البحث

عبارات مقترحة:

البر

البِرُّ في اللغة معناه الإحسان، و(البَرُّ) صفةٌ منه، وهو اسمٌ من...

الإله

(الإله) اسمٌ من أسماء الله تعالى؛ يعني استحقاقَه جل وعلا...

الرقيب

كلمة (الرقيب) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل) أي:...

علاقة المسلم بالمسجد

العربية

المؤلف عبد العزيز بن عبد الله السويدان
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التربية والسلوك
عناصر الخطبة
  1. ضرورة استشعار عظمة المسجد .
  2. مظاهر وعلامات توقير المسجد .
  3. علاقاتنا بالمسجد .
  4. فضل عبادة المشي إلى المسجد .
  5. نغمات الجوال مظهر لعدم توقير المسجد .
  6. إحسان الوقوف بين يدي الله تعالى .

اقتباس

إن تعظيم بيت الله فطرة إيمانية لا يُحرمها إلّا ضعيف الإيمان، ومصيبة الكثيرين إهمال الاستشعار ليحيلوا العبادة عادة، أصبح الدخول إلى المسجد بسبب الاعتياد كالدخول إلى أي مكان آخر أو مبنى آخر، أصبح الإحساس برهبة المكان وقدسية المكان لا يكاد يوجد في القلب، ولا يوجد الشعور بعِظَم من ينتسب إليه المكان، الله جل جلاله! إنه بيت الله ..

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وسلم.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102].

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1].

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

إن الله تعالى معظِّمٌ بيتَه: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ) [النور:36-38].

القرطبي يقول: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ) أي: أمر الله تعالى برفعها، أي: بتطهيرها من الدنس واللغو. وقال الحسن البصري وغيره: معنى (تُرْفَعُ) أي: تعظم ليرفع شأنها بيوت الله.

أيها الإخوة المصلون: إن تعظيم بيت الله فطرة إيمانية لا يُحرمها إلّا ضعيف الإيمان، ومصيبة الكثيرين إهمال الاستشعار ليحيلوا العبادة عادة، أصبح الدخول إلى المسجد بسبب الاعتياد كالدخول إلى أي مكان آخر أو مبنى آخر، أصبح الإحساس برهبة المكان وقدسية المكان لا يكاد يوجد في القلب، ولا يوجد الشعور بعِظَم من ينتسب إليه المكان، الله جل جلاله! إنه بيت الله.

ولا تجد كثيرا من المسلمون يجاهدون أنفسهم على استحضار هذا الشعور عند دخول المسجد، ولو وجد هذا الشعور في قلب المؤمن لكانت علاقته بالمسجد علاقة أخرى.

أيها الإخوة: ما العلاقة بين المسجد وبين أن تكون عليه تلك العلاقات؟ أولا: إنها علاقة تعظيم، إن تعظيم المسجد مستمد من تعظيم الله -جل جلاله-، فكل ما له صلة بالله من عبادات أو شعائر أو أماكن أو أزمنة يجب أن يُعَظَّم ويطهَّر.

وفي الحديث قال النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يخطب عام الفتح فقال: "يا أيها الناس، ‏ ‏إن الله -عز وجل- حرّم ‏ ‏مكة ‏ ‏يوم خلق السماوات والأرض، فهي حرام من حرام الله تعالى إلى يوم القيامة، لا ‏ ‏يعضد ‏شجرها، ولا ينثر صيدها، ولا يأخذ لقطاتها إلا منشد [أي معرِّف]"، وتجد التعظيم فيما أعد للنحر من بهيمة الأنعام تقربا لله تعالى بحسن انتقائها، وبتسمينها، وتجنب إرهاقها، فإنها قد خلفت لله.

صح في مسلم من حديث جابر فيمن أعد للنحر مع الهدي قال -صلى الله عليه وسلم-: " اركبها بالمعروف إذا ألجئت إليها حتى تجد ظهرا، وإلا فلا تركبها"؛ ولذلك قال ابن عربي عن مالك: يركب [أي ما أعد للنحر في سبيل الله ] من البُدن للضرورة، يركبها للضرورة الذي ساقها، وإذا استراح نزل؛ ونجد التوقير في كتاب الله لأنه يحوي كلام الله، فينصَت إليه إذا قرئ، ويُبقَى بعيداً عن مواطن القذر، غير أنه أفضل؛ لأنه كتاب الله.

ونجد التوقير يطلب منا في الزمان الذي خصه الله تعالى بذلك أيضا، لما حرم الله بالأشهر القتال واستعظم فيها المعصية: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) [التوبة:36].

قال ابن كثير رحمه الله تعالى: إن الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزاً من الظلم فيما سواها، وإن كان الظلم في كل حال عظيماً ولكن الله يعظم من أمره ما يشاء، فكل ما ينتسب إلى الله يعظم ويوقر ويحترم.

إذاً فعلاقتنا بالمسجد أولا علاقة توقير وتعظيم، والذي يدعي أنه بالفعل يوقر بيت الله فعليه أن يظهر ذلك التوقير، يظهره في سلوكه، في مراعاته قدسية المكان، ومراعاته للمشتغلين فيه بالذكر والصلاة، ومن ثم في هدوئه وسكينته، وعدم رفع صوته بالضحك أو بالكلام، أو حتى بقراءة القرآن؛ نعم، كان النبي -صلى الله عليه وسلم- ينهى عن حتى رفع الصوت بالقرآن.

صح بالطبراني من حديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها وأرضاها- أنه -صلى الله عليه وسلم- اطلع من بيته والناس يجهرون بالقراءة فقال لهم: "إن المصلي يناجي ربه، فلينظر بما يناجيه به، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن".

وعن أبي سعيد قال: اعتكف رسول الله بالمسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة، فكشف الستر وقال: "ألا إن كلكم مناجٍ ربه، فلا يؤذِيَنَّ بعضُكم بعضاً، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة" أخرجه أبو داوود.

ولذلك قال ابن تيمية -رحمه الله-: فإذا كان قد نهى المصلي أن يجهر على المصلي فكيف بغيره [أي بالكلام]؟ ومن فعل ما يشوش به على أهل المسجد أو فعل ما يفضي إلى ذلك مُنع من ذلك.

وكان عمر -رضي الله تعالى عنه- قد بني رحبة بجانب المسجد تسمى البطيحاء وقال: من أراد أن يتكلم بكلام الدنيا أو ينشد شعرا [يعني في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-] فليخرج إلى هذه الرحبة. وهذا يدل على أن عمر كان يكره إنشاد الشعر في المسجد؛ ولذلك بنى البطيحاء خارجه.

وبعض المشوشين هؤلاء كأنما جُبل على العناد، فإذا نصح أو أشير إليه لخفض صوته أخذته العزة بالإثم، أو أخذته العزة بصنيعه، وأبي إلا رفع صوته، وبعضهم سمع وما زال يسمع من المواعظ والخطب حول هذا الموضوع بالذات ولكنه لا يستجيب، فأين الخضوع لأمر الله ورسوله؟.

جاء في الإحياء أن سعيد بن المسيب سمع ذات ليلة في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سمع عمر بن عبد العزيز وهو يصلي منفرداً يجهر بالقراءة في صلاته، وكان حسن الصوت، فقال سعيد لغلامه: اذهب إلى هذا المصلي فأْمُرْهُ أن يخفض صوته. فقال الغلام: إن المسجد ليس لنا، وللرجل فيه نصيب[يعني هاب أن يقول هذا ذلك لعمر].

فرفع سعيد صوته وقال: يا أيها المصلي، إن كنت تريد الله -عز وجل- بصوتك فاخفض صوتك، وإن كنت تريد الناس فإنهم لن يغنوا عنك من الله شيئاً. فسكت ،عمر بن عبد العزيز وخفض ركعته فلما سلَّم أخذ نعليه وانصرف. وهو يومئذ أمير المدينة.

أرأيتم أيها الإخوة رجوعا للحق كهذا الرجوع؟ أمير المؤمنين يقبل النصيحة لله تعالى ولو كانت قاسية، هكذا يكون المسلم، منقادا للحق لا يستكبر ولا يعاند.

إن لتوقير بيت الله علامات وأخلاقا وسلوكا عمليا، فالذي يدعي أنه بالفعل يوقر بيت الله فليحرص على هذا التوقير بإقفال جواله المزعج، أو على أقل حال في تحويله إياه على الصامت، وإلا فإن حديثه عن توقيره وتعظيمه للمسجد لا واقع له، نحن ندرك أن الإنسان ينسى، لكن ينسى إقفال الجوال مرة مرتين ثلاثة، دائما ينساه! هذا بيت الله يا أخي الكريم، بيت الله له حرمته، له احترامه، نسَبه الله إلى نفسه، وجعل الملائكة تغشاه، قال ابن المسيب: من جلس في مسجد فإنما يجالس ربه.

إن علاقتنا بالمسجد أولا علاقة تعظيم وتوقير وإجلال، ألا تشهدون مظاهر هذا التوقير في قوله تعالى: (يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) [الأعراف:31]؟ خذوا زينتكم عند كل مسجد، فهل من التوقير إتيان المسجد بملابس النوم؟! العبد إنما يأتي إلى بيت الله من أجل مناجاة ربه وتكبيره وتعظيمه وتوقيره، فهل المجيء بملابس النوم مظهر يوحي بهذا التعظيم؟ مظهر يصلح للمناجاة؟.

هل يجرؤ أن يدخل هذا العبد بهذا المظهر على... لن أقول على ملك من الملوك، لا، بل على رئيسه في العمل؟ لكن لا أقول إلا كما قال الله تعالى: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) [الزمر:67]، إذاً فعلاقتنا بالمسجد علاقة تعظيم.

ثانيا: علاقتنا بالمسجد علاقة عبادة وخشوع يريد بها المسلم تطهير قلبه مما يكتنفه في يومه وليلته من أخلاق كنكت سوداء، فالصلاة كالنهج الطهور، يغسل الله بها الخطايا، كما صح في مسلم من حديث أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال "أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه شيء؟" قالوا: لا يبقى من درنه شيء. قال: "فذلك مثَل الصلوات الخمس، يمحو الله بهنَّ الخطايا". أسأل الله من فضله.

فالقدوم إلى المسجد عبادة لها أجرها الكبير، أجرها الكبير الذي يعيد لصحيفة المسلم نقاءها، وطهارتها، وبياضها، ونصاعتها. صح في المسلم أن عثمان بن عفان توضأ يوما وضوءا حسنا ثم قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- توضأ فأحسن الوضوء ثم قال: "من توضأ هكذا، ثم خرج إلى المسجد لا ينهزه إلا الصلاة، غفر له ما خلا من ذنبه". وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له في الجنة نزلاً كلما غدا أو راح" رواه البخاري ومسلم.

وجاء في الحديث: "مَن سرَّه أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات، حيث ينادى بهنَّ؛ فإن الله شرع لنبيكم -صلى الله عليه وسلم- سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة، ويرفعه بها درجة، ويحط عنه بها سيئة".

مجرد المشي يا إخوة، المشي للقدوم إلى المسجد عبادة؛ ولذلك شرع الرسول -صلى الله عليه وسلم- للقادم إلى المسجد أن يدعو بدعاء خاص بذلك القدوم؛ لأنه مشي مبارك. صح في مسلم من حديث ابن عباس وفيه: وأذن المؤذِّن، فخرج الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى الصلاة وهو يقول: "اللهم اجعل في قلبي نوراً، وفي لساني نوراً، واجعل في سمعي نوراً، واجعل في بصري نوراً، واجعل من خلفي نوراً، ومن أمامي نوراً، واجعل من فوقي نوراً، ومن تحتي نوراً، اللهم أعطني نوراً". فالذي يأتي إلى المسجد هو في عبادة ما دام قصده الصلاة، حتى يبلغ ذروة عبادته إذا دخل المسجد وشرع في صلاته، ذروة العبادة.

وإننا مرة أخرى نسأل الذي يصر على إبقاء جهاز الجوال مفتوحاً في المسجد بل حتى وهو في صلاته، أي فضل للعبادة إذن؟ أين التفرغ لعبادة الله تعالى؟ هل أتيتَ بيت الله للعبادة؟ أم أن الصلاة قطعتك عن مشاغلك تريد أن تزيلها من طريقك حتى تتفرغ لبقية تلك المشاغل وبالتالي تُبقي جوالك مفتوحا؟!.

أين صِدقُ الإقبال على الله؟ أين صلاة المودع؟ والطامة الأخرى أن بعض نغمات الجوال موسيقى! أغاني الفاسقين يأتي بها بيت الله ويُبْقى جواله مفتوحاً، وفجأة أثناء الصلاة يأتيه اتصال فتبدأ الموسيقى بالعزف والناس منزعجين في صلاتهم والإمام يقرأ القرآن يحاول رفع صوته ليدفع صوت الموسيقى، وصاحب الجوال في قمة التبلد والاستهتار وفقدان المشاعر! بل بعضهم لا يحاول حتى إقفاله!.

أين تعظيم الله؟ أين الحياء من الله؟ أين الحياء من عباده المصلين؟ أين توقير بيت الله تعالى؟ أين توقير الصلاة؟ يا سبحان الله! كيف يعمد المسلم إلى مضرة نفسه ومضرة غيره باختياره وعلمه؟! يجعل من رنة الجوال أغنية! أما كفانا الأصوات الأخرى.

هل ماتت القلوب أمَّاذا؟! ألا يكفي -يا هداك الله وأصلحك- أنك تستمع إلى هذا البلاء في المذياع وفي المسجل وفي سيارتك وفي التليفزيون في بيتك؟! ألا يكفيك هذا حتى تأتي على الجوال وتضبطه أيضاً على الأغاني؟! ما هذا الإصرار؟ ألا تدري أن الإصرار على المعصية يقلب الصغيرة كبيرة من الكبائر؟ أسأل الله العفو والعافية.

أسأل الله أن يهدينا، وأن يعفو عنا، وأن يهدينا؛ أستغفر الله العظيم فاستغفره وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن والاه.

وبعد: فإن مجرد تسوية الصفوف في الصلاة بالغ الأهمية، وقد بدأ الحث عليه في بداية الأمر بالترغيب، في صحيح مسلم من حديث جابر بن سمرة قال: خرج علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونحن في المسجد، فقال: "ألَا تصفّون كما تصفّ الملائكة عند ربها؟"، فقلنا: يا رسول الله! كيف تصف الملائكة عند ربها؟ قال: "يتمون الصفوف الأُوَل، ويتراصُّون في الصف".

ثم تدرج الحث على تسوية الصفوف، ففي صحيح مسلم من حديث أنس بن مالك قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "سووا صفوفكم؛ فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة"، ثم لما حصل نوع من الرخاوة عند البعض في تنفيذ ما حث النبي -صلى الله عليه وسلم- من إحسان الوقوف بين يديه -جل وعلا- جاء الوعيد والتهديد: "لَتُسَوُنَّ صُفُوفَكُم، أو ليخالفن الله بين وجوهكم". هذا في مجرد تسوية الصفوف، فكيف بمن أصر على إزعاج المصلين بأي نوع من أنواع الأصوات التي تعرفونها؟.

أسأل الله تعالى أن يهدينا جميعا إلى نية صادقة، وعمل صالح.