الجواد
كلمة (الجواد) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فَعال) وهو الكريم...
العربية
المؤلف | إبراهيم بن صالح العجلان |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الأديان والفرق |
الفرق الباطنية لها تاريخ أسود مع أمة الإسلام، فالعداء مستحكم، والبغض والحقد غائر، بل لا تكاد تمر حِقبةٌ من حِقَبِ تاريخ أُمتنا إلا ولهؤلاء طعنات وغدرات، وثورات وخيانات، بدءًا بالقرامطة ثم الدولة العبيدية، فالبويهية إلى الدولة الصفوية الدموية ثم كشَّرت أنيابها مع الثورة الخمينية ..
إخوة الإسلام: استبانة سبيل المجرمين، وفضح خُطَطِ المفسدين، منهج مقرَّر في الكتاب المبين، (وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ)[الأنعام:55].
فما أجملَ أنْ يدرك سواد الأمة عقائد مخالفيهم، وأجمل من ذلك أن يحيطوا بخطط ووسائل خصومهم في التَّرويج لباطلهم.
نقف -إخوة الإيمان- مع خطر قد دُقَّ ناقوسه، وعلا دخانه، واضطرمت ناره، والتهب سعاره!
السكوت عنه هو عين الفتنة، وخيانة لواجب النصيحة، والتغافل عنه هو انتحار بطيء، وموت تدريجي، وفي محكم التنزيل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ)[النساء:71].
إنه... مشروع المخطط الصفوي وخطره على ديار الإسلام.
هذا الخطر.. حقيقة لا خيال، وواقع ليس مؤامرة... يجوس هذا المشروع خلال الديار، ينتقص من عرى الإسلام، وعقيدته، وتاريخه، ورموزه، بل أصبح لهم في عالم اليوم صوت مرفوع، وإعلام مسموع، يذكي الفتنة، ويكشر العداء.. ويصبح ويمسي في غمز ولمز وهجاء هذا البلد وعقيدته، ونهجه وسياسته.
إنَّ فضح مخطط هؤلاء، وكشف وسائلهم ليس دعوة للتصادم والتحارب المذهبي، وإنما هي رسالة لفهم مشروع القوم، وكيف يتحركون ويدبرون ويكيدون.
عباد الله: الفرق الباطنية لها تاريخ أسود مع أمة الإسلام، فالعداء مستحكم، والبغض والحقد غائر، بل لا تكاد تمر حِقبةٌ من حِقَبِ تاريخ أُمتنا إلا ولهؤلاء طعنات وغدرات، وثورات وخيانات، بدءًا بالقرامطة ثم الدولة العبيدية، فالبويهية إلى الدولة الصفوية الدموية
ثم كشَّرت أنيابها مع الثورة الخمينية.
هذه الثورة هي التي جعلت هذا الفرقة الباطنية، والتي هي أقلية في مجموع المسلمين، تسعى للزعامة والسيطرة على العالم الإسلامي.. عبر ما يُسمى بتصدير الثورة.
هذا التصدير يعني نشر التشيع في العالم وبالأخص الإسلامي، وهو أيضاً رسالة خفية للإطاحة بالقيادات السنية، واستبدالها بزعامات مواليه للإمبراطورية الفارسية.
بدأ مخطط تصدير الثورة متزامنا مع العهد الجديد لولاية الفقيه، والتي تعني عند الشِّيعة: أنَّه يجب على أتباع المذهب الإمامي طاعة الفقيه، الذي هو النائب عن الإمام الغائب المنتظر، يقول الخميني في كتابه (الحكومة الإسلامية ص36) مقرِّراً عقيدة ولاية الفقيه: "... من حق الفقهاء، بل من واجبهم ومن المفروض عليهم أن يسعوا إلى أن يكونوا خلفاء لإمام آخر الزَّمان، الإمام الغائب، وأنْ يمتلكوا زِمام الحكم كممثلين للإمام وكمندوبين عنه،ومن هنا تصبح طاعته واجبة ليس فقط كإمام بل كنبي ورسول" ا.هـ.
بهذا الفكر أمسك مُصدِّر الثَّورة أتباعه وأقلياته هنا وهناك ليكونوا بعد ذلك تابعين له، مؤتمرين بأمره.
كانت حكومة الملالي في نشأتها ونشوتها تحرِّض وتُشجِّع الأقليات الشِّيعية على المطالبة بالاستقلال والمناداة بحكم ذاتي، وأُنشئت حينها بعض الأحزاب السِّياسيَّة الشِّيعيَّة المعارضة لحكوماتهم والتي أصبح لها في عالم اليوم صوت وضجيج، كحزب الدعوة الإسلامية في العراق، وحركة أمل وحزب الله في لبنان، وجبهة التَّحرير الإسلامي في البحرين، والحركة الحوثيَّة في اليمن بعد ذلك.
قامت هذه الأحزاب استجابةً لأوامرِ آياتِ قم، وأصبحت بعد ذلك صدًى للصوت الصَّفوي الفارسي.
وبقي تصدير الثورة والسعي للزعامة هدفاً منشوداً وحلماً منتظراً لملالي إيران، أنفق في سبيله الأرقام الفلكية من المليارات، ومن الأخبار المعلنة: أنَّ خُمس عائدات النَّفط الإيرانيَّة تُنفقُ لأجل تحقيق هذا الهدف.
إخوة الإيمان:.. وأما مخطط هؤلاء في تصدير الثورة فله صور وأشكال:
من أهمها: نشر مذهبهم الباطني في كل الأصقاع، وتسميةُ نحلتهم بمذهب آل البيت، وقُصْر دعوتِهم في مَهْدِها على محبة آل البيت، وذكر فضائلهم، والتَّأكيد على حقوقهم.
هذه الدعوة يستخدمها الشِّيعة قنطرةً للغلوِّ فيهم وتقديسهم، ومن ثمَّ الطَّعن فيمن سَلَبَ حق آل البيت، واغتصبه، وظلمهم، وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تزعم الرَّافضة ثم تأتي مرحلة الطَّعن، والغمز، واللمز بالصحابة وتخوينهم، ثم لعنهم، وتكفيرهم.
فهذا الشِّعار إذاً -حبُّ آل البيت- هو غطاء للتَّبشير بالمذهب الشِّيعي، وتحسين صورته. لذا كانت الجمعيات الشِّيعية الدعوية والإغاثية، وحتى السياسية تُسمى بأسماء آل البيت للترويج لهذا المذهب وقبوله.
أمَّا أماكن قبور آل البيت، فقد كانت هدفاً للشِّيعة، جعلوها مَزَارات، وبنو القِباب عليها، وأحيوا عندها كثيراً من البدع الكفرية، هذا بالإضافة إلى بناء الحوزات حول تلك الأضرحة، وشراء الأراضي المجاورة لها، لتكون تلك البقاع بعد ذلك شيعيَّة صِرْفة.
ومن حيل الملالي في تصدير الثورة: الدَّعوة إلى التَّقارب المذهبي بين أهل السُّنَّة والشِّيعة، هذه الدَّعوة في حقيقتها تعني الاعتراف بالمذهب الشِّيعي وصحَّته، مما يُمهِّد لقبوله، وجواز التَّمذهب به.
هذه الحيلة وللأسف جعلت دعاة الشِّيعة يتحركون داخل البلدان السُّنية بكل حريَّة، يُنشِئون المراكز، ويَفتَحون دور النَّشر، وينشرون المذهب.
أما الاعتراض على معتقداتهم الفاسدة، وتراثهم المليء بالكفر، فهذا عند الشِيعة شرخ يهدِّد وحدة المسلمين.
ثم حُق لأهل السُّنَّة بعد ذلك أن يتساءلوا: هل سيسمح ملالي إيران بعملية تسنُّن في الأماكن الشِّيعيَّة؟ هل سيسكت الفرس إن تسنَّن الإيرانيون؟ وهل سيسمحون بمثل هذا النَّشاط؟
لا وأيم الله، هذا النِّظام يمنع من تدريس العقيدة السُّنِّية حتى في الحوزات العلمية.
هذا النظام الذي يتشدق بالتقريب والوحدة، هو نفسه النِّظام الذي يقتل علماء السُّنَّة هناك، ويفتك بعرب الأحواز، وهو الذي يهدم المساجد، ويغلق المدارس ويشرِّد دعاة أهل السُّنَّة.
إنَّنا أهل السُّنَّة لا يمكن أن نتقارب مع أقوام عاضُّون على نواقض الإسلام، عاكفون على القبور، مستميتون في نشر البدع.
ومن وسائل الشَّيعة التَّوسعيَّة: الاهتمام بالمِنَح الدِّراسية، واستقطاب الألوف المؤلَّفة من الشباب المسلم من مختلف الأقطار للدراسة في الحوزات العلمية، في طهران، وقم، ومَشْهد، وتَبْريز.
وتتكفل حكومة الملالي هناك بنفقتهم، وعيشهم، وحاجاتهم، وحتى تزويجهم. بلغ عدد المتخرجين من هذه الحوزات عام 2009م اثنا عشر ألف طالب.
أما هدف هذه المنح فهو تشييعهم في الدرجة الأولى، ليعودوا دعاة لنشر التَّشيع في بلدانهم، ثم لا تسل بعد ذلك عن وطنيتهم، وصدق انتمائهم !! فقد عبّئوا سنوات عدة: أنَّ كل الحكومات ظالمة وغير شرعية، لأنَّها غير ملتزمة بخط ولاية الفقيه، أو ما يعبر عنه بخط الإسلام المحمدي الأصيل.
ومن وسائلهم أيضاً: نشر الدعاة وبعث المعلمين لنشر التَّشيع، وبالأخص في المناطق النائية، والأماكن التي يُعتبر فيها المسلمون أقلية.
مجمع أهل البيت مؤسسة واحدة لها دورها وتواجدها في أربعة وأربعين دولة. وقد نشرت إحدى الصُّحف الأجنبية: أنَّ النِّظام الإيراني بعد سقوط الإتحاد السوفيتي قد أرسل مئات المدرسين إلى الجمهوريات التي استقلَّت، وتذكر هذه الصحيفة، أنَّ هذه العملية قد كلَّفت الحكومة الإيرانية مليارات الدولارات.
ومن وسائل هؤلاء في تصدير الثورة وكسب تعاطف المسلمين: دعوى تبني قضايا المسلمين، واتِّخاذ المواقف المعادية لليهود والصهيونية، والسِّياسة الغربية، مما كان له الأثر الأكبر في تلميع صورة الشِّيعة في العالم الإسلامي، وكسب تعاطف الشُّعوب المقهورة.
وما اقتراب ملالي إيران من القضية الفلسطينية، إلا لدغدغة المشاعر، ومصلحة المذهب، والتكسب السِّياسي. يقول الهالك الخميني: كل سياستنا لا قيمة لها إذا لم يكن لنا يد في القضية الفلسطينية.
لقد قامت الثورة الخمينية، وكان شعارها: اليوم طهران وغداً القدس. فرأينا ورأى العالم أن هذا الغد هو العراق وليس القدس.
رأينا هذا الغد.... هو غزو فرق الموت، وفيلق بدر لمدن وقرى أهل السنة في العراق حتى أريقت دماء أكثر من مائة ألف مسلم سني في وحشية لم يرتكبها حتى اليهود الصهاينة.
ومن مخططات الرافضة في المنطقة وهي من وسائل تصدير الثورة: العمل على إضعاف الحكومات السنية و التعاون مع الدول الأجنبية في ضرب الحكومات السُّنيَّة المناوئة للتَّشيع، فقامت حكومة إيران التي طالما صَرَخَ معمَّموها بلعن الشيطان الأكبر (أمريكا) قامت بالتعاون مع الحكومات الأجنبية لإسقاط النِّظام العراقي ومن قبله الحكومة الأفغانية، أعلن ذلك وزير خارجية إيران بكل صراحة: "لولا إيران لما احتلت أمريكا العراق، ولولا إيران ما احتلت أمريكا أفغانستان".
وهذه أخلاق رافضية راسخة ليست وليدة الساعة فقديماً تعاون ابن العلقمي والطوسي مع التتار ضد الدولة العباسية السنية وبعدها تكاتف الصفويون مع البرتغاليين النصارى ضد الخلافة العثمانية السنية.
ورحم الله شيخ الإسلام ابن تيمية الذي سبر عقيدتهم وأفعالهم فقال عنهم: "يميلون مع أعداء الدين، لقد رأينا ورأى المسلمون أنه إذا ابتلي المسلمون بعدو كافر كانوا معه على المسلمين".
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.
الخطبة الثانية:
أما بعد: فيا إخوة الإيمان: ومن وسائلهم وكيدهم الكبار في محاولة إضعاف الحكومات السنية: إحداث البلبلة والفوضى والثورات داخل البلدان السنية، وادعاء الاضطهاد والمظلومية، رأينا كيف يستغل هؤلاء موجة التظاهرات ليؤججوا نار الفتنة والطائفية.
رأينا كيف يتداعون لنصرة أبناء طائفيتهم على حساب وطنيتهم، متناسين حواراتهم ومواعظهم في الوحدة والوطنية.
رأينا الدجل والتزييف والخيانة حين يرفع هؤلاء أعلام أوطانهم بيد، وباليد الأخرى صور عمائم الفرس.
لقد سئمنا والله مثل هذا الهراء، وهذه التقية الممجوجة.
إننا أهل السنة لا يمكن أن نخدر ونخادع بشعارات تقول: الشيعة والسنة أخوان هؤلاء الذين يرفعون هذا الشعار هم هم من يعظمون ويقدسون ويرفعون صور الخميني، والخميني هو هو من تبرأ منا في كتابه المكاسب المحرمة وقال ما نصه: "غيرنا ليسوا بإخواننا وإن كانوا مسلمين، فلا شبهة في عدم احترامهم، بل هو من ضروري المذهب كما قال المحققون، بل الناظر في الأخبار الكثيرة في الأبواب المتفرقة، لا يرتاب في جواز هتكهم، والوقيعة فيهم، بل الأئمة المعصومون أكثروا من الطعن واللعن عليهم وذكر مساوئهم".
عباد الله: ولإنجاح هذه الثورة المزعومة كان لابد من العمل على شحن النفوس، وإشعارها بأنها في حالة ظلم وقهر..... إذ المظلوم يتحين الانتقام والثورة.
إذا عرفنا هذا..... عرفنا سبب اهتمام الرافضة بالمآتم والعزاءات ودعمها واستمرارها حتى يبقى الحقد حامياً في الصدور، وإرادة الانتقام ماثلة أمام العيون.
وأما متى يكون ذاك الانتقام؟ فهذا موعد تحدده العمائم الصفوية!!! هذه العمائم هي اليوم تبشر أتباعها في إعلامهم، ومطبوعاتهم الحديثة عن قرب خروج صاحب الزمان... المهدي المنتظر الذي سيقود هذه الثورة.
وفي مذهبهم أن خروجه لن يكون إلا بعد ثورات متتابعات في مناطق شتى، فهم يستعجلون خروجه بكثرة الهرج والمرج وإشعال الفتن.
أما ماذا سيفعل إن خرج؟ فهذا سؤال تجيبك عنه الروايات الشيعية في كتبهم المعتَمَدة: والتي فيها: أنَّ هذا القائم سيسلّ سيفه على العرب حتى يقتل ثلثهم، وأنَّ هذا المنتظر سيُخرج أعداء البيت من قبورهم، ويعذبهم على سلب حق آل البيت المغتصب، وأول من يبدأ به أبو بكر وعمر!! إلى غير ذلك من الخرافات التي تطفح بها مصادرهم.
ثم حُق لكل مسلم بعد ذلك أن يتساءل: هل هذه الانتظار المرتقب، وهذه الدعوات المرفوعة منهم صبحاً ومساءً: اللهم عجل فرجه ومخرجه، هي رسائل سلام لنا ؟أم أنَّ أهل التقية يبطنون مخططاً إجرامياً كبيراً ضدنا؟
عقائدهم، ومصادرهم، وتاريخهم، وواقعهم يشهد بالثاني.
اللهم احمي بلادنا وبلاد المسلمين من كل شر وسوء، وجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن.
اللهم صل على محمد |