الرفيق
كلمة (الرفيق) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) من الرفق، وهو...
العربية
المؤلف | عبد الرحمن بن ناصر السعدي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك - المنجيات |
ومن قال: قد تقضّى عمري, وشبابي في الذّنوب, والغفلات، لم أُبال بالمكاسب الخبيثة, ولا بالغش والخيانات, وعلمتُ الخير والشَّرَّ, فلم أنتفع بعلمي، ولا أغنت عني معرفتي ولا فهمي، فذلك العبد الذي هلك مع الهالكين ..
الحمد لله الذي أعطى عباده الأسماع، والأبصار, والأفئدة؛ لعلَّهم يشكرون، وأسدى عليهم أصناف النعم، وسيحاسبهم عليها, وعنها يسألون، فمن استعان بها على طاعة المنعم؛ فأولئك هم المفلحون، ومن صرفها في معاصيه؛ فأولئك الذين خسروا أنفسهم, وأهليهم يوم القيامة, ألا ذلك هو الخسران المبين.
وأشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له, الذي إذا أراد شيئاً، قال له: كن فيكون، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, الذي ختمت به الأنبياء, والمرسلون، وبهديه، وسيرته يهتدي المهتدون، اللهم صل وسلم على محمد, وعلى آله وأصحابه, ومن تبعهم في الأقوال, والأفعال, والحركة, والسكون.
أمَّا بعد:
أيَّها النَّاس, اتَّقوا الله, واعرفوا مقدار نعم الله؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: " لا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة، حتى يُسألُ عن خمس، عن عمره فيم أفناه, وعن شبابه فيم أبلاهُ، وعن ماله من أين اكتسبه, وفيم أنفقه، وماذا عمل فيما علم".
فكلُّنا -معشر المسلمين- مسؤولٌ عن هذه الخمس, كما أخبر به الصادق في المقال، فلينظر العبد موقع حاله, وماذا يجيب به هذا السؤال؟
فمن قال: بصدق يا رب, قد أفنيت عمري في طاعتك، وأبليت قوتي, وشبابي في خدمتك، ولم أزل مقلعا تائباً عن معصيتك, واكتسبت مالي من طرق الحلال, واجتنبت المكاسب الرَّدية, الموجبة للهلاك والنكال, وأنفقته فيما تحبُّ, واجتنبت إنفاقه في الفسوق، ولم أبخل بالزكاة ولا في النفقات الواجبة, أدّيت الحقوق، وعلمت الخير ففعلته، وعرفت الشر فتركته، فليبشر عند ذلك برحمة الله وأمانِهِ، والفوز بجنَّته ورضوانه.
ومن قال: قد تقضّى عمري, وشبابي في الذّنوب, والغفلات، لم أُبال بالمكاسب الخبيثة, ولا بالغش والخيانات, وعلمتُ الخير والشَّرَّ, فلم أنتفع بعلمي، ولا أغنت عني معرفتي ولا فهمي، فذلك العبد الذي هلك مع الهالكين، وسلك سبيل الظالمين المعتدين.
فيا سوءتاه، حين يندب الشَّاب شبابه، ويفتضح الشيخ، إذا قرأ كتابه، ويا ندامة المفرطين، حين يحشر المتقون إلى الرحمن وفداً، ويساق المجرمون إلى جهنم ورداً، لا يملكون الشفاعة, إلاَّ من اتخذ عند الرحمن عهداً. ينادون مالكاً خازن النَّار: يا مالك، ليقض علينا ربُّك، قال: إنَّكم ماكثون, لقد جئناكم بالحق, ولكن أكثركم للحق كارهون، قال تعالى: (رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ * قَالَ اخْسَأُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ) [المؤمنون:108].