليار دولار..

فصبراً يا أهل فلسطين.. فإن أمم الكفر ولو وقفوا ضدّكم.. بمكرهم وكيدهم.. فإن معكم الفئة التي لا تُغلب.. والمُعين الذي يَخذُل.. ومعكم المَلك الذي لا تنفد خزائنه..

صبراً يا أهل غزة - فإنْ منعوا عنكم الدواء.. والغذاء.. والماء.. فإنهم لا يستطيعون أبداً أن يمنعوا عنكم مدد السماء..

قولوا لهم: (أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ * أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الأَسْبَابِ * جُندٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِنْ الأَحْزَابِ).

صبراً يا أهل الرباط.. وأبشروا ببشرى النبي.. عندما قال: "يا طوبى للشام! يا طوبى للشام! يا طوبى للشام! قالوا: يا رسول الله وبم ذلك؟ قال: "تلك ملائكة الله! باسطوا أجنحتها على الشام".

وعن عبد الله بن حوالة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ستجدون أجناداً: جنداً بالشام, وجنداً بالعراق, وجنداً باليمن". قال عبد الله: فقمت فقلت: خِرْ لي يا رسول الله! فقال: "عليكم بالشام... فإن الله عز و جل تكفل لي بالشام وأهله". قال ربيعة: "فسمعت أبا إدريس يحدث بهذا الحديث يقول: "ومن تكفل الله به فلا ضيعة عليه".

وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني رأيت عمود الكتاب انتزع من تحت وسادتي, فنظرت فإذا هو نور ساطع عُمد به إلى الشام, ألا إن الإيمان إذا وقعت الفتن بالشام".

وعن عبد الله بن حوالة أنه قال: يا رسول الله! اكتب لي بلداً أكون فيه, فلو أعلم أنك تبقى لم أختر على قربك. قال: "عليك بالشام.. ثلاثا". فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم كراهيته للشام قال: "هل تدرون ما يقول الله عز وجل؟ يقول: أنت صفوتي من بلادي, أدخل فيك خيرتي من عبادي, وإليك المحشر, ورأيت ليلة أسري بي عموداً أبيض كأنه لؤلؤ تحمله الملائكة, قلت: ما تحملون؟ قالوا: نحمل عمود الإسلام, أمرنا أن نضعه بالشام, وبينا أنا نائم رأيت كتاباً اختلس من تحت وسادتي, فظننت أن الله تخلى من أهل الأرض, فأتبعت بصري, فإذا هو نور ساطع بين يدي, حتى وضع بالشام, فمن أبى أن يلحق بالشام فليلحق بيمنه ... فإن الله تكفل لي بالشام وأهله".