البحث

عبارات مقترحة:

العفو

كلمة (عفو) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعول) وتعني الاتصاف بصفة...

الرحمن

هذا تعريف باسم الله (الرحمن)، وفيه معناه في اللغة والاصطلاح،...

الحق

كلمة (الحَقِّ) في اللغة تعني: الشيءَ الموجود حقيقةً.و(الحَقُّ)...

تحالف أهل الباطل على أهل الحق .. خطبة عيد الفطر لعام 1429هـ

العربية

المؤلف إبراهيم بن محمد الحقيل
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات صلاة العيدين
عناصر الخطبة
  1. مظاهر العبادة في رمضان .
  2. نعمة الهداية والثبات .
  3. فتن الانحراف الفكري .
  4. تحالف الكفار والمنافقين .
  5. أسباب ووسائل الحرب الناعمة .
  6. سبيل النصر .
  7. موعظة للمرأة .
  8. دعوة للفرح بالعيد بعيدا عن منكراته .
  9. نصائح بإعانة المسلمين والبر والصلة .

اقتباس

إنه حِلفٌ شيطاني بين أربابِ البدعةِ وأصحابِ الردةِ ومِن ورائهم صهاينةُ أهل الكتاب؛ حلفٌ قد اتضحت معالمه، وبانت لكل ذي بصيرة أطرافه، وعرف مَن يُعادُون ومَن يوالون! إنهم يعادون دين الله تعالى الذي بلغه محمد -صلى الله عليه وسلم- وانتشر في الأرض، وآب الناس إليه في العقود الأخيرة بعد أن جربوا المناهج المنحرفة. إنَّ هدفَهم محوُ دين الله تعالى، وإطفاء نوره، إلى أفكارهم الضالة، وإن غايتهم إفساد الناس ..

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

أيها المسلمون، أيها الصائمون، أيها القائمون: لتلهج ألسنتنا بالحمد والشكر والثناء على ربنا -جل جلاله-؛ فهو الذي هدانا وإلا كُنَّا ضُلَّالا، وهو الذي أطعمنا وإلا جُعنا، وهو الذي عافانا وإلا مرضنا، وهو الذي أمَّنَنا وإلا خُفنا، وهو الذي جمع قلوبنا وإلا تفرقنا.

ما من خير إلا أنالنا إياه، ولا من شرٍ إلا دفعه عنا، لا نعرف إلا ما يصيبنا، فمنا من يضجر ومنا من يصبر، وما دفعه ربنا عنا من الكوارث والمصائب مما لا علم لنا به أكثر مما علمناه وأحسسنا به، مما هو في الغيب مخبوء، وفي الكتاب مسطور، ولا تزال ألطافُ ربِنا بنا في كلِ حين ولحظة، يُمدنا ويكلأنا ويكفينا، وقليل منا الشكور، وكثير منا كفور.

كم في الأرض من خائف ونحن آمنون؟! وكم فيها من جائع ونحن شباع؟! وكم فيها من مشردين قد مزقتهم الفتن والحروب فهاموا على وجوههم في أرض الله تعالى ينشدون أمنا وقرارا، فتفرقت أسرهم، وقد جمع الله تعالى شمل أسرنا، وأمَّنَ أوطاننا! فلله الحمد حمداً يليق بجلاله وعظيم سلطانه.

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

أيها المسلمون، أيها الصائمون، القائمون: احمدوا الله تعالى على ما هداكم له من الإسلام والإيمان، وما وفقكم إليه من الصيام والقيام، فكم في الأرض من بشَرٍ ضالين لم يصوموا ما صمنا، ولم يقوموا كما قمنا، ولم تنشرح صدورهم للإسلام كما انشرحت به صدورنا، ولم يذوقوا حلاوة الإيمان كما ذقناها! وقد قال الله سبحانه: (مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ المُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا) [الكهف:17]، فكان ربنا -جل جلاله- لنا هادياً، وكان لنا وليا مرشداً؛ فالحمد لله على ما هدانا، والشكر له على ما أعطانا وأولانا، ونسأله سبحانه الثبات على ديننا.

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
 

أيها المسلمون: خلال شهر كامل، وفي عَشْرٍ مضت أضاءت مساجد المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بالقرآن، واكتظت بالمصلين ركعا سجدا؛ يبتغون فضلا من الله ورضوانا، يحذرون الآخرة ويرجون رحمة ربهم، قد علموا أن لهم ربا عفوا كريما فأقبلوا عليه بقلوبهم وأبدانهم، وانتصبوا لعبادته في محاريبهم، فلهجت ألسنتهم بذكره وشكره ودعائه، وسحت أعينهم بالدمع رجاء رحمته وجنته ورضوانه، وخوفا من عذابه وسخطه ونيرانه.

نظروا إلى ماضيهم فإذا الأوزار تثقلهم، ثم نظروا إلى نعم الله تعالى عليهم فإذا هي تغرقهم، ثم نظروا إلى أعمالهم الصالحة فإذا هي تخجلهم من ربهم، ثم نظروا إلى جود ربهم وعفوه فطمعوا كما طمع قبلهم أبوهم الخليل -عليه السلام- حين قال: (وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ) [الشعراء:82].

اللهم فاغفر لنا خطايانا، واستر عيوبنا، وارفع درجاتنا، وأقل عثراتنا، فإننا عبيدك وأنت ربنا، والعبيد يخطئون بالليل والنهار، والرب يسترهم ويعفو عنهم، اللهم سترك وعفوك يا ربنا، اللهم عاملنا بعفوك ورحمتك ولا تكلنا إلى أعمالنا.
 

عباد الله: من كان محسنا في رمضان فليحمد الله تعالى على إعانته وتوفيقه، وليثبت على إحسانه؛ فإن أحب الأعمال إلى الله تعالى أدومها وإن قلَّ، وأما من أساء فليتب إلى الله تعالى من إساءته؛ فإنه إن فاته رمضان لم يفته باقي عمره، فليتدارك ما بقي منه، ولْيُعَوِّضْ ما فاته؛ فإن العبد إذا مات لا يتبعه في قبره إلا عمله، ويرجع أهله وماله.

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

أيها المسلمون: الثبات على دين الإسلام نعمة لا يعرف كثير من المسلمين فضلها، ولا يقدرونها قدرها، ولا يشكرون الله تعالى عليها، ومن رأى تخبط كثير من الناس فيما يتعلق بالأفكار والمعتقدات عرف نعمة الهداية للحق والثبات عليه.

لقد عصفت بالمسلمين في العقدين الأخيرين أعاصير من المحن والفتن غرق في لجتها كثير من الناس، وزاغت بسببها كثير من القلوب، وارتد أناس على أعقابهم القهقرى، فتخلوا عن قناعاتهم، واستبدلوا أفكارهم، وغيروا منهاجهم؛ إرضاء للبشر، ومسايرة للواقع الضاغط على الإسلام وأهله.

ومنهم جمع نبذوا دينهم وراءهم ظهريا، فحاربوا الإسلام وكانوا قَبْلُ من دعاته، وألبوا على المسلمين وكانوا من قبل إخوانهم، والتحقوا بركب الأمم الصهيونية الصليبية الاستعمارية وكانوا من قبل أعداءهم، وناصبوا العلماء والدعاة عداءهم وكانوا من قبل مشايخهم؛ فسبحان مغير الأحوال، ومدبر الأمور، ومقلب القلوب! (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ المَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) [الأنفال:24]، وقال نبينا -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ قَلْبَ الآدمي بين إصبعين من أَصَابِعِ الله -عز وجل- فإذا شَاءَ أَزَاغَهُ، وإذا شَاءَ أَقَامَهُ" رواه أحمد.

ولقد كان إبليس من أعبد خلق الله تعالى، ثم كان شرَّ الخلق أجمعين، فلا تأمنوا مكر الله تعالى، وخافوا تقلب القلوب، واحذروا الهوى، وسلوا الله تعالى الثبات.

اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، اللهم حُلْ بين قلوبنا وبين الكفر والنفاق والردة، واحفظ علينا ديننا وإيماننا، واجعلنا نوافيك على الإيمان والسنة يا رب العالمين.

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

أيها المسلمون: دين الإسلام الذي بلغه نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- عن ربه تبارك وتعالى هو دين الحق، وما سواه من الأديان والمذاهب فهي الباطل، ولا يلتقي الحق مع الباطل، كما لا يتفق الإسلام مع الكفر، ولا الإيمان مع النفاق، وكل دعوة للمواءمة بين الحق والباطل فهي دعوة شيطانية يراد بها الاعتراف بالباطل، وإخضاع الحق له، (لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الجَنَّةِ أَصْحَابُ الجَنَّةِ هُمُ الفَائِزُونَ) [الحشر:20].

ويمثل حقيقة دين الإسلام في هذا العصر من التزموا الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، ولم يُحدثوا في الإسلام ما ليس منه، ولم يُخرجوا منه ما هو منه، وهم بحمد الله جمهور الأمة في هذا العصر؛ فإن المنهج الأثري السلفي قد انتشر في المسلمين، وصار لعلمائه ودعاته قبولا في شتى أنحاء المعمورة، ومحبة في قلوب المؤمنين، بدليل انتشار كتبهم وأشرطتهم، والاحتفاء بأقوالهم، والصدور عن فتاويهم، فما تكاد تصدر فتوى من أحد علمائهم إلا انتشرت في الخافقين.

وهذا الإسلام الأثري الأصيل هو سبب نهوض الأمة وعزها كما عزَّ به أسلافنا، وهو الذي يخافه الأعداء أشد الخوف؛ ولقوة هذا المد الإسلامي الأثري في هذا العصر فإن أهل الباطل من كفار أهل الكتاب، وملاحدة الغرب قد أجمعوا حربه، وأعانهم على ذلك أهل البدعة من أهل القبلة، وأهل الردة والزندقة في بلاد المسلمين، فاجتمعوا عليه، وتواصوا به، وتعاضدوا على حربه كما لم يتعاضدوا من قبل.

إنه حلفٌ شيطاني بين أرباب البدعة، وأصحاب الردة، ومن ورائهم صهاينة أهل الكتاب؛ حلفٌ قد اتضحت معالمه، وبانت لكل ذي بصيرة أطرافه، وعرف مَن يُعادُون ومَن يوالون! إنهم يعادون دين الله تعالى الذي بلغه محمد -صلى الله عليه وسلم- وانتشر في الأرض، وآب الناس إليه في العقود الأخيرة بعد أن جربوا المناهج المنحرفة، إنَّ هدفَهم محوُ دين الله تعالى، وإطفاء نوره، إلى أفكارهم الضالة، وإن غايتهم إفساد الناس، وإخراجهم من دينهم بشتى السبل والوسائل والأساليب.

إن الغرب الاستعماري في القديم والحديث وعلى كثرة حروبه وإرهابه في الأرض لم يقصد أهل البدعة من الصوفية والرافضة بحرب ما؛ لأنهم كانوا على مدى التاريخ أعوان المحتلين، وخوَنة المسلمين.

ولما كانت الجيوش العثمانية على أبواب فينا، وكادت تفتح كامل أوربا، حرك الأوربيون إسماعيل الصفوي الرافضي فسار بجيوشه يطعن الجيش العثماني من الخلف لينقذ أوربا من أن تسقط في أيدي المسلمين، فكان كذلك؛ وفي عصرنا هذا سلم النصيريون الخونة القنيطرة والجولان لليهود قبل سقوطها، واعترفت الدولة البدعية الفارسية أنه لولا معونتهم لما استطاع الاحتلال أن يطأ أرض العراق وبلاد الأفغان.

وأيام الاستعمار الفرنسي لبلاد المغرب العربي أصدر صوفيتها فتوى بأن في مقاومة الاحتلال معارضة لقدَر الله تعالى، وأنه يجب الاستسلام للمحتلين، وشبيها بهذا أصدر كبير الرافضة الإمامية في العراق فتوى لترسيخ الاحتلال.

إن من تابع الإعلام المنحرف بصحفه ومجلاته وفضائياته وإذاعته تبين له بجلاء أن حلفا قويا ضد الإسلام تقوده الدول المستكبرة المستعمرة، وتحرك عملاءها في بلاد المسلمين لتشويه هذا الدين وحملته، مع الترويج للمنهج الغربي لإقناع الناس بأنه الأنموذج الأصح الذي كانت عنده نهاية التاريخ.

وهذه الحملة الطاعنة في دين الإسلام ومن يمثله، المروجة للمناهج المنحرفة أيَّا كانت هي ما أُطلق عليه في المراكز الاستخباراتية المتخصصة في الغرب القوة الناعمة، في مقابل القوة القاسية، وملخصها أن القوة القاسية المتمثلة في محاربة الخصم عسكريا، ومحاصرته اقتصاديا، تولد التحدي والمقاومة لدى الشعوب، فكان لا بد أن يرفد القوة القاسية قوة ناعمة عمادها إعادة صياغة العقول والأفكار بتشويه صورة الخصم، وإيجاد المسوغات لحربه وإنهائه، مع الترويج لثقافة المحتل، وتحسينها لدى الناس.

ومَن شاهد كثيرا من الفضائيات العربية وجد أنها تقوم بهذا المهمة على أكمل وجه يخدم المحتلين، ويحارب المقاومين؛ فهي تروج لثقافة الأعداء المحتلين، وتحسن صورتهم أمام المشاهدين، وتحارب من يمثل حقيقة الإسلام، وما الهجوم على كبار العلماء، وتشويه صورتهم، والطعن فيهم، والكذب عليهم إلا فصل من فصول القوة الناعمة ينفذه الأتباع الليبراليون لأسيادهم من كفار أهل الكتاب.

إن خبراء المستعمرين الغربيين يذكرون أن القضاء على المنافس الشيوعي لهم لم يكن بالقوة القاسية وحدها، وأن القوة الناعمة هي التي أفرزت مشروع البروستريكا، وهي إعادة الإصلاح الشرقي على النمط الغربي، فكان ذلك سبب تفكك الإتحاد السوفيتي، ويريدون بالقوة الناعمة أن يفككوا الإسلام ودوله، وذلك بإعادة إصلاح الإسلام حسب زعمهم؛ ليتوافق مع المنهج الاستعماري الغربي، وهي عملية بروستريكا جديدة يقوم بها الكفار والمنافقون لإحلال إسلام ليبرالي خانع منحرف بديلا للإسلام السلفي التقليدي الشامخ، الذي يقف حائلا دون مشاريع المحتلين في المنطقة.

إن الأمر -يا عباد الله- جد خطير، وإنكم والله مستهدفون في إسلامكم الذي تدينون لله تعالى به، ومستهدفون في بيوتكم لنزع قوامتكم على نسائكم، وإلغاء وصايتكم على أولادكم، وإفساد أخلاقهم، والأعداء يتربصون ببلادكم، وأعداء الداخل يعملون ما يطلبه أعداء الخارج، وهم ينتظرون الفرصة المواتية ليعلنوا ولاءهم لأعدائنا، وعداءهم لنا، ومن أعلن عداءه للدين وحمَلته هان عليه أن يعلن العداء للبلاد وقادتها، ومن طالب اليوم بنبذ الدين وإقصاء علمائه، وتعطيل مؤسساته الدينية، طالب غدا بإقصاء من وضعوها.

ألا فاعلموا يا عباد الله أن قوتنا هي في ديننا، وإن ضعفنا هو في التخلي عنه، وأنه لا دافع لتلك الأخطار التي تنتظرنا إلا الله تعالى، ولا يُنال نصره إلا بالتمسك بدينه، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) [محمد:7]، (إِنَّ اللهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ) [الحج:38].

والأمة التي تستبدل دينها المنزل من رب العالمين بدين محرف مخترع هي أمة خوانة كفورة لا تستحق دفع الله تعالى عنها، ولا تأييده لها، بل سَيُسلَّط عليها أعداؤها فيسومونها سوء العذاب، فلا هي أبقت دينها، ولا سَلِمت لها دنياها.

وأمام هذا الحلف الشيطاني، وإزاء تلك الحملة الشرسة على الإسلام وأهله، فإنه يجب على كل مسلم أن يدفع عن الإسلام الصحيح بكل الوسائل الممكنة؛ فإن هذه الجولة هي من ابتلاء الله تعالى لنا، ( وَلَوْ يَشَاءُ اللهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ) [ محمد:4]، فاثبتوا على الحق يا أتباع الحق، ولا تفرطوا فيه مهما كلف الأمر.

يا أنصار الله: انصروا دين الله، وقولوا كما قال الحواريون: (نَحْنُ أَنْصَارُ الله) [آل عمران:52، الصف:14]، يا قُرَّاء القرآن، كونوا من أهل هذه الآية الكريمة: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ) [آل عمران:173].

يا أتباع محمد -صلى الله عليه وسلم-: إياكم أن تتركوا دينه إلى ما يخترعه لكم الكفار والمرتدون من إسلام ليبرالي لا أمر فيه ولا نهي، ولا حدود ولا حرام؛ فإن دينهم هذا هو دين المشركين من قبل، إنه دين أئمة الكفر في مكة، وهو الدين الذي حاربه نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، وأعلن البراءة منه ومن أهله، وناصبهم العداء عليه.

يا جند الحق: لا يَغُرَّنَّكم الكفار والمنافقون بأفكارهم الضالة، وأديانهم المحرفة؛ ولا تلتفتوا إلى طعنهم في دينكم وشعائره، وجمعياته الخيرية، ومناشطه الدعوية، ومن يمثلونه من العلماء والدعاة والصالحين منكم؛ فإن هذا من الغيظ الذي فاض من قلوبهم، (قَدْ بَدَتِ البَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآَيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) [آل عمران:118].

اللهم اكفناهم بما تشاء وأنت السميع العليم، اللهم إنا ندرأ بك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم، اللهم احفظ البلاد والعباد من شرهم إفسادهم.

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

أيتها المرأة المسلمة، أيتها الصائمة القائمة: إن ما يقوم به المفسدون من إجراءات عدة لنشر الفساد، وخلط النساء بالرجال، وتضييق نطاق العفة والحجاب، وفرض ذلك واقعا على الناس ما هو إلا جزء من المشروع التغريبي التخريبي الذي تمالأ عليه الكفار والمنافقون والمفسدون لإخراج المرأة من دين محمد -صلى الله عليه وسلم- إلى ما اخترعوا من دين ليبرالي منحرف.

وإن التساهل بالحجاب، والرضا بمخالطة الرجال، وتقليد الكافرات والمنحلات، وقبول دعاوى المفسدات في الصحافة والقنوات، هو من السقوط في مشاريعهم التخريبية، ومن الإعانة لهم على إفسادهم، والمرأة المسلمة قوية بدينها، عزيزة بطاعة ربها، معتزة بحجابها، فإذا تخلت عن ذلك هانت على الله تعالى، وهانت على الرجال، وصارت ألعوبة في أيديهم.

فإياك إياك يا من تدينين بدين الله تعالى، وتتمسكين بهدي رسوله محمد -صلى الله عليه وسلم-، وتصلين وتصومين، وتنشدين رضا ربكِ وجنتَه، إياك أن تصغي لدعاواهم! أو أن تغتري بأقوالهم! أو تكوني عونا لهم! فإنهم يوردون أتباعهم دار السعير.
 

انشري الخير والفضيلة بين بنات جنسك، وذبي عن الإسلام والحجاب بلسانك وقلمك؛ فإن ذلك من أعظم الجهاد، وقد قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الكُفَّارَ وَالمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المَصِيرُ) [التوبة:73]. حفظ الله نساء المسلمين بحفظه، وأسبغ عليهن ستره، وعصمهن من شر الأشرار، ومن كيد الفجار.

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

أيها المسلمون: لنفرح بما شرع الله تعالى لنا من هذا العيد المبارك، وقد أغنانا به وبالأضحى والجمعة عن الأعياد الجاهلية المحدثة، ولنتمتع بما أحلَّ الله تعالى لنا من الطيبات، ولنحذر الذنوب والمعاصي في يوم الشكر؛ فإن الله تعالى قال: (وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [البقرة:185].

وقد مَنَّ الله تعالى علينا فأكملنا رمضان، فلنتبعه بشكر المنعم سبحانه في يوم الشكر، ولا نكفره سبحانه في يوم شكره.

لنجعل هذا اليوم يوم فرح وسرور لوالدينا ببرهم، ولقرابتنا بصلتهم، ولجيراننا بالإحسان إليهم، ولأسرنا وأولادنا بالتوسعة عليهم؛ فإن في ديننا فسحة، وإن نبينا محمدا -صلى الله عليه وسلم- قد بعث بالحنيفية السمحة.

ولنتذكر إخوانا لنا فرقتهم الحروب الجائرة، والفتن المتلاطمة، يأتيهم العيد وهم خائفون لاجئون جائعون، فلنحسن إليهم، ولنتصدق عليهم؛ فإن الله يجزي المتصدقين، ولنكثر لهم من الدعاء في هذا اليوم العظيم؛ فإن ذلك من حقوقهم علينا، (إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) [الحجرات:10].

أعاده الله علينا وعليكم وعلى المسلمين باليُمن والإيمان، والسلامة والإسلام، وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال.

إن الله وملائكته يصلون على النبي...