القوي
كلمة (قوي) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) من القرب، وهو خلاف...
العربية
المؤلف | أبو عبد الله الأنصاري |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الدعوة والاحتساب |
جرت العادة في أحوال الأمم والدول على مر الزمان أن الأقوى دائماً هو من يتفرد ويتحكم في تعريف الأشياء، وتحديد معاني المصطلحات، فيسمي ما يشاء بما يشاء، ويصوغ ذلك وفق مصالحه وأهوائه، مهما كانت تسمياته للأشياء باطلة، وتعريفه للأمور مضللاً، قوته وجبرته هي التي تفرض على الآخرين نظرته للأمور، وليس للآخرين مندوحة وما بأيديهم خيار في الخضوع لنظرة الغزاة الجدد الأقوياء، ذلك هو أحد أشكال الغزو الذي تغزى به أمتنا اليوم ..
لبس الحق بالباطل، وتسمية الأشياء بغير أسمائها يؤدي إلى تضليل العقول وإفساد الحقائق، ولأجل ذلك فقد كان من أول العلم الذي علمه الله لعباده علم الأسماء كما قال تعالى: (وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا) [البقرة: 31]، ونهى سبحانه بني إسرائيل عن إلباس الأمور فقال عز وجل: (وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [البقرة: 42]، وإنما نهى سبحانه عن هذين الأمرين الذين هما لبس الحق بالباطل وكتمان الحق في موضع واحد لتلازمهما، فلا يتعمد أحد لبس حقٍ بباطل إلا وهو يعرف الحق لكنه يكتمه، وعالم بالباطل لكنه يلبسه لباس الحق.
ولقد جرت العادة في أحوال الأمم والدول على مر الزمان أن الأقوى دائماً هو من يتفرد ويتحكم في تعريف الأشياء، وتحديد معاني المصطلحات، فيسمي ما يشاء بما يشاء، ويصوغ ذلك وفق مصالحه وأهوائه، مهما كانت تسمياته للأشياء باطلة، وتعريفه للأمور مضللاً، قوته وجبرته هي التي تفرض على الآخرين نظرته للأمور، وليس للآخرين مندوحة وما بأيديهم خيار في الخضوع لنظرة الغزاة الجدد الأقوياء، ذلك – يا معاشر الناس - هو أحد أشكال الغزو الذي تغزى به أمتنا اليوم، غزو المفاهيم والمصطلحات، الذي هو أخطر بكثير من غزو الجيوش والبلدان، لأنه غزو البلدان عدوان وحرب، لكن غزو العقول وتضليلها أصبح يسمى تبادلاً ثقافياً وتفاعلاً معرفياً!!
إنهم يفرضون على عقولنا أن تفكر كما يريدون لها هم تفكر، وأن تنظر للأمور وتفسرها كما يشاءون لها هم أن تفكر وتفسر، على حد قول القائل:
إذا قالت حذام فصدقوها | فإن القول ما قالت حذام |
ومصطلح الإرهاب واحد من تلك المصطلحات التي يريد الغرب الصليبي أن يفرض علينا فهمه ونظرته لها، فما أراد الغرب أن يسميه إرهاباً فيجب علينا أن نسميه إرهاباً ولو كان جهاداً شرعياً ودفاعاً عن النفس وانتصاراً من ظالم، وما أراد الغرب ألا يسميه إرهاباً فيجب علينا ألا نسميه إرهاباً ولو بلغ الغاية والمنتهى في بشاعة الإجرام ووحشية الانتهاكات.
ومن أعظم التضليل والتعدي على دين الإسلام تسمية الجهاد في سبيل الله تعالى إرهاباً، الجهاد شعيرة من شعائر الإسلام الظاهرة، وإذا قد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن ذروة سنام الإسلام - أي أعلاه وارفعه - هو الجهاد في سبيل الله تعالى، وأخبر أن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض، وأخبر أنه ما اغبرت قدما عبد في سبيل الله فتمسه النار، وأن غدوةً في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها، وأن رباط يوم في سبيل الله خير من ألف يوم فيما سواه من المنازل، ورباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات فيه أُجري عليه عمله الذي كان يعمل، وأجري عليه رزقه وأمن الفتّان، وعندما قال رجل: يا رسول الله : "لا أجده"، ثم قال دلني على عمل يعدل الجهاد؟ قال للرجل: "هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تدخل مسجدك فتقوم ولا تفتر وتصوم ولا تفطر"؟، فقال الرجل: ومن يستطيع ذلك؟
والجهاد -باتفاق العلماء- أفضل من الحج والعمرة، ومن صلاة التطوع، وصوم التطوع.... ونفع الجهاد لفاعله ولغيره في الدين والدنيا، وهو مشتمل على جميع العبادات الظاهرة والباطنة: محبة الله، والإخلاص له، والتوكل عليه، وتسليم النفس والمال له، والصبر والزهد، وذكر الله كما قال ابن تيمية رحمه الله تعالى، بل إن الله جعله علامة فارقة بين المؤمنين والمنافقين فقال سبحانه: (لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ * إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ * وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ) [التوبة: 44- 46].
ويؤكد النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم -: "من مات ولم يغز ولم يحدث به نفسه مات على شعبة من نفاق"، ولا تزال الأمة بخير وعافية في دينها ودنياها ما بقي علم الجهاد - في حديث جابر في صحيح مسلم - قال صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة"، وقال صلى الله عليه وسلم: "الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة الأجر والمغنم".
وبذلك يحدد النبي صلى الله عليه وسلم أن معقد عز هذه الأمة وعلو مكانتها في قيامها بدينها وجهادها في سبيله، أما إذا تركت الجهاد في سبيل الله تعالى ورفضته وقعدت عنه فليحل عليها قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد: سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم"، والغرب
أدرك – ربما قبل بعض المسلمين – أثر الجهاد الإسلامي ودوره في تحقيق عزة الأمة وكرامتها وخطر الجهاد، وأجيال الجهاد على سياساته ومخططاته فسعى بكل مقدوره لتشويهه وإلصاق تهمة الإرهاب به. وحاشا الجهاد الإسلامي الشريف أن يكون إرهاباً وتجبراً.
حُملت راية الجهاد في سبيل الله، لتقرير حق الله على عباده وهو ألوهيته تعالى في الأرض، وتعبيد الخلق لخالقهم دون ما سواه، وقد أجمل ربعي بن عامر مهمة أمة الإسلام في الجهاد، حين أرسله سعد بن أبي وقاص لرستم قائد الفرس فقال له رستم: لماذا جئتم ؟ فقال ربعي: إن الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام.
شُرع الجهاد في سبيل لرفع سلطان أئمة الكفر على الأمم والشعوب، أئمة الكفر الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجاً، ويحاربون دين الله ويصدون شعوبهم عنه فإذا أُزيل
سلطان أئمة الكفر المحادون لله الصادون شعوبهم عن سبيله فلا إكراه في الدين بعد ذلك لأفراد تلك الشعوب.
إن جهاد الإسلام جهاد أخلاقي حددت الشريعة الربانية منهجه وأخلاقياته ففي صحيح مسلم عن بريدة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمَّر أميراً على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيراً، ثم قال: "اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغُلُّوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليداً، وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال -أو خلال -، فأيتهنَّ ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، ثم ادعهم إلى الإسلام فإن أجابوك فاقبل منهم وكُفَّ عنهم... فإن هم أبَوا فسَلْهم الجزية، فإن أجابوك فاقبل منهم وكُفَّ عنهم، فإن هم أبَوا فاستعن بالله وقاتلهم".
جهاد لا يعتدي فيه على من لا يحارب المسلمين ولو كان يهودياً في معبده أو نصرانياً في صومعته، هذا – يا معاشر المسلمين- هو الجهاد الإسلامي الذي يسميه أعداء المسلمين اليوم إرهاباً.
أما ما يفعلونه هم من احتلال دول بأكملها، وزعزعة أمن شعوب بأسرها، وسفك دمائهم وانتهاك حرماتهم، ونهب خيراتهم ومقدراتهم، وأما القتل بالجملة وانتهاك الحرمات جهاراً بل وإبادة الشعوب وارتكاب أبشع الجرائم والمجازر وقتل المئات والآلاف بل وعشرات ومئات الآلاف كل ذلك - إذا كان يحقق مصالح أمريكا والغرب أو حتى لم يتعارض مع أيٍ من مصالح أمريكا والغرب - فإنه مهما بلغ لا يسمونه إرهاباً، فاحتلال الغرب لأفغانستان والعراق وتدمير هذين البلدين، وتفكيكهما، واستخدام الأسلحة المحرمة دولياً في الفلوجة وغيرها، وإيقاع مئات الآلاف بل والملايين من الضحايا ، وإحلال الموت والخوف والجوع والفقر والشتات والآلام في شعبيهما لا يُعد - في نظر الغرب وأمريكا - إرهاباً بل هو تحرير لشعبيهما من الإرهاب.. ورغم كل ما سببه هذا الغزو لهذين البلدين من الدمار والكوارث وما خلف من المآسي والمعاناة، فليس هو - بمنطقهم - إرهاباً طالما أنه يحقق شيئاً من أهدافهم السياسية ومصالحهم الاقتصادية.
وخذ مثلاً ثانياً: محرقة الصرب ضد مسلمي البوسنة والهرسك في منتصف تسعينات القرن الماضي حين مارسوا أبشع جرائم الإبادة في حق المسلمين لمحو وجودهم بالكلية، وأعلنوها محرقة شاملة للمسلمين، دمروا فيها المساجد، وهتكوا فيها أعراض المسلمات، وتفننوا في أساليب القتل، فبقروا البطون، ومثلوا بالأحياء والأموات، وأحرقوا قرى بأكملها، وهدموها على من فيها وأبادوا الحرث والنسل كل ذلك لم يدخل في نظر الغرب وأمريكا في مسمى الإرهاب.
وخذ مثالاً ثالثاً: جرائم إبادة المسلمين المتكررة على أيدي الجيش الصليبي في الفلبين الذي
تدعمه أمريكا بالمليارات لأجل ذلك لا تعد إرهاباً بل هي مكافحة للإرهاب.
ورابعاً: جرائم اليهود وحروبهم المتواصلة على مدى مائة عام ضد الفلسطينيين لا تعد في نظرهم إرهاباً بل هي مكافحة للإرهاب والغرب والشرق يقف بقضه وقضيضه مع الإسرائيليين المستضعفين ضد الفلسطينيين الإرهابيين.
وخامساً: جرائم إيران ضد أهل السنة في الأحواز التي لا يشير الغرب إليها مجرد الإشارة.
أما المثال السادس: فليس خافياً أن أمريكا دعمت وشاركت في حرب الإبادة الرهيبة التي شنها الشيعة ضد أهل السنة في العراق.
يا معاشر أهل السنة: في العراق أُهدر الدم السني وأُبيح العرض والحق السني بكل ما تعنيه الكلمة، ويكفي أن يشتبه فيك من اسمك أو أسلوب كلامك أنك سني لتصبح مباح الدم والعرض والمال، ومرت على أهل السنة في العراق سنوات رعب عصيبة قتلوا فيها جماعات وفرادى، وعذبوا أشد أنواع التعذيب الذي إما أن ينتهي بالقتل أو الموت تحت شدة التعذيب، مخطط إبادة الشيعة لأهل السنة في العراق – المدعوم من إيران الفارسية - الذي قتل فيه مئات الآلاف من سنة العراق وهجر فيه الملايين منهم هرباً من الموت، ذلك المخطط.
لا يكفي أن أقول إنه جرى تحت سمع الأمريكيين وبصرهم بل أقول: إن الأمريكيين هم أحد رعاته وواضعيه، وهم شركاء أساسيون في تنفذه، ما جرى على أهل السنة في العراق التقت فيه مصلحة المحتل الأمريكي في القضاء على المقاومة السنية مع الحقد الإيراني العراقي الشيعي الدفين على كل سني على وجه الأرض، يقر العالم أجمعه بأن مقاومة المحتل حق مشروع تكفله كافة الشرائع والقوانين إلا أن مصالح الغرب وطغيانه اقتضت أن تسمى المقاومة العراقية السنية للاحتلال إرهاباً، بينما تسمى إبادة شيعة العراق لأهل السنة ضبطاً للأمن وسعياً للاستقرار وبسطاً لهيمنة الدولة.
أما المثال السابع: فهي جرائم الإبادة التي يمارسها نظام الشيعة النصيرية المؤلهين لعلي في سوريا الذي استهتر بكل الحرمات ولم يترك جريمة يقدر عليها إلا ارتكبها قتلاً وتعذيباً واغتصاباً وهدماً واعتقالاً على مرأى من العالم ومسمع لكن كل ذلك في نظر الغرب لا يصل إلى حد الإرهاب، ولا يدخل تحت تعريف الإرهاب، وإذا لم تكن تلك الجرائم في كل تلك الحالات التي ذكرناها إرهاباً فليس على وجه الأرض ما يمكن أن نسميه إرهاباً أو ندخله تحت تعريف الإرهاب!!!
الخطبة الثانية:
تلك الأمثلة كلها لا يراها الغرب إرهاباً بينما دفاع الشعوب المحتلة في فلسطين والعراق وأفغانستان عن نفسها وحقوقها هو الإرهاب بعينه في نظر هؤلاء.
وفي يمننا الحبيب صورٌ متنوعة من الإرهاب، يجب علينا أن نرفضها ونستنكرها، لكن الواجب علينا هو نستنكر الإرهاب كله، لا أن نستنكر بعضاً منه ونقر أو نغض الطرف عن البعض الآخر، ديننا وأخلاقنا يوجب علينا رفض العدوان بغير وجه حق على أي أحد كان ولو كان يهودياً أو نصرانياً.
ومع اعتقادنا أن ما تفعله القاعدة وأنصار الشريعة لا يمت إلى الجهاد الإسلامي وأخلاقياته بصلة إلا أن ما نقف مع النفاق السياسي والأخلاقي فيما يسمى بمكافحة الإرهاب، لقد أعلن الغرب وأمريكي خصوصاً أنهم مع اليمنيين في مواجهة الإرهاب، وأعلنت حكومتنا ورئيسنا الجديد من لحظة توليهم الأولى أن أهم مهامهم مكافحة الإرهاب، ومع أننا لا نختلف شعباً وحكومة في رفض إرهاب القاعدة واستهتارها بدماء اليمنيين وأرواحهم من عسكريين ومدنيين.
إلا أن الواجب أيضاً أن يقف الجميع موقفاً مماثلاً بل أشد وضوحاً وصرامة تجاه إرهاب مليشيات الحوثي الدموية التي استباحت دماء اليمنيين عامة وبصورة أشد استهتاراً وأبلغ عدوانية وضراوة، وباتت تشن حروبها في وضح النهار على المواطنين في كلٍ من حجة وصعدة بدوافع طائفية حاقدة لا تستثني أحداً، تنفيذاً لمخططات خارجية وخدمة لسياسات عدوانية وافدة لم تعد خفية على أحد، كلٌ من القاعدة والحوثيين يستبيح الدم اليمني بدعوى مواجهة اليهود والأمريكيين، والواقع أن ضحايا إرهابهم يمنيون موحدون.
ومع أن ضحايا الإرهاب الحوثي من العسكريين والمدنيين سابقاً ولاحقاً أكثر من ضحايا الإرهاب القاعدي بكثير إلا أننا نرى المواجهة على أشدها مع القاعدة خارجياً وداخلياً، ونفاجئ بصمت رسمي خارجي وداخلي غريب تجاه إرهاب ومجازر الحوثي وتفننه في قتل اليمنيين، بل إلى هذه اللحظة ورغم جرائم الحوثيين في صعدة والجوف وحجة إلا أن الغرب يرفض أن يدرج الحوثيين في قائمة المنظمات الإرهابية حتى ليحق لكل أحد أن يتساءل إذا كان كل ما فعله الحوثيون باليمنيين من قتل وتهجير وهدم وتدمير للمنازل ونهب للممتلكات واستخدام لأحدث الأسلحة ضد المواطنين الآمنين في قراهم ومع ذلك لا يعتبرون إرهابيين ولا تعد جرائمهم إرهاباً فما هو الإرهاب إذاً، ومع أننا لا نثني على تنظيم القاعدة ولا نبرر جرائمه واعتداءاته إلا أنه لا مقارنة أبداً بين حجم الإجرام القاعدي وحجم الإجرام الحوثي.
ولا يقدر أحد أن يدعي بأن الحوثيين أقل ضرراً وفساداً من تنظيم القاعدة أو أنصار الشريعة، أتباع القاعدة لا يستبيحون دماء اليمنيين جميعاً وإنما يقاتلون من قاتلهم ووقف ضدهم من عسكريين أو مدنيين، أما الحوثيون فيستبيحون دماء كل يمني لا يحمل عقيدتهم الفارسية الخبيثة، القاعدة لا يحملون عقيدة غير عقيدتنا وإنما سيطرت على عقولهم شبهات فكرية طائشة ولغوا بها في الدماء والحرمات، بينما الحوثيون أصحاب مشروع عقائدي فارسي يختلفون به مع عقيدة هذا الشعب ومفاهيمه الدينية، كيف ينزعج الداخل والخارج ويرفضون تمدد القاعدة وأنصار الشريعة في بعض المدن والمديريات ولحكومتنا وحدها الحق في ذلك، في حين لا يحركون ساكناً إزاء احتلال وسيطرة الحوثيين على مقاليد الأمور بالكامل في محافظة صعدة، وسعيهم للتمدد عبر الحروب وسفك الدماء في كلٍ من حجة والجوف.
إن من أعظم النفاق السياسي والأخلاقي أن يُفرق بين قاتل وقاتل ؟! وبين دموي ودموي، فقاتل دموي لا يقبل الحوار ولا التفاهم معه بأي حال من الأحوال، وقاتل دموي أشد دموية وشراسة لا تخفى مشاريعه الطائفية الحاقدة على عقيدتنا وشعبنا نفسح له في المجالس ونعترف به وندعوه للحوار ونحن نعلم أنه إن مد لنا يده السياسية فيده الدموية مستمرة في قتل المواطنين وزرع الألغام في حجة وحصار السلفيين في صعدة وحصد المزيد من الضحايا في الجوف وسواها.
لماذا يتخلى الرئيس الجديد وحكومة الوفاق عن واجبهم تجاه مواطنين أبرياء يقتلون ويغتالون يومياً ويقصفون بأحدث أنواع الأسلحة في أكثر من محافظة ومديرية.