البحث

عبارات مقترحة:

الله

أسماء الله الحسنى وصفاته أصل الإيمان، وهي نوع من أنواع التوحيد...

التواب

التوبةُ هي الرجوع عن الذَّنب، و(التَّوَّاب) اسمٌ من أسماء الله...

الإله

(الإله) اسمٌ من أسماء الله تعالى؛ يعني استحقاقَه جل وعلا...

الانتكاس

العربية

المؤلف أحمد عبدالرحمن الزومان
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التربية والسلوك - المهلكات
عناصر الخطبة
  1. المقاصد السيئة في الاستقامة .
  2. ومن أسباب الانتكاس: - طول الطريق .
  3. الكبر والإعجاب بالنفس .
  4. عدم الاعتدال في إنزال الرجال منازلهم .
  5. خبث السريرة وعدم الإخلاص .
  6. عدم الصبر .

اقتباس

ومن باب معرفة موطن الخلل لمن وقع في الانحراف وانتكس بعد الاستقامة لاجتنابها عصمنا الله من الزيغ فليس المقصد حينما نسمع هذه الأسباب أن ننزل هذه الأوصاف على فلان من الناس إنما نعلمها لنحذر من الوقوع فيها ..

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [ النساء:1]. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ).

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ.

ذكر لنا ربنا عز وجل خبر إنسان ممن كان قبلنا من أهل الكتاب أو غيرهم فالعبرة بالحدث آتاه الله آياته وأنعم عليه من فضله وكساه بالعلم فانحرف عن الحق تبعاً لهواه فاستولى عليه الشيطان واستحوذ عليه (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) وهذا الحدث يتكرر عبر التاريخ وشواهده كثيرة من الحاضر والماضي فقد ذكر الحافظ ابن حجر في الإصابة في ترجمة أم المؤمنين رملة بنت أبي سفيان قال: "تزوجها عبيد الله بن جحش فأسلما ثم هاجرا إلى الحبشة ثم تنصر زوجها عبيد الله بن جحش وارتد عن الإسلام وأكب على الخمر حتى مات".

فكم من شخص منَّ الله عليه بالاستقامة أو علمه من علمه وأسبغ عليه من فضله فيتخذ هذه الاستقامة و هذا العلم مطية لمكاسب دنيوية سريعة الانقضاء فيصبح تابعاً للشيطان يحرف كلام الله وأحكامه لتخدم أغراضه. وعندما أخبرنا ربنا خبر هذا المنسلخ من دينه أشر إلى أنه ليس الهدف مجرد القصص والمعرفة المجردة بل الهدف أخذ العظة والعبرة من ذلك (فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ).

فإذا نظرنا في هذه القصة نظرة مستبصر يستخلص الدروس منها ومن غيرها فيحذر أن يكون مثله. فما أسباب تلون البعض و عدم ثباته على الحق ما أسباب انتكاس البعض وتحولهم من حزب الرحمن إلى حزب الشيطان؟ عندما نسمع بمثل هذا الخبر المتجدد الذي أخبرنا الله به ينبغي أن يتجه الهم إلى رصد حال هذا المنتكس لمحاولة معرفة موطن الخلل لتجنبها لا أن لا يعدو الحدث أن يكون حديث المجالس من غير التفات لـ (فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) قال حذيفة ابن اليمان: "كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني" رواه البخاري و مسلم.

ومن باب معرفة موطن الخلل لمن وقع في الانحراف وانتكس بعد الاستقامة لاجتنابها عصمنا الله من الزيغ فليس المقصد حينما نسمع هذه الأسباب أن ننزل هذه الأوصاف على فلان من الناس إنما نعلمها لنحذر من الوقوع فيها.

فمن أعظم أسباب الانتكاس: ما أشار الله إليه في خبر من آتاه آياته فأثر حظوظ الدنيا على الآخرة سواء إيثار المال أو الجاه أو التصدر أوغير ذلك من حظوظ الدنيا الزائلة لو دامت مع أنها في كثير من الأحيان لا تدوم فيخسر المنتكس دنياه وآخرته ذلك هو الخسران المبين.

ومن أسباب الانتكاس: طول الطريق على المنتكس فباب الخير طويل وشاق فلا بد للنفس أن تنتهي لذلك وليست المسألة مسألة فترة قصيرة ثم ينتهي الأمر وتعود النفس إلى مألوفاتها فلا بد من الصبر والثبات حتى الممات (فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ) فلذا الشارع أكد على أن تأخذ النفس من العمل ما تطيق و نهى عن تحميل النفس ما لا تستطيع أن تستمر عليه من الأعمال فعن عائشة: "أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها امرأة قال من هذه قالت فلانة تذكر من صلاتها قال مه عليكم بما تطيقون فوالله لا يمل الله حتى تملوا وكان أحب الدين إليه مادام عليه صاحبه" رواه البخاري ومسلم.

ومن أسباب الانتكاس: الكبر و الإعجاب بالنفس وقد أخبرنا ربنا عز وجل خبر إبليس أعاذنا الله منه حينما أمر بالسجود لآدم فتكبر و أعتد بمادة خلقه (قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ) فاستحق بالقرب بعداً و بالجنة خلوداً في النار.

ومن أسباب الانتكاس: عدم الاعتدال في إنزال الرجال منازلهم فتجد المنتكس يغالي في من هو قدوته من الأحياء و لا يقبل فيه أي نقد أو أن يصدر منه أي خطأ متناسياً أنه بشر غير معصوم فإذا حصل خلل عند القدوة شك هذا التابع بما هو عليه فالواجب أن ننزل الرجال منازلهم ولا نعرف الحق بالرجال وإنما نعرف الرجال بالحق ولا يعرض الحق على آراء الرجال وإنما تعرض آراء الرجال على الدليل فما وافقه منها قبل وما خالفه رد بغض النظر عن قائله.

ومن مقولة السلف الذين هم خير هذه الأمة أبرها قلوباً وأعمقها علماً وأقلها تكلفاً فمن مقولتهم: "لا يقلدن أحدكم دينه رجلاً فإن آمن آمن وإن كفر كفر وإن كنتم لا بد مقتدين فاقتدوا بالميت فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة". فلا تغتر بعمل أحد ولا بعلمه إذ لا تدري بما يختم له و ماذا يكون مآله فأحبب حبيبك هوناً ما عسى أن يكون بغيضك يوماً ما، وأبغض بغيضك هوناً ما عسى أن يكون حبيبك يوماً ما.

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد الذي كان أتقى الناس لربه ومع ذلك يخشى على نفسه من التحول من حال الخير والاستقامة والمحافظة على أمر الله إلى ضد ذلك فكان يستعيذ بالله من الحور بعد الكون و على آله وأصحابه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

وبعد: من أسباب الانتكاس: خبث السريرة وعدم الإخلاص لله فيظهر المنتكس الخير والصلاح وباطنه خلاف ذلك فعن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم التقى هو والمشركون فاقتتلوا فلما مال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عسكره ومال الآخرون إلى عسكرهم وفي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل لا يدع (للمشركين) شاذة ولا فاذة إلا اتبعها يضربها بسيفه فقالوا: ما أجزأ منا اليوم أحد كما أجزأ فلان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما إنه من أهل النار فقال رجل من القوم أنا صاحبه قال فخرج معه كلما وقف وقف معه وإذا أسرع أسرع معه قال فجرح الرجل جرحاً شديداً فاستعجل الموت فوضع نصل سيفه بالأرض وذبابه بين ثدييه ثم تحامل على سيفه فقتل نفسه فخرج الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أشهد أنك رسول الله قال وما ذاك قال الرجل الذي ذكرت آنفا أنه من أهل النار فأعظم الناس ذلك فقلت أنا لكم به فخرجت في طلبه ثم جرح جرحاً شديداً فاستعجل الموت فوضع نصل سيفه في الأرض وذبابه بين ثدييه ثم تحامل عليه فقتل نفسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: "إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة " رواه البخاري و مسلم.

فقول النبي صلى الله عليه و سلم فيما يبدو للناس إشارة إلى أن باطن الأمر يكون بخلاف ذلك وإن خاتمة السوء تكون بسبب دسيسة باطنة للعبد لا يطلع عليها الناس إما من جهة عمل سيء ونحو ذلك فتلك الخصلة الخفية توجب الانتكاس وسوء الخاتمة عند الموت وكذلك قد يعمل الرجل عمل أهل النار وفي باطنه خصلة خفية من خصال الخير فتغلب عليه تلك الخصلة في آخر عمره فتوجب له حسن الخاتمة.

ومن أسباب الانتكاس: تعرض المنتكس إلى ما لا يطيق من الذل والهوان فربما تجاوز حدود قدرته وطاقته في الإنكار أو في دعوة الناس أو غير ذلك من أبواب الخير فيتعرض لأذاء حسي أو معنوي فلا يصبر على هذا الأذى ولا يقدر على تحمله حتى ولوكان معنوياً فعند ذلك يظن أن ما أصابه إنما هو بسبب هذا الخير فيتركه وربما انظم إلى معسكر الشيطان فعن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه قالوا وكيف يذل نفسه قال يتعرض من البلاء لما لا يطيق " رواه الترمذي و قال هذا حديث حسن غريب.

وفي الختام أنبه إخواني: إلى ما تجريه إحدى الصحف من مسابقة يومية تعطى جائزة يومية للفائز وذلك بأن تطرح الصحيفة سؤالاً يومياً وتطلب من القراء اختيار جواب من ثلاثة أجوبة وإرسال رقم الجواب عبر رسالة في الهاتف الجوال وهذه المسابقة من الميسر المحرم ووجه الميسر فيها أن في إعلانات هذه المسابقة أن قيمة الرسالة خمس ريالات ورسالة الجوال في الأحوال العادية ربع ريال فالمرسل إما يغنم بإرساله أويغرم وهذا هو القمار المحرم.