العفو
كلمة (عفو) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعول) وتعني الاتصاف بصفة...
العربية
المؤلف | أحمد بن عبد العزيز الشاوي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | المنجيات |
الله أكبر من كل شيء ذاتًا وقدرًا وعزة وجلالة، فهو أكبر من كل شيء في ذاته وصفاته وأفعاله، إنها كلمة تعني أن الله هو الكبير في كل شيء، والغني على الإطلاق، وهو الذي فاق مدح المادحين ووصف الواصفين، وهو ذو الكبرياء والعلو والعظمة والرفعة، وهو الذي يتصاغر أمامه الكبراء والعظماء، لا ينازعه في كبريائه أحد ..
الحمد لله المتفرد بالإلوهية والبقاء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو العزة والكبرياء المستحق المن والثناء، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أفضل البشر وأذكى الرسل والأنبياء، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه النجوم ثنا وثناء وسلمًا تسليمًا.
أما بعد: فاتقوا الله -أيها المسلمون- واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور، إنها كلمة تجلل من المآذن وتخترق الآذان، كلمة فتحت بها المدائن واستسلمت بلدان، إنها كلمة لو عقلناها لتحركت منها المشاعر واهتز الوجدان، إنها كلمة تشعرك بحقارة كل متعاظم أمام عظمة الرحمن، إنها كلمة تقال لإطفاء حريق، ولتفريج كل كربة وضيق بها يدعى إلى الصلاة وبها نستفتح صلاتنا وبها نختم صيامنا ونستقبل عيدنا..
هي قرينة التسمية عند التزكية تقال عند الجمرات وفي صعيد عرفات وعند محاذاة الحجر وعند إرادة السفر، تقال أدبار الصلوات وفي الأيام المعلومات تقال عند الرقاد وتُشرع ليالي الأعياد..
إنها كلمة تدوي في الآفاق وتخترق الحجب لتعلن للناس كل الناس أن العظمة لله وحده والكبرياء لله وحده، (أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) [الأعراف: 54]، (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ) [الأنعام: 57].
إنها "الله أكبر" كلمة تعني أن الله أكبر من كل شيء ذاتًا وقدرًا وعزة وجلالة، فهو أكبر من كل شيء في ذاته وصفاته وأفعاله، إنها كلمة تعني أن الله هو الكبير في كل شيء، والغني على الإطلاق، وهو الذي فاق مدح المادحين ووصف الواصفين، وهو ذو الكبرياء والعلو والعظمة والرفعة، وهو الذي يتصاغر أمامه الكبراء والعظماء، لا ينازعه في كبريائه أحد..
إنها "الله أكبر" كبير عن أي أمر من الأمور، كبير عن أي عمل من الأعمال، كبير حتى يتضاءل بمجرد أن يذكر الله ويقال "الله أكبر"..
إنها "الله أكبر " كلمة خرجت بصدق وإخلاص من قلوب الأبطال الفاتحين فأرعبت الأعداء وقذفت في قلوبهم الذل والصغار..
إنها "الله أكبر " كلمة تقال تبشيرا بالنصر وإظهارا للقوة والعزة، قالها المصطفى صلى الله عليه وسلم في فتح خيبر وأخبر عن الجيش الذي يغزو القسطنطينية في آخر الزمان وأنه بالتكبير تسقط جوانب المدينة جانبًا بعد جانب..
إنها "الله أكبر " هي مع سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله، هن الباقيات الصالحات، (وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا) [الكهف: 46].
إنها مع التسبيح والتحميد عند النوم تغني عن خادم، هي مع التحميد والتسبيح والتهليل غرس الجنة، وهن أحب الكلام إلى الله، وهن أحب إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم مما طلعت عليه الشمس.
إنها "الله أكبر " فبين ساعات وساعات من اليوم ترسل الحياة في هذه الكلمة ندائها تهتف أيها المؤمن إن كنت أصبت في الساعات التي مضت فاجتهد في الساعات إلى تتلو، وإن كنت أخطأت فكفّر وامح ساعة بساعة، الزمن يمحو الزمن والعمل يغير العمل ودقيقة باقية في العمر هي أمل كبير في رحمة الله..
إنها كلمة تعلن للناس قائلة: لا تضطربوا.. فهذا النظام، لا تنحرفوا.. فهذا المنهج، لا تتراجعوا فهذا النداء، لا يكبر عليكم شيء ما دامت كلمتكم "الله أكبر" .
يشعر المسلم بالضعف أمام جبروت الأعداء ومظاهر قوتهم فتأتي هذه الكلمة لتعلن له أن الله أكبر من كل شيء، وأن قوته لا تغلبها قوة، وعظمته لا تجاريها عظمة، ومن علق قلبه بالله حماه ومن توكل عليه كفاه..
يشعر الإنسان بالزهو والفخر ويحس بالتعاظم والتكبر على الخلق بما أوتي من مال أو ملك أو جاه فيدفعه ذلك إلى بطر الحق وغمط الناس، فتأتي "الله أكبر" لتقذف في روعه أن الله أكبر من كل شيء، وأنك تنازع الله ردائه، فلو فكرت في نفسك لوجدت أن أولك نطفة مذرة، وآخرك جيفة قذرة، وأنت فيما بين ذلك تحمل العذرة ففيما تتكبر؟!..
قال علي رضي الله عنه "عجبا لابن آدم تقتله شرقة، وتقلقه بقة، وتنتنه عرقة، فكيف يتكبر؟!!"
تستولي على الإنسان شهواته ويستسلم لنزواته، ويركن إلى رغباته فيتكاسل عن أداء شعائر الله وعن إجابته داعي الله فتأتي الله أكبر على لسان كل مؤذن لتعلن له أن الله أكبر وأجل من نفسك الأمارة وهواك الذي جعلته إلهًا، فأجب نداء العظيم الأكبر ولا تستلم للهوى وتتكبر.
يتعرض الدعاة للأذى ويرهبون بالسيف والسوط والعصا ويأتي المرجفون ليقولوا: إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم، فتأتي الله أكبر لتقول: إن الله أكبر من كل قوة وأعظم من كل سلطان وإذا قال لشيء كن كان..تأتي الله أكبر تحمل رسالة من الله تقول (فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ) [المائدة: 44].
ويوم أن كان أسلافنا يحملون هذا الشعور كانوا وقتها يجاهدون في سبيل الله ويقولون الحق ولو كان مرًّا ويصدعون بالمعروف لا يخشون لومة لائم (وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ) [المائدة: 56].
إذا اشتدت الأزمات وتوالت النكبات، وتتابعت الضربات وعم الشعور باليأس جاءت الله أكبر لتحيل الهزيمة نصرا، واليأس أملاً وتجعل الضعف قوة والذل عزة، حينما ينادي المؤذن الله أكبر فإنه يقول للناس: إن الله أكبر من كل شيء فخافوه فارجوه فأحبوه فعظموه فأجابوه..
الله أكبر كلمة خالد نقولها عند بدء صلاتنا إعلانًا منا بالانخلاع من الدنيا وشهواتها والحياة وملذاتها، ونقولها عند سفرنا إشارة إلى أن المسافر يجب أن يكون اعتماده على الله وثقته بالله واعتصامه بالله، فإن كان متجهًا في سفره إلى عظيم فالله أكبر وأعظم وإن كان خائفًا من بطش عدو أو كيد كائد فالله أكبر وأجل..
نصعد شرفًا فنترنم بالعظمة "الله أكبر"، ونبدأ الجهاد فنعلن العظمة "الله أكبر"، ويعجبنا الأمر فنصدح بالعظمة " الله أكبر ".
إنها كلمة نقولها قبل الشروع في العبادة وفي أثنائها أو بعدها وفي المواضع الكبار التي يجتمع فيها الناس أو حضور عدو من شياطين الإنس والجن أو عند رؤية آية من آيات الله عز وجل..
وهذا كما قال ابن تيمية رحمه الله يبين أن "التكبير مشروع في المواضع الكبار لكثرة الجمع أو لعظمة الفعل أو لقوة الحال أو نحو ذلك من الأمور الكبيرة ".
ليبين أن الله أكبر وتستولي كبريائه في القلوب على كبرياء تلك الأمور الكبار فيكون الدين كله لله ويكون العباد له مكبرين.
إن الإيمان يا مسلمون بأن الله أكبر له ثمرة مرجوة وغاية مطلوبة، وهي ما يقوم في القلب عند استشعار هذه الكلمة العظيمة من الإجلال والتعظيم والمحبة والإخلاص والخوف والرجاء لله تعالى والتوكل عليه وحده سبحانه.
إنما الاستشعار بأن الله أكبر من كل شيء وأعظم من كل عظيم، وقوته لا تُقهر، وأمره لا يُرَدّ، فلا بد له أن يولد ذلك عنده تعظيمًا لشعائر الله عز وجل وحرماته؛ لأن في ذلك دليلا على الخضوع لكبرياء الله عز وجل وعظمته ودليلاً على تقوى الله عز وجل وإجلاله ومحبته والخوف منه (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) [الحج: 32].
فلا أثر لتكبير الله تعالى وتعظيمه إذا لم تعظم أوامره ونواهيه، قال ابن القيم رحمه الله: "تعظيم الأمر والنهي ناشئ عن تعظيم الآمر والناهي، فإن الله تعالى ذم من لا يعظم أمره ونهيه فقال (مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا)[نوح: 13].
فإن من علامات تعظيم أوامر الله: رعاية أوقاتها وحدودها، والتفتيش على أركانها وواجباتها وكمالها، والحرص على تحينها في أوقاتها، والمسارعة إليها عن وجوبها، والحزن والكآبة والأسف عند فوات حق من حقوقها..
ومن علامات تعظيم المناهي: الحرص على التباعد من مظانها وأسبابها وما يدعو إليها، ومجانبة كل وسيلة تقرب إليها، وأن يدع ما لا بأس به حذرًا مما به بأس، ومجانبة من يجاهر بها ويحسنها ويدعو إليها ويتهاون بها؛ فإن مخالطة مثل هذا داعية إلى سخط الله تعالى وغضبه ولا يخالطه إلا من سقط من قلبه تعظيم الله تعالى وحرماته.
ومن علامات تعظيم النهي: أن يغضب لله عز وجل إذا ارتُكبت محارمه، وأن يجد في قلبه حزنا وحسرة إذا عُصي الله تعالى في أرضه ولم يطع في إقامة حدوده، ولم يستطع هو أن يغير ذلك.
وإن من علامات تعظيم الأمر والنهي ألا يحمل الأمر على علة تضعف الانقياد والتسليم لأمر الله عز وجل بل يسلم لأمر الله تعالى وحكمه ممتثلا ما أمر به سواء ظهرت له حكمة أو لم تظهر فإن ظهرت حكمة الشرع في أمره ونهيه حمله ذلك على مزيد من الانقياد والتسليم.
إن من تعظيم الله تعالى: أن يطاع فلا يُعصى، ويذكر فلا ينسى، ويشترى فلا يكفر..
ومن تعظيمه وإجلاله: أن يخضع لأوامره وما شرعه وحكم به وألا يعترض على شيء من مخلوقاته أو على شيء من شرعه..
وإن من تعظيم الله تعظيم ما عظمه واحترمه من زمان ومكان وأشخاص وأعمال، والعبادة روحها تعظيم الباري وتكبيره، ولهذا شُرعت التكبيرات في الصلاة في افتتاحها وتنقلاتها ليستحضر العبد معنى تعظيمه في هذه العبادة التي هي من أجل العبادات.
إن من آمن وأيقن بأن الله أكبر، فإن ذلك يحمله على الاستعانة بالله وحده وصدق التوكل عليه وتفويض الأمور إليه مع الأخذ بالأسباب المشروعة وعدم الركون إليها وإنما الركون إلى الكبير المتعال الذي قهر كل شيء بكبريائه وعظمته وخضع لسلطانه كل مخلوق مهما علا شأنه.
إن من آمن بأن الله أكبر أورث ذلك عنده خوفًا من الله وحده وعدم خوف من المخلوق الضعيف الذي لا يملك لنفسه ضرًّا ولا نفعًا، فضلاً أن يملكه لغيره، وحينما ينطق العبد بهذا الذكر العظيم "الله أكبر" وتقوم في القلب معانيه وآثاره فإذا هذا ينعكس على أعماله وأحواله ومواقفه بحيث لا تطير نفسه شعاعا عندما يصدر من مخلوق متمكن تهديدا في رزقا أو حياة..
إن من يؤمن بأن الله أكبر يحب ما أحبه الله ويبغض ما أبغضه بحيث يكون هواه متبعا لما يحبه الله عز وجل ومضادا لما يبغضه، ومن علامات ذلك محبة الرسول صلى الله عليه وسلم، ومحبة المؤمنين وموالاتهم وبغض من يبغضهم الله من الكفار والمنافقين.
ومن يؤمن بأن الله أكبر فهو معظّم لكتابه سبحانه لا يتقدم بين يديه، بل ينقاد له ويسلم ويحكمه في الصغير والكبير ويتحاكم إليه ويرضى بحكمه فلم يعظم الله عز وجل من هجر كتابه ولم يحكم به أو يتحاكم إليه.
إنه يوم أن تترسخ هذه المعاني في القلوب ندرك أن هذا الذكر العظيم "الله أكبر" ذكر خالد وكلمة جليلة ولهذا تردد من على المآذن ثلاثين مرة كل يوم فـ (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا) [الإسراء: 111].
أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله وصلاة وسلاما دائمين على خير خلقه أجمعين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
أما بعد: فيا أيها المسلمون: إن تكبير الله عز وجل بالقلب واللسان يقتضي من المسلم الاستسلام الدائم لله عز وجل في كل وقت ومكان بحيث يصاحبه تكبير الله عز وجل في مسجده وفي بيته وعمله وسوقه، في ليل أو نهار، في سرًّا أو جهارًا.
وعندما يدخل العبد في السلم كافة بتكبيره لله عز وجل في كل آنٍ تختفي تلك الصور المتناقضة من الفصام النكد الذي يُرَى اليوم في حياة كثير من الناس ذلك بأن تجد بعض المسلمين يكبرون الله عز وجل في المساجد أثناء الصلاة ودبرها وهو حسن مطلوب..
لكن أين التكبير واستشعار عظمة الله وقوته وبطشه بالمنازل التي انتشرت فيها أجهزة الفساد وكثرت فيها المحرمات؟
أين التكبير واستحضار جلال الله في أسواق البيع والشراء التي يسود فيها الغش والربا والبيوع المحرمة ؟
أين معاني الله أكبر في الأعمال التي تسودها الرشوة والمحسوبية وأكل أموال الناس بالباطل؟
أين دلالات "الله أكبر " من إنسان تلامس هذه الكلمات آذانه وتخالط شغاف قلبه داعية له إلى إجابة نداء الله فلا يجيب دعوة ولا يلبي نداء ؟
أين قدر الكبير المتعال عند من يسمع الغناء أو يرتكب الزنا أو يشاهد الخنا؟
أين هيبة العلي الكبير من نفوس قوم تتنزل عليهم خيرات الملك القهار فيرفعون راية تغضبه ويمارسون أعمالاً تسخطه ؟
إن تكبير الله عز وجل في حقيقته يعني أن يكون الله أكبر في البيوت وفي الأسواق وفي الأعمال وفي الاقتصاد وفي السياسة والحكم وفي جميع شئون الحياة، فلا يعلو على أوامر الله عز وجل وأحكامه شيء وإلا فما معنى قولي "الله أكبر" ؟!
إن علينا نحن المسلمين أن نتدبر معنى التكبير وكما نقوله في المسجد وفي صلاتنا وأذكارنا يجب أن نقوله ونقوم بمقتضاه في جميع أحوالنا وأوقاتنا وأوضاعنا.
قال السعدي رحمه الله عند قوله تعالى (وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا) [الإسراء: 111] "أي عظّمه وأجله بالأخبار بأوصافه العظيمة وبالثناء عليه بالأسماء الحسنى وبتحميده بأفعاله المقدسة وتعظيمه وإجلاله بعبادته وحده لا شريك له وإخلاص الدين كله له".
ألا ما أحوجنا إلى تدبر هذه الكلمة "الله أكبر" وإدراك معانيها ودلالاتها، وما أحوجنا إلى أن نغرس في قلوبنا وقلوب أجيالنا أن الله أكبر وأعظم وأجل فنخشى الله ونستحي منه (فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [التوبة: 13].
ما أحوج دعاة الاحتساب وهم يواجهون زيف دعاة الاكتساب الذين يعارضون أمر الله وأمر رسوله بوجوب النصيحة والدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على كل مستطيع..
ما أحوجهم أن يواجهوا هذا الزيف بنداء الله أكبر فلا يستخفنهم تهديد ولا يوقف عطائهم وعد ولا وعيد..
ما أحوج إخواننا في الشام وهم يواجهون بطش الطغاة والمتكبرين مع تآمر الكافرين وتخاذل المسلمين، ما أحوجهم إلى أن يعلنوا بألسنتهم وقلوبهم أن الله أكبر وأن له جنود السماوات والأرض فقد أهلك عاد بالريح العقيم وثمود بالصيحة وفرعون بالغرق وقوم سبأ بالسير العرم وقوم نوح بالطوفان، وقوم لوط بحجارة من سجيل، وأصحاب الفيل بطير أبابيل (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ) [المدثر: 31].
ما أحوجهم إلى أن يدركوا أن أولئك الذين يظهرون في ثوب البطش والاستكبار ويتراءون لأنفسهم وللضالين من أتباعهم أنهم قادرون أقوياء ليدركوا أن هؤلاء جميعا حفنة من الأرض تعيش على هذه الهباءة الصغيرة المسماة بالأرض بين هذه الكواكب والنجوم والمجموعات الفلكية والعوالم التي لا يعلم عددها ولا مددها إلا الله فلا يبلغ هؤلاء ومن ورائهم من الجنود والأتباع والحلفاء، بل لا يبلغ أهل هذه الأرض كلها أن يكونوا هباء تتقاذفه النسمات..
بل إنهم لا يبلغون شيئًا أصلا حين يقفون أمام قوة الله، فالله أكبر من كل قوة (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا) [فاطر: 44].
اللهم اجعلنا ممن يقدرك حق قدرك ويخشاك حق خشيتك ويحبك حق محبتك..