البحث

عبارات مقترحة:

المحسن

كلمة (المحسن) في اللغة اسم فاعل من الإحسان، وهو إما بمعنى إحسان...

الوهاب

كلمة (الوهاب) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) مشتق من الفعل...

المتكبر

كلمة (المتكبر) في اللغة اسم فاعل من الفعل (تكبَّرَ يتكبَّرُ) وهو...

لا للبطالة.. نعم للعمل

العربية

المؤلف ناصر العلي الغامدي
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات نوازل الأحوال الشخصية وقضايا المرأة
عناصر الخطبة
  1. حث الإسلام على العمل وعمارة الأرض .
  2. تنويه القرآن الكريم بالأعمال الحرفية .
  3. امتهان النبي الكريم والأنبياء والسلف الصالح الحرف .
  4. الآثار السالبة للبطالة .
  5. تأملات في النظرة الدونية الخاطئة للحرف .
  6. القوة الاقتصادية المبنية على الحرف سلاح الدول الكبرى الاستراتيجي .
  7. عِبَرٌ مِن قصص الناجحين .
  8. دعوة للشباب لتصحيح المسار .

اقتباس

القوة الاقتصادية المالية لا شك أنها في الوقت الراهن سلاحٌ استراتيجيٌّ تحرص الدول الكبرى على امتلاك زمامه، والاقتصاد والمال يقوم على كافة الأعمال والمهن بما في ذلك الزراعة والصناعة، إذا لم يزرع المسلمون ظلَّت الدولةُ المسلمة تحت تهديد الدول الزراعية تملك تجويعها وتركيعها بسلاح القمح، وإذا لم يصنع المسلمون تخلَّفوا عن ركب التقدُّم والتفوُّق، وظلوا تحت رهن وابتزاز الدول الصناعية ..

أيها الإخوة المسلمون: لقد امتنَّ الله تعالى على عباده بجعله النهارَ لهم ضياءً يبتغون فيه من فضله: (وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا) [النبأ:11]، وامتنَّ بجعله الأرض ميدانًا لهذا الكسب والمعاش، قال تعالى: (وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ) [الأعراف:10].

وقال: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) [الملك:15]، وقال الله تعالى: (وَآيَةٌ لَهُمْ الأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ * وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنْ الْعُيُونِ * لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ) [يس:33-35]، لماذا هيأ الله الأرضَ؟ قال: لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ، إنه تنبيهٌ لشرف عمل اليد.

فبالعمل يؤدي الإنسان مَهمَّةَ الإعمارِ في الأرض، قال تعالى: (هُوَ أَنشَأَكُمْ مِنْ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا) [هود:61]، قال ابن كثيرٍ: أي جعلكم عُمَّارًا تعمرونها وتستغلونها.

وقال -صلى الله عليه وسلم-: "إنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَفِي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ؛ فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا تَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا، فلْيَغْرِسْها" رواه أحمد وهو صحيح؛ في هذا الحديث تقديس للعمل، وأنه لا ينقطع العمل في إعمار الأرض حتى حين تنقطع الحياة كلها.

رأى شابٌّ شيخًا هَرِمًا يغرس شجرةً، فقال له: يا شيخ، لِمَ تغرس شجرًا قد لا تدرك ثمرتها إلا بعد سنين؟ فردَّ عليه الشيخ: يا هذا، غرَس مَن قبلنا فأكلنا، ونحن نغرس ليأكل من بعدنا.

عباد الله: إن دين الإسلام حَثَّ على العمل، ونوَّه القرآن بأعمالٍ كثيرةٍ في الصناعة والزراعة والتجارة وغيرها؛ فقال عن صناعة الحديد: (وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ) [الحديد:25].

وقال في الحدادة: (آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا) [الكهف:96].

ونوَّه بصناعة التعدين حيث قال: (وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ) [سبأ:12]، أي النحاس المذاب المستعمل في صنع الجفان والقدور.

وفي صناعة الكساء والجلود قال تعالى: (وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إلَى حِينٍ) [النحل:80].

وقال في بناء المساكن: (وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا) [الأعراف:74].

وفي صناعة السفن قال: (وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالأَعْلامِ) [الرحمن:24]، وقال في الصيد: (لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِّنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ) [المائدة:94]، وقال: (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ) [المائدة:96].

وفي الفلاحة والزراعة قال: (أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ * أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ) [الواقعة:63-64].

وفي البيع والتجارة قال: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا)[البقرة:275]، وقال: (إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةَ تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ) [البقرة:282].

والإشارات في كتاب الله كثيرة على هذه الأعمال المتنوعة.

أيها الإخوة المسلمون: إنَّ الأنبياء -عليهم السلام- مع عُلُوِّ درجتهم ونبْل مكانتهم، كانوا يمتهنون حِرَفًا وأعمالاً، فنوحٌ -عليه السلام- احترف صناعة السفن: (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا) [هود:37].

وداود -عليه السلام- كان خليفةً في الأرض، ومع هذا كان حدَّادًا يصنع الدروع، قال تعالى(وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ)[الأنبياء:80]، وقال: (وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ * أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ) [سبأ:10-11].

وقال -صلى الله عليه وسلم-: "مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ، خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ، كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ" رواه البخاري.

وقال -صلى الله عليه وسلم-: "كَانَ زَكرِيّا -عليه السلام- نَجَّارًا" رواه مسلم؛ قال الشيخ العثيمين: وهذا يدل على أن العمل والمهنة ليست نقصًا؛ لأن الأنبياء -عليهم السلام- كانوا يمارسونها.

وموسى -عليه السلام- عمل أجيرًا راعيَ غنمٍ عشر حجج، فنكح ابنة الرجل الصالح في مدين.

ونبينا محمد-صلى الله عليه وسلم- خير الأنبياء رعى الغنم في صباه، وتاجر بمال خديجة -رضي الله عنها- في شبابه، قال -صلى الله عليه وسلم-: "مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا رَعَى الغَنَمَ". فَقَالَ أَصْحَابُهُ: وَأَنْتَ؟ فَقَالَ: "نَعَمْ، كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لِأَهْلِ مَكَّةَ" رواه البخاري.

قال ابن القيم -رحمه الله- إن النبي-صلى الله عليه وسلم- باع واشترى، وآجر واستأجر، وضارب وتوكل، ووهب واستوهب، واستدان واستعار، وضمن عامًّا وخاصًّا، ووقف وشفع، ولم يعتب ولم يغضب، وحلف واستحلف، ومازح وورَّى ولم يقل إلا حقًّا، وهو الأسوة والقدوة-صلى الله عليه وسلم-.

وهكذا الصحابة- رضي الله عنهم-، عملوا من كسب أيديهم، منهم الراعي والكاتب والخادم والتاجر والخياط والحلاق والنبَّال والسقَّاء والفلاّح وغيرها كثير.

وكان علماء المسلمين يعملون بأيديهم، رغم أنهم قادة وأساتذة وأدباء، لا يجدون غضاضة في ذلك.

وشهرت أسماؤهم بأسماء مهنهم وحرفهم، فمنهم: الخشَّاب والحدَّاد والصوَّاف والخصَّاف (خصف النعل) والعلَّاف (العلف) والقطَّان (القطن) والطحَّان (يطحن) والبقَّال والبصَّال (بصل) والقفَّال (يصنع القُفْل) والجمَّال (جمل) والنجَّار والبنَّاء والجصَّاص (الجِصّ)، والغَزَّالي (صناعة الغَزْل) والإسْكَافي (يصلح الأحذية) والآجُرِّي (صناعة الآجُرِّ) والقُدُوْرِي (صناعة وبيع القُدُور) والبَاقِلَّاني (بيع الباقلاء)، والمَاوَرْدِي (صنع وبيع ماء الورد).

أيها الإخوة المسلمون: لا للبطالة ونعم للعمل.

لا للبطالةِ؛ لأن البطالةَ تزيد من الجريمة، وتقضي على الطموح؛ لأنَّ بالبطالة يوجدُ بها جيلٌ هزيلٌ، متخاذلٌ متواكلٌ يستمرئُ الذلَّ والهوان؛ لأنَّ بالبطالة يتَوَلَّدُ منها شعورٌ بالحقد والضغينة على الدولة والمجتمع، وإساءة الظن بالأقارب والأصدقاء والشكوى والتلوم عليهم.

إذا المرْءُ لم يَطْلُبْ مَعَاشَاً لنفسِهِ

شكا الفقرَ أوْ لامَ الصَّديقَ فأكْثَرا
وصار على الأَدْنين كَّلَّاً وأوْشَكَتْ صلات ذوي القربى له أن تُنْكَّرا

ونعَم للعمل؛ لأن الإسلام احترم العمل، وفَضَّله مهما كان حقيرًا أو دنيئًا في أعينِ الناس على المسألة والاستجداء، فالمسألةَ أدنى الدناءات.

قال بَعْضُ السَّلَفِ: "كَسْبٌ فِيهِ دَنَاءَةٌ خَيْرٌ مِنْ مَسْأَلَةِ النَّاسِ"

يقـول الناس: كَسْبٌ فيه عارٌ *** فقلتُ: العارُ في ذُلِّ السؤال
لَحَمْلُ الصخر مِن قمم الجبال أحبُّ إليَّ من مِنَنِ الرجـالِ

لماذا يا ناس تظلُّ نظراتُنا دونيَّةً ازدرائيةً نحو الحِرَفِ اليدويةِ؟! سبحان الله العظيم! إن من الخطأ القبيح ما يتصوره بعض الناس أن المهن الحرفية من المهن الدنيئة المنحطة التي لا تليق بالرجل الكريم، العمل المباح شَرَفٌ لصاحبه لا يُزرى به؛ بل يكرمه ويعلي مكانته عند الله تعالى ثم في أعين الناس، كيف؛ وهذه المهن من فروض الكفاية على المسلمين؟.

يا جماعة! هذا الإنسان الجليل الذي يعمل في رفع القمامة ويميط الأذى، ويكنس الطريق، هل يصحُّ أن يُقال عنه: إنه إنسان ممتهن وضيع؟ لو أضرب عُمَّال النظافة عن العمل، كيف ستغدو شوارعنا؟ وكم سنشعر بأهمية هذه المهنة الشريفة على مجتمعنا.

لو أن صنابير المياه اختلَّتْ، أو الأدوات الكهربائية المنزلية تعطَّلتْ، أو الأبواب والشبابيك والأقفال عَطَبتْ، مَن ذا سيصلحها؟ إنْ لم يكنْ إنسانًا حرفيًّا يستنفع لنفسه وينفع الآخرين؟ نحن الآن نصلِّي في هذا الجامع المبارك، فمن الذي بنى أركانه، ودهن جدرانه، ونَجَر أبوابه، وركَّب أنواره، أليسو حِرَفيِّين؟!.

دعني يا أخي أسائلك عن هذا الخبز أو التميس الذي تتمتَّعُ بأكله، وتَحْمَدُ اللهَ على هذه النعمة، ربما تهكَّمْتَ على صانع الخبر أن مهنته وضيعة. أتدري يا هذا، كم من أصحاب الحرف والمهن اشتركوا في صناعة الرغيف؟ فلاحٌ بَذَر، وآلةٌ حَصَدتْ، ومَصْنعٌ طَحَن، وسيارةٌ نقلتْ، ومستودعٌ خزَّن، وعجَّانٌ عَجَن، وفرَّانٌ خَبَز؛ أليس هؤلاء شرفاءَ عملوا من كسب أيديهم، وقدَّموا لك خبزًا طَازَجًا شهيًّا، لو غاب عنك فترة أو غلا سعره لقامتْ ثورة الخبز المعروفةُ بين الشعوب؟.

إذن -أيها الإخوة- قضية هناك مهنٌ فَوْقِيةٌ، مهنٌ تحتية، هذا ليس في ديننا، في الإسلام عمل حلال وعمل حرام.

العمل الحلال شريف ولو كانتْ حرفةً مهنيةً طالما يكسب منه المسلم قوتَه الحلال، والعمل الحرام دنيء وضيع ولو كان العاملُ وزيرًا أو أميرًا أو طبيبًا أو لواءً أو مديرًا طالما يقتات بالرشوة ونهب المال العام.

وهناك مهنٌ محظورة في الشريعة كالسحر والكهانة والنياحة والبغاء والأعمال التي فيها غش واحتكار وربا وقمار وأكل أموال الناس بالباطل، وما عدا ذلك فحلالٌ زُلالٌ.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم...

الخطبة الثانية:

أيها الإخوة المسلمون: القوة الاقتصادية المالية لا شك أنها في الوقت الراهن سلاحٌ استراتيجيٌّ تحرص الدول الكبرى على امتلاك زمامه، والاقتصاد والمال يقوم على كافة الأعمال والمهن بما في ذلك الزراعة والصناعة، إذا لم يزرع المسلمون ظلَّت الدولةُ المسلمة تحت تهديد الدول الزراعية تملك تجويعها وتركيعها بسلاح القمح، وإذا لم يصنع المسلمون تخلَّفوا عن ركب التقدُّم والتفوُّق، وظلوا تحت رهن وابتزاز الدول الصناعية.

إن الدولة التي تستثمر طاقات شبابها وتوظفها في استغلال مقدراتها الزراعية والصناعية، هي دولةٌ تملك عزتها وحريتها وقرارها وأمنها واستقرارها.

أيها الشباب: أقول لكل من لم يستطع تحقيقَ حُلْمِه الآن: لا تيأسْ، وراجعْ نفسَك، وأعِدْ حساباتِك، وابدأْ عملَك ومشروعَك بجدٍّ وحيوية ونشاطٍ، وضعْ الإصرارَ أمام عينيك، وثِق بربِّك، وتوكَّلْ على مولاك، وسوف تحقق آمالك بحول الله وقوته.

ولك في قصص الناجحين عبرةٌ، دولةٌ ازدهر اقتصادُها بسبب صناعة وبيع لعب أطفال، وأخرى انتعش سوقُها بسبب جوالات، ورجلٌ صار وزيرًا بعد أن بدأ حياته صبيًّا يصنع القهوة ويبيعها(كوفي بوي)، ومطعمٌ عالميٌّ عابرٌ للقارات بسبب خلطةٍ سِرِّية، ومشروبٌ عالميٌّ يعمل في مصانعه أكثرُ من نصف مليونِ شخصٍ كانت بدايته صنع خلطة نكهة فواكه بماء الصودا، وهكذا.

عباد الله: إنَّ العملَ باليدِ وَالتَّعَبَ وَالنَّصَبَ لتحصِيلِ الرِّزقِ عِبَادَةٌ يُؤجَرُ عليها صاحِبُها، مَرَّ عَلَى النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- رَجُلٌ فَرَأَى أَصحَابُ رَسُولِ اللهِ-صلى الله عليه وسلم- مِن جَلَدِهِ وَنَشَاطِهِ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، لَو كَانَ هَذَا في سَبِيلِ اللهِ! فَقَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنْ كَانَ خَرَجَ يَسعَى عَلَى وَلَدِهِ صِغَارًا فَهُوَ في سَبِيلِ اللهِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ يَسعَى عَلَى أَبَوَينِ شَيخَينِ كَبِيرَينِ فَهُوَ في سَبِيلِ اللهِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ يَسعَى عَلَى نَفسِهِ يُعِفُّهَا فَهُوَ في سَبِيلِ اللهِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ يَسعَى رِيَاءً وَمُفَاخَرَةً فَهُوَ في سَبِيلِ الشَّيطَانِ" رَوَاهُ الطَّبرَانيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

ولما سُئِلَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ أَفْضَلِ الْكَسْبِ فَقَالَ: "بَيْعٌ مَبْرُورٌ، وَعَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ" رواه أحمد وهو صحيح.

الآن -يا عبد الله- نحن في صلاة الجمعة، فماذا نزل في سورة الجمعة؟ وإلى ماذا وجَّهنا ربُّنا بعد صلاة الجمعة، قال الله تعالى: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا في الأَرضِ وَابتَغُوا مِن فَضلِ اللهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [الجمعة:10].

عباد الله: ألا صلوا وسلموا على نبيكم محمدٍ -صلى الله عليه وسلم- فقد أمركم بذلك ربكم فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [الأحزاب:56]، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "من صلى عليّ صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشرًا".

اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين، وعن الصحابة أجمعين، والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، واحم حوزة الدين، واخذل الطغاة أعداء الملة والدين...