الجبار
الجَبْرُ في اللغة عكسُ الكسرِ، وهو التسويةُ، والإجبار القهر،...
العربية
المؤلف | عدنان مصطفى خطاطبة |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | نوازل الأحوال الشخصية وقضايا المرأة - التوحيد |
إن عقيدتنا الإسلامية نعمة ومنّة من الله علينا، ولا توجد اليوم أمة على وجه الأرض على العقيدة الصحيحة سوى هذه الأمة- فضلا من الله ونعمة-؛ ولكن بعضنا تنكّر لهذه النعمة, وتطاول على هذه العقيدة ، وسعى إلى خرابها وتخريبها، تطاول على عقيدة القدَر، وعلى عقيدة علم الغيب، وما علم الناس أن الخلل في العقيدة ليس كأي خلل في أمور الدين؛ فكلمة واحدة، وموقف واحد، واتصال واحد، ورسالة واحدة, سؤال واحد قد ينقلك عن الملة، ويرميك في ..
إنّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحد لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وأوصي نفسي وإياكم بتقوى الله.
وبعد:
أيها الإخوة: إن الناظر في أحوال المجتمعات العربية ليجد عودة لأساطير قد طمس الإسلام ظلمتها، يجد إحياء لخرافات جاهلية خلَّصَ نبي الإسلام -صلى الله عليه وسلم- الأمة من شرها؛ عادت الكهانة والعرافة، عادت الشعوذات لتطفو على السطح من جديد ولكن بأثواب براقة، وبوسائل جذابة، وبشعارت لافتة، تجاهر بنفسها، وتقدم نفسها على أنها المخلص للناس من أزماتهم، والمنقذ لهم من معاناتهم.
كان المشعوذون، أو مَن يُسَمَّوْن بالفتاحين -وما زال بعضهم- يستقبلون الناس في بيوتهم، ولكن تطور الأمر في هذا الزمان، فأصبحوا يستقطبون الناس عن طريق وسائل الاتصال الحديثة: الراديو، بالصحف، الإنترنت، الفضائيات.
كان هؤلاء المشعوذون -وما زال بعضهم كذلك- يعملون بشكل فردي؛ ولكن تطورت حالهم اليوم ليصبحوا شركات وشبكات عالمية في النصب والاحتيال والتدليس.
ولم يكتف أعداء الأمة وأعداء الإسلام من بني جلدتنا بفتح العشرات من قنوات السفور التي تنسف قيم العفة والطهارة وتحطم السلوك والخلق الحسن، بل فاجؤونا في الفترة الأخيرة بفتح قنوات فضائية متخصصة بالشعوذة والسحر؛ ليدمروا من خلالها وليجهزوا على البقية الباقية من عقيدة المسلمين، أهل السنة .
أيها الأخوة: في دراسة أجراها مركز البحوث الجنائية في القاهرة حول السحر والشعوذة, تبين أن (250) مئتين وخمسين ألفا -ربع مليون- رجل يمارسون أنشطة الشعوذة المختلفة في الدول العربية، وتؤكد الإحصاءات أنه يوجد في العالم العربي عراف واحد أو مشعوذ واحد لكل ألف نسمة في عالمنا العربي، وأن 55% من النساء المترددات على السحرة هن من المتعلمات والمثقفات.
أتعرفون -أيها الإخوة- كم حجم إنفاق العرب على الشعوذة؟ كشفت دراسة مركز البحوث الجنائية في القاهرة أن العرب ينفقون زهاء خمسة مليارات دولار سنويا على أمور الشعوذة والحظ والسحر وغيرها.
ولذلك دخل إحدى قنوات الدجل والشعوذة الفضائية قُدّر بحوالي (15) مليون دولار شهريا، كل هذا من جيوب المتصلين من المسلمين المساكين الجهلة، لتتقاسم هذه القناة الأرباح مع شركات الاتصال العالمية وغيرها.
وأغلب القائمين على قنوات الشعوذة الفضائية ومواقع الانترنت، وأغلب المشعوذين والدجالين الذين يظهرون عليها -وإن سموا أنفسهم الشيخ فلان والشيخ أبو فلان وأم فلانة -هؤلاء أيها الإخوة- إما ينتمون إلى فرق ضالة معروفة، وخاصة الرافضة الشيعة التي تسعى إلى تخريب عقائد أهل السنة، وإما مرتزقة تلهث وراء المادة، وإما جهلة وضالون عن الطريق المستقيم.
ولذلك أعلن أحد أكبر المشعوذين الدجالين الملتحين –وللأسف!- في إحدى قنوات الشعوذة أن شيوخه هم من أكابر علماء الرافضة الشيعة المعروفين، وصرح آخر على الإنترنت مخاطبا رؤوس فرقته الضالة: ليس لكم باب إلى إفساد عقيدة أهل السنة في الشام إلا من بابي.
أيها الإخوة: إن هؤلاء العرّافين والمنجّمين، الذين يدعون زورا أنهم مشايخ، وأنهم يعالجون بالقرآن، وما هم إلا مشعوذون، وسحرة، ودجالون، يمارسون الحيل، والكذب، والخداع على الناس، وبخاصة فئة البسطاء منهم والنساء.
وحتى يروج هؤلاء الدجالون الفضائيون بضاعتهم الفاسدة، فإنهم يتمسحون بالقرآن، ويتظاهرون بتلاوة بعض آياته، وذكر اسم الله، وهم والله أبعد الناس عن القرآن، وأكفر الخلق لاسم الله العظيم، وأجهل الناس بقراءة كلام الله وفهمه.
ولذلك يلحَنون بآيات القرآن لحنا جليا لا يصدر إلا من مستهين بشرع الله، حتى إن أحدهم طلب من مريض أن يقرأ أول سورة أنزلها الله، قائلا له: اقرأ أول سورة من القرآن أنزلها الله، وهي سورة الفاتحة، وما دري هذا الجاهل أنها سورة العلق لا الفاتحة.
ولذلك في حوارٍ مع أحد هؤلاء السحرة المشعوذين التائبين قال: لقد كان الشيطان يطلب مني أن أتظاهر بقراءة بعض الآيات على مسامع الناس. قيل له لماذا؟ قال: حتى أخدع الناس ويصدقوني ولا يشكون بأمري.
ومما يخدعون به الناس ويسلبون به عقولهم، أنهم يخبرونهم بشيء من أحوالهم الماضية قد مرت بهم، وما هذا إلا لأنهم يتعاملون مع الشياطين، فيأخذون بعض المعلومات عنك عن طريق قرينك الجني، فقط لا غير، فلا تنبهر ولا تنخدع بمثل هذه المواقف من هؤلاء.
أيها الإخوة: كل من تذهب إليه، أو تتصل به، فيسألك عن اسمك أو اسم أمّك أو عمرك ليحلّ مشاكلك، ويخبرك بحظك، فهو دجّال، وإن كانت لحيته مترا، وكل من يُتَمْتِم بكلامٍ غير مفهوم، ويعمل حركات غريبة، ونظرات مريبة، ويخلطها بآيات قرآنية، فهو دجّال وإن كانت عمامته ذراعا.
كل من يخبرك بأحوالك الماضية وبأحوال أهلك، فهو أفّاك أثيم يتعامل مع الشيطان الرجيم،
وكل مَن يكتب الطلاسم، والكلام المتشابك، والحُجُب ذات الجداول الحسابية، أو الأرقام الرياضية، والحروف المتقطعة، أو أسماء الملائكة، أو أسماء المريضين، فهو ساحر وكاهن مريب، وكلُّ مَن يزعم أنه يعالج الناس من كل الأمراض، ويشفي من كُلِّ الأسقام؛ كما زعم أحدُهم أنه يعالج الناس من أي مرض كان، ويُنطِق الأخرس، ويُسْمِع الأصم، فهو خدَّاعٌ دجَّالٌ، وساحرٌ كذَّابٌ.
والأدهى شقاوة هو كل من يخبرك، كل من يخبرك بأي شيء عن مستقبلك أو مستقبل غيرك، فهذا مشعوذ وملحد لعين، عليه غضب الله وسخطه إلى يوم الدين.
لقد بلغ من دجل هؤلاء، ومن سخافة بعض الناس المسلمين، أنه اتصلت ذات مرة إحداهن بمشعوذ معروف، وسألها عن اسمها فأخبرته باسمها فقط، فأخذ يُعطيها المعلومات، ويفصِّل لها أحوالها المستقبلية بناء على اسمها، ولكنه تفاجأ وبهت حينما قالت له: إن اسمي ليس كذا؛ بل كذا، لقد فهمته خطأ مني. فقلت: سبحان الله! إذا كان لا يعلم اسمها الحقيقي، فكيف يدعي أنه يعلم مستقبلها.
وذات مرة اتصلت فتاة بإحدى المشعوذات على قنوات الدجل الفضائية, فقالت لها: ما اسمك واسم أمك وعمرك؟ فقالت: اسمي كذا بنت كذا، وعمري كذا. فقالت لها ما مشكلتك؟ قالت لها: ما في عرسان، وقاعدة في البيت بلا عمل. وإذا ممكن كمان أخي عمره كذا وبسأل عن دراسته. فما كان من المشعوذة إلا أن صمتت، ووضعت يدها على قارورة ماء أمامها وتمتمت، ثم تلت آيات، ثم قالت لها: أنت بعد (3) أيام تتحسن نفسيتك وفي شهر (4) بتكوني الخطوبة، وفي شهر (5) الحفلة والزواج، وأخوك ستتحسن دراسته. وألف مبروك إلك ولأخوك.
هكذا تحصل الأمور! فأي جهل وأي افتراء هذا على الله؟ والله! لا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا جبريل -عليه السلام-، كان باستطاعة أحدهما أن يخبر الناس بذلك، وبهذا التفصيل، إلا بإذن الله وحده، وبوحي من عنده -سبحانه-، (وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ) [الأحقاف:9]؛ فأي جهل هذا؟ وأي افتراء على رب العالمين؟ وربنا العزيز -سبحانه- يقول: (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا) [لقمان:34].
وهل هذه المشعوذة اللعينة الكافرة الساحرة، قد ضمنت لهذه الفتاة أنها ستعيش إلى شهر 4 أو 5؟ ما هذا؟ وكيف تقبل تلك الفتاة المسلمة وأمثالها أن تصدق بكل هذا؟.
أتعرفون -أيها الإخوة- كم كلفة مقابلة أحد المشعوذين الكبار المشهورين الذي يتظاهر بالتدين وحب آل البيت؟ وآل البيت منه براء، أتعرفون كم تكلف مجرد مقابلته، وهو يسكن في برج من الأبراج العاتية في إحدى العواصم العربية؟ تكلف مقابلته من ألفين إلى ثلاثة آلاف دولار!.
أيها الإخوة : أمام هذه المواقف المخيفة، وأمام هذا الدجل والكذب، والتلاعب بعقائد المسلمين, لا بد لنا أن نعرف موقف العقيدة الإسلامية من هذا كله: من المشعوذ الدجال المتظاهر بالتدين، وممن يتعامل معهم، ويذهب إليهم، أو يتصل بهم، أو يقرأ لهم في الصحف أو الإنترنت.
أيها الإخوة: إن عقيدتنا الإسلامية نعمة ومنّة من الله علينا، ولا توجد اليوم أمة على وجه الأرض على العقيدة الصحيحة سوى هذه الأمة- فضلا من الله ونعمة-؛ ولكن بعضنا تنكّر لهذه النعمة, وتطاول على هذه العقيدة ، وسعى إلى خرابها وتخريبها، تطاول على عقيدة القدَر، وعلى عقيدة علم الغيب، وما علم الناس أن الخلل في العقيدة ليس كأي خلل في أمور الدين؛ فكلمة واحدة، وموقف واحد، واتصال واحد، ورسالة واحدة, سؤال واحد قد ينقلك عن الملة، ويرميك في دياجير الظلم والإلحاد، وغضب الواحد الجبار.
ألم تسمعوا إلى ذلك الحديث الصحيح, عندما تطاول عبد صالح طائع على مقام الربوبية ماذا حل به؟ حينما قال لرجل مدمن على المعاصي: والله لا يغفر الله لك! فقال الله : من ذا الذي يتألّى عليّ أن لا أغفر لفلان؟ قد غفرتُ له، وأحبطتُ عمَلَكَ. فكيف بآلاف الكلمات والجُمَل والمواقف التي تصدر عن هؤلاء المشعوذين، والتي فيها تطاول وجرأة على مقام الربوبية؟.
أيها الإخوة: بعد قراءة ومراجعة في كتب أهل العلم والمجامع الفقهية ولجان الفتوى, فإني أنقل إليكم الفتوى الشرعية في الدجالين والمشعوذين والسحرة، وفيمن يرتاد بيوتهم، أو يتصل بهم: كُلُّ عَرَّافٍ أو منجم أو مشعوذ أو شيخ أو درويش، ذكرا كان أم أنثى، يخبرك بما سيحصل معك في المستقبل القريب أو البعيد، فهو كافر لَعِين خارج من الملّة، بإجماع المسلمين، وباتفاق فقهاء المذاهب الأربعة؛
وكل مسلم يسأل هؤلاء المنجمين والمشعوذين والفتّاحين، ويصدقهم فيما يخبرون به من أمور الغيب المستقبلية المتعلقة بحياة الإنسان، فهو كافر خارج من الملة، وإن صام وصلَّى وحج وزكى.
لماذا -أيها الأخوة- هذا الحكم بحق هؤلاء جميعا؟ لأن الإيمان بالقدر من أركان العقيدة؛ والقدر هو ما كتبه الله في اللوح المحفوظ، واللوح المحفوظ لا يصل إليه لا ملَكٌ مقرَّبٌ ولا نبيٌّ مرسَل، واللوح المحفوظ في السموات العلى لا يعلمه إلا الله؛ فكيف يكذب هؤلاء على الله ويخبرون الناس بأمور لا يجب أن تكون إلا في اللوح المحفوظ؟ وكيف تقبل -أيها المسلم الأخرق- أن تصدق هؤلاء بذلك؟ (أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا) [مريم:78]؛ لماذا أيها الأخوة؟ لأن الغيب علم خاص بالله تعالى، تفرد الله به دون خلقه، قال ربنا -عز وجل- عن نفسه: (قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ) [النمل:65]، إلا الله، حصْرٌ مطلَقٌ بالله وحده.
فأنت -أيها المسلم- إما أن تصدق الله وتكذّب هؤلاء, وتكون عندها مؤمنا؛ وإما أن تكذب الله وتصدق هؤلاء فتكون عندها كافرا، لا خيار ثالثاً أمامك! وقال ربنا عن نفسه: (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ) [الجن:26-27]، ولم يبق رسل.
وإذا كنت أعجب من جرأة هؤلاء المشعوذين باسم الدين على الله، فإني أعجب أكثر من بله وحمق السائل والمتردد على هؤلاء وتصديقه إياهم فيما يخبرونه من أمور لا يعلمها إلا الله! سبحان الله! ماذا دهى الناس؟ وما جرى لعقولهم؟ ألم يؤمنوا بعدُ بقول الله تعالى: (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ) [لقمان:34].
ولذلك عندما يخبرك هذا المشعوذ بتحسن أحوالك خلال شهرين، أو بزواجك خلال سنة، قل لي الآن: من يضمن لك أن تعيش إلى هذا الزمان؟ إن الله لم يعلمك بذلك في القرآن؛ فهل الدجال والمشعوذ والشيخ الساحر المتظاهران بالتدين هم أصدق من الله؟ إن هذه الآية تقضي على كل تكهنات ومقالات وإخباريات هؤلاء المشعوذين.
ولذلك تبرأ الرسول -صلى الله عليه وسلم- من علم الغيب المستقل، ونفاه عن نفسه, (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا ولا ضَرًّا إِللا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ) [الأعراف:188]، وقال: "لا يعلم ما في غدٍ إلا اللهُ".
ولكن هؤلاء الدجّالين لا ينفون عن أنفسهم ذلك، فاسمع إلى أقوالهم، واقرأ ما يكتبونه في الصحف وفي الانترنت تحت مسميات الأبراج والحظوظ وغيرها؛ لتراها تنضح بالغيبيات.
وكذلك تبرأت الجن من علمها للغيب: (وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا) [الجن:10]، ونفى الله عنهم علم الغيب، كما في قصة سليمان لما مات وهو متكئ على العصا وظن الجن أنه ما يراقب أعمالهم، قال الله تعالى: (فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلا دَابَّةُ الأرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ) [سبأ:14].
ولذلك -أيها الإخوة- حُكْمٌ يسمعه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كل من يذهب إلى العرافين والمشعوذين أو يتصل بهم، أو يصدق الأبراج والحظ في الصحف والانترنت، يقول -صلى الله عليه وسلم-: "مَن أتى عرَّافاً فسأله فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد"، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "أخاف على أمتي من بعدي خصلتين: تكذيبا بالقدر، وتصديقا بالنجوم".
أقول قولي هذا وأستغفر الله...
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسولنا الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها الإخوة: لما أراد علي -رضي الله عنه- أن يخرج لقتال الخوارج عرض له منجم، فقال: يا أمير المؤمنين، لا تسافر؛ فإن القمر في العقرب! فإنك إن سافرت والقمر في العقرب هزم أصحابك. فقال له علي رضي الله عنه -وما أدراك مَن علي؟! صاحب العقيدة الصلبة-: بل نسافر ثقة بالله، وتوكلا على الله، وتكذيبا لك؛ فسافر علي بجيشه, فنصره الله، وأظهر كذب المنجم.
أيها الإخوة: هي والله البقية الباقية لنا من إسلامنا، هي العقيدة، فإياكم أن يلحقها الخراب! حافظوا عليها، وإلا والله هي النار.
أيها الناس: أليس لنا رب ندعوه، نؤمن به، ونسأله؟ أليس لنا رسول نقتدي به؟ ألم يعلمنا ويربينا -صلى الله عليه وسلم- على اللجوء إلى الله؟ ألم يقل لنا: "إذا سألت فاسأل الله, وإذا استعنت فاستعن بالله"؟ ألم يعلمك -صلى الله عليه وسلم- أن تقرأ المعوذات صباح مساء حتى تحفظك من كل سوء، ألم يعلمك أن لك ربا -سبحانه!- هو الذي يضر وينفع، ويعطي ويمنع، ويقبض ويبسط، بيده مقاليد الأمور، وله وخزائن السموات والأرض؟.
لن تنال السعادة والطمأنينة على يد مشعوذ يخرب لك عقيدتك؛ ولكنك تنالها بطاعة الله، ودعائه، فبذكر الله تطمئن القلوب.