التواب
التوبةُ هي الرجوع عن الذَّنب، و(التَّوَّاب) اسمٌ من أسماء الله...
العربية
المؤلف | عبد العزيز بن عبد الله السويدان |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك - التاريخ وتقويم البلدان |
إنَّ الأحداث تكشف معادن الرجال، فمن الناس من يقول الخير، ويُثني على الإنصافِ والأمانةِ والرزقِ الحلال، ويعتبر المال فتنة يجب الحذر منها، هذا حالُهُ، وذلك منطقه في المرحلة النظرية؛ فإذا ابتلاه الله بالمال بطر وتجبر، وشال بأنفه واستكبر، فلا يحركه إلا المال، ولا يوجه أخلاقه إلى اليمين ولا الشمال إلا المال، ولا يحدد أي شيء في حياته إلا المال ..
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضْلِلْ فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
إنَّ مِن ضرورات الإفادة من الحياة الانتفاعَ من أحداثها؛ فإن العاقل من طبعه التأمل في مجريات الحياة، ومن طبعه اكتساب الخبرة والمعرفة، وتلقي الدروس النافعة مما يجري حوله.
ومن الفوائد الواقعية التعرُّفُ على مدى ثبات الناس على مواقفهم، وكيف تُبْتَلَى قِيَمُ الرجال، وتبتلى أخلاقهم في السراء والضراء، وحين النصر وحين الهزيمة، وفي حال الضعف والمسكنة وفي حال القوة والسلطة.
وهي سنة الله تعالى في خلقه، حيث قال -جل وعلا-: (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) [الأنبياء:35]، وقال -سبحانه وتعالى-: (وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [الأعراف:168].
فمن الناس مَن يُرى في طبيعته وأمره العادي منضبط في أخلاقه؛ بل وفي دينه، فإذا ما سيطر وتمكن أدبر واستكبر! وآخر يعرف بعدالته ودماثة أخلاقة، فإذا ما دخل السوق وثَرِيَ وتعامل بالدينار والدرهم بلغ في الحرام، واستهتر بالأحكام، وظلم وكذب في سبيل المال.
فالأيام تكشف معادن الرجال، وكما قيل:
كُلُّ امرئٍ صائرٌ يوماً لشيمَتِهِ | وَإِنْ تَخَلَّقَ أَخْلَاقَاً إِلى حِينِ |
ومن الدروس التي مرت بنا -وما زالت تمر أمامنا اليوم- في ظل ما يجري في عالمنا العربي من أحداث جسيمة بيان معادن الرجال إذا حمي الوطيس، ووقف الجميع على المحك، فليس من الصحة اليوم وجود عشرات المجالس العسكرية في بلد ما وتسلطها على آراء مختلفة، وعدم التسليم لقيادة واحدة، والبقاء في تشرذم يشمت به العدو، وحالهم كما قيل:
وتفرَّقوا شِيَعَاً فكُلُّ مدينةٍ | فيها أميرُ المؤمنين ومنبرُ |
ومهما كان السبب؛ فإن المصلحة الكبرى تقتضي التنازل عن بعض القناعات ما دامت لا تتعارض مع الدين، أما التعنت والاستحواذ والتبرير بأنهم هم الذين جاهدوا وضحوا بأنفسهم؛ فلماذا يذهب بالمنصب والسلطان غيرهم ممن لم ينله شيء من المشقة والخطر؟
حتى لو كانت هي القيادة ذاتها التي اجتمعوا عليها ببداية كفاحهم فهذا التعنت دليل على الضعف لا القوة؛ بل هو دليل على حب الدنيا والمصالح الشخصية على الإيثار والاحتساب، فالنفوس تبتلى هاهنا، والمعادن تظهر هاهنا، فهل نعتبر.
ولما تمكن -صلى الله عليه وسلم- ممن تآمروا على قتله واضطهدوه وطاردوه حتى أخرجوه من بلده، لما تمكن منهم في مكة لم ينتقم، بل نظر إلى المصلحة الكبرى فاحتسب وعفا عنهم، فكان لذلك العفو أكبر الأثر عليهم وعلى الناس من بعدهم على مدى التاريخ، وسجل له التاريخ موقف العفو عند المقدرة، وتقديم مصلحة الإسلام على أي غرض شخصي، إنه الثبات على المبدأ عند المحك.
إن من أهم ما يميز رعيل الإسلام الأول ومن تبعهم بإحسان الإخلاص، وعدم الحرص على الرياسة، والتجرد لدين الله تعالى في أصعب المواقف، فقد انضوى أبوبكر وعمر تحت قيادة أبي عبيدة في غزوة ذات السَّلاسِل وهما خير منه، بل والتحقوا جميعا بجيش عمرو بن العاص وثلاثتهم خير من عمرو، وأُمِّر أسامة بن زيد على جيش فيه أبوبكر وعمر وغيرهما من كبار الصحابة فاستجابوا؛ طاعة للنبي -صلى الله عليه وسلم-، وحرصا على اجتماع أمة الإسلام.
لقد خلت قلوب أولئك القوم من حب السلطة والرياسة، خالد بن الوليد -رضي الله عنه- قائد فذ ما هزم له جيش لا في الجاهلية ولا في الإسلام، ومع ذلك؛ لما أمره عمر بن الخطاب أمير المؤمنين أن ينعزل عن قيادة جيش الشام استجاب بلا تردد، ورضي أن يعود جنديا من جنود الإسلام، وقال: إني لا أقاتل من أجل عمر، ولكنى أقاتل من أجل رب عمر.
ولما عزل -رضي الله عنه- المثنى بن حارثة عن قيادة الجيش في العراق سمع وأطاع بكل هدوء وعاد في صفوف المجاهدين، وقال عمر -رضي الله عنه-: إني لم أعزل خالدا عن سخطة ولا خيانة، ولكن الناس فُتِنوا به فأحببتُ أن الله هو الصانع، إنما عزلتهما ليعلم الناس أن الله تعالى نصر الدين لا بنصرهما، وأن القوة لله جميعاً.
الشاهد: لما جاءهما الأمر، لماذا لم يتثبت هذان بالسلطة وهي بين أيديهما، والجلوس في أمرتهما؟ لماذا لم ينتهزا الفرصة؟ الجواب: لأن حظ النفس غائب عن أولئك القوم، والتجرد وحب الدين حاضر في قلوبهم، إنهم لا يريدون دنيا ولا جاهاً ولا سلطاناً، إنهم يريدون رضوان ربهم فحسب، رضي الله عنهم أجمعين.
إنهم تربية محمد -صلى الله عليه وسلم-، لقد استمعوا إليه وأنصتوا وهو يقول: "طوبى لعبد آخذٍ بعنان فرسه في سبيل الله، أشعث رأسه، مغبرة قدماه، إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة"، طوبى له!.
هذا الكلام الشريف لم يضعوه على الرف؛ بل أجْلوه وطبقوه، هذا الكلام لم يغب عنهم بعد موته -صلى الله عليه وسلم-، ولم يحيدوا عنه في أي حال، في الضعف والقوة، في الفقر والغنى، في السراء والضراء، مهما طال الزمان وتبدل الحال أخلاقهم واحدة، وقيمهم واحدة لا يتنازلون عنها، ولا يبدلونها، فكانوا شامة بين الخلائق، وكانوا رجال الإسلام بحق.
أيها الإخوة: إن الاستفادة من الدروس النافعة التي تقدمها لنا الحياة لا تقف عند حد المعرفة واستئناس الرواية؛ بل ينبغي ان تقودنا تلك الدروس إلى الاعتبار والتأمل، ثم النظر في خاصة نفوسنا، والتعرف عليها، والتأكد من ثباتها على قيم الإسلام، وبالأخص عند المحك، ومِن ثَم العمل على تحصين أنفسنا من الردة الأخلاقية ساعة الابتلاء، والحذر من السقوط في ذلك المنزلق تحت أي ظرف من الظروف.
ولابد ثم لابد أن نصحب دعاء الله لأنفسنا بالثبات على الحق، هكذا يستفاد من دروس الحياة، ألا تجعلنا الدنيا بكل إغراءاتها نتنازل عن شيء من ديننا أو قيمنا او فضائل أخلاقنا، وألا نقف يوماً ما في شدة أو رخاء أو فقر أو ثراء أو مسكنة وقوة وسيطرة، ألا نقف موقفاً يُنافي ما تعلمناه ولمسناه من أخلاق نبينا -صلى الله عليه وسلم-، ونسعى للخمول لا للشهرة، لا نتطلع للشهرة، وإن قدر لنا أن نبتلى بذلك فنجتهد -قدر الطاقة- أن نصلح النية، ونحتسب، ونصبر في سبيل الله.
يقول سليمان المروزي: كنا في سرية مع عبد الله بن المبارك في بلاد الروم، فصادفنا العدو، فلما التقى الصفان خرج رجل صنديد من صناديد العدو، فدعى إلى البراز، فخرج إليه رجل من المسلمين، فقتله الرومي، ثم آخر، فقتله، ثم آخر، فقتله.
ثم دعا إلى البراز مختالا مفتخرا، فخرج إليه رجل من المسلمين، فطارده المسلم ساعة فطعنه فقتله، فانزحم عليه المسلمون، فكنت أنا فيمن ازدحم عليه وهو يُلَثِّمُ وجهه بكمه لا يريد أن يعرف، فأخذت بطرف كمه فمددته فإذا هو عبد الله بن المبارك، فقال: وأنت يا أبا عمرو ممن يُشَنِّعُ علينا؟!. هذا محك كشف عبد الله بن المبارك فيه عن أربع خصال: الشجاعة، والحنكة، والإخلاص، والزهد في الشهرة.
حاصر مسلمة بن عبد الملك حصناً فأصابهم فيه جهد عظيم، فندب الناس إلى نقب منه كي يدخل فيه أحد ثم يفتح لهم باب الحصن فما دخله أحد، فجاء رجل من الجند مجهول لا يُعرف فدخل، ففتح الله عليهم، فنادى مسلمة: أين صاحب النقد؟ فما وجد احداً، حتى نادى مرتين أو ثلاثة أو أربعاً ولا ردّ.
فعزم عليه في الرابعة وأمره أمراً أن يجيبه: أقسمت عليك يا صاحب النقب، فجاء في الرابعة رجل فقال: أيها الأمير: إن صاحب النقد يأخذ عليكم العهود والمواثيق على ثلاثة أمور: ألا تسوّد اسمه في صحيفة إلى الخليفة، وألا تأمر له بشيء، وألا تسألوه مَن هو.
قال: فقال مسلمة فذاك له، فقال: أنا صاحب النقب، ثم غاب بعد ذلك فلم يره، فكان مسلمة لا يصلي بعده صلاة إلا قال: اللهم اجعلنا مع صاحب النقب.
إن من أخلاق الإسلام البارزة التجرد من حظوظ النفس، والصدق، وابتغاء وجه الله تعالى في كل موقف، في الغضب والرضا، في الشدة والرخاء، نحن نطمع في قيم وأخلاق إسلامية ثابتة في شتى الظروف.
إن التدين ليس بالصلاة فقط، ولا بالمظهر فقط؛ بل التدين بالتزام أخلاق الإسلام أيضا، وعبادةُ حسنِ الخلقِ غائبةٌ عن كثير من الناس، التقرب إلى الله تعالى بحسن الخلق لا يحسنه إلا مَن يعرف قيمة حسن الخلق عند الله تعالى.
أخرج العراقي بسند صحيح عن أنس -رضي الله عنه- قال، قال -صلى الله عليه وسلم-: "إن العبدَ ليبلغ بحسن خلقه عظيمَ درجات الآخرةِ، وشرف المنازل".
وفي سنن أبي داود بإسناد صحيح عن أم المؤمنين عائشة، يقول -صلى الله عليه وسلم-: "إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم".
وعند الطبراني والبزار بإسناد جيد عن أنس -رضي الله عنه- قال: لقي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبا ذر، فقال: "يا أبا ذر، ألا أدلك على خصلتين هما اخف على الظهر، وأثقل في الميزان من غيرهما؟" قال بلى يارسول الله، قال: "عليك بحسن الخلق، وطول الصمت، فوالذي نفسي بيده ما عمل الخلائق بمثلهما!".
معاشر الإخوة: إن الأحداث تكشف معادن الرجال، من الناس من يقول الخير ويثني على الإنصاف والأمانة والرزق الحلال، ويعتبر المال فتنة يجب الحذر منها، هذا حالُهُ، وذلك منطقه في المرحلة النظرية؛ فإذا ابتلاه الله بالمال بطر وتجبر، وشال بأنفه واستكبر، فلا يحركه إلا المال، ولا يوجه أخلاقه إلى اليمين ولا الشمال إلا المال، ولا يحدد أي شيء في حياته إلا المال، فيستهين بالربا، ويستهين بالغرر والجهالة في البيع والشراء، ولا يسأل أهل الذكر عن الأحكام إذا دخل في صفقة أو مساهمة، فيفتي لنفسه وهو جاهل بأحكام البيوع!.
لقد أعماه حب المال عن ضرورة التحري، فلا يريد أن يفتح عليه باباً يمنعه من الكسب، ولا يدري أن خسارة الدين لا يعدلها خسران، وأن النار أولى بجسد نبت من مال حرام.
ومن العجيب ألا يؤثر هذا في بقية شأنه! فقد يأتي للصلاة في المسجد، ويحضر صلاة الجمعة، وقد يعتمر ويحج، بل قد يصوم النفل، لكن عبادته هذه في وادٍ، وأخلاقه مع الله ومع الناس في وادٍ آخر، فلم يصمد أمام فتنة المال، وبان معدنه عندما تبدل الحال.
أسأل الله لي ولكم الثبات على الحق...
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من سار على نهجه واستن بسنته إلى يوم الدين.
أما بعد: فالأحداث تكشف المعادن، ومن المحزن أن ترى من يعد من قيادات الأحزاب التي تصنف بأنها إسلامية المنطلق، لما فاز في الانتخابات وآلت له السلطة في بلده تراه يتنازل في ظل فتنة الجاه والسلطان عن بعض مسلَّمات الإسلام؛ إرضاء للغرب، وللفئة العلمانية المؤثرة من عِلْيَةِ القوم في بلده.
فأحدهم يقول خلال زيارته للولايات المتحدةِ إن الإسلام في بلادهم معتدل، وشدد أنه مع حرية تغيير العقيدة والدين في بلاده، يعني يشرع الردة، وقال إن الدستور الجديد لن يتضمن أي مواد تَدِينُ إسرائيل! شكرا.
والآخر لما فاز حزبه الإسلامي بالأغلبية بدأ يقدم التنازلات، ويبشر بإسلام معتدل، وأنه لا يُلزم بناته بارتداء الحجاب، ويهوى الموسيقى المعتدلة والجميلة فقط، ولو كانت أمه بعمره لأصبحت أمينة الحزب، وقال: الدولة الدينية انتهت من زمان ولن يكون لها وجود!.
أهكذا يُصبح حال من يزعم انتماءً للتوجه الإسلامي والمنهج الإسلامي، ماذا أبقى لغيره؟! ألم يكن في البال عبارات دبلوماسية -سمها ما شئت- يقولها هؤلاء تبعد عنهم الحرج، وفي نفس الوقت تبقى لهم صلة بقيم الإسلام؟ أليس قيام الدولة في الإسلام إنما هو لإعلاء كلمة الله، وإقامة أحكامه وشرعه؟! فلا بارك الله في جاهٍ أو سلطانٍ يُذْهِب الدين! ولا بارك الله في رياسة تذهب بالقيم والأخلاق!.
أيها الإخوة: ينبغي أن نعي أثر متغيرات الحياة على النفوس، وألا نستعجل في إطلاق الأحكام، لا مدحا ولا ذما، فالأيام تسفر عما لم يخطر ببال، ولكننا نتفاءل على الدوام، وندعو الله الخيرة لنا ولإخواننا في كل مكان.
اللهم أعْلِ راية الموحِّدين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، اللهمَّ أصْلِحْ حال إخواننا في الشام وفي فلسطين وفي مصر وليبيا واليمن وفي كل مكان.