البحث

عبارات مقترحة:

المعطي

كلمة (المعطي) في اللغة اسم فاعل من الإعطاء، الذي ينوّل غيره...

الباسط

كلمة (الباسط) في اللغة اسم فاعل من البسط، وهو النشر والمدّ، وهو...

خطبة عيد الفطر لعام 1425هـ

العربية

المؤلف إبراهيم بن صالح الدحيم
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات صلاة العيدين
عناصر الخطبة
  1. عظمة التكبير ومعانيه .
  2. الهدي النبوي في الفرح بالعيد .
  3. التحذير من الركون إلى الدنيا .
  4. الثبات على الجادة بعد رمضان .
  5. التحذير من قرناء السوء .
  6. موعظة للنساء وأزواجهن لبناء بيت ومجتمع مسلم مستقر .

اقتباس

العيدُ استمرارٌ على العهد، وتوثيقٌ للميثاق، فيا مَن وفَّى في رمضان على أحسن حال، لا تُغيِّر في شوال، ويا مَن أدرك العيد عليك بشكر النعم والثناء عليه، ولا تنقض غزلاً من بعد قوة وعناء، (وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) ..

الحمد لله كثيراً، والله أكبر كبيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا.

الله اكبر الله اكبر، لا إله إلا الله والله اكبر الله اكبر ولله الحمد.

لله الحمد عدد ذرات الرمال، وقطرات البحار، وورق الأشجار، وقطر الأمطار، لله الحمد ما تكور الليل على النهار، وما انجلت الظلمة يتلوها الإسفار. وأشهد أن لا إله إلا الله الواحد القهار، وأشهد أن محمد عبده ورسوله النبي المختار، صلى الله عليه وعلى آله المهاجرين والأنصار، وكل من سار على دربهم وأتبع الآثار.

الله أكبر الله اكبر ولله الحمد، الله اكبر وأجل، الله اكبر على ما هدانا. الله اكبر الله اكبر الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا. الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله اكبر الله اكبر ولله الحمد.

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وبفضله تحصل الدرجات، وبكرمه تبدل الخطيئات. الحمد لله على تمام الشهر، وكمال الفضل، فالفضل لك وحدك لا شريك لك، أنت أمَنّ به وأفضل، فتقبلْ منا، واعفُ عَنا، وتجاوز عن تقصيرنا، وأحْسِنْ عاقبتنا في الأمور كلها.

إنَّه العيدُ جاءَ ضَيْفَاً عَــزِيزَاً

فاكتُبوا بالمـــِدادِ فَيْضَ التَّهَـاني
كبِّرُوا اللهَ عَلَّ تكبيرةَ العيـــــــ ــــدِ تضُخُّ الضميرَ في الشِّريان
زَلزَلَتْ في القديمِ إيوانَ كِسرى هل تهُزُّ الغداةَ كِسْرَى الزَّمانِ؟

لما كانت قلوبنا تردد التكبير مع الألسن نُصِرنا بالرعب مسيرة شهر، وأحكمنا الأمر. إن تكبيرنا في العيد إعلان لانتصار الدين على الدنيا، والآخرة على الأولى، فالله أكبر من الدنيا ولذائذها، والله أكبر من كيد الأعداء، (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) [العنكبوت:45].

لقد دخلنا الأندلس لما كان نشيد طارق في العبور: الله أكبر. وبقينا فيها زماناً كانت الهمة تغلب الشهوة، ذكر أهل السير أنه لما قُدم لعبد الرحمن الداخل الخمر قال: إني لِما يزيد في عقلي أحوج لا لما ينقصه.

الله أكبر، خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- من مكة حتى إذا وافاه العيد في المدينة لم يشأ أن يطفئ البسمة أو يطبق الشفاه، بل أعلن فرحة العيد وأظهر سروره به، مع أنه يلاقي ما يلاقي من كيد الأعداء ومكرهم؛ لكنها العزائم القوية، والنفوس الكبيرة التي تأبى إلا الفرح بفضل الله ورحمته، وعظيم فيضه ومنته.

أليس يهزك الفرح حين تسمع بانتصار المسلمين في مكان، مع أن جراحاتهم في أماكن أخرى لا زالت ملتهبة، ودماءهم لا زالت نازفة؟ إنها النفوس الكبيرة التي تجد متسعاً للفرح -بفضل الله- حتى وإن عظم الجرح.

نقول هذا لأناس يريدون منا أن نقضم شفاهنا، ونقتل كل فرحة، ونطفئ كل بسمة، يريدون أن نحوِّل أفراحنا إلى مناحة، وإن كان ذلك منهم بحسن نية؛ لكن هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- أتم وأكمل.

إن التزام المسلم للحزن والكآبة كُلَّ حين من شأنه أن يقعد النفوس عن العمل، وأن يوقف الدم عن الحركة، والذهن عن الفكرة، فلا نستطيع بذلك أن نحرز نصراً، أو نُشبع جوعة، أو نغيث لهفة، وإنما نضع ضغثاً على إبالة!.
 

الله أكبر، احذروا الركون إلى الدنيا وكفران النعم، فإنكم تعيشون نعمة الأمن والصحة والغنى، في الوقت الذي يُتَخَطف الناس من حولكم في حروب طاحنة، ومجاعات قاتلة، وأمراض فتاكة، (فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ) [الحشر:2].

اشتهت زوجة المعتمد بن عباد -أحد ولاة الأندلس- أن تمشي في الطينِ وتحمِلَ القرب! (فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا) [سبأ:19]، فأمر المعتمد أن يُنثر المسك على الكافور والزعفران، وتحمل قرباً من طيب المسك لتخوض فيه زوجته؛ تحقيقاً لشهوتها.

وتجري السُّنَّةُ الإلهية، وتتهاوى حصون الإسلام في الأندلس؛ بسبب اللهو والغفلة والإغراق في الشهوات، ليؤخذ المعتمد أسيراً إلى أغمات، وتبقى بناته يتجرعن كأس الفقر بعد الغنى، والذلة بعد العزة، يغزِلْنَ للناس يَتَكَسَّبْنَ، حتى إذا علم المعتمد بذلك تمثل يقول:

فِيمَا مَضَى كُنْتَ بِالْأَعْيَادِ مَسْرُورا

فساءَكَ العيدُ فِي أَغْمَاتَ مَأسُورا
تَرَى بناتِكَ في الأطْمَارِ جَائِعَـةً يَغْزِلْنَ لِلنَّـاسِ، مَا يَمْلِكْنَ قِطْمِيرَا
بَرَزْنَ نحوَك للتَّسْليمِ خَــاشِعَةً أبصارُهُنَّ حسيراتٍ مَكاسيرا
يَطَأْنَ فِي الطِّينِ والأَقْدَامُ حَافيـةٌ كَأنَّهَــا لَمْ تَطَأْ مِسْكَاً وَكَافُورَا
مَنْ باتَ بعدَكَ في مُلْكٍ يُسَرُّ بِهِ فَإنَّمَـا بَاتَ بالأحْـلامِ مَسْرُورَا

(وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) [النحل:112].

الله أكبر، احذروا كيد الأعداء! فإنهم لا يريدون بكم خيرا، وقد أخبركم ربكم بدوام عداوتهم لكم: (وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا) [البقرة:217]، وأنهم لن يرضوا عنكم إلا بانسلاخكم عن دينكم: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ اليَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) [البقرة:120]، لقد نطقوا بالحقد قديما وحديثاً، (قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ) [آل عمران:118]. يقول (جلادستون) رئيسُ وزراء بريطانيا سابقاً: مادام هذا القرآن موجوداً في أيدي المسلمين؛ فلن تستطيع أوربا السيطرة على الشرق.

الله أكبر: العيد استمرار على العهد وتوثيق للميثاق، فيا من وفَّى في رمضان على أحسن حال لا تغير في شوال، ويا مَن أدرك العيد عليك بشكر النعم والثناء عليه، ولا تنقض غزلاً من بعد قوة وعناء، (وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) [النحل:92].

العيد بقاء على الخير، وثبات على الجادة، واستمرار في الطريق، قال بعض أصحاب سفيان الثوري: خرجت مع سفيان يوم العيد فقال: إن أول ما نبدأ به يومنا هذا غض البصر. ورجع حسان بن أبي سنان من عيده فقالت له امرأته: كم من امرأة حسناء قد رأيت؟ فقال: ما نظرت منذ خرجت إلا في إبهامي حتى رجعت. هكذا فهم السلف العيد، لم يجدوه فرصة للنظرات الخائنة، وتقلب في المرد وأعين الغيد.

ما نظرت منذ خرجت إلا في إبهامي! انشغال بالنفس عن الناس، وتحديد لمحل النظر، والانشغال به عن غيره حتى لا يطير البصر هنا أو هناك، فاحذر الرجوع إلى الذنب بعد الطاعة، فإن ذلك علامة مقت وخسران.

قال يحي بن معاذ: مَن استغفر بلسانه وقلبُه على المعصية معقود، وعزمه أن يرجع إلى المعصية بعد الشهر ويعود، فصومه عليه مردود، وباب القبول في وجهه مسدود.

الله اكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
 

حذارِ حذارِ مِن جُلساءِ أصحاب السوء! واصطحاب آلات اللهو في المتنزهات والاستراحات والعكوف عليها! فعن عمران قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يكون من أمتي قذف ومسخ وخسف"، قيل: يا رسول الله، ومتى ذلك؟ قال: "إذا ظهرت المعازف، وكثرت القيان، وشُرِبَت الخمور".

حذار من جلساء السوء الذين لا يعينون على خير، ولا يرشدون إلى طاعة، احذر أن تحضر مجالس لهوهم وغفلتهم فتكون ممن كثَّر سوادهم، فقد جاء عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: "مَن كثَّر سواد قوم فهو منهم، ومَن رضي عمل قوم كان شريكَ مَن عمِل"، ولا تنصب خيامك قرب مساكن الذين ظلموا أنفسهم، ففي الأرض مراغماً كثيراً وسعة.
 

الله أكبر، العيد فرصة لتحسين العلاقات، وتسوية النزاعات، وجمع الشمل، ورأب الصدع، وقطع العداوات المستشرية، ورحم الله من أعان على إعادة مياه المودة إلى مجاريها, اجعل هدية العيد لهذا العام عفواً وصفحاً وغفراناً، (وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [التغابن:14].
ما أجمل أن يكون العيد فرصة لصلة المتهاجرين، والتقاء المتقاطعين! إن الرجل الكريم هو من يعفو عن الزلة، ولا يحاسب على الهفوة، حاله كما قال الأول:

وإِنَّ الَّذي بيني وبينَ بني أبي

وبينَ بني عَمِّي لَمُخْتَلِفٌ جِدَّا
إذا نهَشوا لحمي وَفَرْتُ لُحُومَهم وليسَ زعيمَ القومِ مَنْ يَحْمِلُ الْحِقْدَا

نعم، ليس زعيم القوم من يحمل الحقد، ليس كريماً ولا عظيماً ولا سيداً من يجمع الأحقاد, ويحمل الضغائن ويداوم على الجفاء والقطيعة؛ إنه لابد لتحسين العلاقات من نفوس كبيرة تتسع لهضم البغضاء وقضم العداوات، (وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ) [الشورى:37].

لقد دعا الإسلام إلى احتواء النزاعات بفعل المعروف، خاصة مع الأقارب، واعتبر ذلك من أفضل البر، فعن أم كلثوم بنت عقبة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " أفضل الصدقةِ الصدقةُ على ذي الرحم الكاشح" رواه أحمد وغيره.

فأصلحوا ذات بينكم، (وَلَا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ) [الزخرف:61]، فإنه قد يزين للمسلم أن التنازل عن الحقوق، والصفح عن الهفوات نوع ضعف وعجز ومهانة, ولئن يؤثر المسلم أن يقال فيه ذلك خير له من أن يقع في بحور القطيعة وخطيئة التدابر، وفي الحديث: "يأتي عليكم زمان يخير في الرجل بين العجز والفجور، فمَن أدرك ذلك الزمان فليختر العجز على الفجور"، وفي الحديث الصحيح: "وما زاد الله عبداً بعفْوٍ إلى عِزَّاً"، و "إذا التقى المسلمان فخيرهما الذي يبدأ بالسلام".

الله اكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

معاشر النساء: أجِبْنَ نداء الله لكنَّ حيث قال: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) [الأحزاب:33]، إنها آيةٌ عظيمةٌ جامعةٌ، لو تأمَّلَتْها المرأة وعمِلَت بها لحازت خير الدنيا والآخرة.

إن الأصل في المرأة قرارها في البيت، إذ هي نور أركانه، وسكون أرجائه، والخروج من البيت أمر طارئ لا يكون إلا لحاجة، البيت هو وظيفة المرأة الأساس، فما بالُنا نرى تهافت النساء على الخروج من البيت لحاجة ولغير حاجة؟ والله يقول: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ).

إنَّ خيرَ النِّساء امرأة البيت، ففي الحديث المتفق عليه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن خير نساء ركبن الإبل نساء قريش، أحناه على ولدٍ في صغره، وأرعاه على بَعْلٍ في ذات يده".

إن مكان المرأة في البيت لا يمكن أن يسده أحد، إن الخادمة في البيت قد تعد الطعام والشراب واللباس، وتنظف الملابس والبيت، لكنها لا تستطيع أن تمنح البيت حنان الأم. حدثني أحد المشايخ الثقات فقال: لي قريبة تدرس في إحدى المدارس، فلما أرادت أن تخرج إلى المدرسة كعادتها لحق بها طفلها الصغير وهو يناديها، فالتفتت إليه وقالت: ماذا تريد؟ فقال: أين تذهبين عني كل يوم؟ فقالت: للمدرسة. فقال: ولماذا؟ قالت:حتى آتي لك بالمال تشتري به ألعاب وحلوى -وكأنها تريد أن تخفف عنه لوعة الفراق-، فلما جاء يوم وأرادت الخروج كعادتها لحق بها ينادي وهو يمد يده قد قبض بكفه على ريال وهو يقول: خُذِي يا أُمَّاه واجلسي معي في البيت!.

عليكِ بخدمة الزوج والقيام معه بالطاعة، ورعاية أولاده، وحفظ ماله ومتاعه؛ فإن لك بذلك عظيم الأجر، وجزيل العطاء، ففي الحديث عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: " أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راضٍ دخلت الجنة " رواه الترمذي وقال حديث حسن. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " إذا صلت المرأة خمسها، وصامت فرضها، وحصنت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي من أي أبواب الجنة شئت" رواه الخمسة وصححه الألباني.

وروى الطبراني في معجمه، وصححه الألباني، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ألا أخبركم بنسائكم في الجنة؟"، يعني من نساء الدنيا، قلنا: بلى يا رسول الله! قال: "الولود الودود، التي إذا غضبت أو أسيء إليها أو غضب زوجها قالت: هذه يدي في يدك، لا أكتحل بغمضٍ حتَّى ترضى".

ولعلك سمعت بخبر وافدة النساء التي جاءت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- تسأل لكن، تلك هي أسماء بنت يزيد بن السكن، قالت للنبي -صلى الله عليه وسلم-: إني رسول مَن ورائي من جماعة نساء المسلمين، كلهن يقلن بقولي وعلى مثل رأي، إن الله تعالى بعثك إلى الرجال والنساء، فآمنَّا بك وأتبعناك، ونحن -معاشرَ النساء- مقصورات مخدّرات قواعد بيوت، وإن الرجال فُضلوا بالجماعات وشهود الجنائز والجهاد، وإذا خرجوا للجهاد حفظنا لهم أموالهم، وربينا لهم أولادهم، أنُشاركُهم في الأجر يا رسول الله؟.

فالتفت النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى أصحابه فقال: "هل سمعتم مقالة امرأة أحسن سؤالاً عن دينها؟" فقالوا: بلى يا رسول الله. فقال -صلى الله عليه وسلم-: "انصرفي يا أسماء، وأعْلِمِي مَن وراءك من النساء أنَّ حسنَ تبعُّل إحداكن لزوجها، وطلبها مرضاته، وإتباعها لموافقته، يعدل كل ما ذكرت للرجال" أخرجه احمد والدرامي والطيالسي وصححه الألباني.

أما لك أسوة حسنة في عباسة بنت الفضل زوجة الإمام أحمد؟ ؟ فقد قال -رحمه الله-: أقمت مع (أم صالح) ثلاثين سنة، فما اختلفت أنا وهي في كلمة!.

احذري الخضوع في مخاطبة الرجال, ومخالطتهم وإبداء الزينة لهم, ابتعدي عن ذلك في أماكن العبادة كمكة، وفي الأعياد والجمع، فضلاً عن الأسواق والحدائق العامة، عن أبي أسيد الأنصاري -رضي الله عنه- أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو خارج من المسجد فاختلط رجال مع نساء في الطريق، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "يا معشر النساء! استأخرن، فإنه ليس لكنَّ أن تحققن الطريق، عليكنّ بحافات الطريق"، قال أبو أسيد: فقد رأيت المرأة تلتصق بالجدار، حتى إن ثوبها يعلق بالجدار من شدة لصوقها به.

احذري مشابهة الكافرات والماجنات بحجة متابعة الموضة، فـ "من تشبه بقوم فهو منهم"، وفي الحديث الصحيح: "صنفان من أمتي لم أرهما قط"، وذكر منهن: "نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها".

حافظي على عفافك وحجابك وحيائك، (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً) [الأحزاب:59]، وفي الحديث عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "أيما امرأة نزعت ثيابها في غير بيتها خرق الله -عز وجل- عنها ستره" صححه الألباني.

احذري دعوات التغريب، وسهام التضليل التي يقذف بها الأعداء، احذري تمييع الحجاب, فالحجاب عبادة وليس عادة, الحجاب ستر وليس زينة، ليست العباءة الضيقة ولا الشفافة ولا مطرزة الأكمام حجاباً شرعياً، (بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) [الزمر:49].

أيتها المرأة المسلمة في هذا البلاد: لقد صمدتِ كثيراً، ودافعتِ التغريب طويلاً, فأنت آخر حصن لم يسقط بعدُ، ولن يسقط بإذن الله، لقد ضاق العلمانيون المنافقون بك ذرعاً فصاروا يحيكون المؤامرات لك ليلاً ونهاراً، فصموداً وصبراً وثباتاً واستعلاءً على كيد الشيطان وحزبه، (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفَاً) [النساء:76]، (وَإِنْ تَصْبِروا وَتَتَّقوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً) [آل عمران:120].

أيتها المسلمة: الله لحكمته جعل القوامة بيد الرجل، (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ) [النساء:34]، فكان ذلك تكليفاً له بهذه الأمانة, من أجل رعاية البيت وحمايته وحفظه، وإن التمرد على القوامة والنشوز دون حق شرعي يعتبر من أعظم الذنوب التي يعاقب الله عليها، ففي الصحيحين، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح".

عليك أيها الزوج أن تعلم أن رباط الزوجية رباط وثيق، فهو رباط مصاحبة لا ينقطع بالمـوت، (وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ) [عبس:36]، إنه عقد صحبة لا عقد رِق، وفي الحديث عنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "كل نفس من بني آدم سيد، فالرجل سيد أهله، والمرأة سيدة بيتها" رواه ابن السني وصححه الألباني.

فالواجب احترام سيادة المرأة في البيت، وأن لا تسقط، خاصة عند أولادها، وحين يدوس الزوج كرامة المرأة وتفعل المرأة كذلك فهو أذان بسقوط البيت، وتقويض خيامه، وذهاب قيمته التربوية، ودوره المرتقب.

لابد أن يبنى البيت على المودة والرحمة: (وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً) [الروم:21]، وعلى العفو والصفح بين كل من الطرفين، (وَإِنْ تَعْفُو وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [التغابن:14]، وحين يرى أحد الطرفين من الآخر ما يسوؤه فليتذكر محاسنه، وجوانب الكمال فيه، فقد صح عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا يفرك مؤمناً مؤمنة، إن كره منها خلقاً رضي منها آخَر" رواه مسلم.

تَسَامَحْ ولا تسْتَوفِ حقَّكَ كُلَّهُ وَأَبْقِ فَلَمْ يَسْتَوفِ قَطُّ كَرِيمُ

أيها الرجال: إن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه، فيها الغيرة والعاطفة والليونة، وكل ذلك أمر طبعي، ودلالة كمال فيها، فاستقامة المنجل في اعوجاجه، (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى) [آل عمران:36].

وأنت تعيش العيد لا تنسى أن تعيشه بروح الجسد الواحد فتذكر إخوانك في فلسطين وما يلاقونه من شرذمة اليهود الغاصبين، وفي أفغانستان والشيشان، وكيف تكالبت عليهم قوى الكفر والطغيان، وفي كشمير والفلبين والعراق.

عليك بكثرة الدعاء لهم، واجعل من موسم العيد إعادةً لقضيتهم، ونشراً لصحيح أخبارهم، وتذكر أنهم يعيشون العيد تحت قذائف الطائرات، ودوي الدبابات،كان الله لهم في العون، وربط على قلوبهم، وثبت أقدامهم.

الله أكبر، أن نصر هذه الأمة قد انعقد غمامه، وقد أقبلت أيامه، فأحسنوا الظن بربكم، واجمعوا مع الأمل حسن العمل، واعلموا أن الشدائد التي تمر بها الأمة هي أمارات ميلاد جديد بإذن الله، (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرَا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرَاً) [الشرح:5-6].

لا تقولوا: زَرَعَ الزارعُ والباغِي حَصَدْ
ذهب الأقصى وضاعت قدسُنا منّا وحيفانا ويافا وصَفَدْ
لا تقولوا: حارس الثَّغْر رَقَدْ
أنا لا أُنكر أنَّ البَغْيَ في الدُّنيا ظَهَرْ
والضَّميرَ الحيَّ في دوَّامة العصر انْصَهَرْ
أنا لا أُنكر أنَّ الوهمَ في عالمنا المسكون بالوهم انتشرْ
غيرَ أنَّي لم أزلْ أحلف بالله الأحَدْ
أنَّ نَصْرَ اللَّهِ آتٍ، وعدوَّ اللهِ لن يلقى من الله سَنَدْ
لن ينال المعتدي ما يبتغي في القدسِ ما دام لنا فيها وَلَدْ

الله أكبر، الكل ينشد الأمن، والكل يحتاج إليه؛ إذا فالكل مطالب بتحقيقه والحفاظ عليه.

لا بأس أن يهنئ بعضكم بعضاً في العيد لورود ذلك عن الصحابة -رضي الله عنهم-، وكان من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- مخالفة الطريق في العيد، فعودوا من غير الطريق التي قدمتم فيها اقتداء بنبيكم محمد -صلى الله عليه وسلم-، (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرَاً) [الأحزاب:21].